Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"قوى الحرية والتغيير" ترفض التفاوض مع الجيش

السلطات السودانية تقطع الإنترنت وتواصل استهداف الصحافييين

رفض تحالف "قوى الحرية والتغيير" المدني الرئيس في السودان إجراء أي مفاوضات مع الجيش الأربعاء 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وعبّر عن تمسكه بموقفه في أول مؤتمر صحافي يعقده منذ انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان.
وتلا الناطق باسم "قوى الحرية والتغيير "الواثق البرير، خلال المؤتمر بياناً جاء فيه أن التحالف الذي وقّع اتفاق تقاسم السلطة مع الجيش عام 2019 بعد إطاحة الرئيس السابق عمر البشير، يرفض الانقلاب ولم يعقد أي اجتماعات مع الجيش.
وقال التحالف إنه يدعم رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الذي يخضع حالياً للإقامة الجبرية، لكنه لم يلتقِ به. وأضاف أنه ينضم إلى رئيس الوزراء في المطالبة بالعودة إلى أوضاع ما قبل الانقلاب.
وقال متحدث آخر باسم التحالف، "لم نفضّ الشراكة... ويجب أن نعود إلى الوثيقة الدستورية"، مضيفاً أن الانقلاب حدث بعدما طرح المدنيون بعض القضايا الخلافية على الطاولة. وأردف أن "الانقلاب لا يمثل المؤسسة العسكرية"، مشيراً إلى أن "التحالف لن يقبل بعودة البرهان إلى منصب رئيس المجلس السيادي الذي كان يشغله قبل الانقلاب".

التضييق على الصحافيين

في موازاة ذلك، ما زال الصحافيون في السودان يعانون التضييق في عملهم أثناء تغطيتهم الأحداث المهمة، ومن المعلوم أن النظام السابق سقط بسبب العنف والترهيب اللذين كانت تمارسهما السلطات ضد المتظاهرين المطالبين بتحسين الأوضاع والصحافيين الذين ينقلون الأحداث إلى العالم والأطباء الذين يعالجون جرحى الاحتجاجات.

بعد سقوط النظام، كان الصحافيون من أكثر الفئات التي تنفست الصعداء، بسبب تخلصهم من الحكم الذي منعهم لأكثر من 30 عاماً من ممارسة حقهم في حرية الرأي بالنسبة إلى الكتّاب، ومن نقل الأحداث الحقيقية بالنسبة إلى الصحافيين.
ومن المعلوم أيضاً أن النظام كان يمارس في غرب السودان، تحديداً دارفور إبادة جماعية ويفتعل حروباً لا تهدأ راح ضحيتها آلاف المواطنين. والأمر ذاته تكرر في جنوب السودان قبل الانفصال، وصُدم الآلاف بل الملايين من عدم درايتهم بما يحدث في مناطق الحروب، لأن الإعلام كان مسيساً ويخدم جهات بعينها وتم إقصاء مئات الصحافيين من المشهد ومنعهم من العمل، بل وصل الأمر إلى اعتقالهم وتعذيبهم وتهديدهم باستمرار.
هذه صورة مبسطة لما حدث سابقاً، ولكن الأدهى أن يكون ما حدث يقع حالياً مع الصحافيين بعد ثورة أسقطت أبشع الأنظمة الحاكمة في المنطقة، إذ أكدت إحصاءات تم تداولها بين صحافيين أن هناك كثراً منهم تعرضوا للاعتقال ومصادرة أجهزتهم أثناء تغطيتهم للأحداث الأخيرة التي سقط إثرها 14 قتيلاً وأكثر من 100 جريح.

وقالت الصحافية ناهد إدريس لـ"اندبندنت عربية" إن "السودان شهد تراجعاً خطيراً في الفترة الماضية على المستوى العام والخاص في الحريات، فعقب الانقلاب مباشرة بدأت السلطات حملة شرسة ضد الأقلام والصحافة الحرة. ومن أبرز الأحداث التي حصلت للمرة الأولى في العالم اعتقال صحافي على الهواء مباشرة، وهو أحمد عبد القادر أثناء تحدثه عن الأوضاع في السودان، كما اعتُقل عدد من الصحافيين في مناصب سيادية، أبرزهم فيصل محمد صالح، وماهر أبو الجوخ، وفايز السليك، ومحمد الفكي الصحافي وعضو مجلس السيادة، وحمزة بلول".

وتعتبر إدريس أن "العودة الشرسة لمحاولة تكميم الأفواه في السودان تعكس مؤشراً خطيراً يؤكد أن النظام عاد بصورة قمعية أكبر، لأن الصحافة هي الصوت الوحيد الذي يعكس وضع الشارع السوداني، ومن الشاهد أن نضالات طويلة قادها الصحافيون طوال 30 عاماً عبر الكتابة الحرة على الرغم من المساحات الضيقة للحرية، ولكن عدداً كبيراً منهم ظل يقاتل ويكتب من خارج الوطن وداخله وتحملوا العبء الأكبر عبر النضال بالكلمة، وكان لهم السبق في ثورة ديسمبر (كانون الأول)، إذ هناك عدد مقدر منهم في مناصب قيادية، وهم يمثلون صوت المواطن والشعب في حق الحرية والتعبير".

وتشير إدريس إلى أن "السودان شهد حملات قمع واسعة للناشطين السياسيين على الأرض وهناك تهديدات حتى لنظرائهم في الخارج، حيث شهدت مدينة أم درمان وبحري وحي بري اعتقالات لعدد كبير من الناشطين، ونظراً إلى انقطاع الإنترنت لم نستطِع الحصر، وهناك اعتقالات في صفوف المعلمين والأساتذة والعدد أيضاً غير محصور وهذه عودة إلى الترهيب والقمع بصورة أكثر بطشاً وهي المعاناة ذاتها التي عاناها الشعب السوداني طوال الأعوام الـ30 السابقة".

وعن مكتسبات ثورة ديسمبر، تعتقد إدريس أنها تتمثل في "مزيد من الحريات، فهي أحد شعارات الثورة (حرية وسلام وعدالة)، وخرج الشعب السوداني بمختلف قطاعاته مطالباً بتحقيقها. الآن مع عودة هذا النظام، بدأنا نفقدها وهي واحدة من المشكلات التي تعانيها دول العالم الثالث بصفة عامة والسودان بخاصة".
وتطمح إدريس أن "يتضامن الصحافيون والمنظمات الحقوقية في كل أنحاء العالم مع نظرائهم المعتقلين في السودان عبر وقفات ضد القمع والتدخل السافر في الحريات وسلب مكتسبات جاءت بدماء الشهداء"، مؤكدة "ضرورة عودة الحكم المدني"، ومشيرة إلى أن "الحملة ستكون شرسة على الإعلام أيضاً لأن الأصوات الحرة هي التي بادرت برفض الانقلاب على الحكم المدني والمناداة بضرورة الانتقال الديمقراطي وتهيأ السودان للانتخابات. لذلك سيشهد القطاع الصحافي انتهاكات واسعة وحملة شرسة لإسكات الأصوات يبدو أنها بدأت فعلياً باستدعاء أحمد يونس، مراسل الشرق الأوسط في البلاد، وإعفاء حسام الدين حيدر من منصبه كأمين لمجلس الصحافة والمطبوعات".
الجدير بالذكر، أن السودان سابقاً احتل مرتبة متأخرة وصلت به إلى المركز 159 من مجمل دول العالم في مؤشر حرية الصحافة، وفقاً لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، وطالبت إدريس بضرورة "حماية الصحافيين ومنح مزيد من الحريات للمواطن السوداني بصفة عامة، التي يبدو أن مكتسبات الثورة بشأنها ستشهد تدهوراً سريعاً. وهي مؤشر إلى سلب الحريات بصورة عامة، فهي تقييد لحرية المواطن والرأي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المعلمون على خط الأزمة

لم يكُن الصحافيون هم المتضررون فقط من الأحداث الأخيرة، إذ تعرضت مجموعة من المعلمين لتفريق وقفتهم الاحتجاجية بالغاز المسيل للدموع، وفقاً للجنة المعلمين التي أكدت في بيان لها، أن "القوات الأمنية فرقت وقفة احتجاجية لهم أمام وزارة التعليم بقنابل الغاز المسيل للدموع واعتقلت خمسة منهم".
وأضافت اللجنة، "نفذت لجنة المعلمين وقفة احتجاجية، أمس الأول الأحد، أمام وزارة التربية والتعليم في الخرطوم، رفضاً للانقلاب واحتجاجاً على تعيين منسوبي النظام البائد بهياكل إدارات الوزارة والمحليات والمدارس".

وأكدت مصادر، أمس، اعتقال 36 من المعلمين الذين شاركوا في الوقفة الاحتجاجية، بينهم معلمة تعرضت للإجهاض أثناء عملية الاعتقال. وقالت الناشطة الحقوقية ميادة الهادي، إن "ما حدث يعبر عن حجم المأساة في السودان، التي يتم حجبها عن العالم عبر قطع الإنترنت حتى لا يتم تداول الفيديوهات والصور التي تعكس واقعاً أكثر بؤساً وبطشاً، وأكبر مثال تعرض المعلمة التي وقفت للمطالبة بحقوقها للعنف ما أدى إلى إجهاضها، وبرفقتها عدد كبير من المعلمين الذين عوملوا بالعنف ذاته. وهذا الأمر يعكس سوء نية النظام الذي يريد ممارسة مزيد من البطش والتنكيل".
وتابعت الهادي أن "ما يحدث في الشارع من خروج المواكب والتظاهرات يعبر عن الوضع الطبيعي، لأن من المعلوم أن ثورة ديسمبر كان هدفها الأول التأسيس لحكم مدني وهذا الانقلاب يخالف أحلام الشعب، واعتقال المتظاهرين وتعذيبهم ومنعهم من ممارسة حريتهم في حق التظاهر والتعبير تجعل الجهات المتورطة في ذلك عرضة للملاحقة القانونية مهما كانت مناصبهم الحالية، فكلنا نعلم أن المناصب والحصانات التي تمتع بها مسؤولو النظام السابق لم تمنع القانون من أخذ مجراه وتوجيه اتهامات إليهم وإدخالهم السجون".

لجان المقاومة

وشكلت لجان المقاومة درعاً قوية قامت عليه الثورة، بحيث نظمت اللجان التظاهرات السلمية للمطالبة بإسقاط نظام البشير ومواصلة حراسة الثورة حتى اللحظة. ويتعرض عدد كبير من أعضائها إلى الاختطاف والاعتقال والتعذيب من جهات غير معلومة لإضعاف الثورة وتكميم أفواه الأصوات المتبقية في الشارع.

في هذا السياق اعتبر (م)، من لجان المقاومة أن "الثورة محروسة والنضال متواصل. على الرغم من قطع الإنترنت وتكميم الأفواه، نستطيع إسقاط من يقف في طريقنا وحلمنا بتأسيس دولة مدنية".

قطع الإنترنت

ولأن مواقع التواصل الاجتماعي أسهمت في نجاح الثورات الشعبية، قطعت الحكومة الإنترنت في السودان منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لإضعاف الثورة. ولكن تم رفع بلاغات لحماية المستهلك بضرورة عودة الإنترنت. وفي هذا السياق، يرى محمد عيسى في قطاع الاتصالات أن "قطع الإنترنت خطوة للحفاظ على البلاد لعدم إثارة الفتن، خصوصاً أن مستخدمي السوشيال ميديا يروجون لاقتلاع اللافتات في الشوارع وتخريبها وإغلاق الطرق وهذا لا يصب في مصلحة البلاد على الرغم من أنهم يقولون، إنهم حريصون عليها ولكن الواقع مختلف تماماً ونتلقى يومياً مئات المطالبات بعودة الإنترنت، ولكن حتى في ظل الأوضاع الطبيعية، يتم استدعاء الذين يروجون للفتن في مواقع التواصل الاجتماعي. لذلك من الطبيعي قطع الإنترنت بصورة جماعية لمنع الفتن الجماعية".

المزيد من تقارير