Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تفعيل ملف "البوشي" لجمع أدلة ضد رموز النظام السابق

لأن الانسداد السياسي هو سيد الموقف في البلاد يسعى رئيس الأركان لتوجيه الأنظار إلى المسار القضائي لمواجهة مجموعة السعيد

طلاب جزائريون يشاركون في تظاهرة في العاصمة الجزائر في 21 مايو 2019 (أ.ف.ب)

في ما يشبه تحدي أصوات في المسيرات الشعبية، انتقدت "أولوية محاربة الفساد" قبل انتخاب رئيس جديد للبلاد في انتخابات حرة وديمقراطية، وجه الجيش الجزائري، ووجهت اتهامات لمن أسمتها "أبواق العصابة"، بتعمد تغليط الشارع، في إشارة إلى "محميات إعلامية" في البلاد وأصوات نشطاء في الحراك، في سياق جمع مزيد من "الأدلة" في قضايا منفصلة لإغراق "السعيد ومن معه".

منذ تساءل الجيش الجزائري، عن سر اختفاء "النخب" عن طرح بدائل سياسية في الساحة، تضاعف تركيز العسكر على ملف الفساد في البلاد، وما ارتبط بما يسمى بـ "فلول العصابة"، ويقصد بها الجماعات المرتبطة بالسعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق والجنرالين محمد مدين (توفيق) وبشير طرطاق (عثمان)، قائدي الاستخبارات السابقين على التوالي.

وتعززت طروحات العسكريين باتجاه "استئصال" كل ارتباط بـ "رؤوس العصابة"، ببروز مبادرة على مرحلتين، من الوزير السابق أحمد طالب الإبراهيمي، ما حوّل النقاشات السياسية إلى وجهة أخرى، فيما اكتفى الجيش بالتركيز على "العصابة وفلولها"، وفق تعبير حديث لرئيس الأركان.

"حصار العصابة" سبب بكاء "أبواقها"

"محاصرة العصابة" وفق تعبير رئيس الأركان، لا تكتفي بشخصيات "الصف الأول" من المسؤولين السابقين، ففي خطاب هو الثالث في ثلاثة أيام على التوالي، عاد الفريق أحمد قايد صالح، إلى قضية "عصابة" السعيد بوتفليقة، وأعطى تلميحات توحي بوجود "أذرع" لها في صفوف الحراك الشعبي.

ففي كلمته التوجيهية التي ألقاها أمام أفراد الناحية العسكرية الرابعة بورقلة (800 كلم جنوب شرقي العاصمة)، أوضح  قايد صالح أن "من أهم العوامل التي ندرك جيداً أنها توفر بوادر الارتياح لدى المواطنين، هي تحرر العدالة من أشكال القيود والإملاءات والضغوطات كافة، ما سمح لها بممارسة مهامها بكل حرية، وبما يكفل لها وضع الأيدي على الجرح وتطهير البلاد من الفساد والمفسدين".

ولفت في هذا الإطار إلى أن "أبواق العصابة وأتباعها تحاول تمييع هذا المسعى النبيل من خلال تغليط الرأي العام الوطني، بالادعاء أن محاسبة المفسدين ليست أولوية ولم يحن وقتها بعد، بل ينبغي الانتظار إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، الذي سيتولى محاسبة هؤلاء المفسدين".

واعتادت المؤسسة العسكرية، في ظروف مغايرة، استعمال مصطلح "أبواق" في الإشارة إلى وسائل إعلام أو مواقع إلكترونية في صراعات سابقة مع كتاب ومحللين، وقد يكون وصفها لجماعة السعيد بوتفليقة بـ "أبواق العصابة"، تمهيداً لاعتقالات في صفوف مسؤولي وسائل إعلام ثقيلة.

في هذا السياق، أشارت الكاتبة الإعلامية وسيلة بن بشي لـ "اندبندنت عربية" إلى أن "شعار ترحلون جميعا (يتنحاو قع)، يُقلق قيادة أركان الجيش وخصوصاً قايد صالح لأنه معني بإسقاطات هذا الشعار"، مضيفةً "لأن الانسداد السياسي هو سيد الموقف في البلاد، يسعى رئيس الأركان لتوجيه الأنظار إلى المسار القضائي الذي يواجه مجموعة السعيد، عل ذلك يخفف الضغط على المؤسسة العسكرية".

وتشك المؤسسة العسكرية في وجود تحريض متعمد وسط الحراك الشعبي، تقوده "أذرع مرتبطة بإمبراطورية السعيد بوتفليقة المنهارة"، معتبرة أن التحريض يُترجم بشعارات تستهدف الفريق صالح شخصياً وتطالبه بالرحيل أو التقاعد.

"ملف الجزار" حصار جديد ضد العصابة

في سياق القضايا التي أُعيد فتحها بتوصيات من المؤسسة العسكرية، أجّلت محكمة سيدي امحمد، الأربعاء 22 مايو (أيار) 2019، محاكمة كمال شيخي المعروف بكمال "البوشي" و12 متهماً معه إلى تاريخ الـ 19 من يونيو (حزيران) 2019.

ويواجه هؤلاء تهماً تتعلق بالفساد في قضايا عقارية، خصوصاً لجهة طلب مزايا غير مستحقة واستغلال النفوذ، وقالت هيئة الدفاع إن "التأجيل تم بناء على طلبها".

ويرتبط ملف "البوشي" بقضية إحباط تهريب سبعة قناطير من الكوكايين نهاية مايو 2018، ولم تكشف وقائع التحقيق، التفاصيل الكاملة لهذه العملية إلا بعد بضعة أشهر، ويُعتقد أن المؤسسة العسكرية بدفعها لفتح هذا الملف مجدداً، تستعمل "حبل مشنقة" جديد حول رقبة محسوبين على العصابة.

واستُدعي المدير العام للأمن الوطني السابق اللواء عبد الغني هامل، قبل أيام للتحقيق في هذا الملف، ويمثل هامل قيادياً أمنياً كبيراً محسوباً على الدائرة الضيقة لرجال ثقة السعيد بوتفليقة قبل سنوات.

وتفعيل ملف "البوشي" وثلاث قضايا أخرى، قد يُستدعى إليها عدد من السياسيين الذين شكلوا واجهة حكم بوتفليقة، يترجم رغبة في استجماع أكبر قدر من الأدلة ضد رموز النظام السابق.

وقد ورد في تصريح رئيس الأركان أن "تحرر العدالة من أشكال القيود والإملاءات والضغوطات كافة، سمح لها بممارسة مهامها بكل حرية بما يكفل تطهير البلاد من الفساد والمفسدين".

عودة "زغماتي" وإقالات في القضاء

"إعطاء تصور بمحاصرة حقيقية لامبراطورية السعيد بوتفليقة"... أعاد رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، تعيين بلقاسم زغماتي، نائباً عاماً لمجلس قضاء الجزائر، وهو القاضي الذي أشرف على التحقيق مع شكيب خليل وزير الطاقة السابق، وأصدر في حقه أمراً بالقبض الدولي.

ويصنف زغماتي كأحد القضاة "الناقمين" على محيط بوتفليقة، بعدما أُبعد من منصبه لسنوات بمجرد إعلانه أوامر دولية بالقبض ضد خليل وحرمه، ما اعتُبر في العام 2013 "تجاوزاً للخطوط الحمراء" من قبل القضاء، ليُقال معه وزير العدل محمد شرفي مباشرة.

 زغماني عُين مباشرة في يوم إنهاء مهام وكيل الجمهورية لمحكمة سيدي امحمد، في سياق أوامر "فوقية" تبعاً لتحقيقات حول مسار الرجل، والغريب أن الإقالة حصلت في التوقيت نفسه من وجود  مسؤولين كبار سابقين في مكتبه.

هذا المصير لوكيل الجمهورية، يوصف بإحدى محاولات فك ارتباط "العصابة" مع "أبواق في القضاء والإعلام والمال والجيش".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي