اتهم ثلاثة من ضباط إنفاذ القانون الرئيس السابق دونالد ترمب بتأجيج الهجوم على مبنى الكابيتول [مقر الكونغرس الأميركي] الذي أدى إلى إصابتهم بكسور في الأطراف وارتجاج في الدماغ وطنين في الأذنين، فضلاً عن الذعر الليلي والاكتئاب. وقد تضمن الهجوم استخدام غوغائيين من مناصري الرئيس السابق مواد كيماوية رشت على أولئك الضباط الذين ضربوا أيضاً، وضربوهم بصواري الأعلام، وأطلقوا إهانات وهتافات عنصرية أثناء شق طريقهم بقوة إلى داخل قاعات الكونغرس في 6 يناير (كانون الثاني) 2021.
وتسعى دعوى قضائية قدمها الضابط في شرطة الكابيتول ماركوس مور، وكذلك دعوى منفصلة رفعها ضابطا شرطة العاصمة واشنطن، دي ديفين كارتر، وبوبي تابرون، إلى المطالبة بتعويضات عن الإصابات الجسدية والنفسية التي لحقت بهما أثناء ذلك الهجوم.
وتزعم الدعاوى المدنية التي رُفعت في المحكمة الجزئية الأميركية في 4 يناير 2022 أن الرئيس السابق "أجّج وشجّع وحرّض ووجّه وساعد" أتباعه في الاعتداء على الضباط، وقد تغذّى أولئك الأتباع أيضاً برواية الرئيس السابق التي لا أساس لها من الصحة، وتزعم حصول تزوير قبل الانتخابات الرئاسية 2020، وبعدها.
ويسعى الضباط للحصول على تعويضات "بمبلغ يتفق مع الأدلة التي ستعرض في المحكمة، بما يزيد على 75000 دولار لكل منهما، إضافة إلى تكاليف العلاج"، بما في ذلك التعويضات التأديبية وأتعاب المحاماة.
وبحسب الدعاوى المرفوعة، جرى "تحفيز المشاغبين بفعل سلوك ترمب على مدى أشهر عدة في السعي إلى جعل مناصريه يصدقون مزاعمه المضللة عن وجود مسعى لإخراجه بالقوة من البيت الأبيض مع حدوث تزوير كبير في الانتخابات على يد خصمه جو بايدن، وأن انعقاد جلسة للكونغرس في السادس من يناير 2021 لاحتساب نتائج المجمع الانتخابي والمصادقة عليها وإعلان الفائز، تشكل فرصتهم الأخيرة لإيقاف تلك السرقة".
وورد في دعوى الضابط مور الذي أمضى عشر سنوات في شرطة الكابيتول، أنه كان يحرس الأبواب التي تقود إلى مكاتب المجلس مع ثمانية ضباط آخرين، قبل أن يتفاجأوا بعدد كبير من المشاغبين فاقوهم عدداً يركضون في اتجاههم "ويضربون مور بالحائط". وبحسب ملف الدعوى، "أدى ضربه بالحائط وسحقه من قبل الأشخاص الذين حاصروه، فضلاً عن انتشار الرائحة الكيماوية الناتجة عن رذاذ الفلفل ومكونات كيماوية أخرى، إلى صعوبة في تنفسه. رمى المقتحمون طفايات الحريق وصواري وأغراضاً أخرى في اتجاه الضباط، وضربوهم بقبضاتهم". وتابعت الدعوى أن "الضابط مور خشي من عزم الغوغائيين على العنف، وكان من المحتمل ألا يبلغ منزله حياً".
وجاء في الدعوى أنه غادر الكابيتول الساعة العاشرة مساءً "تجتاحه مشاعر متناقضة بين ما كان يعتقد أنه كان يعرفه عن العالم عندما بدأ العمل في 6 يناير، وما مر به طوال ذلك اليوم". عاد الضابط مور إلى منزله قبل منتصف الليل بقليل، ثم عاد مجدداً إلى العمل عند الساعة السابعة من صباح اليوم التالي "ما شكل بداية لشهر من مناوبات عمل تمتد من 12 إلى 16 ساعة".
ويقول الضابط مور إنه يعاني "طنيناً دائماً في الأذنين، وتداعيات عاطفية حادة، ذلك أن ذكريات تعرضه للهجوم تلاحقه". وتضيف الدعوى أنه "يعاني الاكتئاب الذي لم يتمكن من معالجته لأنه كان مدفوعاً بواجبه لمواصلة مسؤولياته المهنية. وبسبب وقوع الهجوم في المكان الذي يوجد فيه يومياً، لم يكن قادراً على تجنب معظم مسببات ردود أفعاله العاطفية".
خدم الضابط بوبي تابرون في شرطة العاصمة لمدة 19 سنة، فيما خدم الضابط كارتر الذي عمل في وحدة الدراجات الجبلية لمدة 5 سنوات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في سياق مشابه، واجه الضابط تابرون إثر وصوله إلى الكابيتول، حشداً من المشاغبين "الذين حاولوا الاستحواذ على رفوف مواقف الدراجات الهوائية وتحطيمها"، ورموا "الزجاجات وعبوات الغاز المسيل للدموع وأغراضاً أخرى" فيما "أطلقوا مراراً الرذاذ الكيماوي عليه" بحسب الدعوى التي رفعها الضابط.
وكذلك عمد أحد المشاغبين إلى ضرب الضابط تابرون في جانب رأسه "بقوة أصابت جوانب خوذته وتركته في حالة من الذهول"، قبل أن يرش آخرون قناعه بالرذاذ الكيماوي ويضربوه بعصي وصواري مربوطة بأعلام "ذات خط أزرق رفيع" وأعلام تحمل اسم ترمب، بحسب ملف الدعوى أيضاً. كذلك أطلقوا هتافات عنصرية صارخين أنه "ليس سوى [زنجي]، ويكون نكرة من دون شارته".
وفي ذلك الوقت أيضاً، حوصر الضابط كارتر "من قبل الحشد الذي أحاط به من كل الاتجاهات".
في تلك الأثناء، داخل "نفق الموت" تحت سقف الكابيتول، ضرب المشاغبون الضباط بواسطة دروعهم وصواريهم وقبضاتهم ورشوهم بالرذاذ الكيماوي. ولقد غلفت المواد الكيماوية قناع الضابط كارتر "ما تسبب في تقيؤه مراراً على نفسه" بحسب نص الدعوى.
وفي وقت لاحق، اكتشف الضابط تابرون أن معصمه مكسور، ما استوجب إجراء جراحة "ووضع صفيحة وبراغي لمعالجة الكسر، ما أدى إلى تطاول فترة تعافيه". وورد في الدعوى بأنه عانى أيضاً "باستمرار آثار الارتجاج الدماغي"، بعد أن ضرب مراراً على رأسه. وكتب في النص أن "الضابط تابرون كان يتمتع بالذكاء وسرعة البديهة قبل السادس من يناير، ولكن منذ ذلك التاريخ، أصبح تفكيره أبطأ، ولفظه مبهماً بعض الشيء. وكذلك خضع لعلاج جسدي وعلاج للنطق كجزء من علاج إصاباته. وبالمثل، عانى الضابط تابرون الأرق، وحينما يتمكن من النوم قليلاً، يرى كوابيس ليلية مرعبة يظهر فيها بأنه يقاتل من أجل حياته في ما يبدو أنه نهاية العالم".
يشار إلى أن صحيفة "اندبندنت" تواصلت مع أحد المتحدثين باسم ترمب طلباً للتعليق.
تجدر الإشارة إلى أن الدعاوى القضائية الأخيرة تأتي في أعقاب دعوى رفعها سبعة ضباط آخرين ضد الرئيس السابق وعديد من حلفائه ومجموعة من الجماعات المتطرفة، متهمين إياهم بالتخطيط لتعطيل التداول السلمي للسلطة أثناء التئام جلسة الكونغرس للتصديق على نتائج انتخابات الرئاسة 2020.
© The Independent