على وقع تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان وتدهور قيمة العملة المحلية وتراشق المسؤولين الحاليين والسابقين الاتهامات بتحمّل المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع، أصدرت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون قراراً بوضع إشارة منع تصرف على كل العقارات والسيارات العائدة إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وإبلاغ أمانة السجل العقاري في منطقة المتن (شمال بيروت) ومصلحة تسجيل الآليات والمركبات بتنفيذ القرار فوراً، وذلك بناء على شكوى تقدّمت بها مجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام".
وجاء في نص الشكوى "نطلب إنفاذ قرار منع السفر بحق حاكم مصرف لبنان السيد رياض توفيق سلامة، عبر كافة الحدود والمعابر البرية والبحرية والجوية لمقتضيات قضائية، وذلك بالنظر إلى ما ورد في معطيات مهمة في ملف التحقيق الأولي في قرائن وأدلة، لا سيما الشكوى المقدمة من محامي الدائرة القانونية لمجموعة الشعب يريد إصلاح النظام".
وكانت القاضية عون أصدرت قبل أسبوع مذكرة منع سفر بحراً وجواً وبراً بحق حاكم مصرف لبنان.
عملية احتجاز
في موازاة ذلك، احتجز مودع عدداً من موظفي مصرف في شرق لبنان وزبائنه، بعد رفض البنك تسليمه مبلغ 50 ألف دولار من حسابه، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام، في حلقة جديدة من إشكالات تشهدها المؤسسات المالية منذ بدء الانهيار الاقتصادي في البلاد.
ونقلت الوكالة أن مودعاً في فرع لمصرف في بلدة جب جنين في قضاء البقاع الغربي "احتجز عشرات الموظفين والزبائن على خلفية رفض المصرف تسليمه أمواله".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم تذكر الوكالة اسم المصرف، لكن وسائل إعلام عدة قالت إن الحادثة وقعت في فرع لبنك بيروت والبلاد العربية.
وطالب المودع، وفق الوكالة، "بسحب مبلغ 50 ألف دولار من حسابه، وحين رُفض طلبه رفع سلاحاً حربياً وقنبلة بوجه الموظفين، وصبّ كذلك مادة البنزين في أرجاء المصرف مهدداً بحرقه وتفجيره في حال لم يتم التجاوب لطلبه".
وفي وقت لاحق، أفادت وسائل إعلام محلية بأن المودع سلّم نفسه للقوى الأمنية التي ضربت طوقاً حول المكان، بعد تسليم المبلغ إلى زوجته.
واكتفى مصدر أمني بالقول لوكالة الصحافة الفرنسية إن "العملية انتهت من دون خسائر".
ومنذ بدء الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ عامين وصنّفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، فرضت المصارف قيوداً مشددة على عمليات السحب بالدولار ومنعت التحويلات إلى الخارج.
وجعل ذلك المودعين عاجزين عن التصرف بأموالهم، خصوصاً تلك التي بالدولار، بينما فقدت الودائع بالليرة قيمتها مع انهيار قيمة العملة المحلية في السوق السوداء.
وشهدت قاعات الانتظار في المصارف خلال العامين الماضيين إشكالات متكررة بين مواطنين غاضبين راغبين بالحصول على ودائعهم والموظفين الملتزمين بتعليمات إداراتهم.
وعلى وقع الانهيار الاقتصادي، بات نحو 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر، بينما تدهورت قدرتهم الشرائية وانعدم وجود الطبقة الوسطى.
وفي ظل انقسام سياسي يحول دون اتخاذ خطوات بنّاءة لوقف الانهيار، الذي لم توفّر تداعياته أي قطاع أو شريحة اجتماعية، يصدر مصرف لبنان بين الحين والآخر تعاميم لامتصاص نقمة المودعين، تسمح لهم بسحب جزء من ودائعهم بالدولار ضمن سقف معين.
وبعدما لامس سعر صرف الليرة عتبة 33 ألفاً مقابل الدولار الأسبوع الماضي، عاد وانخفض إلى ما دون 25 ألفاً، إثر تعميم لمصرف لبنان أتاح لمودعين سحب كميات محدودة من الدولارات من المصارف. وتزامن ذلك مع إعلان "حزب الله" وحليفته "حركة أمل" استعدادهما للعودة إلى طاولة مجلس الوزراء، بعد تعليق مشاركتهما لثلاثة أشهر اعتراضاً على أداء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.