Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حزب البشير يتجاوز الصدمة... ويتحرك تحت مظلات جديدة

تيارات إسلامية تتوحد والمعارضة تتهمها بالتخطيط لـ "ثورة مضادة"

تحالفات اسلامية جديدة في الخرطوم (أ.ف.ب.)

بعد 40 يوماً من سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير الذي حمله الإسلاميون إلى السلطة قبل 30 سنة، عاد حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقاً إلى المشهد السياسي تحت مظلات جديدة، وشرع في تغيير جلده ويستعد لحل نفسه وإنشاء كيان جديد للإسلاميين باسم وقيادة جديدتين، متجهاً لنسج تحالف مع تيارات إسلامية وسلفية لضمان مستقبله السياسي خلال الانتخابات المقبلة بعد ثلاث سنوات. واختفت قيادات حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقاً، بعد عزل البشير واعتقال عشرات من قيادات الحزب ورموزه وكوادره، واتهام بعضهم بالفساد ومصادرة مقار الحزب ودوره في الخرطوم والولايات. ولا يزال عدد كبير من قياداته متوارية عن الأنظار، بعضهم مطلوب لدى السلطات وآخرون فضلوا العزلة حتى تستقر الأوضاع وتراجع "الهبة الثورية" التي تطالب بمحاكمتهم على الانتهاكات التي حصلت خلال ثلاثة عقود.

وقوف مع السلفية

تشكل تيار معارض للاتفاق الذي تم، بين المجلس العسكري الانتقالي، و"قوى الحرية والتغيير"، إذ ترى قوى سياسية وإسلامية أن منح المعارضة تشكيل الحكومة بمفردها وثلثي مقاعد البرلمان الانتقالي، يقصي بقية القوى ويضعها على هامش المشهد السياسي، ويهدد بعزلها عبر تشريعات تعتزم المعارضة تمريرها لمحاسبة رموز نظام البشير والتيارات التي تعاونت معه. واحتشد آلاف الإسلاميين بمختلف أطيافهم، ومن كانوا في النظام السابق أو المتعاطفين معه مع تيار "نصرة الشريعة ودولة القانون"، الذي سيّر مواكب ووقفات احتجاجية مناهضة لاتفاق "العسكر" مع المعارضة، ورفعوا شعارات تمجد الدين والشريعة وتعتبرها خطاً أحمر مثل "الحل في شنو... الحل في الدين"، و"لا شيوعية ولا إلحاد الإسلام بالمرصاد"، و" ثوار أحرار  لن تحكمنا قوى اليسار... سلمية سلمية ضد الشيوعية". وبرز في المواكب أنصار التيارات الإسلامية، خصوصاً حزب البشير وبعض رموزه، مما يعني التقاط الإسلاميين أنفاسهم ولمّ شملهم، وتجاوز مرحلة الصدمة بعد انهيار نظام ظلوا يساندونه 30 سنة.

السلفية مع الحكم الجديد

 في هذا السياق، يقول الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية الهادي محمد الأمين، إنه غير متفائل بالوحدة بين التيارات الإسلامية المختلفة، لأن جزءاً غير يسير من الإسلاميين مع الثورة وأقرب لها، مثل المذاهب الصوفية بمختلف بيوتها وطبقاتها، وثمة كيانات صوفية أعلنت دعمها للحراك الشعبي، وشبابها وشيوخها موجودون في ساحة الاعتصام أمام مبنى مقر قيادة الجيش في الخرطوم. وتأسيساً على ذلك، فإن المذاهب الصوفية حسمت خيارها بالانحياز للثورة، بالتالي هذا يقطعها عن التواصل مع الجماعات الإسلامية الأخرى التي تمثل "الثورة المضادة". ويرى الأمين أن غالبية تيارات السلفيين الذين ظلوا يتعاونون مع الإسلاميين في نظام البشير، اعترفت بالنظام القائم، وتقف ضد تسيير التظاهرات والاحتجاجات أو الخروج على السلطان، ولهذا فلن تكون هذه المجموعات ضمن أي محور من محاور المنظومات الإسلامية المناهضة للحكم الجديد.

المصائب تجمع المصابين

وعلى الرغم من أن المؤشرات والدلائل تشير إلى تعقيدات في إمكان توحد التيارات الإسلامية المختلفة مع أنصار نظام البشير، إلا أن هجوم المعارضة وقوى الحراك الشعبي على التيار الإسلامي والتهديد بعزله وإقصائه ومحاسبته على فترة نظام البشير، ستدفعه إلى توحيد صفوفه، والبحث عن تحالفات جديدة، مع تيارات متقاربة معه فكرياً، على الرغم من تباين مواقفه السياسية في كثير من القضايا. وبرز من التيارات السلفية في تظاهرات مناهضة للاتفاق بين المجلس العسكري و"قوى الحرية والتغيير"، عبد الحي يوسف ومحمد عبد الكريم ومدثر أحمد إسماعيل، ورئيس حزب دولة القانون والتنمية محمد علي الجزولي. وخرج إلى الإعلام في الاحتجاج قيادات من أنصار حزب البشير، أبرزهم حاكم ولاية القضارف السابق الضو الماحي، ووزير الإرشاد السابق أزهري التجاني، والمسؤول السياسي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابق عمر باسان، ومسؤول الطلاب في الحزب هشام التجاني وغيرهم. وتوحد معهم في الموقف قيادات "تحالف 2020" أو أحزاب القوى الوطنية والتغيير بقيادة غازي صلاح الدين العتباني ومنبر السلام العادل بزعامة الطيب مصطفى. ويرى معارضون أن حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقاً، زاول نشاطه ويدمغونه بالوقوف خلف ظهور كثير من التحالفات والتيارات التي ترفض تولي "قوى الحرية والتغيير" الحكم. وفي المقابل تؤكد الأحزاب والكيانات التي ترفض اتفاق المجلس العسكري والمعارضة، أن حزب البشير لا يحركها وأنها ليست أداة ينفذ عبرها أجندته.

صمت عن انتهاكات البشير

وتنتقد قوى الحراك الشعبي ومناصرو الثورة السودانية رموز التيارات الإسلامية والسلفية المتشددة الذين كانوا يتعاونون مع نظام البشير حتى سقوطه، لأنهم ظلوا صامتين عن كل تجاوزات هذا النظام من إراقة دماء ونهب المال العام واعتقالات وانتهاكات وظلم وغيرها من تهم ظلت تلتصق بثوب البشير قبل أن تزيحه الثورة الشعبية. ويعتقد قادة الحراك الشعبي، أن قيادات هذه التيارات تحرّكها مصالحها الخاصة التي يخشون فقدانها خلال المرحلة المقبلة. ويرفض القيادي في تيار القوى الوطنية للتغيير حسن عثمان رزق الاتهام بتنفيذ أجندة الحزب الحاكم سابقاً بقيادة "ثورة مضادة"، والتخطيط لتقويض الثورة. واعتبرها "مجرد فزاعات"، مؤكداً أن حزب البشير لم يعد له وجود، مستدلاً بعدم قدرته على حماية رئيسه وقادته ومقاره وممتلكاته، وينفي أن يكون تحالفهم واجهة لأية جهة لديها أجندة غير منسقة مع طروحات أحزابهم. ويرى أن الاتهامات التي توجه لهم هدفها تشويه سمعتهم والتقليل من الأدوار التي لعبوها من أجل تغيير النظام البائد، ويعتقد أن المطلوب ليس تخوين هذه التحالفات والتيارات بل معرفة ماذا تريد. ويضيف حسن رزق أنه ليس من العدل والمنطق أن تستثأر جهة محددة بالسلطة وتعمل على إقصاء الجميع تحت ذريعة أن حزب البشير مارس أيضاً الإقصاء، ويؤكد أنهم شركاء في الثورة وأن أجندتهم واضحة وتتمثل في أن تكون المشاركة في المرحلة المقبلة متاحة للجميع. ويعتقد قادة في "قوى الحرية والتغيير" أن حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقاً يسعى باستماتة إلى الحيلولة دون اكتمال الاتفاق بين المجلس العسكري والمعارضة حتى لا يتعرض للمحاسبة العسيرة من الحكومة المقبلة، وأنه وفي سبيل تحقيق هدفه يقف خلف عدد من التحالفات والتيارات التي تتبنى مواقفه.     

اقرأ المزيد

المزيد من