Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خيول كمال الفقي تحلق في فضاء النحت الأسطوري

الجمع المتخيل بين الأضداد  في معرض"اللانهائي"

منحوتة في معرض كمال الفقي (اندنبدنت عربية)

يقيم غاليري الزمالك في القاهرة معرضاً للفنان المصري كمال الفقي تضمن عدداً من أعماله التي أنتجها حديثاً. تحمل الأعمال عنواناً لافتاً هو "اللانهائي"، وهي أعمال نحتية تتسم بالتوليف والمزج بين عناصر مختلفة. وهذه سمة بارزة في ممارسات الفنان، إذ غالباً ما يعتمد في تجاربه الفنية هذا الاشتباك والتداخل بين عنصرين أو أكثر، مع الاحتفاظ بشحنة تعبيرية لافتة في معالجته للتشكيلات النحتية. تبدو الأعمال في هذا المعرض كمحاكاة لأسطورة ما، فهي تمزج وتتراوح في هيئتها ما بين البشر والحيوانات، وهو أمر مألوف في الأساطير البشرية، وشائع في العقائد الدينية القديمة. فلطالما صور المصري القديم، على سبيل المثال، آلهته ورموزه الأسطورية على هذا النحو الهجين، في انتقاء لأسباب القوة لكلا الطرفين، والجمع بينهما في جسد واحد، أو تكوين مشترك.

لا يمتلك الفنان هنا هذا الدافع العقائدي بالطبع، غير أن المُخيلة البشرية متخمة بمثل هذه المراوحة والمزج الخيالي بين الأضداد. ولا يعدم الفنان الحيلة بلا شك في اختلاق أساطيره الخاصة، ووفقاً لها ينشىء ويستلهم كل هذه الكائنات الهجينة. في هذه الأعمال يستضيء الفنان بأفكاره الخيالية حول الطبيعة البشرية وفهمه الخاص للصراعات الإنسانية وأسبابها، كدافع لاختلاق كائناته الغامضة غير المرئية، هذه الكائنات التي تتجسد أمامنا على هيئة منحوتات خيالية.

مخيلة النحت

قد يمثل الولوج إلى مخيلة المصور أو المثّال أمراً عسيراً لدى البعض، فهي مساحة قد تكون ملتبسة أحياناً، غير أن مطالعة انعكاساتها المتجسدة في الأعمال قد يساعد في استجلاء ملامح هذه المخيلة. تطالعنا هنا أحصنة لها أشكال غرائبية، وأفيال مجنحة، ورجال في هيئة ساهمة ومترقبة، هكذا يفرض الفنان أسطورته الخاصة على معالجاته النحتية في مزيج من المتعة البصرية والخيال المبهج. الأعمال النحتية التي يعرضها كمال الفقي مصنوعة بخامة البرونز، وهي خامة معتادة في الممارسات النحتية التقليدية، وتتسم بالصلابة ولها ملمس ولون مميز، وغالباً ما يحتفظ الفنانون بهذه الميزات تاركين إياها من دون تدخل. غير أن الفنان كمال الفقي اختار أن يغير من مظهرها، فأضفى عليها طبقة براقة من طلاء النيكل، لإكسابها سمتاً معاصراً، فهي أعمال تنتمي إلى الحاضر، ولابد لها أن تكتسب سماته كما يقول.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كمال الفقي يمارس النحت، وله تجارب عدة في أعمال التجهيز في الفراغ، يوظف خلالها منحوتاته بخامات مختلفة. في هذه الأعمال لم يفقد الفنان ولعه بالتجهيز والتركيب، فبعض الأعمال المعروضة تجتمع في تكوينات ذات دلالة، وقد يتوزع العمل الواحد أحياناً على قطعتين منفصلتين. ما يميز منحوتات الفقي أنها تبدو راسخة تماماً، وهو يؤكد على إبراز هذا الجانب في أعماله.

فالأجساد دائماً ما تمتلك بنية قوية ومتناسقة، كأنها تتماهى مع الجاذبية الأرضية وتؤكد رضوخها واستسلامها لها. وهو ما يفسر معالجاته لأجساد الخيول على سبيل المثال، فهي مُعالجات تتجاوز الهيئة الشائعة لها في إبراز رشاقتها وتناسق أعضائها. فالخيول عند كمال الفقي تفتقد إلى هذه الرشاقة الكلاسيكية المعهودة، فهي خيول ذات قوام ممتلىء إلى حد التخمة أحياناً، لكنها في الوقت نفسه تمتلك الخفة اللازمة للتحليق والركض. غالباً يصاحب هذه الخيول أو الحيوانات كائن بشري في شراكة أو التحام وتداخل في ما بينهما، في سعي لاختلاق واقع مغاير.

تخرج كمال الفقي في قسم النحت بكلية الفنون الجميلة في القاهرة، وهو من مواليد عام 1984 . شارك الفقي في عديد من العروض المحلية والدولية، وحصل عن أعماله على عدد من الجوائز، بينها جائزة النحت في بينالي الإسكندرية 2014، وجائزة الدولة للإبداع الفني 2016 .

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة