Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانتخابات الليبية قد تشعل فتيل العنف عوض أن تخمده

لن تعقد الانتخابات المقررة للأسبوع المقبل على الأرجح فيما يخشى الخبراء أن تؤدي الفوضى إلى اشتباكات

يبحثان عن اسميهما على لائحة الناخبين للحصول على بطاقة تخولهما الانتخاب في قلم اقتراع بطرابلس (غيتي)

لا يفصلنا عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية المرتقبة غير أيام، ومع ذلك لم يصدر أي تأكيد رسمي حول أي من المرشحين، وقلة من الأشخاص فقط تعتقد أن الانتخابات سوف تعقد أساساً، وحتى لو حدثت، هناك خطر كبير بوقوع أعمال عنف سياسية.

صورت الانتخابات منذ البداية على أنها طريقة لإعادة إرساء الاستقرار والوحدة إلى بلد دمره الإرهاب، وقسمته الحرب وتدهورت أحواله بسبب الانهيار الاقتصادي، ومع ذلك نشبت خلافات أثناء التحضير للانتخابات، بشأن مشروعية الانتخاب وأهلية بعض المرشحين الأوفر حظاً.

خلال الأيام القليلة الماضية، سيرت الميليشيات المتناحرة في العاصمة طرابلس، قوافل من الشاحنات المزودة بالمدافع الرشاشة، في خطوة ترمي إلى تهديد بعضها البعض كما تهديد الحكومة المؤقتة التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، أحد المرشحين في الانتخابات المزمع عقدها في 24 ديسمبر (كانون الأول).

وفي هذه الأثناء، يحشد الموالون لأمير الحرب خليفة حفتر، وهو أيضاً مرشح رئاسي، قواتهم في الصحراء الواسعة جنوب البلاد، قبل عملية الاقتراع التي تدعمها الأمم المتحدة لانتخاب برلمان ورئيس.

تتدفق شحنات الأسلحة إلى البلاد من الداعمين الأجانب، على الرغم من الحظر على الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة، وقد تصاعدت حدة انتهاكات الهدنة المؤقتة التي توصلت إليها الفصائل المتناحرة.

ويرى رئيس معهد صادق للدراسات المختص بالشأن الليبي، أنس القماطي أن "الوضع أقرب بصراحة إلى الجنون. نحن على بعد أيام، إن لم نقل ساعات، عن اضطرار الأمم المتحدة إلى التصريح بأن الانتخابات سوف تأجل".

وقال لـ"اندبندنت" "رأيت استعدادات أفضل من هذه من أجل استقلال سيارة أجرة".

يصف الموجودون في طرابلس الأجواء في الميدان على أنها متفجرة ومتوترة. ويخشى كثيرون أن يؤدي الإعلان المفاجئ، إن حصل، عن أي أنباء متعلقة بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، إلى تصعيد الوضع الخطير أساساً.

قال الباحث الليبي طارق المجريسي في تغريدة على "تويتر" "تنزلق ليبيا إلى وضع مظلم".

"يعلم الجميع أن الانتخابات لن تنعقد الأسبوع المقبل، لكن لم يخرج أي أحد ليعلن عن ذلك بعد. ولهذا السبب، تقوم جميع الأطراف بمناوراتها، وتحضر مواقعها وتخلق الفوضى لتملأ الفراغ وتعزز مكانتها لحصد المكاسب السياسية".

 

توقع البعض أن المسؤولين عن الانتخابات والداعمين الأجانب يبذلون جهدهم من أجل إيجاد مساحة للمناورة بهدف الإبقاء على الوضع الحالي المتوتر، ربما عن طريق إعلانهم بأن 24 ديسمبر تاريخ رمزي لانطلاق العملية الانتخابية التي قد تؤدي إلى عقد الاقتراع في يناير (كانون الثاني) أو فبراير (شباط).

صرح أحد أعضاء لجنة الانتخابات الليبية، الخميس، بأن التصويت لن يحدث كما كان مخططاً له.

وقال أبو بكر مردة، عضو المفوضية الوطنية العليا للانتخابات لتلفزيون "الجزيرة" "ما عاد من الممكن إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، حيث إن المدة المتبقية لا تكفي للدعاية الانتخابية". 

وتقول التقارير، إن المسؤولين عن تنظيم الانتخابات خائفون- إذ يقلقون من أن يحولهم إعلانهم عن أسماء المرشحين وإطلاقهم فترة الدعاية الانتخابية الرسمية، إلى أهداف لأعمال العنف.

يتنافس نحو 100 مرشح على مقعد الرئاسة، ويقابلهم 5 آلاف مرشح تقريباً يتنافسون على المقاعد البرلمانية.

وقال جلال هرشاوي، الخبير في شأن شمال أفريقيا لدى المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية "في حال أدرجوا أسماء بعض المرشحين الجدليين، قد يصبحون أهدافاً للتحركات الغاضبة".  

وجوهر المشكلة هو الالتباس بشأن معنى الانتخابات. فالتصويت يعقد قبل تحديد صلاحيات رئيس البلاد المقبل ونفوذه بوضوح.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويخشى اللاعبون الرئيسون، ومنهم فريق السيد حفتر وميليشيات غرب ليبيا، من أن تكون أي انتخابات هي الأخيرة في البلاد، وأن يرسخ الفائز فيها حكمه الاستبدادي أو يحاول أن يفعل ذلك على الأقل.  

وأضاف السيد هرشاوي "هناك دواعي قلق قضائية. بإمكان بعض اللاعبين أن يهاجموا العملية الانتخابية نفسها. فالقوانين التي يفترض بها أن تشكل بديلاً للدستور غير مكتملة أبداً وهشة للغاية وضعيفة جداً ومتناقضة إلى أبعد الحدود". 

تترنح ليبيا الغنية بالنفط والقليلة السكان بين الفوضى والحرب منذ عشرة أعوام، حين أطاح المتمردون الذين دعمهم الناتو بالحكم الديكتاتوري لمعمر القذافي الذي استمر أربعة عقود.

ونظمت الأمم المتحدة والقوى الدولية على عجل عملية انتخابات في عام 2012 عبدت الطريق أمام وقوع ليبيا في دوامة العنف والانقسامات. وهي تدعو الآن لعقد الانتخابات المقبلة.

خلال اجتماع قمة عقد الشهر الماضي في باريس، دعا قادة من الغرب والشرق الأوسط لتنظيم الانتخابات بحسب الموعد المقرر لها. وأثناء اجتماع الدول السبع في ليفربول خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، دعت الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان كما الاتحاد الأوروبي إلى "انتخابات حرة وعادلة وشاملة ابتداء من 24 ديسمبر".

تتنقل ستيفاني ويليامز، المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، التي أعيد تعيينها في هذا المنصب، أخيراً، بعد الاستقالة المفاجئة لسلفها يان كوبيتش، بين كافة أنحاء البلاد لتجتمع بالأطراف المعنية وتسعى لإيجاد أرضية مشتركة [التوفيق] بينها وتحافظ على السلام الهش قبل أي انتخابات وخلالها وبعدها. 

وفي تغريدة نشرتها، أخيراً، ناشدت كافة الأطراف احترام "المطلب الكبير للشعب الليبي باختيار ممثليه عن طريق انتخابات حرة وعادلة وموثوقة".

ومع أن الحملات الانتخابية الرسمية لم تبدأ بعد، ظهرت بالفعل مخالفات سافرة. فنجل القذافي الراحل، سيف الإسلام، هو من الشخصيات البارزة التي تخوض السباق الرئاسي، مع أنه مطلوب للمحاكمة في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

ومن جهته، يستخدم السيد الدبيبة، الذي اختير لقيادة البلد المنقسم في إطار عملية دعمتها الأمم المتحدة في وقت سابق من العام الجاري، الموارد الرسمية ليجوب البلاد ويشن حملته الانتخابية فعلياً.

أما السيد حفتر، فيسيطر على البنية التحتية الأمنية لشرق البلاد وغربها، وسوف يشرف على فرز الأصوات في انتخابات يشارك شخصياً فيها باعتباره أحد أبرز المرشحين.

ويواجه المرشحون الثلاثة الرئيسين دعاوى قضائية في المحاكم الليبية.

ومن ناحية أخرى في العاصمة، استأنفت الفصائل المسلحة المتناحرة التي اتحدت من أجل صد تقدم السيد حفتر باتجاه طرابلس في 2019 و2020،  اشتباكاتها، وعادت لتهدد بعضها البعض وترعب عامة المدنيين الذين يتوقع منهم الخروج من منازلهم والتوجه إلى صناديق الاقتراع، الجمعة المقبل.

وما زال المرتزقة المسلحون، المتحالفون مع تركيا وروسيا، والذين تدعم كل جهة منهم فصيلاً من الفصائل المتحاربة، موجودين في البلاد.

حذرت "هيومن رايتس ووتش" الشهر الماضي من أن الجماعات المسلحة في كافة أنحاء البلاد تخيف، وتحتجز وتهاجم الصحافيين والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتفسد بالتالي أي جو من النقاش والتفاعل المدني.

وأوضح السيد قماطي، أنه فيما أجرى بعض المرشحين الأقل حظاً في الفوز بالانتخابات مقابلات على التلفزيون، قلة منهم طرحت رؤية موثوقة ومتماسكة للبلاد. أما بين المرشحين الأوفر حظاً، فالرهانات مرتفعة.

وتابع بقوله "لا تتعلق الانتخابات الليبية بشخصية ساحرة تتفاعل مع البلاد والعالم".

"لم يتمكن أي مرشح من بلورة رؤية واضحة. ولا يسعون لإبرام ما يشبه اتفاق شرف [عقد] مع الشعب. بل القصد من وراء الانتخابات هو اختيار القائد الأعلى للقوات المسلحة".

© The Independent

المزيد من تقارير