Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

يقولون على أوكرانيا أن "تخوض حروبها"... هذا ما أجيبهم به

لقد طفح الكيل، يجب ألا نلعب هذه اللعبة بعد الآن، ليس هناك "عظمة" في النهج الذي يتّبعه بوتين

أشخاص يحضرون مراسم تكريم الذين سقطوا دفاعاً عن أوكرانيا (رويترز)

بينما تواصل روسيا حشدها العسكري على الحدود مع أوكرانيا، يشعر كثرٌ منا ممن تأثروا بذلك بشكل مباشر أو غير مباشر أن العنف يتحول إلى أمر لا مناص منه والسؤال هو، ما الذي سيحصل بعدما يكثّف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نشاط آلته الحربية؟ هل سنسمي الأشياء بأسمائها؟

على الرغم من أنني ترعرت في الولايات المتحدة، فأنا قد ولدت في أوكرانيا حيث لا يزال يعيش معظم أعضاء عائلتي الممتدة، إنني لست مراقبة محايدة لهذا الكابوس، كما أنني لا أريد الحياد.

أتلقى على الدوام عبر الإنترنت سيلاً من التعليقات التهكمية التي ترد من اليساريين "المعادين للإمبرالية" وممن هم في أقصى اليمين من مرددي عبارة "دعنا نذهب يا براندون"، [شتيمة نابية ضد الرئيس جو بايدن]. يقول كلاهما إن أوكرانيا ينبغي أن "تخوض حروبها الخاصة بنفسها"، بيد أن الحقيقة هي أن أوكرانيا كانت تخوض حروبها الخاصة مع روسيا لأعوام عدة منذ 2014، لكي نكون دقيقين، عندما قامت موسكو بضم شبه جزيرة القرم للمرة الأولى، وزعزعت استقرار أجزاء من شرق أوكرانيا.

ولما كان الأوكرانيون حريصين على إقامة علاقات أقوى مع الاتحاد الأوروبي، فقد أطاحوا رئيساً فاسداً موالياً لموسكو، ومن ثم أخذوا يدفعون [ثمن حرصهم هذا] بالدم منذ ذلك الوقت. واليوم، يطلب الأوكرانيون التدريب والمعونات العسكرية، ولا يطلبون نشر قوات أميركية على الأرض للدفاع عنهم.

يرغب الأوكرانيون أيضاً ويحتاجون إلى رسم خطوط حمراء واضحة لبوتين، على سبيل المثال، يجب أن يكون عزل روسيا عن نظام سويفت [جمعية المعاملات المالية العالمية بين البنوك]، وبطريقة أخرى تدمير اقتصادها،  مطروحاً تماماً في هذا الوقت الحاسم.

إن التشويش على القضية الأساسية هو أداة مفضلة لدى آلة الدعاية الروسية، قيل لنا إن معارضة عدوان بوتين الأعمى تنمّ عن كره مرضي للروس، وقيل لنا إننا "نريد حرباً عالمية ثالثة "حين نلفت الانتباه بشكل صائب إلى أن تهديد بوتين أوكرانيا يجب ألا يمر مرور الكرام من دون معارضة أو شجب، ومن المرجح أن تنطلي هذه الروايات البسيطة والمخادعة إلى حد أكبر على الناس الذين يفتقرون إلى المعلومات حول هذه المسائل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان بوتين يؤدي عملاً مكتبياً لدى الـ "ك جي بي" وله سجل مهني باهت، وبدأ يرتقي سلم الأهمية أول الأمر من خلال كونه خادماً مفيداً لرجال الدولة الروس، هذا هو الرجل المهووس على الدوام بموقعه، كما كان أبداً منذ أخذت الإمبراطورية السوفياتية تتداعى أمام عينيه، كنت طفلة صغيرة حين حصل ذلك، غير أنه يمكنني حتى الآن أن أتذكر وأفهم مرارة ذلك الزمن والفوضى التي سادته، أما الذي لا يمكنني أن أفهمه، فهو لماذا تبييت هذه المرارة، ومن ثم جعل ملايين الناس الذين اختيروا بشكل عشوائي يعانون بسببها.

أوكرانيا دولة جميلة وديمقراطية تصارع للبقاء، لقد دفنت والدي هناك السنة الماضية، خارج القرية التي أستطيع أن أتتبع فيها أصول عائلتي إلى ستة أجيال سابقة في الأقل، أزهرت الورود على قبره طوال الصيف، في ذلك المكان الذي سيبقى على الدوام جزءاً مني، المكان الذي يربّي فيه أقربائي أطفالهم ويعتنون بمن تقدم بهم السن بينهم، إن تعرّض هذا كله للتهديد لأن بعض الأثرياء في موسكو منزعجون بسبب استقلال أوكرانيا، هو عبارة عن لعنة لا أتمنى أن تصيب أحداً على الإطلاق.

واليوم، يُقال لي إنني يجب أن أقبل أن روسيا تريد استعادة مكانتها كـ"قوة عظمى"، ولتذهب حقيقة أن أقربائي قد يموتون أو يزج بهم في السجون من أجل أن تحقق روسيا ذلك الهدف، إلى الجحيم [عدم المبالاة بمصيرهم]. لكن ما هو تعريف القوة العظمى؟

هل من قبيل "العظمة" [المنشودة] أن يعم الفساد النظام الروسي بشكل مذهل ويتخفف من المبادئ حيث يتم اعتقال الفنانين بصورة عشوائية، ويدير رجل شيشاني مختل وقوي دولة ضمن الدولة يُعتقل فيها المثليون ويتعرّضون للتعذيب؟ وهل هناك "عظمة" تذكر في برنامج الفضاء الروسي الفاشل؟ هل يفترض بي أن أفكر أن "القوة العظمى" هي مكان تجري إعادة كتابة التاريخ فيه، لا بل وحتى تجريمه، في الوقت الذي يتم تبجيل جوزيف ستالين، ذلك السفاح الذي ينافس أدولف هتلر [في القتل]؟

لقد طفح الكيل. يجب ألا نلعب هذه اللعبة بعد الآن [نقبل بسير الأمور على هذا المنوال]. ليس هناك "عظمة" في النهج الذي يتّبعه بوتين، ففيه مجرد رغبة خبيثة آثمة للحفاظ على [مصادر] ثروته وقوته، وثروة أصدقائه وقوّتهم. الإمبراطور عار، وقبيح، وحاقد وعلينا ألا نقبل نسخته الكابوسية للواقع.

* ناتاليا أنتونوفا هي كاتبة أميركية من أصل أوكراني.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء