Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سد النهضة والتوتر في الضفة يخيمان على لقاء السيسي ومستشار بايدن

تأتي زيارة جيك سوليفان إلى مصر بعد إغلاق إثيوبيا سفارتها في القاهرة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مستقبلاً الوفد الأميركي (حساب المتحدث باسم الرئاسة المصرية على "فيسبوك")

زار مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، القاهرة، الأربعاء 29 سبتمبر (أيلول) الحالي، في إطار جولة للمنطقة شملت السعودية والإمارات لبحث ملفَّي اليمن وإيران. فيما ترتبط زيارة المسؤول الأميركي رفيع المستوى إلى مصر بعدد من الملفات الإقليمية العالقة، بما في ذلك الانتخابات المقررة في ليبيا في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وتجدد التوتر بين إسرائيل وحركة "حماس" في قطاع غزة، فضلاً عن ملف الأمن الأفريقي.

ووفقاً لبيان صدر عن البيت الأبيض، فإن سوليفان يزور القاهرة برفقة منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك. وناقش المجتمعون دعم الانتخابات الليبية والأمن الإقليمي، بما في ذلك في القرن الأفريقي.

وتتزامن زيارة سوليفان مع إعلان مفاجئ من السفير الإثيوبي ماركوس تكلي غلق سفارة بلاده في القاهرة، مشيراً إلى "أسباب تتعلق بالوضع الاقتصادي في بلاده"، ما أثار تكهنات بشأن قطع إثيوبيا علاقتها الدبلوماسية مع مصر ودخول مفاوضات سد النهضة المتعثرة في الجمود.

سد النهضة

لم يتضح من بيان البيت الأبيض إذا كانت قضية سد النهضة تمثّل عنصراً رئيساً في محادثات سوليفان مع الجانب المصري، غير أنه ذكر أمن القرن الأفريقي، فيما تشغل قضية سد النهضة الولايات المتحدة بشكل كبير، خصوصاً ما يتعلق بالحرب في إقليم تيغراي الإثيوبي والتوترات بين أديس أبابا والسودان. وتعتبر إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن النزاع بشأن السد نقطة اشتعال محتملة، لكنها تفضل الجلوس في المقعد الخلفي للاتحاد الأفريقي في المفاوضات الجارية بين الدول الثلاث المعنيّة.

ووفقاً لبيان صادر عن رئاسة الجمهورية المصرية، فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي ناقش مع سوليفان مستجدات قضية سد النهضة، في ضوء صدور البيان الرئاسي الأخير لمجلس الأمن وما تضمنه من ضرورة امتثال الأطراف للتوصل إلى اتفاق بشأن ملء السد وتشغيله، ويكون ملزماً قانوناً خلال فترة وجيزة على نحو يحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف. وأكد السيسي الالتزام الذي أبدته بلاده تجاه مسار المفاوضات، داعياً المجتمع الدولي إلى القيام بدور مؤثر لحل تلك القضية البالغة الأهمية، على اعتبار أن مصر لن تقبل الإضرار بمصالحها المائية أو المساس بها.

وجدد سوليفان التزام الإدارة الأميركية بذل الجهود من أجل ضمان الأمن المائي المصري، وذلك على نحو يحفظ الحقوق المائية والتنموية للأطراف كافة.

ويلاحظ صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق ونائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، اهتماماً بما يجري في القرن الأفريقي وحدود السودان، وبالطبع قضية سد النهضة. ويشير إلى أن الحديث عن قضية سد النهضة سيشمل التطورات الحالية وما نص عليه البيان الرئاسي لمجلس الأمن، الذي صدر في وقت سابق من سبتمبر الحالي ويدعو إلى التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن ملء السد وتشغيله. وهي نقطة الخلاف الرئيسة بين إثيوبيا ومصر والسودان.

ويستبعد حليمة أن تكون هناك أبعاد خفية وراء غلق أديس أبابا سفارتها في القاهرة. ويشير إلى أنه بناء على معلومات شبه مؤكدة، فإن الأوضاع الاقتصادية في إثيوبيا تزداد تدهوراً، فضلاً عن الأوضاع السياسية المتأزمة. ويضيف أن هذه الأخيرة أغلقت سابقاً سفارتها في إيرلندا وستقفل سفارات في دول أخرى.

صراع تيغراي

وسوليفان هو منتقد لاذع لحكومة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، جراء ما يشهده إقليم تيغراي من أزمة إنسانية طاحنة. وكان أول مسؤول رفيع في إدارة الرئيس بايدن يتحدث عن جرائم حرب في الإقليم، إذ غرّد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، قبل تولّي الإدارة الحالية مهماته بشكل رسمي، مشيراً إلى العنف الذي ترتكبه القوات الحكومية التابعة لأحمد ضد المدنيين في تيغراي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكتب على "تويتر" ، "أشعر بقلق بالغ بشأن مخاطر العنف ضد المدنيين، بما في ذلك جرائم الحرب المحتملة، في القتال حول ميكيلي (عاصمة تيغراي) في إثيوبيا. يجب حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وعلى الجانبين بدء الحوار الذي ييسّره الاتحاد الأفريقي". على الرغم من كونها موجزة، إلا أن تغريدة سوليفان أثارت فضول المراقبين الدوليين وقتها، واعتبروها لمحة عن لهجة السياسة الخارجية الجديدة التي اعتمدتها إدارة بايدن.

ويشن الجيش الإثيوبي منذ مطلع نوفمبر، عمليات عسكرية واسعة النطاق في الإقليم، إذ اندلع صدام بين حكومة أحمد وقوات جبهة تحرير شعب تيغراي، وهي السلطة الحاكمة في الإقليم، بعد هجوم نفّذته الجبهة على قاعدة رئيسة لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية في الإقليم، أسفرت عن مقتل جنود منها  ومحاولة نهب المدفعية الثقيلة والأسلحة، بحسب الرواية الحكومية.

وأصبحت إدارة بايدن محبطة بشكل متزايد من تعامل أحمد مع الأزمة بعد أشهر من المحادثات الدبلوماسية رفيعة المستوى. وفي وقت سابق من سبتمبر الحالي، وقّع الرئيس الأميركي أمراً تنفيذياً لفرض عقوبات بحق مسؤولين إثيوبيين بينهم رئيس الوزراء، إذا لم تتراجع الأطراف المتورطة في العنف عن القتال. وتشمل العقوبات المؤسسات التابعة لحكومتي إثيوبيا وإريتريا وجبهة تحرير تيغراي وحكومة منطقة أمهرة الإثيوبية.

لكن أديس أبابا ترفض الانتقادات الموجهة إلى طريقة تعاملها مع الأزمة أو اتهامها بجرائم حرب. وأكدت محاسبة الجنود الذين يرتكبون فظائع. فيما تقول الأمم المتحدة إن جميع أطراف الصراع ربما ارتكبوا جرائم حرب.

إسرائيل و"حماس"

ووفقاً لبيان البيت الأبيض، يناقش سوليفان دور القاهرة في تعزيز الأمن والازدهار لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين بعد الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء نفتالي بينيت إلى مصر في وقت سابق من سبتمبر الحالي. وتقول وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية إن إدارة بايدن تعتمد بشكل كبير على مصر، التي لطالما لعبت دور الوسيط بين تل أبيب وحركة "حماس"، للمساعدة في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة حتى في الوقت الذي تضغط على الرئيس السيسي بشأن ملف حقوق الإنسان والحريات.

وذكر بيان الرئاسة المصرية أن مستشار الأمن القومي الأميركي أكد تطلّع بلاده إلى تعزيز التنسيق والتعاون الاستراتيجي القائم مع القاهرة وتطويره خلال المرحلة المقبلة، لا سيما في ضوء دورها المحوري والمتزن في منطقة الشرق الأوسط، الذي بات عاملاً أساسياً لنجاح جهود تحقيق الأمن والاستقرار والسلام. وأشاد في هذا الإطار بجهود مصر الفاعلة على صعيد مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وأهمية دفع التعاون بين الجانبين في هذا المجال خلال المرحلة المقبلة.

وتوسطت القاهرة في وقف إطلاق النار بعد اندلاع حرب استمرت 11 يوماً بين إسرائيل و"حماس"، في مايو (أيار) الماضي. وبينما ساد الهدوء إلى حد كبير منذ ذلك الحين، شهد الأسبوع الماضي اشتباكات دموية في الضفة الغربية وسط تأجيج التوترات بسبب بناء المستوطنات. ونفذت القوات الإسرائيلية سلسلة من المداهمات ضد عناصر "حماس" المشتبه فيهم في أنحاء الضفة الغربية، فجر الأحد، ما أدى إلى اندلاع معركتين بالأسلحة النارية أسفرتا عن مقتل خمسة فلسطينيين وإصابة جنديين إسرائيليين بجروح خطيرة.

وفي كل من السعودية والإمارات، بحث سوليفان من بين مواضيع أخرى، "التعاون الأمني والدعم المتبادل لوقف إطلاق النار الشامل في اليمن والحاجة إلى خطوات فورية للتخفيف من الأزمة الإنسانية هناك". وكذلك "الأبعاد النووية والإقليمية للتهديد الذي تشكّله إيران وخفض التصعيد في الشرق الأوسط"، وفق مسؤول كبير في إدارة  بايدن تحدث إلى وسائل إعلام أميركية.

المزيد من تقارير