بعد أيام من إحداث العاصفة "أروين" فوضى عارمة في مختلف أنحاء المملكة المتحدة، ظل الناس يشعرون بآثار الطقس القاسي يوم الاثنين الماضي، مع استمرار انقطاع الكهرباء عن نحو 66 ألف منزل، وقذف مياه البحر جثث صغار الفقمة نحو الشواطئ الاسكتلندية.
وفي الوقت الذي تشهد فيه أنحاء من البلاد أكثر ليالي الموسم صقيعاً حتى الآن، بما فيها مقاطعة "كامبريا" التي سجلت درجة حرارة 8.7 درجات مئوية تحت الصفر، ناشدت جمعيات خيرية وسلطات صحية محلية الناس، تفقد جيرانهم وأقاربهم من المسنين.
في غضون ذلك، انكبّ آلاف المهندسين الذين أعاقهم الجليد في بعض الحالات، على محاولة إصلاح ما وصفتها "جمعية شبكات الطاقة الكهربائية"Energy Networks Association (ENA) بأنها أسوأ عملية تدمير لخطوط الكهرباء في بريطانيا منذ نحو 16 سنة.
واستطراداً، تمكنت الفرق الفنية من إعادة التيار الكهربائي إلى نحو 870 ألف منزل حتى الآن. في المقابل، أوضحت "جمعية شبكات الطاقة الكهربائية" أن مهندسيها ظلوا حتى بعد ظهر الاثنين الماضي يعثرون على "أعمدة كهرباء مقطوعة وأسلاك معطلة، وغيرها من الأعطال المعقدة"، بحيث إن 155 ألف عقار في جميع أنحاء المملكة المتحدة ما زالت محرومة من الطاقة.
في المقابل، تمكن جميع الزبائن الـ61 الذين علقوا في إحدى حانات شمال "يورك شاير" المعزولة بسبب تساقط الثلوج، من مغادرتها يوم الاثنين الماضي، باستثناء شخصين، بعد أن حاصرتهم العاصفة فيها 3 ليالٍ معاً، وكذلك سجلت درجات الحرارة في نزل "تان هيل إن" Tan Hill Inn (أعلى نزل في الجزر البريطانية، يقع ارتفاع 528 متراً فوق سطح البحر)، حيث حوصر هؤلاء في وقت متأخر من يوم الجمعة الماضي، انخفاضاً وبلغت 7.6 درجات تحت الصفر.
في الأثناء، قدم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عرضاً واضحاً في شأن مساعدة الناس في شمال شرقي اسكتلندا، حيث يعيش آلاف الأفراد ليلتهم الرابعة بلا كهرباء، على الرغم من ترؤس جون سويني نائب رئيسة وزراء اسكتلندا اجتماعاً طارئاً، للإشراف على جهود استعادة الطاقة وإعادة توصيل إمدادات المياه وإعادة خدمات الاتصالات إلى مختلف أنحاء البلاد.
ومساء الاثنين الماضي، وصف جونسون الوضع المناخي في اسكتلندا بأنه "من بين أكثر الأمور التي تبعث على القلق". وأشار إلى أنه "على الرغم من تحسن التوقعات، فإننا على أهبة الاستعداد لتقديم مزيد من المساعدة للحكومة الاسكتلندية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى بعد نحو 100 ميل (161 كيلومتراً) إلى الجنوب، تحديداً في محمية "سانت آبس هيد" St Abb’s Head الطبيعية في "بيرويك شاير"، حيث تكون حيوانات الفقمة في "ذروة موسم وضع صغارها"، يواصل الخبراء محاولات التصدي للضرر الكبير الذي ألحقته العاصفة بصغار الفقمة.
وفي حديث إلى شبكة "بي بي سي"، أشار أحد الحراس، ويدعى كياران هاتسيل، إلى "أن العاصفة التي ضربت المنطقة هائلة، ويعد هبوبها بهذا الشكل في هذا الوقت من السنة، أمراً شديد الصعوبة. إنني لم أَرَ من قبل حدثاً مماثلاً بهذا الحجم، يقع دفعة واحدة. ومن الصعب للغاية رؤية أكوام من جراء الفقمة النافقة في البحر، مجرد جثث تطفو على سطح الماء".
وأشار هاتسيل إلى أنه بحسب آخر إحصاء، فقد عثر على أكثر من ألفي جرو فقمة. وقدر أن 40 في المئة من تلك الحيوانات، أي ما يقارب 800 جرو، لم تتمكن من النجاة من العاصفة.
وأفادت شبكة "بي بي سي" بأنه فيما شهد العام الماضي تسجيل رقم قياسي لجراء الفقمة بأكثر من 1,800، فلم يكن هناك تجمع لهذه الحيوانات في المحمية قبل سنة 2007.
في سياق متصل، أفاد ستيوارت ماكسويل من "الإدارة الوطنية الاسكتلندية" National Trust for Scotland (NTS) (منظمة مهمتها حفظ البيئة والأماكن ذات الأهمية التاريخية)، أنه "ليس مستطاعاً التأكد من الحجم الكامل للخسارة حتى نتمكن من إجراء مسح في وقت لاحق من الأسبوع". وأوضح أن مؤسسته تتوقع أن تضطر إلى إنفاق كثير من مواردها الخيرية على إزالة الأشجار المتساقطة وغيرها من الحطام الذي تسببت به العاصفة.
وبالانتقال نزولاً على امتداد الساحل إلى بلدة "تاينموث" تحديداً، حيث أفيد عن أن طواقم قوارب النجاة ظلت تكافح على مدى 18 ساعة في مواجهتها أمواجاً بلغ ارتفاعها 6 أمتار، لإنقاذ 6 صيادين تعرضت سفينتهم لعطل في محركها على بعد نحو 70 ميلاً (113 كيلومتراً) في عرض البحر.
كذلك أكدت "المؤسسة الوطنية الملكية لقوارب النجاة" Royal National Lifeboat Institution (RNLI) أن عدداً من قواربها واجه في عطلة نهاية الأسبوع، "بعض أسوأ الظروف" التي سبق أن اعترضتها على الإطلاق.
وفي الوقت نفسه، حذرت "هيئة النقل في ويلز" Transport for Wales من أن خدمات السكك الحديد ستتأثر هذا الأسبوع، لأنه يجرى إصلاح قطارات مرت فوق مسارات مملوءة بالحطام.
على نحو مماثل، شهد شمال إنجلترا يوم الاثنين الماضي، انقطاعاً مستمراً لخدمات السكك الحديدية، مع إغلاق شركة "لندن نورث إيسترن رايلوي" London North Eastern Railway ، الخط الرئيس الذي تسلكه قطاراتها على الساحل الشرقي، بين "نيوكاسل" و"إدنبره"، طيلة ذاك اليوم.
يأتي ذلك بعد أن سجلت مدينة "بريدلينغتون" في شرق "يورك شاير"، مستويات كبيرة من الأمطار، بلغ معدل تساقطها 14.6 ملليمتراً خلال ليل الأحد الماضي.
وفي الوقت الذي كانت فيه ليلتا السبت والأحد الماضيتان من أكثر ليالي موسم الشتاء صقيعاً حتى الآن، تحدث أولي كلايدون من "مكتب الرصد الجوي" Meteorological Office، عن فترة قصيرة لالتقاط الأنفاس، بإعلانه أن درجات الحرارة الباردة "سيحل مكانها ارتفاع في درجات الحرارة" يوم الاثنين المقبل. وسيصبح الطقس في المملكة المتحدة بأكملها أكثر اعتدالاً. أما المناطق التي سيبقى فيها الهواء بارداً لأطول فترة، فستكون في جنوب شرقي المملكة المتحدة".
وتوقع كلايدون انخفاضاً آخر في درجات الحرارة بعد ليل الأربعاء المقبل، لكن لن يكون على الأرجح بالمعدل الذي انخفض فيه خلال عطلة نهاية الأسبوع. وأضاف، "ستظل (درجات الحرارة) أقل من الصفر، لكنها ستكون أقرب إلى -4 أو -5 مئوية".
في مسار مُوازٍ، حضّت منظمة "إيج يو كي" Age UK (مؤسسة خيرية تُعنى بالأشخاص المسنين)، الناس على مواصلة الحركة، والتأكد من حصولهم على لقاحات فصل الشتاء، فيما وجهت إليهم "خدمة الإسعاف في لندن" London Ambulance Service نداءً جاء فيه "يرجى تفقد الأسر والأصدقاء والجيران الذين قد يكونون عرضةً للخطر في هذا الطقس البارد".
ورأت المنظمة أخيراً أن "مجرد زيارتهم لتناول كوب من الشاي معهم، والتأكد من توافر مواد البقالة لديهم، وأنهم ينعمون بتدفئة على نحو جيد، [مجرد فعل ذلك] يمكن أن يحدث فارقاً كبيراً".
ساهمت وكالة "برس أسوسيشن" في إعداد محتوى هذا الموضوع
© The Independent