Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غزّة تعيد تدوير منازلها المدمّرة

دمّر الجيش الإسرائيلي 100 وحدة سكنية في تصعيده الأخير على القطاع

ركام المنازل المدمرة في قطاع غزّة بعد القصف الإسرائيلي (أحمد حسب الله)

الشمس تتوسط السماء، ساطعة فوق رؤوس 15 عاملاً، يعملون كخليّة نحلٍ، لكلّ منهم دور محدّد في إزالة أنقاض المبنى الذي دمّرته طائرات الجيش الإسرائيلي، وسط قطاع غزّة، في الجولة العسكريّة الأخيرة في الرابع من مايو (أيّار) الماضي، والذي خلّف تدمير حوالى 100 وحدة سكنية بشكل كامل، و30 مبنى آخر بشكل بليغ غير صالح للسكن، و700 أخرى جزئياً.

أنقاض المباني المدمّرة تنتشر في أرجاء شوارع غزّة، وتشكل عائقاً أمام حياة الناس، لذلك تعمل وزارة الأشغال العامة والإسكان على إزالة ركام هذه المباني، في خطوة لإعادة ترميمها، والاستغلال الأمثل لبقايا المنازل المهدّمة، عن طريق إعادة تدويرها بأكثر من شكل.

ركام كبير

وفق خبراء في المتفجّرات، فإنّ الجيش الإسرائيلي استخدم صواريخ "تفريغ هواء" تعمل على نسف المنازل بطريقة الحفاظ على هيكلها قائم، وذلك من خلال استهداف أحد الأعمدة الأساسية التي ترتكز عليها البناية، فتسقط وهي محافظة على الشكل الهندسي العام لها. ويُخلّف المبنى ركاماً كبيراً، فأصغر عمارة دمّرتها الطائرات الإسرائيلية، تجاوزت خمس طبقات، بينما ركّز الجيش الإسرائيلي في جولته الأخيرة على استهداف المباني المأهولة بالسكان، وهو ما شكل وجود أنقاض بشكل كثيف في معظم شوارع القطاع، فتكاد لا تجد حياً سكنياً إلا وبه منزل مدمّر.

ويعمل العمال بشكلٍ يومي على إزالة أنقاض المنشآت المدمّرة، وبالبحث حول طرق الإزالة، ووجدت "اندبندنت عربية" أنّ وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزّة تشرف على إزالة أنقاض بعض المباني التي يكون دمارها خطيراً، وتحتاج إلى دراسات في طرق إزالتها، والبعض الآخر يتولى أصحاب المنازل أنفسهم ذلك، لأسباب مختلفة بينها قد تكون هناك ممتلكات خاصة لهم تحت الأنقاض.

إعادة تدوير

الحطام الذي خلّفه الإسرائيليون لا يذهب سدى، بل تعمل غزّة على إعادة تدويره بأكثر من شكلٍ. يقول وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان ناجي سرحان، إنّهم وضعوا خطّة للاستفادة من ركام المنازل، لمعالجة الكثير من المشاكل في قطاع غزّة. وبحسب سرحان، تتمثل خطّة وزارة الأشغال، في الاستفادة من الكتل الأسمنتية الكبيرة، في معالجة مشكلة انحسار شاطئ بحر غزّة، عن طريق بناء ألسنة بحريّة على طول شاطئ البحر، للحفاظ عليه من التآكل، فضلاً عن تدعيم بناء ميناء غزّة، الذي وفق التفاهمات بين حماس وإسرائيل من الممكن أن يشهد حراكاً تجارياً.

ووفق مصلحة بلديات الساحل، فإنّ شاطئ البحر في قطاع غزّة، يعاني من انحسار شديد، نتيجة عوامل مختلفة، ويحتاج إلى صخور كبيرة لحمايته، لكن إسرائيل تمنع دخول الصخور إلى القطاع، منذ فرض الحصار قبل 12 عاماً، لذلك تستعيض غزّة عن الصخور، بالكتل الأسمنتية الكبيرة التي خلّفها القصف الإسرائيلي للمنازل.

تكلفة ووقت

والجزء الآخر من الردم، تعمل الوزارة على إعادة طحنه واستخدامه في تعبيد وترميم طرقات وأرصفة شوارع غزّة، كأحد أشكال إعادة تدوير المباني التي دمّرها الجيش الإسرائيلي، والاستفادة منها بشكلٍ أمثل، وفق ما أوضح وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان ناجي سرحان. وعلى الرغم من مرور أكثر من شهر على انتهاء القصف الإسرائيلي، إلا أنّ الأشغال العامة والإسكان تمكنت من إزالة أنقاض مبنى واحد من أصل 130 مبنى بحاجة إلى إعادة بناء من جديد، وتعود الأسباب لذلك للطريقة الغريبة في قصف إسرائيل للوحدات السكنية.

وبيّن سرحان أنّ إزالة أنقاض المباني مكلفة مالياً، فتحتاج كلّ وحدة سكنية لحوالى 50 ألف دولار أميركي، ووقت يتجاوز الشهر، في حين أنّ ثمن المبنى من الأساس يُقدّر بحوالى مليوني دولار، وهو ما يعني استهداف الاقتصاد الفلسطيني. وأظهر سرحان أنّ إعادة بناء المنازل المدمّرة (130 وحدة سكنية خلال جولة تصعيد مايو الماضي)، يحتاج لأكثر من 9.5 مليون دولار أميركي، غير متوفر لديها أيّ مانح أو ممول.

بسبب إسرائيل

أمّا الأنقاض التي لا تشرف عليها وزارة الأشغال، والتي يعمل أصحابها على إزالتها، فيعمل المقاول الخاص بذلك، على إعادة تدوير الحطام، من خلال طحنه في كسّارات خاصة، وتحويل الحجارة الكبيرة إلى فتاتٍ صغير، لإعادة استخدامه في أيّ عمليّة بناءٍ جديدة. وأمّا المخرجات الأخرى من الأنقاض، كالحديد، تعمل الوزارة إلى جانب المقاولين على إعادة تعديله من جديد، واستخدامه مرّة أخرى في أيّ عمليّة بناءٍ جديدة، إلا أنّ وزارة الأشغال العامة لا تنصح بذلك، بسبب ضعفه.

وتلجأ غزّة إلى إعادة تدوير منازلها المدمّرة بسبب منع إسرائيل دخول مواد البناء ومستلزماتها، فضلاً عن ارتفاع أسعارها في حال توافرها، وبالإشارة إلى أنّ قطاع غزّة يعاني من ويلات اقتصادية كبيرة، فإن ذلك يعد بمثابة فرص مهمة للعاطلين من العمل.

فرص عمل لمرضى

وفعلياً، عملت وزارة الأشغال والإسكان إلى جانب مؤسسات دوليّة على توفير فرص تشغيل في إعادة الإعمار، ووفّرت حوالى 20 ألف فرصة عمل موقت للعمال بعد القصف الإسرائيلي على غزّة 2014، الذي أسفر عن تدمير 11 ألف وحدة سكنية بشكلٍ كامل. لكن خطراً ما يواجه العمّال في إزالة الأنقاض، ولا تنفي الأشغال والإسكان ذلك، يقول الوكيل ناجي سرحان إنّه لا توجد أجهزة لقياس إذا ما كانت هناك مواد مُشعّة في الركام أو لا، لكن بلا شكّ أنّ مخلفات المتفجرات خطيرة.

وفي الواقع، لوحظ في غزّة ارتفاع لأعداد مصابي مرضى السرطان، فيوجد قرابة 233 مصاباً بالسرطان من بين 100 ألف مواطن، وهي تحتل المرتبة الثانية من بين دول غرب آسيا في أعداد المصابين بالسرطان.

المزيد من تحقيقات ومطولات