Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الموازنة والحرب التجارية و"بريكست"... أوروبا أمام المعادلة الاقتصادية الصعبة

5 ملفات شائكة على طاولة البرلمان الأوروبي تنتظر الحسم العالمي

أعضاء البرلمان الأوروبي أمام قضايا شائكة تهدد مستقبل أوروبا (رويترز)

الحرب التجارية العالمية وموازنة الاتحاد الأوروبي في ظل تعثر اقتصاد بعض الدول الأعضاء كإيطاليا، ومحاربة التهرب الضريبي، وغيرها من القضايا الشائكة، ستضع الأعضاء المنتخبين حديثاً للبرلمان الأوروبي أمام عمل يومي مرهق. فالقائمة كبيرة، وفي كل هذه الموضوعات يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يقوم بما هو أكثر من مجرد تنظيم عادي للشؤون الأوروبية، لأن المطروح اليوم، أن تُـكوّن هذه الكتلة الاقتصادية والجيو سياسية نظرة عالمية، أقله لخمسة موضوعات رئيسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

موازنة الاتحاد

الملف الأبرز أمام النواب الأوروبيين هو الاتفاق على الإطار المالي متعدّد السنوات للاتحاد، وفق خطة إنفاق تعكس الأولويات المالية للمرحلة المقبلة، على قاعدة بلورة موازنة طويلة الأجل لأوروبا ضمن صندوق متعدد الأطراف. فالموازنة الراهنة تنتهي في السنة 2020، ويتعين وضع أخرى تخدم احتياجات الاتحاد من السنة 2021 إلى السنة 2027، تشمل دعم النمو والزراعة والابتكار والمناخ والهجرة. وقد بدأت مناقشات جميع هذه الموضوعات في مايو (أيار) العام 2018، بتقديم مقترحات المفوضية الأوروبية لموازنة مقدارها تريليون و134 مليار يورو. وفيما وافق البرلمان السابق على هذه الأرقام، فإن المجلس الأوروبي الجديد غير ملزم قانوناً بها، ويمكنه رفض جميع الأعمال التحضيرية السابقة، وحتى يمكنه طلب مقترحات جديدة من المفوضية. لكن الوقت داهم وجميع برامج الاتحاد كالزراعة والسياسة الإقليمية والبحوث تعتمد على اتفاق في شأنها.

ويتوقع أستاذ الاقتصاد السياسي في لندن الدكتور ناصر قلاوون في مقابلة مع "إندبندت عربية"، "ألا يُدخِل البرلمان الجديد تعديلات كبيرة على الموازنة التي زادت بنسبة 3.2%. وربما يكون الخلاف بين الدول هو على الإنفاق. لأنه على الرغم من أن تشكيلة البرلمان الأوروبي الجديد، يطغى عليها اليمين المتشدد، فإن اتحاد أحزاب الوسط سيمنع حصول تغييرات مالية".

استيعاب إيطاليا     

وفي إطار الكلام على مالية الاتحاد، تأتي مسألة التعثر الإيطالي. فقد بعثت المفوضية الأوروبية برسالة إلى روما أمس تطلب منها توضيح تدهور ماليتها العامة. وقد يؤدي ذلك إلى بدء اتخاذ إجراءات اعتباراً من الخامس من يونيو (حزيران) تتعلق بالعجز الإيطالي الكبير. ويشير قلاوون إلى أن "إيطاليا لديها مشكلة في قطاعها البنكي، وقد أخذت تحذيرات سابقة من المفوضية الأوروبية، واستجابت لبعضها. في السابق لم تُفرض عليها غرامة بشرط أن يظل العجز في موازنتها أقل من 3%. وفي الماضي، أعطيت دول مثل فرنسا وإيطاليا فترة سماح لكن بشروط. وفي رأيي أن المفوضية قد لا تكون هذه المرة متحمسة لأن تدخل في مواجهة معها، لأنها لا تريد إغضاب حكومتها اليمينية المتشددة. فإيطاليا هي أول دولة من ضمن (مجموعة السبع) تعقد اتفاقاً مبدئياً مع الصين ضمن مبادرة (الحزام والطريق)، ولا يراد للاقتصاد الثالث في منطقة اليورو أن يقفز خارج المنظومة القانونية، خصوصاً أن ماريو دراغي مدير البنك المركزي الأوروبي سيخلفه ربما ألماني، ما يفقد إيطاليا منصباً لها في مجلس حكام المركزي، ولن يعود صوتها مسموعاً في داخله. وتُلاحظ مراعاة كبيرة من ألمانيا لإيطاليا".

الاتفاقات التجارية

الملف الثاني المعقد أمام البرلمان الأوروبي الجديد هو إعطاء الضوء الأخضر لمختلف الاتفاقات التجارية التي يخطط الاتحاد الأوروبي لتوقيعها، وفي مقدمها تلك المطروحة مع الولايات المتحدة. فالرئيس الأميركي دونالد ترمب يشدد اللهجة ملوحاً بمضاعفة الضرائب على السيارات الأوروبية وصناعة الطيران والنبيذ وغيرها من السلع التي تنتجها أوروبا. وفي هذا الإطار، أعربت الحكومة الفرنسية عن رفضها الشروط التي تنوي المفوضية بموجبها التفاوض مع الأميركيين. ولن يكون سهلاً بالنسبة إلى الأوروبيين خوض محادثات بلا موقف موحد. ويطالب ترمب أوروبا بتوقيع صفقة جوهرها الدفاع عن مصالحه. ويرى مطلعون أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق، فليس مؤكداً أن يوافق عليه البرلمان الذي قد يعمد على عرقلته.

ويرى الدكتور ناصر قلاوون أن "الأوروبيين لا يريدون مواجهة تجارية مع الولايات المتحدة. فقد قاموا بمنازلة تاريخية في دورة الدوحة التجارية التي فشلت، وفي (اتفاق الأطلسي) الذي كان يُفترض به أن يفرج عن 400 مليار دولار من الاستثمارات بين ضفتي الأطلسي. وكان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قد أرجأه ثم وضعه دونالد ترمب على الرف".

 ويضيف أن "أوروبا تريد الدفاع عن مصالحها لأن التحدي يأتي أولاً من الولايات المتحدة ثم من الصين ككتلتين كبريين. وفي رأيي أن ترامب قدم هدية للاتحاد الأوروبي بتأجيله فرض رسوم على السيارات وقطع الغيار وغيرها لمدة 6 أشهر. وقد قام في خطوة أولى باستغلال هذا الجانب مع اليابان في زيارته الأخيرة لفتح أسواقها في مقابل التأجيل، وينحو نحو توقيع اتفاق جديد معها لخفض العجز التجاري مع طوكيو. وسيكرر الخطوة ذاتها مع أوروبا التي تحتاج لغطاء استراتيجي دفاعي من واشنطن في وجه روسيا."

ويوضح "أن موسكو لا يمكنها أن تقدم لدول الاتحاد غير الغاز والنفط. من هنا، تقوم واشنطن بالضغط عبر (الناتو) لزيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي ولا سيما ألمانيا". ويرى أن "لدى الأوروبيين 6 أشهر، قد يقدمون خلالها تنازلات على أمل انشغال ترامب بالسياسة الداخلية، لكنهم سيتمسكون بموقفهم، لا سيما فيما يتعلق بالمحاصيل المعدلة زراعيا، كالقمح والذرة وفول الصويا".

عقدة "البريكست"

وفي المقابل، هناك اتفاق آخر أكثر تعقيدا، وهو مع البريطانيين. فخطوة خروج لندن من الاتحاد الأوروبي، أدخلت العلاقة في مرحلة ضبابية تتطلب تفاوضاً غير سهل مع لندن على المستقبل. ومن الأكيد أن الجزء الأكبر من المفاوضات، سيكون حول العلاقات التجارية، مع إمكان بلورة اتفاق تجارة حرة متعلق بالسلع والخدمات طويلة الأمد.

ويرى الدكتور قلاوون أن "الأوروبيين انتهجوا موقفاً موحداً حتى الآن حيال المملكة المتحدة. وهناك نظرة فرنسية متشددة تعمل ألمانيا على تلطيفها بعض الشىء. وأهم الملفات مع بريطانيا هي الهجرة التي دلت على أن الهجرة الأوروبية من دول الاتحاد إلى بريطانيا زادت رغم ما أشيع عن مخاوف، ولا سيما في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2018. كذلك زادت نسبة طلبات المواطنين الأوروبيين الذين يريدون تسوية أوضاعهم في المملكة المتحدة. وهذا يعني أن بريطانيا لا تزال جاذبة للأوروبيين خاصة من هم من الطبقات الفقيرة".

وفيما يتعلق بالمفاوضات، لاحظ قلاوون إن "البريطانيين، ولا سيما منهم كبار موظفي جهاز الخدمة المدنية تعبوا من بيروقراطية طبقتهم السياسية وانقسامها. وأعتقد أنه إذا لم تقدم النخبة السياسية البريطانية موقفاً تراجعياً خصوصاً في موضوع الاتفاق الجمركي أو مراعاة الاتحاد الأوروبي في إيرلندا، فإن الصدام حتمي والخروج بلا اتفاق وارد، وهذا ما يقلق المستثمرين وتراجع الجنيه الإسترليني إلى حدود 1.25 في مقابل الدولار".      

غسل الأموال والتهرب الضريبي

ويتعين على الأعضاء المنتخبين للبرلمان الأوروبي، مواصلة العملية التشريعية التي بدأت في مارس (آذار) بعد تبني البرلمان السابق تقرير لجنة TAX3 في شأن مكافحة الجرائم المالية، الذي يشمل عدداً من الأمور منها تعزيز تبادل المعلومات وإنشاء شرطة مالية تابعة للاتحاد الأوروبي، وإنشاء جهاز أوروبي لمراقبة مكافحة الفساد وغسل الأموال. ويوضح التقرير "أن هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ وإيرلندا وقبرص والمجر، يمكن أن توصف اليوم بأنها ملاذات ضريبية، ويدعو إلى وضع حد لما سمّاه التقرير (أنظمة التأشيرة الذهبية)". ويتوقع أن تكون المفاوضات معقدة داخل البرلمان، لأن تحديات مكافحة التهرب الضريبي تختلف بين الدول الأعضاء. فقد قامت دول كإيرلندا، ببناء نموذجها الاقتصادي على هذه القوانين الضريبية.

الرقمية

تحاول أوروبا إعادة التوازن إلى ميزان القوى العالمية في السوق الرقمية. وأظهرت المناقشات الحادة حول تنظيم حقوق الطبع أن التموضع فيما يتعلق بالاقتصاد الرقمي بات حاسماً، وعلى الأعضاء الجدد في البرلمان البت في ملفات كثيرة تنتظرهم ولا سيما مسألة توجيه الخصوصية الإلكترونية. هذا التوجيه، يُفترض أن يكمل إجمالي الناتج المحلي في مجالات سرية الاتصالات وتحديد الهوية والمراقبة، وهو موضوع ضاغط لأنه يتعلق بقطاعات عدة منها الاتصالات والإعلام. ولا بد هنا من تفاوض مع السلطة التنفيذية على الشكل النهائي لتشريع عنوانه "منع نشر المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت". وهنالك جوانب أخرى لتنظيم الشبكة العنكبوتية مثل Internet of Things (التوصيل البيني عبر الإنترنت لأجهزة الحوسبة المضمنة، ما يتيح لها إرسال البيانات وتلقيها)، والبيانات الضخمة، وتقنية "بلوكتشين" والتنقل الذكي والقيادة الذاتية والصحة عبر الإنترنت، والذكاء الاصطناعي. وهذه قضايا رئيسية لأنها تتناول الحياة اليومية للناس وسلامتهم.

استدامة المناخ

يبقى الملف الأخير المطروح للتشريع، وهو موضوع الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة من السيارات، ومكافحة البلاستيك الذي يُستخدم مرة واحدة، وحماية قاع البحار. وفي هذا السياق، يُعدّ تمويل الاستثمار المستدام، مسألة أساسية. وترغب بروكسل في وضع نظام تصنيف أوروبي موحّد لتحديد ما إذا كان النشاط الاقتصادي مستداماً من الناحية البيئية. وكان البرلمان السابق قد صوّت في أواخر مارس (آذار) على موقفه بشأن الموضوع الذي أحيل إلى المفوضية. ولا يزال الإجراء التشريعي في بدايته، فالقضايا البيئية والمناخية مثيرة للخلاف مثل غيرها، لأن الدول الأعضاء، التي يختلف مزيج الطاقة بينها، لا تتّبع جميعها المصالح نفسها. وكي تكون أوروبا ذات مصداقية، يتعين عليها تنفيذ التزاماتها المتعلقة بالمناخ.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد