حذر خبراء من أن حياة آلاف الأطفال معرضة للخطر بسبب طرد أسرهم من منازلها هذا الشتاء.
وجد بحث أجرته جمعية "شيلتر" (مأوى) الخيرية المعنية بقضايا الإسكان أن 126 ألف طفل هم من بين الأشخاص المشردين في إنجلترا الذين يتجاوز عددهم 274 ألفاً.
وحذرت المنظمة من "موجة متصاعدة" في عدد الأشخاص الذين يُطردون من منازلهم بعد انتهاء "الحظر" المؤقت على عمليات الإخلاء الذي فرضه وباء كورونا.
وفقاً للمتخصصين، ستؤدي زيادة التضخم وانخفاض المدخول وتخفيض أعداد المرشدين الصحيين إلى زيادة أعداد الأطفال الذين يدفعون ثمن أزمة التشرد.
وتقول جمعية شيلتر، إن واحداً من بين كل 206 أشخاص في إنجلترا يفتقد إلى وجود منزل.
والأعداد آخذة في الارتفاع، فوفقاً لحسابات المؤسسة الخيرية، هناك 10 آلاف أسرة إضافية فقدت منازلها هذا الصيف وتعيش في مساكن مؤقتة مقارنة بما كان عليه الحال قبل عامين، بزيادة قدرها 12 في المئة، رغم مخطط الحكومة الذي يحمل عنوان "مساكن للجميع" والهادف إلى ضمان عدم اضطرار أي شخص للنوم في ظروف صعبة أثناء الوباء.
قال دان باسكينز، مدير التأثير في فرع بريطانيا لمنظمة "سيف ذا تشيلدرن" (حماية الطفولة) الخيرية: "يجب ألا ينشأ أي طفل بلا مأوى، ويعد قضاء 126 ألف طفل في إنجلترا أعياد الميلاد من دون منزل أمراً مروعاً ... نعلم أن كثيراً من الأهالي يواجهون ارتفاعاً في فواتير الطاقة وأسعار الطعام والمواصلات، وينفقون المزيد على الضروريات التي يفرضها الشتاء مثل التدفئة والملابس الدافئة. كل هذا يؤدي إلى ضربة قاسية تتمثل في انخفاض الدخل وارتفاع التكاليف... لمسنا بالفعل معاناة الأسر الناجمة عن تخفيض المساعدات الحكومية 20 جنيهاً إسترلينياً في الأسبوع، وذلك بالتزامن مع عدم قدرة المجالس المحلية على دفع بدل إسكان يواكب ارتفاع الإيجارات".
بدورها قالت أليسون غارنهام، الرئيسة التنفيذية لجمعية "تشايلد بوفيرتي أكشن غروب" (مجموعة العمل ضد فقر الأطفال) الخيرية: "قد تصبح الصورة أكثر قتامة مع ارتفاع تكاليف المعيشة وتقليص المساعدات الحكومية... ستبقى صحة الأطفال وتعليمهم وفرصهم في الحياة معرضة للخطر إلى أن تتصدى الحكومة لفقر الأطفال وتستثمر في مساكن اجتماعية ميسورة التكلفة بالفعل".
تقول الحكومة، إنها تستثمر مليارات الجنيهات الإسترلينية في برامج مختلفة لمساعدة الناس على تأمين مسكن.
لكن سارة أوين، وزيرة شؤون التشرد في حكومة الظل قالت: "يجب أن تشعر الحكومة بالعار من الحقيقة المأساوية المتمثلة في افتقاد 126 ألف طفل لمكان يمكنهم اعتباره منزلاً في أعياد الميلاد هذا العام... نحن بحاجة إلى حلول طويلة الأمد لمعالجة آفة التشرد. سيسمح حزب العمال للمجتمعات المحلية ببناء المساكن المناسبة في الأماكن المناسبة وبأسعار يستطيع السكان المحليون تحملها".
على كل حال، قالت مونيكا لاخنبول، أستاذة الصحة المجتمعية المتكاملة للأطفال في كلية لندن الجامعية، إن الحل لا يتمثل فقط في بناء المزيد من المنازل.
شارحة لـ"اندبندنت": "يركز الناس على الإسكان، لكن التشرد أكبر من ذلك- إنه يشمل حياة الناس وصحتهم ورفاههم وقدرتهم على استئناف العمل مرة أخرى... كي نتمكن من انتشال الناس من التشرد، يجب أن يكونوا أصحاء وأن تعطى لهم الفرص".
وقالت، إن الناس لا يستطيعون التقدم للحصول على وظائف لافتقادهم لعنوان ثابت أو الاتصال بالإنترت السريع أو عن طريق شبكات الهاتف المحمول، ولذلك تستمر دورة التشرد.
وأضافت البروفيسورة لاخنبول، التي قدمت، أمام مجموعة برلمانية، أدلة حول آثار السكن المؤقت على الأطفال، أن الصغار قد يصابون بصدمات نفسية بسبب التنقل المتكرر الذي يؤثر أيضاً على صحتهم وعلاقاتهم مع أقرانهم ويؤدي إلى تراجع تحصيلهم الدراسي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
قالت: "كان لدينا العديد من المرشدين الصحيين الذين يذهبون إلى أماكن المبيت المؤقت والملاجئ لدعم العائلات التي لديها أطفال، لكن عددهم الآن أقل بكثير بعد التخفيضات".
في السابق، قالت هيئة الصحة العامة في ويلز، إن الأطفال الذين يعانون من "محنة كبيرة" مثل فقدان أسرتهم منزلها، هم عرضة للتشرد أكثر بست عشرة مرة عندما يصبحون بالغين.
وجدت جمعية شيلتر، أن واحداً من بين كل 53 شخصاً في لندن يعيش بلا مأوى. أما خارج العاصمة، فكانت النسبة الأعلى في منطقة لوتن، حيث يعتبر شخص من بين كل 66 مشرداً، بينما بلغ المعدل في برايتن وهوف واحداً من كل 78 شخصاً.
وقالت المنظمة الخيرية، إن شخصاً واحداً من بين كل 81 يعيشون بلا مأوى في مانشستر بالشمال.
وقالت بولي نيت، الرئيسة التنفيذية في الجمعية: "توقعنا أن يؤدي الوباء إلى موجة متصاعدة من عمليات الإخلاء، والآن بدأت خدماتنا تلمس ذلك على أرض الواقع. تنهمر علينا المكالمات الهاتفية من عائلات وأشخاص من جميع الأعمار ليس لديهم مأوى أو على وشك فقدان منازلهم".
تقول الحكومة، إن معالجة مشكلة التشرد هي "أولوية مطلقة"، وقد خصصت لها أكثر من ملياري جنيه إسترليني ستُنفق على مدار السنوات الثلاث المقبلة.
قال متحدث باسم وزارة التسوية والإسكان والمجتمعات: "إن معالجة مشكلة التشرد هي أولوية مطلقة للحكومة الحالية، ولهذا خصصنا تمويلاً بأكثر من ملياري جنيه إسترليني للسنوات الثلاث المقبلة... علاوة على ذلك، نقدم 375 مليون جنيه إسترليني هذا العام لمنع التشرد، وقد منحنا المجالس البلدية في إنجلترا 65 مليون جنيه إسترليني لدعم الأشخاص المتأخرين في دفع الإيجارات".
من جهته قال بيتر كيمب، أستاذ السياسة العامة في كلية بلافاتنيك الحكومية بجامعة أكسفورد، إن أحد الأشياء العملية التي يجب على الحكومة القيام بها هو حظر عمليات الإخلاء "من دون ذنب" في سوق الإيجارات الخاصة.
وقال لـ"اندبندنت": "لن يتطلب ذلك الأمر إنفاقاً إضافياً من الأموال العامة وقد يوفر بالفعل المال للسلطات المحلية، التي تتحمل مسؤولية إعادة إسكان العائلات المشردة التي "خسرت منازلها بشكل غير متعمد".
بالنسبة لعائلة توماس التي فقدت منزلها، فإنه يعيش وزوجته وأطفاله الصغار في مخزن حديقة ملجأ للطوارئ في إلفورد منذ طردهم عندما عجز توماس عن دفع إيجار المسكن الخاص.
قال الرجل: "أقول للأطفال، إن سانتا ما زال قادراً على الوصول إليهم في أعياد الميلاد هذه السنة... أحاول تحسين الأجواء من خلال وضع شجرة عيد ميلاد صغيرة على الرف وتزيين النافذة بالأضواء... أريد محاولة جعل الوضع طبيعياً قدر الإمكان لكنه مرهق ومحبط للغاية".
بالتزامن مع صدور تقرير جمعية شيلتر، قال رؤساء السلطات المحلية في مسح شمل المجالس البلدية في المقاطعات، إن البنية التحتية المحلية تتعرض لضغط "هائل" بسبب عمليات بناء المساكن.
قال جميع المشاركين، إن البنى التحتية لديهم واجهت ضغوطاً بسبب مشروع بناء جديد- ووصف 58 في المئة منهم الضغط بأنه "هائل".
وحذرت هيئة "شبكة مجالس المقاطعات" من الضغط المفروض على البنية التحتية المحلية، بسبب نقص تمويل الطرقات الجديدة والخدمات الصحية والمدارس التي ستلبي حاجة المساكن الجديدة من جهة، واتباع نظام مفكك للتخطيط في مناطق المقاطعات من جهة ثانية.
© The Independent