Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تقارب تونسي - جزائري قد يثير حفيظة المغرب

امتنعت الأولى عن التصويت على قرار مجلس الأمن بشأن التمديد لبعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية

الرئيس التونسي قيس سعيد خلال استقباله وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في أغسطس الماضي (أ ف ب)

يبدو أن تواتر الزيارات الرسمية بين مسؤولي تونس والجزائر، وتقارب المواقف بين الرئيسين قيس سعيد وعبد المجيد تبون، أدى إلى امتناع تونس عن التصويت على قرار مجلس الأمن بشأن التمديد لبعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية. وفيما نظر إلى الامتناع على أنه قرار لا بد منه من قبل تونس نظراً لأزماتها السياسية والاقتصادية، رأى آخرون أنه انحياز للجزائر على حساب المغرب، في سابقة بتاريخ الدبلوماسية التونسية. لكن الرئاسة التونسية نفت ذلك، مؤكدة أنها تلتزم "الحياد الإيجابي" تجاه قضية الصحراء الغربية.

قدر محتوم 

يقول المحلل السياسي التونسي مراد علالة، إن "تنمية العلاقات الثنائية وتنقيتها من الشوائب والحرص على تحقيق المصلحة المشتركة هي من البديهيات في العلاقات بين الدول، على الرغم من إكراهات التاريخ والجغرافيا في العديد من الأحيان. فما بالك عندما يتعلق الأمر بدولتين وشعبين شقيقين متجاورين في الأرض ومشتركين في الماضي والحاضر والحضارة والثقافة والدين واللغة والتضاريس والأمن الاستراتيجي والمنفعة الاقتصادية وغيرها. هو قدر محتوم ومستقبل مرسوم للجزائر وتونس".

ويوضح أن "التطور الدراماتيكي في علاقة المغرب والجزائر، يمكن أن يخدم التقارب التونسي الجزائري لمصلحة الشعبين والدولتين وأن تكون لهذا التقارب تداعيات إيجابية ومكاسب أمنية واقتصادية واجتماعية بالجملة على الجوار، نظراً لوجود شبه توافق على ضرورة إنجاح العملية السياسية في ليبيا ومد جسور التواصل عبرها مع مصر بوابة المشرق العربي".

ويؤكد علالة أنه "بمقدور تونس بما تملكه من تقاليد دبلوماسية هادئة أن تساعد على تغليب منطق ضبط النفس في منطقة المغرب العربي، وقطع الطريق أمام أي تصعيد لن يخدم في النهاية أحداً".

ويرجح أن "يتقبل المحيط الإقليمي والدولي هذا التقارب كونه سيساعد في تثبيت استقرار ولو هش، بخاصة أن الفضاء المغاربي يكتسي أهمية استراتيجية بالغة بحكم ربطه بين أكثر من فضاء جغرافي وسياسي".

من جانبه، يرى الصحافي الجزائري عثمان اللحياني، في تصريح خاص، أنه "لا يمكن أن نتحدث عن تقارب سياسي تونسي - جزائري... لأنه لم تحدث أي أزمات سابقة".

ووفق اللحياني، فإن هذا التقارب "هو محصلة لمحطات تاريخية وسياسية واجتماعية تصب دائماً في مصلحة البلدين"، موضحاً أنه "نادراً ما سُجل تباين في المواقف بين تونس والجزائر، وبالتالي هذا التقارب ليس وليد اليوم، بل نتيجة سياقات وظروف تاريخية وسياسية جمعت البلدين". 

ويضيف "في الأزمة الليبية مثلاً، التي أثرت على البلدين، كانت مصلحتهما تتمثل في الاستقرار". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير اللحياني إلى "الجانب الاجتماعي، وتحديداً التدفق بين حدود البلدين باستثناء السنتين الأخيرتين بسبب كورونا"، قائلاً إن "حوالى مليوني جزائري يدخلون تونس سنوياً، وحوالى ربع مليون يأتون للعلاج فيها، إضافة إلى الدعم الاقتصادي الذي تجده تونس من الجزائر".

وعن العلاقة بالمغرب، يقول إن "موقف تونس دائماً كان محايداً فيما يخص أزمة الصحراء الغربية... وقرار الامتناع لم يغضب لا الجزائر ولا المغرب بالمعنى الرسمي". 

ويوضح أن "المغرب والجزائر تفهمان جيداً موقف تونس، ولا أعتقد أنهما تضغطان عليها، بخاصة في ظل ظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحالية".

يذكر أن مستشار الرئيس التونسي وليد الحجام، أكد في تصريح لوكالة "تونس أفريقيا" تمسك بلاده "بعلاقاتها الأخوية والتاريخية المتميزة مع كل الدول المغاربية… ومبدأ الحياد الإيجابي في تعاطيها مع ملف الصحراء الغربية". 

نوع من المرارة 

في المقابل، يرى محمد نشطاوي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاضي عياض بمراكش المغربية، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "تصويت تونس بالامتناع خلف نوعاً من المرارة لدى الشعب المغربي"، مشيراً إلى وجود "نوع من الهيمنة التي تمارسها الجزائر على تونس فيما يتعلق بظروفها الداخلية".

ويضيف "هناك تلميحات إما مبطنة أو صريحة تخص الشأن الداخلي لتونس تصدر عن السلطات الجزائرية".

ويؤكد نشطاوي أن "المغرب يعي جيداً مدى هشاشة موقف تونس فيما يتعلق بعلاقتها بالجزائر"، متمنياً أن "تعي تونس جيداً الدور الذي تلعبه، لأن الامتناع لا يعني الحياد، بل موقف يجب أن يكون له ما يبرره حتى لا تتأثر علاقتها بالمغرب"، على الرغم من العلاقة "الوطيدة والتاريخية" بينهما.

وكان تبون أكد منذ شهر أن ما يمس تونس يمس الجزائر، مشدداً على أن بلاده لا تتدخل أبداً في شؤونها الداخلية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير