Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

احتمال تعثر إجراء الانتخابات في ليبيا يؤرق تونس

قلق من موجات النزوح وتفلت الجماعات المتشددة في المنطقة الحدودية

نائب رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا عمر بوشاح يقترح تأجيل الانتخابات في مؤتمر صحافي عقده يوم الأربعاء 8 ديسمبر في طرابلس (أ ف ب)

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية الليبية المقررة في 24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ترتفع وتيرة القلق في تونس مع تصاعد المشكلات والأزمات التي تواجه إجراء الانتخابات والتي شهدت مساء يوم الثلاثاء، السابع من ديسمبر، اقتحام مجموعات مسلحة مقر المفوضية العليا للانتخابات في العاصمة طرابلس، فيما أعلن المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي عبدالله بليحق، تشكيل لجنة للتواصل مع المفوضية للتعرف إلى الصعوبات والعراقيل التي تقف بوجه العملية الانتخابية.

نجاح الانتخابات من مصلحة تونس

واعتبر السفير عز الدين الزياني، رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، أن "عرقلة إجراء الانتخابات أو إفشالها تشكّل تهديداً حقيقياً لتونس ولأمن واستقرار المنطقة ككل"، موضحاً أن "هناك أطرافاً في مناطق الغرب الليبي، لها ارتباطات مكشوفة مع الميليشيات، تسعى إلى إفشال عمل مفوضية الانتخابات لأنها ستكون الخاسر من نجاحها وإيجاد نظام حكم وطني قوي يفرض سلطته على كامل الأراضي الليبية. كما أن إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها يُعدّ تأكيداً على قوة ومصداقية المجتمع الدولي في دعم جهود إنهاء الحرب إعادة فرض السلام والسعي لإيجاد نظام حكم قوي في ليبيا".

وأضاف الزياني أن "المنطقة تشهد تحركات سياسية كبيرة لدعم نجاح الانتخابات، وفرنسا تقوم بجهد كبير حالياً على اعتبار أن رئاسة الاتحاد الأوروبي ستكون من نصيبها منذ بداية العام المقبل وتريد أن تبدأ رئاستها للاتحاد بظروف إقليمية طيبة ونجاح ديمقراطي. في المقابل، فإن تونس تريد من منطلق مصالح عليا أن تخرج ليبيا من أزمتها المتواصلة، في حين أن عرقلة إجراء الانتخابات تشكّل تهديداً للأمن التونسي. ويُخشى من موجات نزوح عدد كبير من المقيمين الأفارقة والمواطنين الليبيين بسبب انفلات الأوضاع في بلادهم باتجاه تونس".

خطر التهديد الأمني

وما زال التونسيون يحتفظون بذكريات هجوم تنظيم "داعش" الإرهابي على مدينة بن قردان المحاذية للحدود مع ليبيا في مارس (آذار) 2016، الذي حاول من خلاله إقامة "إمارة" في المدينة، بحيث استغل حالة الفوضى التي كانت تعيشها ليبيا للإعداد للهجوم.
وقدّر العميد السابق في الحر الوطني التونسي علي الزرمديني، التهديد الأمني في البلاد بالمرتفع، في ظل الخوف من انفلات الأوضاع في ليبيا والظروف التي تعيشها المناطق الليبية الغربية القريبة من تونس. وأضاف "المخاطر متعددة إن تمت الانتخابات لأن هناك أطرافاً سترفض نتائجها وتسعى إلى تكرار سيناريو الانقلاب عليها كما جرى في انتخابات عام 2014 وستحاول التصدي للعملية الديمقراطية وتأجيلها حتى لا تفقد موقعها الحالي في الحكم".

وتوقّع العميد الزرمديني أن تشهد ليبيا في المرحلة المقبلة "حالة فوضى جراء رفض الأطراف التي ستعتبر نتائج الانتخابات ليست في صالحها، الإقرار بها، ما سيدفع الأوضاع إلى الانفجار وهذا يشكّل خطراً على الأمن القومي لتونس ويفرض اتخاذ جملة إجراءات ميدانية في المناطق الحدودية الواسعة بين البلدين، مخافة حدوث موجات هجرة أو تسلل جماعات إرهابية موجودة في ليبيا لتوسيع مساحة الفوضى التي تعتبرها هذه الجماعات الأرضية المثالية لنشاطها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونبّه من "احتمالات انفلات الأوضاع في ظل غياب موقف إقليمي ودولي حازم يوجّه رسائل تهديد إلى القوى التي تريد تعطيل الانتخابات وإفشالها بأنها ستكون تحت سيف العقوبات الدولية الجدية. وهذا إن تم سيسهم في لجم المجموعات التي تعتبر أنها تحظى بدعم ومساندة قوى إقليمية ودولية".

انتخابات وماذا بعد؟

سواء جرت الانتخابات أو أُجّلت، فإن نتائجها بحسب الإعلامية سميه الدريدي، "لن تغيّر واقع الحال في ليبيا لأن مخرجات اجتماعات برلين وباريس لم يؤخَذ بها وبقيت حبراً على ورق، وأهم دليل على ذلك أن أيّاً من الدول أو القوى التي لديها قوات عسكرية أو مرتزقة أو ميليشيات لم تسحبها من الميدان على الرغم من كل القرارات الصادرة عن الاجتماعات الدولية السابقة، التي أكدت ضرورة سحبها قبل إجراء الانتخابات وهذا لم يتم، ما يوحي بأن الهدف الذي تسعى الأطراف الدولية إلى تحقيقه هو إجراء الانتخابات ثم معالجة النتائج. وهذه السياسة التي تبحث عن النتائج العاجلة قبل تهيئة الظروف على الأرض وفرض احترامها، تثبت في كل مرة الفشل الذي يسبق عملها".
واعتبرت الدريدي أن "المؤشرات التي يراها الجميع ترجّح أن الفشل سيكون سيد الموقف، بينما لا يبدو أن ليبيا قادرة على الخروج من أزمتها المتواصلة منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي".

لا مفر

في المقابل، اعتبر الباحث السياسي نبيل بلفقيه أن "إجراء الانتخابات والجهد الدولي لإنجاحها أصبحا ضرورة تفرض نفسها. والتعلل بعدم تنفيذ بعض مخرجات مؤتمرَي برلين وباريس لعدم إجرائها، سيزيد من تعقيد الأوضاع ولن يسهم في حل الأزمة"، مضيفاً أن "إجراءها على الرغم من العراقيل قد يدفع نحو استنباط أفكار وحلول جديدة غير متوقعة في هذه المرحلة، تساعد في صياغة مشهد سياسي ليبي جديد قائم على التوافق بين المتنافسين وليس على استمرار الخلافات بينهم".

ولاحظ بلفقيه أن "لدى ليبيا فرصة ثمينة للخروج من الأزمة وعدم اقتناصها ربما يقود إلى تكرار ما شهدته الصومال التي تجاهلها المجتمع الدولي وأصبحت معزولة تماماً ولم يعُد أحد يهتم بما يجري فيها نتيجة التعنت في التوصل إلى حل سياسي سلمي برضا جميع الأطراف". 

المزيد من العالم العربي