Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السعودية تطلق حملة وطنية للبحث عن النقوش الصخرية

سجلت هيئة التراث أكثر من 3000 نقش في السجل الوطني للآثار

تنتشر في السعودية آلاف النقوش والفنون الصخرية التي تؤكد العمق التاريخي للجزيرة العربية (واس)

تُعد أرض الجزيرة العربية التي تستحوذ السعودية على 70 في المئة من مساحتها الإجمالية موطناً للعديد من الحضارات الإنسانية التي تعاقبت على أرضها. وتنتشر في البلاد آلاف النقوش والفنون الصخرية التي تؤكد العمق التاريخي للجزيرة العربية، بوصفها موطناً لحضارات إنسانية عدة متعاقبة منذ سنوات ما قبل الميلاد وما بعده، حتى العصر الإسلامي، حيث تعاقبت الهجرات إلى الجزيرة العربية، تارةً منها بسبب الجفاف، وتارةً أخرى إليها بعد ازدهارها. وتركت تلك الهجرات خلفها مجموعة آثار بقيت حتى العصر الحالي، منها مبانٍ، ونقوش صخرية، وكتابات، وسدود، وأسوار، ومقابر وخلافها من آثار ظلت ثابتة في مواجهة عوامل التعرية الطبيعية، كشاهد على تلك الحضارات، منها ما تم اكتشافه وتسجيله في السجل الوطني للآثار التابع لهيئة التراث السعودية، ويزيد على 3000، ومنها لم يُكتشَف بعد.

المبادرة

وتسعى هيئة التراث إلى اكتشاف أعداد أكبر من الفنون الصخرية والنقوش الكتابية، إذ أعلن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، رئيس مجلس إدارة هيئة التراث أخيراً، عن إطلاق مبادرة وطنية لاستكشاف النقوش والفنون الصخرية الموجودة في مختلف المناطق السعودية، تنظمها وتشرف عليها هيئة التراث، وتشارك فيها كل الشرائح الاجتماعية، تحت عنوان "نقوش السعودية". وأضاف أن المبادرة تهدف إلى تسليط الضوء على النقوش والمنحوتات الصخرية حول البلاد بمساعدة المواطنين والمقيمين في عموم المناطق، والعمل على تسجيلها وتوثيقها في سجلاتها، مع ما يرتبط بذلك من دراسات وأبحاث علمية حول عمر هذه الاكتشافات الأثرية ومعانيها ودلالاتها التاريخية.
وتُعد مبادرة "نقوش السعودية" الأولى من نوعها في البلاد، من حيث إشراكها أفراد المجتمع المحلي ودعوتهم إلى الإسهام في اكتشاف الثروة الوطنية التراثية المتمثلة في الفنون الصخرية، والنقوش الكتابية، التي تزخر بها جبال وأودية وصحاري السعودية.
 


ربط الاكتشافات بأسماء مكتشفيها

وتقدم "هيئة التراث" من خلال المبادرة محفزات للمواطنين والمقيمين الذين سيشاركون في الفعالية ويصنعون أثراً واضحاً باكتشافاتهم المهمة، من بينها توثيق الاكتشافات وربطها بأسمائهم في منصات المبادرة وترويجها إعلامياً. كما تتضمن المبادرة تفعيلاً لأنشطة متنوعة مرتبطة بالنقوش والفنون الصخرية، تشمل ألغازاً ثقافية ومسابقات ورحلات إلى أبرز المواقع المكتشفة بمشاركة الخبراء والمهتمين بالآثار والتراث، وذلك لتعزيز حضور هذه الآثار الثمينة في المجتمع وتأكيد قيمتها الحضارية العالية.


أقدم وجود بشري

وتأتي المبادرة بعد ما يزيد على عام على إعلان الرياض اكتشاف أقدم وجود بشري في الجزيرة العربية، ويعود تاريخه إلى أكثر من 120 ألف سنة في محافظة تيماء على أطراف منطقة تبوك الواقعة في الشمال الغربي للبلاد.
وأوضحت الهيئة أن نتائج المسح الأثري تشير إلى أن الآثار المكتشفة تعود لسبعة أشخاص وبعض الجِمال، بواقع 107 طبعات أثر، وأكثر من 40 طبعة لفيلة، وأخرى لحيوانات من فصائل الوعول والبقريات، إضافة إلى اكتشاف 233 أحفورة لبقايا عظام تعود لحيواني الفيل والمها، وبعض آثار الأنياب التي تؤكد وجود حيوانات مفترسة.
كما أعلنت الهيئة أن فرقها عثرت ضمن أعمال المسح في تيماء على نقشٍ ثانٍ للملك البابلي نابونيد الذي حكم منطقة بابل خلال الفترة من 555-539 قبل الميلاد.
وقال رئيس هيئة التراث، جاسر الحربش "إن فرق البحث والتنقيب في المملكة عثرت قبل شهرين على النقش الثاني للملك البابلي نابونيد"، كاشفاً عن "نقش مسماري يخضع حالياً للمعالجة والتفسير، ما سيفتح مساراً أصيلاً وآفاقاً للتعاون الحضاري بين المملكة والعراق خلال الفترة المقبلة"، بحسب وكالة الأنباء السعودية "واس".
وبيَّن الحربش أن "تيماء كانت على مر العصور مركزاً تجارياً واقتصادياً ونقطة التقاء للطرق التجارية القديمة، ونظير وفرة المياه وخصوبة التربة واعتدال المناخ كانت مقصداً تعاقبت عليها الحضارات القديمة منذ العصور الحجرية الحديثة (من الألف العاشر وحتى نهاية الألف الرابع قبل الميلاد)، مروراً بالعصر البرونزي (الألف الثالث قبل الميلاد) ثم العصر الحديدي (الألف الثاني قبل الميلاد)، وهو العصر الذي ازدهرت فيه تيماء حتى أصبحت واحدةً من أهم المدن في شمال الجزيرة العربية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح الحربش أن فرق البحث بهيئة التراث عثرت في وقت سابق على نقش مسماري في "الحيط" بمنطقة حائل يرجع إلى فترة الملك نابونيد، وهو المكان الذي عُرف في العصور القديمة باسم "فدك" ولا تزال بقايا القلاع والفنون الصخرية والمنشآت المائية شواهد حاضرة، تكمن قيمتها التاريخية للحقبة من الألفية الأولى قبل الميلاد حتى أوائل العصر الإسلامي.

العلا تضم 450 نقشاً صخرياً

ويؤكد ما تم اكتشافه عن أول ظهور بشري وحضارات قديمة في شمال البلاد، ما تحتويه منطقة العلا التي تقع على مسافة 300 كيلومتر من المدينة المنوّرة، في الشمال الغربي للسعودية، من مواقع ثقافية قديمة يعود تاريخها إلى آلاف السنين، إلى عهد الحضارتين الديدانيّة واللحيانيّة.
وتُعتبر "مدائن صالح" بمثابة الموقع الأكثر شهرة في محافظة العُلا، وهي أول موقع سعودي تم تسجيله في قائمة التراث العالمي لليونسكو. وتمتد مدائن صالح على مساحة 52 هكتاراً، وكانت بمثابة المدينة الجنوبية الرئيسة من مملكة الأنباط، وتتكون من أكثر من 100 مدفنٍ محفوظة بشكل جيد، مع واجهات متقنة تم اقتطاعها من نتوءات الحجر الرملي، المحيطة بالمستوطنة الحضرية المسوّرة. وتشير الدراسات الحديثة إلى اعتبار مدائن صالح أقصى المواقع الجنوبية في الإمبراطورية الرومانية.
وبالإضافة إلى مدائن صالح، تعتبر العُلا موطناً لسلسلة من المواقع التاريخية والأثرية الرائعة مثل الخُريّبة (دادان قديماً)، عاصمة المملكتين الديدانية واللحيانية، التي تُعتبر اليوم واحدة من أكثر المدن تطوراً خلال الألفية الأولى قبل الميلاد ضمن شبه الجزيرة العربية، وآلاف الأمثلة عن الفنون الصخرية والنقوش القديمة، علاوةً على محطات سكة حديد الحجاز. وتحتوي العلا على مئات النقوش الأثرية التي يعود تاريخها إلى الحضارات الصفوية والآرامية والثمودية والمعينية والإغريقية واللاتينية.
أما جبل الأقرع ففيه ما يزيد على 450 نقشاً عربياً، بينما يُعدُّ جبل عكمة واحداً من أكبر المكتبات المفتوحة في المملكة التي تحتوي على كتابات ونقوش أثرية هي الأهم، حيث يوجد به نقوش ورسوم تعود إلى الحضارتين الديدانية واللحيانية.


نجران متحف النقوش الصخرية

ولا تتوقف الاكتشافات الأثرية في شمال البلاد، ففي جنوبها وتحديداً منطقة نجران التي تُعد من أكبر المتاحف المفتوحة للنقوش الأثرية الصخرية، خصوصاً أنها مرت بالعديد من الحضارات التي وضعتها على لائحة أهم المدن التي تزخر بالآثار والنقوش التاريخية. ويصل عدد المواقع الأثرية في المنطقة إلى أكثر من 100 موقع بحسب هيئة التراث السعودي.
وتتمتع المنطقة بوجود آثار ومواقع مهمة تعود للفترات البيزنطية والأموية والعباسية. ويُعتبر موقع "حمى الأثرية" أكبر مساحة للنقوش الصخرية في البلاد، ويقع إلى الشمال من نجران بنحو 130 كيلومتراً. ويحتضن أماكن أثرية عدة كجبل "صيدح" وجبل "حمى" وموقع "عان جمل" و"شسعا" و"الكوكب"، الثرية بالنقوش والرسوم التي كانت بمثابة أولى محاولات الإنسان لكتابة الأبجدية القديمة.

المزيد من منوعات