Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التقلبات وأزمات الإمداد أغرقت الاقتصاد العالمي في 2021

بوادر مقلقة من تباطؤ مقبل في معركة طويلة للقضاء على المتحورات

يتوقع صندوق النقد الدولي حتى عام 2024 أن تفشل معظم البلدان الناشئة والنامية في تلبية توقعات النمو التي حددتها قبل الوباء (أ ف ب)

بعد الانهيار الاقتصادي في عام 2020 وبدء التعافي في 2021، هل يحصل تباطؤ عالمي في 2022؟ 
يبدو أن الانتعاش الذي اتسم بالزخم، أخيراً، ليس أمراً مسلماً باستمراره، إذ يرى الباحثون أن الاقتصاد العالمي ليس بمنأى عن الخضات بسبب أزمة الإمدادات والتضخم والمخاوف الصحية التي تُضاف إليها أيضاً مستلزمات المحافظة على البيئة.

 انتعاش متعدد السرعات

من الصين إلى الولايات المتحدة، ومن أوروبا إلى أفريقيا، أدى الوباء في وقت واحد تقريباً إلى انهيار اقتصادات العالم في ربيع عام 2020. وبعد سنتين وأكثر من 5.3 مليون وفاة، صار السبيل للخروج من الأزمة أكثر تشتتاً.
استفادت الدول الغنية من امتياز الوصول إلى اللقاحات: أزالت الولايات المتحدة آثار أسوأ ركود شهدته منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات، وبدا أن منطقة اليورو ستحقق الشيء نفسه في نهاية العام الحالي. لكن الانتشار السريع للمتحورة "أوميكرون" وتدابير الإغلاق التي فرضتها تثير مخاوف من تبعات جيدة على العديد من القطاعات بدءاً بالنقل الجوي والمطاعم والضيافة والسياحة.
ويؤكد باحثون من بنك "أتش أس بي سي" البريطاني أن "الانتصار في المعركة ضد الفيروس ما زال بعيد المنال"، معتبرين أن الاقتصاد لا يزال "بعيداً عن العودة إلى مساره الطبيعي".
في الطرف الآخر من المشهد، تفتقر البلدان الفقيرة إلى اللقاحات. ففي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي يتوقع صندوق النقد الدولي أن تسجل أبطأ انتعاش، حصل على اللقاح أقل من 4 في المئة من السكان في الكاميرون أو إثيوبيا أو أوغندا على سبيل المثال، وفقاً لجامعة جونز هوبكنز.

مؤشرات سلبية حتى 2024

ويتوقع صندوق النقد الدولي حتى عام 2024، أن تفشل معظم البلدان الناشئة والنامية في تلبية توقعات النمو التي حددتها قبل الوباء. بخاصة وأن عدداً من البنوك المركزية "في البرازيل وروسيا وكوريا الجنوبية وغيرها" رفعت أسعار الفائدة لدرء التضخم المتسارع الذي من شأنه أن يعيق تعافيها.
حتى في الصين، قاطرة النمو العالمي، يتباطأ الانتعاش مع تراكم المخاطر، كما حذر "صندوق النقد"، أخيراً، من الاستهلاك الأسري الذي يكافح لاستعادة مستويات ما قبل الوباء وأزمة قطاع العقارات مع الصعوبات التي واجهتها شركة "إيفرغراند" العملاقة المثقلة بالديون، إلى ارتفاع سعر الفحم ونقص المكونات الذي يثقل كاهل الشركات.

التضخم والنقص في السلع

وكتب محللو "غولدمان ساكس" في توقعاتهم لعام 2022، "كانت المفاجأة الأكبر في عام 2021 هي ارتفاع التضخم". وكان الدافع وراء ذلك هو الفوضى التي عمت سلاسل التوزيع ونقص المنتجات الأساسية للتجارة الدولية مثل أشباه الموصلات. ويُعزا ذلك إلى الزيادة الكبيرة في الطلب أثناء الأزمة وبعدها، وأيضاً بسبب النقص في صغار العاملين في قطاع التجارة العالمية من العمال الذين يفرغون البضائع في الموانئ وسائقي الشاحنات والعاملين في المتاجر الكبرى الذين لم يعودوا إلى مواقع عملهم بعد رفع الحجر الصحي.
كما يقف وراء التضخم ارتفاع أسعار المواد الخام ومنها الخشب، والنحاس والصلب، والطاقة وتحديداً البنزين والغاز والكهرباء.
وفيما اعتبر محافظو البنوك المركزية ارتفاع الأسعار مسألة "مؤقتة"، إلا أنها أثارت القلق على أعلى المستويات واعترف بها البنك المركزي الأميركي (الاحتياطي الفيديرالي)، أخيراً، على أنها ليس عارضة، معلناً أنه سيعمل على تسريع رفع أسعار الفائدة في عام 2022 على الرغم من خطر تباطؤ النمو.
في هذه البيئة المتقلبة، قال رويل بيتسما، أستاذ الاقتصاد بجامعة أمستردام، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "السؤال هو معرفة إن كنا خرجنا بالفعل من الأزمة".

التضخم ونقص السلع

يؤكد عدد كبير من الشركات مواجهة صعوبات أمام نقص السلع والمواد والتضخم. لكن في الوقت الحالي، ما زال صندوق النقد الدولي يتوقع نمواً عالمياً بنسبة 4.9 في المئة العام المقبل. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


 المناخ ضحية لتقلبات الاقتصاد؟

وبين تلبية احتياجات الأسر وتجنب "نهاية العالم"، صار من الصعب إيجاد توازن كما اتضح من الاستنتاجات المتباينة لمؤتمر الأطراف "كوب 26" الذي عُقد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فالاتفاق الذي تم التوصل إليه يدعو الدول إلى زيادة التزاماتها لخفض انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة اعتباراً من عام 2022، لكنه لا يضع العالم على مسار متسق للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بمقدار "أقل بكثير من" درجتين مئويتين كما هو مذكور في اتفاقية باريس عام 2015.
وقال رويل بيتسما، بأسف، إن "التفكير قصير المدى هو ظاهرة معتادة، بخاصة لدى السياسيين"، مطالباً بفرض ضريبة كربون موحدة في كل القطاعات ورادعة بما فيه الكفاية، وهو أمر بعيد كل البعد عما هو عليه الحال اليوم. فتغيّر المناخ والكوارث الطبيعية المرتبطة به يمكن أن تؤثر أيضاً على أسعار الأغذية، عدا عن أن أضرارها قُدرت بنحو 250 مليار دولار من قبل شركة إعادة التأمين السويسرية "سويس ريه". 

مستوى قياسي للأسعار

وتقترب الأسعار العالمية بالفعل من مستوياتها القياسية التي بلغتها عام 2011، وفق منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو). فقد ارتفع سعر القمح بنسبة 40 في المئة تقريباً خلال عام واحد ومنتجات الألبان بنسبة 15 في المئة، وتجاوزت الزيوت النباتية المستويات القياسية.
وقالت نبيهة عابد، المقيمة في العاصمة التونسية، لوكالة الصحافة الفرنسية، "واضح أن أسعار كل شيء قد ارتفعت"، مشيرة إلى أسعار اللحوم والدجاج التي تضاعفت مرتين في بعض الأحيان. وللدلالة على ما وصلت إليه الحال، تقول ربة المنزل هذه، إن "الشكشوكة" وهي طبق تقليدي قوامه الفلفل والبصل والبيض وزيت الزيتون "صارت رفاهية في حين كانت وصفة للناس الذين لا يملكون المال".
وعليه، هل يثير ذلك الخشية من اندلاع احتجاجات وأعمال شغب بسبب الجوع كما حصل في عام 2008؟ علق سيباستيان بونسيليه، خبير القمح في شركة "أرجيتيل" الفرنسية الاستشارية، "بين القمح والخبز، هناك خطوة واحدة فقط. إنه الغذاء الأساسي لقسم من البشرية وقد بات مهدداً".