Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وزير الثقافة العراقي: تاريخ بغداد لن يمحوه "صدام" ولا الميليشيات

يصف حسن ناظم في حوار مع "اندبندنت عربية" مشاركة بلاده في معرض الرياض للكتاب بأنه فرصة لاستعادة التواصل بين بغداد والسعوديين

يرأس وزير الثقافة العراقي حسن ناظم وفد بلاده في معرض الرياض للكتاب (اندبندنت عربية)

عندما بث الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري بوحه إلى "دجلة الخير أم البساتين"، فإنه لم يكن بذلك يعني شخصه الذي أنهكه العمر والمرض وحسب، وإنما أعرب عما في مكنون أمم من العرب والسعوديين شغفتهم عاصمة الرشيد حباً، على الرغم مما أضناها حتى اليوم من متاعب الاستبداد والصواريخ والإرهاب، والذي قال وزير ثقافتها حسن ناظم إنه لن يمحي تاريخها الممتد لقرون وقرون.

ويترقب سكان العاصمة السعودية لقاء طال انتظاره بالثقافة العراقية التي أٌعلن مبكراً أنها تحل ضيفاً على معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام، وسط حراك ثقافي متنام تشهده البلاد خلال السنوات القليلة الماضية، لم يستسلم حتى لجائحة كورونا، فزاد على استضافة العراق أن كان بين أنشطة ندواته مسرحيات وحفلات موسيقية، إلى جانب استحضار الراحلين من رموز العراق في شخص أبنائهم وذويهم، كما هو الحال بالنسبة إلى ابنة محمد مهدي الجواهري وبدر شاكر السياب وعلي جواد الطاهر.

وفي هذا السياق، يعتبر وزير الثقافة العراقي حسن ناظم في حواره مع "اندبندنت عربية" أن الدعوة التي وجهتها السعودية إلى العراق "تمثل فرصة ونافذة فنية رائعة لكلتا الثقافتين، بوصفها لقاء الأخوة والمثقفين العراقيين بالمثقفين السعوديين والعرب في احتفال ضخم هو احتفال الكتاب، ولذلك كانت استعدادات العراق واسعة وعريضة، وستكون هناك أماس شعرية للعراق وأخرى مشتركة بين شعراء عراقيين وسعوديين، وندوات فكرية يحاضر فيها مثقفون ومفكرون عراقيون وأستاذة جامعيون من العراق".

بغداد تحضر برموزها

وفي الجانب الأدبي من المعرض الذي تشارك فيه نحو 1000 دار نشر من كل البلاد العربية وغيرها، قال ناظم، "ثمة ندوات يشارك فيها الجانب العراقي أيضاً تخص النقد الأدبي وأخرى تخص رموز الثقافة العراقية، فسنقيم ندوة عن شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري وعن الناقد الكبير علي جواد الطاهر وعن شاعر الحداثة الشعرية العربية الشاعر الكبير بدر شاكر السياب".

 

وهكذا فإن الأنشطة واسعة ومتنوعة ومشتركة مع المثقفين والشعراء السعوديين بحسب المسؤول العراقي، مما يعني أن ردهات اللقاء ستطرب مجدداً للجواهري وهو يحيي سفح دجلة، ويروي ظمأ الحضور بالنبع الذي لم يفارقوه مثله إلا "على الكراهة بين الحين والحين"، وستقوم كريمته خيال الجواهري بالنيابة عن والدها بمناجاة قبر أمها مع المريدين، وهو الذي اعتاد أن يشارك العرب لوعته على عقيلته الراحلة، مردداً "ناجيت قبرك أستوحي غياهبه... عن حال ضيف عليه معجلاً يفد... ولفني شبح ما كان أشبهه... بجعد شعرك حول الوجه ينعقد". 

أما المعنى والمغزى الكبير في نظره من وراء المشاركة فهو "التواصل الذي استعاد بعد انقطاع هذا اللقاء الضروري للثقافة العربية في كل من العراق وفي السعودية، فالحقبة التي مرت للأسف، كانت هناك ظروف منعت التواصل وهو أمر غير إيجابي، لكن مع هذا هناك ثقافة عابرة للحدود".

المعرض بداية فقط

لشدة ما تاق الطرفان إلى عودة التلاقي بينهما يشير الوزير إلى أن المعرض لن يكون نهاية زمان الوصل بين الجارتين، فهو إنما جاء تتويجاً "لمظلة رائعة تضم الثقافة العراقية والثقافة السعودية، وهي مظلة مذكرة التفاهم بين وزارتي الثقافة في البلدين، ولذلك ستعقب المعرض أنشطة وأسابيع ثقافية ومسرحية وسينمائية في كل من الرياض وبغداد".

العراق الذي يعيش مرحلة جديدة نحو استعادة دوره التاريخي المشهود على صُعد كثيرة سياسية واقتصادية وثقافية أيضاً، يعتبر المسؤولون فيه أن استضافته من جانب جارته السعودية "نوع من التكريم له ولرموزه الثقافية، خصوصاً أقارب الشعراء الراحلين مثل الجواهري والسياب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الذاكرة العربية لا تزال تجد في تلك الرموز موقعاً بعد كل المتغيرات التي مضت وسط غياب العراق عن المشهد، يجيب وزير الثقافة بأن "بغداد بلد منتج للثقافة، وهذا أمر معروف عنه، ومهما كانت الظروف التي مر بها العراق من مصاعب واحتلال وقمع وديكتاتوريات، فإن الثقافة لا تنهار بمجرد انهيار الأنظمة، فهناك إنتاج ثقافي عراقي يعتمد المبادرة الفردية إذا عز الاعتماد على المؤسسات الحكومية".

عهد صدام والميليشيات والإرهاب

واعتبر أن من بين ما ساعد في الاستمرار هو كون "العراقيين مبدعين في الشعر والنقد والفن التشكيلي وفي كل المجالات، وهذه السلالة لا تنقطع لمجرد وجود ظروف استثنائية مر بها العراق، وأنا اعتقد أن النخبة التي جاءت إلى الرياض للمشاركة في معرض الكتاب مبدعة تمثل ذلك الغنى والتنوع، وسيبقى بلدهم منارة في ظل هؤلاء المبدعين الذين يتوالدون ويتناسلون لإبقاء شعلة الثقافة العراقية منيرة على العالم العربي".

وعن عهد صدام حسين والميليشيات و"داعش"، وإن كان لها من أثر سلبي في إبداع العراقيين والصورة الشائعة عن بلاد الرافدين عربياً، يقول المسؤول الثقافي الأول في العراق إن انطباعه حين وصل الرياض كان مغايراً.

وأضاف، "شعرت بأن الترحاب والحفاوة الكبيرين وأصداء مشاركة العراق كضيف شرف واضحة، وأن المثقفين ينتظرون إطلالة العراقيين وإنتاجهم الثقافي. هذا واضح ليس على مستوى السعودية وحسب، ولكن أيضاً من جانب المثقفين العرب الذين يتطلعون دائماً إلى العراق وإنتاجه الثقافي وشعره العظيم والفكر المتجدد فيه على الرغم من كل الظروف، ولذلك أزعم أن سمعة العراق الثقافية لا زالت بخير في عيون ونظر المثقفين السعوديين والعرب".

ويؤكد أن بلداً ذو تاريخ مثل العراق "وذو دور فاعل في صناعة نهضة العرب في العصر الحديث بثقافته وتجديده الشعري وريادته في الفن التشكيلي، لن تغطي عليه حقبة قمعية ديكتاتورية صعدت فيها أصوات الصواريخ والإرهاب".

وخلص إلى أن تاريخ الشعوب لا يمحى بلحظة أو نكسة يمر بها في ظروف صعبة، "تاريخ الشعوب يطل على لحظات مشرقة كثيرة يتذكرها الإنسان أكثر مما تستحوذ اللحظات الصعبة التي يمر بها البلد في حقبة عابرة".

ويفتتح معرض الرياض الدولي للكتاب غداً الجمعة 1 أكتوبر (تشرين الأول) فعالياته المنوعة التي شملت أنواعاً متعددة من الثقافة والأنشطة، ولا تقتصر على عرض دور النشر إصداراتها أمام الزوار.

 

 

المزيد من ثقافة