Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سياسة نتنياهو تهجر الأدمغة من إسرائيل

في العام 2017 عاد إسرائيلي واحد من بين كل 4.5 أشخاص يحملون ألقاباً جامعية من جامعات خارج البلاد

طلاب في مكتبة في الجامعة العبرية بالقدس (أ.ف.ب)

بينما وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ظهوره الأول بعد الإعلان عن إعادة الانتخابات، يتفاخر بإنجازاته وبكونه زعيماً سياسياً وحامياً لإسرائيل وأمنها، حمّله باحثون إسرائيليون مسؤولية تطور ظاهرة هجرة الأدمغة من إسرائيل، معتبرين أنها تشكل خطراً لا يقل عن الخطر الأمني.

وتبين أنه من بين كل 4.5 من الذين يهاجرون يعود واحد فقط إلى إسرائيل، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالسنوات السابقة. ويصل عدد المهاجرين إلى 130 ألفاً، وهم بهجرتهم هذه يمسون بالتفوق النوعي للاقتصاد الإسرائيلي، ما ينبغي أن يثير قلق صناع القرار، وفق ما جاء في دراسة جديدة حول الموضوع أجرتها "مؤسسة شورِش (الجذور) للأبحاث الاقتصادية – الاجتماعية".

ويقول الباحث والخبير الاقتصادي دان بن ديفيد، الذي أشرف على الدراسة، إن سياسة الحكومة الإسرائيلية "تتسبب بهجرة الأدمغة، التي يحتاج الاقتصاد الإسرائيلي إليها من أجل تطوره وازدهاره، لكن سياسة الحكومة لا تشجع على البقاء أو حتى العودة".

الدراسة تركزت على دراسة ثلاث مجموعات من هجرة الأدمغة، وهي: العاملون في الهايتك والأطباء والباحثون الأكاديميون، ومعظم هؤلاء يجدون بالولايات المتحدة الأميركية بيتاً ثانياً لهم.

ويتوجه الإسرائيليون إلى الولايات المتحدة باعتبارها "قمة الأكاديميا"، كما وصفها بن ديفيد، الذي كتب يقول إن هناك مئات الباحثين الإسرائيليين يعملون بشكل دائم ومستقر في الولايات المتحدة، ومعظمهم في مجالات الكيمياء والفيزياء والفلسفة وعلوم الحاسوب والاقتصاد وإدارة الأعمال.

ويرى بن ديفيد أن الرواتب هي السبب المركزي، إذ إنها مرتفعة جداً في أقسام إدارة الأعمال وعلم الحاسوب. أما السبب الثاني فهو وجود فروع علمية صغيرة في إسرائيل، مقارنة بتلك الموجودة في الولايات المتحدة، إضافة إلى أسباب أخرى تعود بمجملها إلى سياسة الحكومة الإسرائيلية.

ووفق معطيات الدراسة، فإنه في عام 2017 عاد إسرائيلي واحد من بين كل 4.5 أشخاص يحملون ألقاباً جامعية في الفروع التي شملتها الدراسة، بينما كانت النسبة عام 2016 عودة إسرائيلي واحد من 2.6.

وأشارت الدراسة إلى جانب آخر يقلق الإسرائيليين من هذه الهجرة، وهو أنها ترتفع كلما كان مستوى التعليم في الجامعات الإسرائيلية أعلى ومرموقاً أكثر، خصوصاً في مجالات العلوم الدقيقة والهندسة، وهي مجالات يصفها بن ديفيد بـ "الأكثر أهمية لمستقبل الاقتصاد الإسرائيلي".

السفر لدراسة الطب يتحول هجرة

شهدت إسرائيل خلال السنوات العشر الماضية، سفر عشرات آلاف الإسرائيليين لدراسة الطب في الخارج، بعدما فرضت تعديلات على شروط القبول في الجامعات الإسرائيلية وصعوبة الامتحانات التي يلزم الطلاب الذين درسوا في الخارج على الخضوع لها. وبسبب هذه السياسة، وصل عدد الإسرائيليين الذين يدرسون الطب في الولايات المتحدة عام 2016 إلى 3500 طبيب.

يشار هنا إلى أن مئات الطلاب من فلسطينيي 1948 يضطرون إلى السفر لدراسة الطب في الخارج، ويتوجه معظمهم إلى الأردن وإيطاليا وألمانيا ورومانيا. فهؤلاء يلزمون بتحصيل علامة عالية جداً في امتحان القبول في الجامعات والمعروف باسم "بسيخومتري"، وهو امتحان يعتمد أسلوباً تعليمياً غير مدرج في مناهج تعليم المدارس العربية داخل إسرائيل، ويعتبر امتحاناً صعباً لا ينجح كثيرون باجتيازه.

الأفضليات القومية

يرى بن ديفيد أن ارتفاع نسبة هجرة الأدمغة الإسرائيلية يعود إلى الراتب المتدني وغلاء المعيشة، خصوصاً أسعار السكن ونسب الضرائب المرتفعة. وفوق هذه الأسباب كلها سياسة الأفضليات القومية التي تمارسها إسرائيل. وهذه السياسة، وفق الباحث الإسرائيلي، تقود إلى "نسبة مغادرة متزايدة للإسرائيليين الأكثر تعلماً". ويقول "حوافز كهذه أو تلك ليست كافية من أجل تغيير خروج الأدمغة من دولة آخذة بالابتعاد عن العالم المتطور".

وفي جانب آخر من الدراسة، يتبين أن الجامعات الإسرائيلية تطالب خريجيها من حاملي شهادة الدكتوراه، بالحصول على تأهيل بوست دكتوراه، في إحدى مؤسسات الأبحاث المرموقة في الولايات المتحدة أو أوروبا، كشرط لقبولهم في السلك الأكاديمي في إسرائيل. لكن معظم هؤلاء يغادرون لسنوات عدة، وبعد ذلك يكتشفون أن العودة للعمل في الأكاديميا الإسرائيلية غير ممكنة، بسبب النقص في الوظائف.

المكانة 16 في هجرة الباحثين

تثير ظاهرة هجرة الأدمغة نقاشاً إسرائيلياً، منذ فترة، ونتائج الدراسة الأخيرة غير جديدة أو مفاجئة للإسرائيليين، لكن انعكاساتها على الاقتصاد الإسرائيلي في مقابل عدم وضع الحكومة الإسرائيلية أخطار هذه الظاهرة وعواقبها على رأس أولوياتها، أعادت الظاهرة إلى أجندة الأكاديميا الإسرائيلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير دائرة الإحصاء المركزي الإسرائيلية إلى أن 2340 إسرائيلياً يحملون شهادة الدكتوراه يعيشون ويعملون خارج البلاد، غالبيتهم تعيش في الولايات المتحدة، من بين حوالى 33 ألف أكاديمي يحملون شهادات إسرائيلية ويعيشون اليوم خارجها. وتحتل إسرائيل المكانة 16 في العالم في عدد الباحثين الذين تخرجوا في جامعاتها ويعملون في الولايات المتحدة، علماً أن عدد الباحثين الإسرائيليين في الولايات المتحدة، وعددهم 1725 باحثاً، مشابه لعدد الباحثين من تايوان، التي يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة، أي ثلاثة أضعاف سكان إسرائيل.

ويشكل الباحثون الإسرائيليون نسبة 1.3 في المئة من الباحثين الأجانب في الولايات المتحدة. كما أن عددهم أعلى من عدد الباحثين من دول أوروبية لديها مؤسسات تعليم عال متطورة وكبيرة، مثل هولندا وسويسرا والسويد وفنلندا.

يذكر أن جهات أكاديمية وبحثية بذلت جهوداً كبيرة في السنوات الماضية من أجل وضع حد لهذه الظاهرة ومنع الهجرة، أو العمل على إعادة قسم من المهاجرين، لكن كل هذه الجهود باءت بالفشل.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط