Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يؤدي مقتل الصحراوي إلى حصر الخطر الإرهابي في منطقة الساحل؟

يشكل غيابه خسارة فادحة للتنظيمات المتشددة وتحديداً تنظيم "داعش" بالصحراء الكبرى

لقطة تظهر الزعيم السابق لتنظيم داعش في الصحراء الكبرى عدنان أبو الوليد الصحراوي (أ ف ب)

شنت القوات الفرنسية العاملة في منطقة الساحل الأفريقي في إطار عملية "برخان" الأسبوع الماضي، هجوماً أدى إلى مقتل زعيم تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى عدنان أبو الوليد الصحراوي، فهل تشكل تلك الضربة الموجعة للتنظيم بداية تراجع الخطر الإرهابي بمنطقة الساحل والصحراء؟

مقتل الزعيم

وأعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، صبيحة يوم الخميس الماضي، 16 سبتمبر (أيلول) الحالي، عن مقتل زعيم تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى، على يد القوات الفرنسية، معتبراً أن "الأمر يتعلق بنجاح كبير آخر في المعركة التي نخوضها ضد المجموعات الإرهابية بمنطقة الساحل". ومن جانبها، أكدت وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، أن زعيم التنظيم "لقي مصرعه إثر هجوم لقوة برخان"، مشيرةً إلى أن "العملية شكلت ضربة قاصمة لتلك الجماعة الإرهابية".

من جانبها، رحبت الولايات المتحدة بإعلان حليفتها الفرنسية عن نجاح جنودها في قتل عدنان أبو وليد الصحراوي، معتبرةً أن زعيم تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى يتحمل مسؤولية أعمال العنف التي أودت بحياة عدد لا يُحصى من المدنيين والعسكريين في منطقة الساحل، بما في ذلك هجوم 4 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 الذي استهدف دورية مشتركة بين الولايات المتحدة والنيجر في منطقة "تونغو تونغو" في النيجر وأسفر عن مقتل أربعة جنود أميركيين وأربعة جنود نيجريين.

وأشار الباحث المغربي في الشؤون الأمنية والأفريقية، عبد الواحد أولاد ملود، أن "مقتل الصحراوي يشكل ضربة موجعة لفرع داعش بالصحراء الكبرى، باعتباره ينضم إلى سلسلةٍ من القادة الذين فقدتهم الجماعات المتشددة على غرار مختار بلمختار، ويحيى أبو الهمام، وعبد المالك دروكدال وغيرهم من زعماء الحركات الإرهابية بمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء"، معتبراً أن "غياب أبو الوليد يشكل خسارة فادحة للتنظيمات الإرهابية بخاصة تنظيم داعش بالصحراء الكبرى". وأوضح الباحث أن "هناك خلفاء محتملين له لا يقلون أهمية عنه، وأبرزهم عثمان إلياسو ديجيبو النيجيري، الذي كانت له يد في استهداف أميركيين وغربيين بخاصة في النيجر وتشاد وبوركينافاسو، وهو متعطش للدماء، وغالباً سيخلف أبو الوليد الصحراوي".

تداعيات

من جهة أخرى، يعتبر مستشار المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، الدكتور عماد علو، أن "مقتل عدنان أبو الوليد الصحراوي سيكون له تداعيات مختلفة على تنظيم داعش في الصحراء الكبرى، كونه شخصية قيادية لها علاقات عديدة في المنطقة وتتمتع بخبرات قتالية ولها أتباع كثر، وسيمضي الكثير من الوقت قبل أن يتمكن التنظيم من تعويض الصحراوي بشخصية تحمل المواصفات نفسها"، مشيراً إلى أن "تنظيم القاعدة (جماعة نصرة الإسلام)، التي تضم أكبر تحالف من الجماعات الإرهابية ستستفيد من غياب الصحراوي المنافس اللدود لها، وستوسع نشاطها ونفوذها في مناطق الصحراء الكبرى والساحل الأفريقي، مستغلةً هشاشة الأوضاع الأمنية في الدول الأفريقية، وسوء الأوضاع الاقتصادية، لتوسع انتشارها هناك، وتجنّد عناصر جديدة في صفوفها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بين التهريب والإرهاب

وأفاد الباحث أولاد ملود بأن "عدنان أبو الوليد الصحراوي، وهو اسم مستعار للحبيب الإدريسي ولد عبدي ولد سعيد، ترعرع في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية ودرس في مدارسها"، مضيفاً أنه "اختار اعتناق الانفصال عبر الانضمام إلى جبهة البوليساريو، ومن ثم توجه للدراسة بجامعة الجزائر في مجال علم الاجتماع، وبعد ذلك ونظراً إلى الارتباط الوثيق بين قادة وزعماء البوليساريو والجماعات الإسلامية، تم نوع من التحالف بين بعض زعماء البوليساريو وزعماء هذه الجماعات، على غرار تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وكذلك تنظيم داعش بالصحراء الكبرى".

وأشار أولاد ملود إلى أن "أبو الوليد الصحراوي كان يعمل مع القيادي المتشدد الجزائري مختار بلمختار الذي شارك في خطف مجموعة رهائن غربيين في عام 2003، ثم في مقتل عدة رهائن غربيين، بينهم فرنسيون وبلجيكيون"، معتبراً أنه "نظراً إلى وجود أبو الوليد في الكتائب التي مر منها مختار بلمختار، فإنهم كانوا يتعاطون الإرهاب في النهار، ويهربون كل أنواع الممنوعات في الليل، وبالتالي كانت تربطهم علاقة وثيقة بعصابات الجريمة المنظمة بمنطقة جنوب الصحراء". وأضاف أن "ذلك الارتباط كان قوياً في البداية بين الصحراوي وبلمختار في كتائب إرهابية عدة منها تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وتنظيم الملثمين، والمرابطون، والموقعون بالدم، إلى أن ظهر ما يُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام عام 2014، ما أدى إلى نوع من عدم التفاهم بينهما، وبانقسام الكتيبة الأخيرة إلى كتيبتين إحداهما موالية لداعش والأخرى موالية لتنظيم الدولة ببلاد المغرب الإسلامي، اختار عدنان أبو الوليد أن ينحو منحى الولاء لداعش".

ما السبيل إلى دحر الإرهاب؟

بعد إعلان فرنسا انسحابها التدريجي من منطقة الساحل، وقتلها زعيم تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى، فكيف السبيل إلى وصول قواتها إلى الهدف من وجودها بالمنطقة، وهو دحر الخطر الإرهابي؟ أوضح أولاد ملود أن "الحركات الإرهابية في منطقة الساحل جنوب الصحراء تعيش على معطى غياب الأمن في المنطقة"، مشيراً إلى أن "الإعلان عن انسحاب فرنسا التدريجي من المنطقة قد يقوّي شوكة الحركات الإرهابية". وذكّر بأن "وزيرة الجيوش الفرنسية هددت أخيراً بالانسحاب من مالي نظراً إلى اتصال السلطات المحلية بالسلطات الروسية لجلب أكثر من ألف من المرتزقة الروس لمساعدتها في محاربة الإرهاب، الأمر الذي لم تستسغه فرنسا وهددت بسحب كل مكوناتها من مالي إلى النيجر، وبذلك فالسلطات المالية توجد في مأزق الصراع الروسي - الفرنسي على منطقة مالي، وقد يؤدي ذلك إلى تقوية شوكة الحركات الإرهابية لأن منطق الصراع يؤدي إلى ذلك".

وأوضح الباحث أنه "في سبيل دحر الحركات الإرهابية، يجب على كل القوى الدولية أن تغلّب مصالح المنطقة على مصالحها الخاصة، وأن تغلّب منطق التعاون على منطق التصارع على منطقة الساحل جنوب الصحراء لتحقيق مزيد من النجاحات لدى القوات الدولية في دحض الحركات الراديكالية"، مشيراً إلى أن "تنظيم داعش الذي أخذ منحى آخر بالاتجاه نحو منطقة خراسان، قد يستفيد من عودة حركة طالبان، على الرغم من أنها لم تعلن ضمنياً عن تعاونها أو دعمها الحركات الإرهابية، ولكن كما نعلم أن أفغانستان تتميز بموقعها الجغرافي المهم وأن المناخ الأمني الأفغاني يشكل ملاذاً آمناً لتقوية فلول الحركات المتشددة"، متوقعاً أن "تشهد الأشهر المقبلة نوعاً من الهجرة نحو أفغانستان لتلقي التدريب والعودة لتنفيذ مخططات معينة، وبالتالي ربما تكون هذه أرضية الانطلاقة غير المباشرة للحركات المتشددة لتنفيذ مخططاتها داخل الأقاليم الهشة على غرار شمال أفريقيا ومنطقة أفريقيا جنوب الصحراء، وقد تقوى شوكة داعش بقدوم قادة آخرين".

المزيد من متابعات