Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل سيكون التضخم التحدي الاقتصادي الأكبر لعام 2022؟

"المركزي الأميركي" يرصد التطورات وتوقعات بإطالة أمد ارتفاع الأسعار بشكل حاد مع أزمة التوريد وتداعيات "أوميكرون"

مخاوف التضخم تهدد طلب المستهلكين  (أ ف ب)

لا يزال التضخم يهدد طلب المستهلكين القوي، ويعرقل استمرار مشاكل سلسلة التوريد، حيث أظهرت الإحصاءات أن ارتفاع الأسعار بشكل حاد سيتفاقم في عام 2022، ما قد يجعلها التحدي الاقتصادي الرئيس للعام الجديد.

وكانت الأسعار قد تحدّت توقعات عديد من الاقتصاديين في 2021 من خلال الارتفاع بأسرع وتيرة في ما يقرب من 40 عاماً، حيث ارتفعت قطاعات الإيجار والسيارات المستعملة إلى محال البقالة، على الرغم من تعافي اقتصادات الدول من الوباء، وتسبب ذلك في الألم للمستهلكين، كما تسبب في حدوث صداع لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي توقع تضخماً أقل بكثير، والبيت الأبيض، الذي واجه مخاوف حتى من بعض الديمقراطيين في شأن ما إذا كانت خطط زيادة الإنفاق الفيدرالي ستؤدي إلى ارتفاع التضخم.

واليوم، تستعد الشركات والاقتصاديون لاستمرار حالة الأسعار في العام الجديد، حيث أعلن عديد من مصنعي المواد الغذائية زيادات في الأسعار لعام 2022، مستشهدين بارتفاع تكاليف المكونات، وازدحام النقل، ونقص العمالة، وارتفاع الأجور. وتتزايد أسعار الإيجارات مع ارتفاع سوق الإسكان الأوسع. وإنتاج السيارات، الذي لا يزال يعاني نقصاً في الرقائق العالمية، مما يعني أن أسعار السيارات الجديدة والمستعملة لن تستقر قريباً.

وقال جو بروسولاس، كبير الاقتصاديين في "آر أس أم"، وهي شركة محاسبة وتمويل عالمية لصحيفة "واشنطن بوست"، "بغض النظر عن الطريقة التي تنظر بها إلى ذلك، فإن التضخم سيبقى معنا لفترة جيدة من الوقت".

وعما إذا كانت الأسعار المرتفعة ستستقر في غضون بضعة أشهر، وأن ذلك سيكون اختباراً رئيساً للاقتصادي يمكن الإجابة عن ذلك من خلال ما ستقرره سياسات البنوك العالمية، فإذا لم يهدأ التضخم، فإن خطة بنك الاحتياطي الفيدرالي للانسحاب التدريجي للدعم الاقتصادي، بما في ذلك ثلاث زيادات في أسعار الفائدة، ربما في وقت مبكر من الربيع، قد تبدو غير كافية، أو تعمل متأخرة. وسينظر البيت الأبيض في حملة انتخابات منتصف المدة التي يستعد فيها الجمهوريون للانقضاض على التضخم، بالتالي من غير المرجح أن تجلب بداية العام كثيراً من الراحة.

بعد عام من الزيادات في الأسعار

وبعد عام من الزيادات في أسعار المواد الغذائية للمستهلكين، من غير المرجح أن يبدو عام 2022 أفضل بكثير، حيث قالت شركة "مونديليز" العملاقة للوجبات الخفيفة، "ريتز" و"تشيبس" و"أهوي" و"أوريوز" من بين علاماتها التجارية، إنها تخطط لزيادة الأسعار في الولايات المتحدة بنسبة 6 إلى 7 في المئة خلال يناير (كانون الأول) الحالي. وقال الرئيس التنفيذي للشركة، ديرك فان دي بوت، في بيان إن الطلب على المنتجات لا يزال مرتفعاً، وإنه يتوقع استمرار "التضخم المرتفع والتقلب اللوجيستي".

وبحسب الإحصاءات فإن زيادات الأسعار ستصل إلى جميع أجزاء متاجر البقالة، ولكنها ستختلف حسب الفئة، ويتوقع أن تستمر تكلفة العناصر المُعبَّأة في الزجاجات والعلب في الارتفاع بسبب التوافر المحدود للحاويات نفسها. ومن المحتمل أن يستمر سعر المأكولات البحرية في الارتفاع لأن كثيراً منها يتم استيراده عن طريق الجو والسفن، وقد ترتفع أسعار المعكرونة بسبب ضعف حصاد القمح منذ الستينيات.

وتوقع سكوت بينيت، مدير العلاقات في الكونغرس في اتحاد مكتب المزارع الأميركي، "أن تكون أسعار لحوم البقر أحد المجالات التي تشهد بعض التحسن في عام 2022"، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ارتفاع الأسعار في مرحلة ما لدرجة أن المستهلكين يتحولون إلى بروتينات أخرى. وقال، "من المثير للقلق أن نرى الارتفاعات في سعر اللحم البقري في محال البقالة". وأضاف، "هذا اللحم البقري لا يباع لأن الأسعار مرتفعة للغاية؟ لحم البقر يتنافس مع الدواجن ولحم الخنزير".

التضخم وجيوب الاقتصاد المتضررة

خلال معظم عام 2021، قال مسؤولو البيت الأبيض والاحتياطي الفيدرالي، إن التضخم سيكون "مؤقتاً"، وسيقتصر على جيوب الاقتصاد المتضررة بشدة من الوباء، لكن بمرور الوقت، لم يتماشَ هذا التنبؤ مع ما كان يحدث والطرق التي شعرت بها الأسر بالإجهاد.

وكانت الزيادات الكبيرة في الأسعار قد تسرّبت إلى كل قطاع تقريباً. في نوفمبر (تشرين الثاني)، ارتفعت الأسعار بأسرع وتيرة منذ ما يقرب من أربعة عقود، بزيادة 6.8 في المئة عن الفترة نفسها قبل عام واحد. وكانت مؤشرات البنزين والمأوى والغذاء والسيارات والشاحنات المستعملة والمركبات الجديدة من بين أكبر المساهمين في هذه الارتفاعات.

كما ارتفعت الإيجارات، على سبيل المثال، بنسبة 3 في المئة خلال نوفمبر، مقارنة بالعام الماضي، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع أسعار المساكن وقضايا سلسلة التوريد التي تحد من بناء منازل جديدة. ويركز الاقتصاديون بشكل خاص على تكاليف المأوى، لأن أسعار الإيجار والمساكن تشكل حصصاً كبيرة من ميزانيات الأسرة ولا يتوقع أن تتراجع حتى بعد اختفاء سلسلة التوريد العالمية.

وتتوقع ميشيل كريبس، المحللة التنفيذية في "كوكس أوتوموتيف"، أن يظل الطلب على المركبات قوياً، حتى مع استمرار تقييد العرض بسبب النقص العالمي في الرقائق الدقيقة.

وهناك مؤشرات على استقرار الإنتاج، حيث قالت كريبس عن السيارات الجديدة، التي تتدفق بدورها إلى سوق السيارات المستعملة، "نتوقع أن يظل المخزون ضيقاً للغاية، حيث سيستغرق الأمر وقتاً لإعادة ملء خط أنابيب التوريد نتيجة لذلك، ستبقى الأسعار مرتفعة".

وارتفعت الأسعار بنسبة 6.8 في المئة خلال نوفمبر مقارنة بالعام الماضي، وهو أكبر ارتفاع في ما يقرب من أربعة عقود، مع انتشار التضخم عبر الاقتصاد.

 

من جانبه، يقول البيت الأبيض، "إنه يتخذ خطوات لخفض النفقات اليومية. ويقول المسؤولون، إن خطة شبكة الأمان والبنية التحتية التي وضعها الرئيس بايدن ستخفض التكاليف على أسر الطبقة العاملة، بما في ذلك الإسكان والرعاية الصحية ومحال البقالة والبنزين ورعاية المسنين ورعاية الأطفال والتعليم".

في نوفمبر أعلن بايدن أنه يستغل احتياطيات النفط الأميركية لخلق مزيد من الإمدادات وخفض الأسعار. كما دعا البيت الأبيض لجنة التجارة الفيدرالية للتحقيق فيما إذا كانت شركات النفط ترفع الأسعار بشكل غير لائق.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، مايكل جوين، في بيان، "الرئيس يتفهم كيف يمكن أن تؤثر الأسعار المرتفعة في ميزانية الأسر، لذا فهو لا يضيع أي وقت في استخدام كل أداة تحت تصرفه للمساعدة في تخفيف عبء التضخم عن الأميركيين العاديين". وأضاف، "يتضمن ذلك معالجة الاختناقات في سلسلة التوريد الخاصة بنا، والتي تنقل بالفعل كميات قياسية من البضائع، وتحميل الشركات الكبرى المسؤولية عندما ترفع أسعار الأسر العاملة، ومن خلال تقديم الإغاثة من خلال أكبر إصدار على الإطلاق لاحتياطي النفط الاستراتيجي لدينا للمساعدة في خفض أسعار الغاز".

التضخم والفائدة وسوق العمل

ومع ذلك، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي يتمتع بسلطة رئيسة في لجم التضخم. وتتمثل أداته السياسية الرئيسة في تحديد أسعار الفائدة، التي يمكنها رفعها أو خفضها اعتماداً على ما إذا كانت تريد تهدئة الاقتصاد أو تعزيزه. ومع ذلك، فإن هذه الأداة لها تأثير واسع في الاقتصاد ولا يمكنها، على سبيل المثال، استهداف الصناعات المتعثرة أو إصلاح سلسلة التوريد المعطلة أو إنهاء الوباء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي قد خفض أسعار الفائدة إلى ما يقرب من الصفر بعد الإعلان عن جائحة كورونا. وقال قادة الاحتياطي الفيدرالي منذ فترة طويلة، "إنهم لن يرفعوا المعدلات لمكافحة التضخم حتى يتعافى سوق العمل. واليوم، ونظراً لأن سوق العمل حققت انتعاشاً هائلاً من خلال عديد من التدابير، يتخذ بنك الاحتياطي الفيدرالي أقوى تحركاته حتى الآن نحو معالجة التضخم".

وفي وقت سابق من هذا الشهر، رفع مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الجدول الزمني لما قد يصل إلى ثلاث زيادات في أسعار الفائدة العام المقبل. ومن المتوقع أن تبدأ هذه الزيادات في الأسعار في وقت ما في الربيع، بعد أن يسحب بنك الاحتياطي الفيدرالي بالكامل دعمه للنظام المالي خلال توقيت كورونا في مارس (آذار) المقبل.

ويتوقع محافظو البنوك المركزية أن ينخفض ​​التضخم إلى 2.6 في المئة بنهاية عام 2022 و2.3 في المئة بنهاية 2023، وفقاً للتوقعات الصادرة في اجتماع السياسة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول). وفي مؤتمر صحافي بعد الاجتماع، قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، "إن المتنبئين لديهم توقعات واسعة بأن التضخم سينخفض ​​بشكل كبير في نهاية العام المقبل". وأضاف "أود أن أقول، على الرغم من ذلك، سياستنا يجب أن تبدأ في التأثير، سيكون هناك تأخير، ولكن يجب أن نبدأ في ذلك".

ومع ذلك، فإن بعض الاقتصاديين يشككون في أن الأسعار ستتحول بشكل مفاجئ، وفي عديد من القطاعات، سينخفض ​​معدل التضخم الكلي إلى هذا الحد. حتى إذا كانت هناك دلائل على أن التراكم في سلسلة التوريد سيخف، وأن الاقتصاد سيستمر في النمو، فسيتعين على الأسعار أن تعود إلى وضعها الطبيعي بشكل سريع للغاية حتى ينخفض ​​التضخم بالقرب من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المئة بحلول هذا الوقت من العام المقبل.

تفشي "أوميكرون" وعدم اليقين

وقال مايكل سترين، مدير دراسات السياسة الاقتصادية في معهد أميركان إنتربرايس، "بين الأجور والمأوى، لم نشهد أسوأ تضخم، حتى لو كانت أسعار الطاقة معتدلة، حتى لو بدأت مشاكل سلسلة التوريد في حل نفسها. ما زلت أعتقد أن الأسعار تنمو بشكل أسرع مما نعتقد".

ولطالما قال باول إن إنهاء الوباء هو الطريقة الأكثر أماناً لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد. وجاءت تصريحاته في بداية موجة فيروس كورونا التي تغذيها متحورة "أوميكرون". وفي الأسابيع الأخيرة، تسببت موجة من حالات الإصابة بفيروس كورونا في إغلاق المطاعم وأماكن الترفيه وتجار التجزئة والمدارس والمكاتب، ويرجع ذلك جزئياً إلى تفشي المرض وحالات التعرض المحتملة بين الموظفين.

بالنسبة لشركات السلع الاستهلاكية المُعبّأة، فإن المجهول المرتبط بمتحورة "أوميكرون" الموجة الجديدة من الوباء، تضيف مزيداً من عدم اليقين بشأن متى ستختفي أزمات سلسلة التوريد.

اقرأ المزيد