Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انفلات أمني في لبنان وارتفاع حالات القتل والسرقة

استمرار الانهيار الاقتصادي وبلوغه مراحل خطيرة وازدياد نسبة الفقر والبطالة

أحد المحتجين يرفع إطاراً مشتعلاً أمام مبنى شركة كهرباء لبنان في مدينة صيدا الجنوبية (أ ف ب)

في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية، يواجه لبنان شبح الانفلات الأمني وخطر العودة إلى الحرب الأهلية مجدداً، لا سيما بعد المواجهات المسلحة خلال الأشهر الماضية، والارتفاع الملحوظ في معدلات جرائم القتل والسرقة والخطف مقابل الفدية، التي باتت سائدة بشكل واسع في مختلف المناطق اللبنانية، مع مخاوف عدم قدرة القوى الأمنية فرض سيطرتها الكاملة ومكافحة العصابات الإجرامية.

ويشهد لبنان ارتفاعاً كبيراً في حوادث السرقة المسجلة في مختلف مناطقه ومدنه، لتتحول إلى ظاهرة عامة بدأت تترك آثارها الواضحة على حياة اللبنانيين اليومية وأمنهم الاجتماعي، لا سيما في ظل الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد على وقع الأزمة الاقتصادية الأكبر في تاريخها.

أرقام مرعبة

وفي هذا الإطار يوضح الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين، أن ارتفاع حالات السرقة والقتل التي تشهدها البلاد مرتبطة بالأزمة الاقتصادية والمالية في ظل استمرار الانهيار وبلوغه مراحل خطيرة، وما رافقه من ارتفاع نسبة الفقر والبطالة، الأمر الذي أدى إلى تفاقم التأثيرات النفسية السلبية وتفكك المجتمع والدولة.

وكشف أن الإحصاءات تشير إلى حوالى 480 ألف عاطل من العمل، و 200 ألف يعملون بنصف راتب أو ما دون ذلك، فيما القدرة الشرائية تدهورت بمعدل 190 في المئة خلال عام 2020، ما رفع نسبة الفقر إلى ما يزيد على 60 في المئة.

ويؤكد أن الأرقام والتقارير الصادرة عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، تشير إلى ارتفاع هائل في معدلات الجريمة، حيث ارتفع عدد السرقات بنسبة 57.4 في المئة، أي من 1610 سرقات في عام 2019 إلى 2534 في عام 2020، في حين تشير الأرقام الأولية إلى ارتفاع إضافي في عام 2021.

أما عدد جرائم القتل فارتفع بنسبة 91 في المئة خلال عام 2020، كاشفاً أن سرقة السيارات زادت بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2021، مسجلة ارتفاعاً بلغ 52 في المئة عن العام السابق، وبنسبة 117 في المئة عن الأعوام السابقة.

وبرأي شمس الدين فإن كرة الثلج ستكبر مع استمرار الانهيار الاقتصادي وتفكك المؤسسات، وستنعكس ارتفاعاً اضافياً على عدد جرائم القتل والسرقة، لافتاً أن أرقام الانتحار أيضاً تسجل مستويات قياسية، حيث ارتفعت العام الماضي بنسبة 16.7 في المئة.

مجرمون خلفهم سياسيون

ويؤكد مصدر متابع للملفات الأمنية في القوى الأمنية، وجود صعوبات وتحديات في عمل القوى الأمنية بفعل الأزمات المالية التي تشهدها البلاد، وانعكاسها على معنويات العناصر وفرار بعضهم من الخدمة، إضافة إلى تعطل عديد من الآليات العسكرية وخروجها من الخدمة بسبب عدم القدرة على تأمين تكاليف الصيانة، ما أدى إلى خفض مستوى الدوريات والانتشار، موضحاً أن "ذلك لا يعني أن القوى الأمنية لا تقوم بواجبها على أكبر قدر ممكن، إنما ارتفاع معدلات الإجرام بشكل غير مسبوق وغياب التوافق السياسي بين الأطراف المتنازعة يزيد صعوبة الأمر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويلفت أن 50 في المئة من الأمن والاستقرار في البلاد مرتبط بالاستقرار السياسي الغائب حالياً، في حين أن النصف الآخر هو الأمن الوقائي ومكافحة العصابات والمجرمين، مبدياً أسفه لتدخل بعض السياسيين لحماية المجرمين من خلال الضغط على القضاء لإطلاق سراحهم، ما يجهض الجهود المبذولة ويضرب معنويات العناصر. 

ويجزم المصدر الأمني أن جزءاً كبيراً من عمليات الإجرام والسرقة مرتبطة بعصابات أكثر من قضايا السرقة نتيجة الفقر والعوزعلى الرغم من وجودها وانتشارها، مطالباً الدولة بتأمين حد أدنى من شبكة الأمان الاجتماعي للمواطنين، وعلى القوى السياسية التوافق أقله على القضايا الداخلية لتخفيف الضغط السياسي والأمني عن كاهل القوى والأجهزة الأمنية.

خطوط حمراء

في المقابل، تبرز الخشية من قضية السلاح الفلسطيني نتيجة الانفلات الأمني القائم والمستمر والقابل للتحريك من قبل جهات استخباراتية منتشرة في المخيمات، لا سيما بعد أحداث مخيم البرج الشمالي في صور للاجئين الفلسطينيين، حيث وقع اشتباك مسلح بين حركتي "فتح" و"حماس" أثناء تشييع قتيل سقط نتيجة انفجار مخزن تضاربت الأنباء حول طبيعته. الأمر الذي فتح الجدل حول دور السلاح في المخيمات الفلسطينية، وإمكانية استخدامه في المعادلات الإقليمية في ظل التقارب السياسي بين حركة "حماس" من جهة و"حزب الله" وإيران من جهة أخرى.

علماً أن مسألة نزع السلاح الفلسطيني هي جزء من القرار الأممي الرقم 1559، وقد توصلت القوى السياسية اللبنانية خلال جلسات الحوار اللبناني عام 2006، إلى قرار حاسم وتسليمه للجيش اللبناني، إلا أن هذا القرار لم يطبق حتى الآن بسبب تغير المعادلة الإقليمية لدى "حزب الله"، وحلفائه بعد حرب يوليو (تموز) 2006.

وفي هذا السياق، يتخوف العميد الركن خالد حمادة، أن يتحول السلاح الفلسطيني إلى فتنة تؤجج الصراعات المتفاقمة في لبنان، موضحاً أن "الأجهزة الأمنية ممنوعة من دخول المخيمات لأسباب غير واردة في أي اتفاق أو وثيقة مشتركة بين الدولة اللبنانية والسلطة الفلسطينية".

وشدد على وجود مخيمات خطيرة على الأمن الداخلي اللبناني، ومنها مخيم الرشيدية وعين الحلوة وقوسايا والناعمة والسلطان يعقوب والبداوي وسواها، نتيجة ميزان القوى السياسي والأمني القائم في لبنان بشقيه المحلي والإقليمي.

مافيات الحدود

وبالتوازي مع الانفلات الداخلي، تسود ظاهرة الاعتداءات وعمليات الخطف مقابل فدية، وعمليات تهريب السلع والمحروقات والبشر، على الحدود اللبنانية-السورية، إذ تشير المعلومات إلى أن لبنان بات منصة لتهريب المهاجرين إلى قبرص والدول الأوروبية بقيمة تتراوح بين 5 و10 آلاف دولار للفرد، في وقت تؤكد المصادر الأمنية أنها أجهضت حوالى 90 محاولة تهريب بشر عبر المراكب غير الشرعية إلى قبرص، وأوقفت عدداً من أفراد العصابات الناشطة في هذا المجال.

وتؤكد المعلومات ارتفاع عمليات الخطف لتتجاوز الـ 30 خلال الأسابيع الماضية، حيث تراوحت الفدية التي تطلبها العصابات الناشطة على الحدود اللبنانية السورية بين ألفين وعشرة آلاف دولار منهم لبنانيين وسوريين. وتشير المعطيات إلى أن تلك الحوادث وقعت ضمن الأراضي اللبنانية قبل نقل الضحايا إلى الجانب الآخر من الحدود السورية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي