في ظل ما يشهده السودان من اضطرابات، أبدت إثيوبيا استعدادها لاستئناف المفاوضات الثلاثية حول سد النهضة، وربطت ذلك بدعوة الاتحاد الأفريقي للانعقاد.
وقال المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإثيوبية السفير دينا مفتي خلال مؤتمر صحافي، الخميس، إن أديس أبابا مستعدة لاستئناف المفاوضات الثلاثية، مشيراً إلى أن "وجود السودان فيها أمر مهم، لكننا في نهاية الأمر نلتزم ما تقرره قيادة الاتحاد بشأن ذلك".
وكان الاتحاد الأفريقي قد اتخذ قراراً، الأربعاء، بتجميد عضوية السودان في جميع أنشطته كرد فعل على الانقلاب العسكري على السلطة، الاثنين الماضي، مؤكداً أن القرار سيظل ساري المفعول حتى عودة السلطة الانتقالية إلى المدنيين.
كما قرر الاتحاد إيفاد بعثة تشاورية إلى السودان، لإجراء حوار مع الأطراف المعنية وإيجاد حل توافقي للمأزق السياسي.
مجلس الأمن
توقفت المفاوضات بين إثيوبيا ومصر والسودان منذ فشل الجولة الأخيرة المنعقدة في كنشاسا، عاصمة الكونغو الديمقراطية، في أبريل (نيسان) الماضي.
وتطالب مصر والسودان بإبرام صيغة قانونية ملزمة تؤمن مخاوفهما تجاه حقوقهما التاريخية في مياه النيل، متهمين إثيوبيا بتبني نوايا انفرادية للتحكم في مجرى النيل.
وكان مجلس الأمن الدولي حث، في سبتمبر (أيلول) الماضي، الدول الثلاث على استئناف مفاوضات سد النهضة برعاية الاتحاد الأفريقي، مؤيداً مشاركة مراقبين لدعم المحادثات، وتسهيل حل المسائل الفنية والقانونية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتُعد توصيات مجلس الأمن، التي وجدت قبولاً من طرفي المصب وتحفظاً من إثيوبيا، ضمن آخر المستجدات في فصول قضية سد النهضة بعد فشل وساطات كل من الولايات المتحدة الأميركية وجنوب أفريقيا، إلى حين رسو الوساطة الحالية لدولة الكونغو الديمقراطية عبر الإشراف الجديد للرئيس الكونغولي فليكس أنطوان تشيسيكيدي تشيلومبو (رئيس الاتحاد الأفريقي) على المفاوضات المرتقبة.
وكانت إثيوبيا قد أبدت في بداية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي رغبة في تأجيل عقد المفاوضات الثلاثية إلى ما بعد نتيجة الانتخابات البرلمانية التي جرت في يونيو (حزيران) الماضي.
وكشف رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، إبان زيارته الأخيرة للقاهرة أنه "تلقى وعداً من إثيوبيا باستمرار المفاوضات حول سد النهضة بعد تشكيل الحكومة الجديدة في أكتوبر".
نيل الحقوق القومية
يقول صلاح الدين عبد الرحمن الدومة، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أم درمان الإسلامية، إن "ظروف أي من البلدان الثلاثة لها انعكاسها في مجريات المفاوضات أو ما ترمي له الدول من نتائج مطلوبة".
ويضيف "لكن من الواضح في مسألة مفاوضات سد النهضة، أن ما يحصل في السودان لن يكون له تأثير على قسمة المياه وما يراه طرفا المصب من حقوق واضحة فيها".
ويشير إلى أن "أي انعكاسات سواء عبر ضغوط أو إملاءات على السودان تؤثر على ملف المياه، تتأثر بها مصر بحكم الواقع الجغرافي والسياسي، وهذا يجعلها أكثر حيطة في الوقوف إلى جانب السودان حتى الخروج من أزمته".
وعن قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي تجميد عضوية السودان، يقول الصحافي السوداني محمد الشيخ حسين "لم تكن قرارات الاتحاد الأفريقي ذات جدوى في كثير من الظروف السياسية التي مرت بها بعض البلدان، بخاصة في ظل ما يصدره مجلس السلم والأمن الأفريقي من قرارات ضربت بها كثير من الدول عرض الحائط، بذريعة خصوصيات الشعوب والحكومات التي لا يدركها الاتحاد الأفريقي".
ويضيف "لايستطيع الاتحاد الأفريقي حرمان دولة من حقوق سيادية، وهو الذي لم ينجح حتى الآن في إيجاد حل لقضية سد النهضة عبر إشرافه الذي استمر سنوات عدة".
وتوقع أن تستأنف المفاوضات عند "تولي الحكومة المدنية المقبلة التي وعد بتشكيلها وزير الدفاع عبد الفتاح البرهان، إذ سيتوقف أي تطور في قضية سد النهضة طالما أن السودان لا يشارك بشكل كامل".