من المؤشرات إلى الوضع المؤسف الذي وضعت بريطانيا نفسها فيه أنني حين أفكر في موضوع لهذا العمود، كثيراً ما أجد نفسي أتساءل: ما الذي انهار اليوم؟
وقبل صدور هذا العمود الأحدث، أعلن قطاع الضيافة أنه انهار، لكنه لم ينفجر تماماً. لقد تعطل بدلاً من ذلك، والسبب هو النقص المزمن في الموظفين، وهذا من شأنه أن يوجه ضربة قاضية إلى الشركات التي لم تتجاوز الجائحة إلا بالكاد.
هذه هي المشاعر التي عبرت عنها رسالة وصلت إلى "الفايننشال تايمز" من أكثر من 60 شركة بارزة في القطاع. وفي الرسالة ناشدت الشركات الحكومة إضافة أدوار متعددة إلى قائمتها بالمهارات الناقصة، الأمر الذي سيسهل عليها كثيراً استقدام عاملين من الخارج.
ليس "بريكست" بعيداً عن مواضيع كهذا الموضوع، ويبدو أن الأمر ينطوي على مثال آخر على القومية المدمرة التي تمارسها الحكومة وأضرت بالمملكة المتحدة وبالحكومة معاً.
يحرص موقعو الرسالة، بمن فيهم الفندقي السير روكو فورت، ونيك جونز الشهير بامتلاكه (شركة الفنادق) "سوهو هاوس"، وسنكلير بيتشام مؤسس (شبكة محال السندويتشات) "بريتا مانجيه".
ووفق أرقامهم، يضيف القطاع 133.5 مليار جنيه استرليني (179.7 مليار دولار) إلى الناتج المحلي الإجمالي، ويشغل أكثر من 3.2 مليون شخص، ويشعِر عملاءه بالسعادة. ويجب عدم الإقلال من شأن الإنجاز الأخير للقطاع بعد النقص الذي نشأ خلال الجائحة.
لكن هل يشعِر القطاع عامليه بالسعادة؟ ولو فعل، هل كان هذا العدد الكبير منهم غادر حين أقفلت الحكومة باب "بريكست"، وأغلقته أثناء ذلك على أصابع الأمة؟
وتقول الرسالة إن الضيافة "ليست قطاعاً ذا أجور منخفضة". فالطهاة والسقاة ومديرو الطبقات يتولون جميعاً "وظائف تتطلب مهارات" وتقدم "رواتب تحترم المهارات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حسناً، إلى حد ما. فحجة موقعي الرسالة يقوضها بعض من ممارسات القطاع. خذوا مثلاً ما يحدث على صعيد البقشيش، وهي مسألة تناولتها في بداية الأسبوع. فالنادلون في بعض المؤسسات عبروا لوسائل إعلامية عن مخاوفهم من احتمال تحويل جزء من المال الذي يتلقونه إلى موظفي المطابخ في وسيلة التفافية لرفع أجور هؤلاء (هم ينالون عادة حصة لكنهم يتمتعون بالفعل برواتب أعلى).
هذا النوع من السلوك، الذي تخطط الحكومة لتصحيحه في قانون يحدد البقشيش المنصف، لا يساعد القطاع في التعبير عن حجته.
ومن شأن النقابات أن تفند التأكيد بأن قطاع الضيافة ليس قطاعاً يقدم رواتب منخفضة. فبعض مؤسساته يفرط أيضاً في إبرام عقود لا تحدد الحد الأدنى من ساعات العمل الأسبوعية للموظف. كذلك لا يلقى العاملون دائماً معاملة حسنة أثناء العمل؛ فالنقابات تبلغني أنها تسمع بانتظام شكاوى من ذلك.
يتضح إذاً أن هناك إجراءات يجب اتخاذها. وهناك أيضاً إجراءات يجب اتخاذها في ما يتعلق بحماية العاملين من الاستغلال. فالعاملون الذين يأتون إلى بريطانيا بتأشيرات تقييدية تتوفر لهم حقوق قليلة، ما يجعلهم مستضعفين جداً. وقد يصعب عليهم كثيراً، مثلاً، تبديل الوظائف إذا وجدوا أنفسهم في وضع سيئ.
في نهاية المطاف، من الصحيح على الأرجح، كما يقول كاتبو الرسالة، أن سوق العمل في المملكة المتحدة تفتقر إلى ما يكفي من القدرة على تلبية احتياجات القطاع، حتى لو لبى القطاع الدعوات الحكومية المتكررة إلى الاستثمار في موظفين محليين وتدريبهم.
لكن لو نال القطاع الضوء الأخضر لاستقدام العاملين الذين يحتاجهم، يجب أن يتوفر أيضاً مقابل، هو عبارة عن اتفاقية تنص على عدم استغلال العاملين الأجانب بالطريقة نفسها المعتمدة أحياناً من قبل قطاعات أخرى تعاني مسائل مماثلة تتعلق بالنقص في العمال.
ولو قُيِّض لكاتبي الرسالة إضافة ملحق إلى رسالتهم، يقول شيئاً يشبه "تسرنا المشاركة في مدونة للممارسات تغطي طريقة التعامل مع العاملين الأجانب" أو "يسرنا الحصول على اعتماد من حملة أجر المعيشة يضمن رواتب منصفة" أو "نحن مستعدون للعمل مع النقابات لمعالجة أي مسائل تتعلق بأمكنة العمل"، لباتت من الأسهل كثيراً الكتابة دعماً لندائهم.
لو رغب قطاع الضيافة في توظيف عاملين أجانب، عليه أن يعاملهم في شكل مضياف.
© The Independent