Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البشرية في مواجهة العواصف الشمسية

إلى أي مدى يمكن أن تتسبب الشمس في خسائر للبشر والحجر؟

قد تؤدي العواصف الشمسية إلى تعطيل شبكات الطاقة على كوكب الأرض (أ ب)

لم يعد التساؤل الخاص بالبيئة يتعلق بكوكب الأرض فحسب، بل باتت علامات الاستفهام تتصل بالشمس، ذلك النجم الذي وصفه البعض بالممل، لكن مع ذلك لا يمكن للحياة أن تمضي على كوكب الأرض من غير أشعته وضوئه، ما دامت الأرض تدور حول محورها أثناء دورانها حول الشمس.
ما الذي يحدث الآن فوق سطح الشمس، وما مدى تأثيره على العنصر البشري؟
ربما منطلق التساؤل هو أحاديث جرت خلال السنوات القليلة الماضية، عما سُمي بفترة "السبات الشمسي"، التي تشير بعبارة بسيطة إلى "برودة ما" على سطح الشمس، بما يفيد بتضاؤل وهجها وقدرتها على إرسال طاقتها المعتادة إلى الأرض، ما فتح الباب واسعاً للحديث عن عصر جليدي، كثر الحديث عنه في العقود الخمسة المنصرمة.
إلا أن ما عاد بنا في الأسابيع الأخيرة إلى الالتفات نحو الشمس مرة أخرى، كان ما تردد من أنباء منسوبة إلى علماء حذروا من عواصف شمسية ناتجة عن التغيرات المناخية، قد تكون مدمرة للغاية، لا سيما في ما يخص وسائل الاتصالات بدءاً من الأقمار الصناعية في الفضاء الخارجي، ووصولاً إلى شبكات الإنترنت حول العالم. وقد تؤدي تلك العواصف إلى تعطيل شبكات الطاقة بدورها، ما جعل البعض يتحدث عن احتمالات عودة العالم إلى بضع مئات السنين إلى الوراء.
ما قصة العواصف الشمسية؟ وهل العاصفة المقبلة هي الأولى من نوعها أم أن هناك عواصف سبقتها في التاريخ الإنساني؟ ثم إذا قُدِّر لنا أن نفتح دائرة الحوار، يعن على بالنا التساؤل التالي "هل مصير الإنسانية مرتبط بالشمس قولاً وفعلاً، سواء بردت وضعفت  كتلتها، أو ارتفعت واشتدت حرارتها، إلى درجة القول إن دمار كوكب الأرض في كل الأحوال مرتبط بقرص الشمس اللامع والوهاج، ذاك الذي لا يستطيع البشر التحديق فيه بأي حال من الأحوال؟".

ما طبيعة النجم الساخن "الشمس"؟

قبل الولوج في عمق الحديث عن العواصف الشمسية، ربما يتوجب علينا تسليط بعض الضوء على الشمس بعينها، كنجم ربما اعتبره البشر ذات يوم، مركز الكون، بل إن بعض الحضارات القديمة عبدته وقدسته، وإن جاء التطور العلمي لاحقاً ليبيّن لنا أنه أحد النجوم التي لا يمكن إحصاؤها في الكون من حولنا.
السؤال الرئيس هو كيف ولِدت الشمس؟
في واقع الأمر هناك تفسيرات علمية عدة في هذا الإطار، ومنها ما يذهب إلى أن الشمس وكل الكواكب في نظامنا الشمسي بدأت كغيمة هائلة من جزيئات الغاز والغبار. ثم بعد أكثر من نحو أربعة مليارات عام، حدث شيء ما تسبب في انكماش هذه الغيمة، وربما كان وراء هذا الأمر مرور نجم أو موجة صدمة ناتجة عن انفجار سوبرنوفا (نجم ضخم).
والشمس كشكل أساسي عبارة عن كرة ساخنة من الهيدروجين والهيليوم، وهي نجم متوسط الحجم، وهو حالياً في منتصف عمره الافتراضي تقريباً. ويبلغ قطر الشمس نحو 1.4 مليون كيلومتر بينما تبلغ درجة حرارة سطحها نحو 5500 درجة مئوية.
ومثل بقية النجوم في الكون، يبدو أن للشمس عمراً افتراضياً مرتبطاً بكمية الهيدروجين الموجودة على سطحها، وكلما تضاءلت هذه الكمية بات عمر الشمس إلى انقضاء، غير أن هذا لن يحدث قبل عدة مليارات من السنين، وفي هذه الأثناء قد تكون الشمس سبباً رئيساً في تدمير كوكب الأرض، بمعنى أنها وكما كانت نعمة للبشر طوال ملايين السنين، فإنها عند نقطة بعينها قد تصبح نقمة عليهم.    

في ماهية العواصف الشمسية وحدوثها

أولاً، ما العواصف الشمسية؟ يمكن القول إنها نوع من أنواع الطقس الفضائي المتطرف من قبل الشمس، يحدث عندما تطلق الشمس "بلازما" شديدة السخونة على شكل توهجات ورياح. وبحسب الموسوعات العلمية الدولية، فإن العاصفة الشمسية هي اضطراب مؤقت في مجال الكرة الأرضية، والسبب في ذلك هو القدرة الشمسية. وتُسمى العاصفة الشمسية أيضاً، "العاصفة الجيومغناطيسية"، وهي مكوّن رئيس للطقس الفضائي، تسببها موجة اهتزاز رياح شمسية أو غيمة الحقل المغناطيسي التي تتفاعل مع حقل الأرض المغناطيسي. وهنا تؤدي زيادة ضغط الرياح الشمسية إلى الضغط على الغلاف المغناطيسي بشكل أولي. ويتفاعل حقل الرياح الشمسية المغناطيسي مع حقل الأرض المغناطيسي ويحول كمية متزايدة من الطاقة إلى الغلاف المغناطيسي.

في تاريخ العواصف الشمسية السابقة

ولعل الحديث عن العاصفة الشمسية المتوقعة، جعل الجميع يراجع أوراق التاريخ، ويتوقف عند بعض أخطر تلك العواصف التي عرفتها الكرة الأرضية، وفي مقدمها ما جرى في عام 1582 أي قبل خمسة قرون تقريباً.

القصة ترويها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، وجاء فيها أن سكان عشرات المدن الآسيوية والأوروبية لاحظوا ما يشبه "حريقاً هائلاً في السماء".
استمر هذا الأمر غير المفهوم وقتها لمدة ثلاثة أيام، وكان يشبه "العروض النارية في الأفق"، ولم يكن أحد يدري حقيقة ما حدث في ذلك الوقت، وكونه عاصفة شمسية ضخمة، وذلك قبل أن يدرك العلماء المعاصرون أبعاد تلك الظاهرة، ويستخدمون العواصف الشمسية للمساعدة في التنبؤ بالنشاط الشمسي المقبل.
بعد ذلك الحدث بنحو ثلاثة قرون ونيّف، وفي الأول من سبتمبر (أيلول) 1859، حدثت عاصفة  شمسية ربما تُعد الأعنف في التاريخ المعاصر، إذ قد يكون هناك ما سبقها قبل آلاف السنين ولم يدوَّن من قبل الحضارات السابقة.
سُميت تلك الحادثة بـ"حادثة كارينغتون"، نسبة إلى العالم البريطاني ريتشارد كارينغتون، وشكّلت نقطة البداية لدراسة جديدة للطقس الفضائي. في ذلك الوقت، بدا وكأن السماء مشتعلة بالنيران وتكاد تحترق، وفي منتصف الليل، لاحظ الناس ما يشبه كرات نار كبيرة في وسط السماء.

خُيّل للبعض، لا سيما من أنصار التيار الديني اليميني في الغرب على نحو خاص، أنها اللحظات الأخيرة التي تسبق قيام الساعة ونهاية الحياة البشرية على كوكب الأرض، لكن ما هي إلا بضعة أيام حتى تلاشت الظاهرة، وعاد كل شيء إلى ما كان عليه في السابق.
ولاحقاً، قدّر العلماء أن تلك العاصفة قذفت الأرض بنحو مليار طن من مادة انبعاث كتلي إكليلي (إهليجي)، وأثارت الشفق القطبي فوق جزيرة كوبا بالقرب من الولايات المتحدة، وأضرمت النيران في محطات التليغراف.
ومع أوائل القرن العشرين، وتحديداً في 9 سبتمبر 1909، ضربت الأرض عاصفة أخرى قيل وقتها إنها من أعتى العواصف الشمسية التي عرفتها البشرية، لا سيما أنها أظهرت مستويات عنيفة من الاضطرابات المغناطيسية الأرضية، وتسببت بتداخل واسع النطاق في أنظمة التليغراف. وتظهر السجلات التاريخية أن العاصفة جاءت كموجة من الرياح الشمسية وارتبطت لاحقاً بخروج البلازما من بقعة شمسية نشطة، ووفقاً لسجلات يابانية، بدأ اللون الأزرق بالظهور أولاً، متبوعاً باللون الأحمر، وعطلت العاصفة اتصالات التليغراف في خطوط العرض المتوسطة إلى المنخفضة.
أما عام 1989، فشهد آخر عاصفة شمسية قوية في القرن العشرين، تسببت بانقطاع التيار الكهربائي لمدة تسع ساعات في كندا، وأغرقت ملايين الأشخاص في الظلام.
ويبقى التساؤل "ما أبعاد الخسائر التي يمكن أن تنجم عن العواصف الشمسية بشكل عام، والعاصفة المقبلة بنوع خاص؟".

الآثار الجيومغناطيسية للعواصف الشمسية

يبدو أن هنا بيت القصيد كما يقال، إذ إن الآثار المترتبة على تلك العواصف قد تكون كارثية بالفعل لإنسان القرن الحادي والعشرين، ذاك الذي يعيش في حالة من التواصل عبر العالم السيبراني. هنا ومن دون الإغراق في التفاصيل التقنية يمكن القول إن التيارات الكهربائية التي تولدها العواصف الشمسية، تضر بمعدات النقل الكهربائية أول الأمر، بخاصة المحولات، فهي تجعل قلبها مشبعاً مغناطيسياً وتقيّد أداءها، كما تجعل لفائف وقلب المحول عرضةً للتسخين، وفي الحالات القصوى يمكن للحرارة الزائدة أن تدمرها، أو تحفز سلسلة ردود أفعال ترهق المحولات في نهاية المطاف.
إلا أن بحثاً علمياً صدر عن جامعة كاليفورنيا الأميركية أخيراً، عنوانه "العواصف الشمسية الخارقة: التخطيط لنهاية الإنترنت في العالم"، يثير الهلع في النفوس، وبخاصة مع معرفة الترابط الكوكبي عبر الشبكة العنكبوتية التي تقوم في الأصل على التواصل الرقمي، الذي يُستخدم في خدمة سلاسل التوريد العالمية وطرق النقل والمواصلات، عطفاً على الوصول إلى نظام تحديد المواقع العالمي (جي. بي. أس).
البحث المقدم من قبل سانجيثا جيوتي، من جامعة كاليفورنيا، يظهر أن الأضرار الناجمة عن العاصفة الشمسية التالية، قد تكون كارثية، لا سيما على الكابلات البحرية التي تدعم شبكة الإنترنت العالمية.
ومن بين مخرجات الدراسة عينها نجد أن هناك تهديداً فردياً للشبكة العنكبوتية قد يترك ما بين 20 و40 مليون شخص من دون القدرة على الوصول إلى الطاقة لمدة تصل إلى سنتين، بينما يقدّر علماء الفيزياء الفلكية احتمال حدوث عاصفة شمسية ذات قوة كافية لإحداث اضطراب كارثي في غضون العقد المقبل بنسبة 1.6 إلى 12 في المئة.
ولعل السؤال الجوهري الذي طرحته جيوتي، في مجلة "ويرد" هو: هل العالم مستعد لعاصفة شمسية من هذا النوع؟
التساؤل لم يتأت من فراغ، وإنما كانت وراءه أزمة لا تزال الإنسانية تعيشها حتى الساعة، وهي كارثة جائحة فيروس كورونا المستجد، مع كل تبعاته وتحوراته، بعدما طرق باب البشر من غير توقع، واقتحم مخادعهم من دون استئذان.
لم يكن هناك بروتوكول للتعامل مع كورونا بشكل فعال، وهو الشيء ذاته الذي يمكن أن يجعل من حياة البشر على الأرض كارثة بعد الاعتماد الهائل على الإنترنت في قارات الأرض، إن أُصيبت هذه الشبكة بعطب ما، فالبنية التحتية الأرضية غالباً غير مستعدة لحدث شمسي واسع النطاق، والفهم لا يزال محدوداً أمام مدى الأضرار المتوقعة.
الأمر الآخر الأكثر إثارة للخوف هو قدرة تلك العواصف على التأثير في الأقمار الصناعية في الفضاء الخارجي، التي تكاد تكون البشرية مدنياً وعسكرياً متعلقة بها، ويكفي تخيل تدمير نظام الـ"جي. بي. أس"، لمعرفة مدى الأكلاف التي يمكن أن تدفعها الإنسانية من جراء تلك العواصف.
وهنا تشير جيوتي إلى أنه "لا توجد نماذج متاحة حالياً لكيفية حدوث ذلك، لدينا فهم أكبر لكيفية تأثير هذه العواصف في أنظمة الطاقة، ولكن هذا كل شيء على الأرض، أما في المحيطات والفضاء فمن الصعب التنبؤ بما قد يحدث".
والأكيد هو أن فجوة المعلومات عن العواصف الشمسية، غالباً ما تأتي من نقص البيانات، فالعواصف الشمسية نادرة الحدوث، والتاريخ العلمي الحديث لا يحفل إلا بثلاث حوادث أتينا على ذكرها مقدماً.
في هذا السياق، يفيد توماس أوفرياي، مدير مركز الشبكة الذكية في جامعة "تكساس أي أند أم"، بأن "جزءاً من المشكلة هو أننا لا نمتلك كثيراً من الخبرة في التعامل مع العواصف". ويضيف "هناك بعض الناس يعتقدون أن الاضطراب المغناطيسي الأرضي سيكون وفق سيناريو كارثي، وهناك آخرون يعتقدون أنه سيكون أقل من حدث كبير. أنا أعتقد أنه شيء نرغب بالتأكيد في الاستعداد له، وكنت أعمل على تطوير أدوات لتقييم المخاطر، ولكن مع ذلك هناك كثير من الأشياء الأخرى التي تحدث في الصناعة وتُعد مهمة وذات أولوية أيضاً".
هل العواصف الشمسية فقط هي التي يمكن أن تلعب فيها الشمس دوراً محورياً في بقاء الجنس البشري أو نهايته فوق سطح كوكب الأرض، أم أن هناك أبعاداً أخرى حتمية لا بد وأن تجري بها المقادير يوماً ما؟

 سبات الشمس وأحاديث عصر الجليد

في النصف الأول من العام الماضي 2020، انطلق حديث مثير ومخيف في الوقت عينه حول ما اصطُلح على تسميته بـ"السبات الشمسي"، الذي يعني بدايةً فقدانها طاقتها. وقد كان غياب البقع الشمسية هو الدليل الذي أخذ به العلماء. في ذلك التوقيت، قال باحثون إننا على وشك الدخول في أعمق فترة من "انحسار" أشعة الشمس المسجلة على الإطلاق، مع اختفاء البقع الشمسية فعلاً، والحديث هنا على ذمة الراوي، أي صحيفة "الصن" البريطانية.
تعليقاً على هذا الحدث، قال عالم الفلك توني فيليبس "إننا نعيش في زمن الحد الأدنى من الطاقة الشمسية، فالانخفاض عميق بالفعل، وقد أصبح المجال المغناطيسي للشمس ضعيفاً، ما يسمح بأشعة كونية إضافية في النظام الشمسي".
هنا طفت على السطح مخاوف الزمن البارد أو ما عُرف باسم، عصر الجليد، إذ خشي علماء "ناسا" على وجه التحديد من أن يكون الأمر تكراراً لظاهرة عُرفت باسم "ديلتون مينيمام"، التي حدثت بين عامَي 1790 و1830، ما أدى إلى فترات من البرد القارس، وفقدان المحاصيل والمجاعة وانفجارات بركانية قوية. كما انخفضت درجات الحرارة بما يصل إلى درجتين مئويتين على مدى 20 عاماً، ما أدى إلى تدمير إنتاج الغذاء في العالم.

وفي مايو (أيار) 2020 أيضاً، قال علماء في وكالة "ناسا" الأميركية للفضاء، "إننا في الحد الأدنى للطاقة الشمسية حالياً، ووفقاً لمدونة ناسا لتغيّر المناخ، فإن آخر مرة حدث ذلك كان بين عامي 1650 و1715، خلال ما عُرف باسم العصر الجليدي الصغير في نصف الكرة الشمالي للأرض، عندما أدى مزيد من التبريد من الهباء البركاني وانخفاض النشاط الشمسي إلى انخفاض درجات حرارة سطح الأرض".
فهل سيحدث عصر جليد آخر على مقربة من أجيالنا المعاصرة؟
لا يتوقع علماء "ناسا" ذلك، فعلى الرغم من أن هذه المرحلة هي الأدنى من حيث النشاط الشمسي، فإنها لن تؤدي إلى عصر جليدي آخر، ومرد ذلك بالنسبة إليهم هو التغير المناخي الذي تشهده الأرض. وأضاف العلماء أن "الحرارة الناجمة عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من حرق الإنسان للوقود الأحفوري أكبر بست مرات من التبريد المحتمل لعقود طويلة من الحد الأدنى من الطاقة الشمسية".
وفي كل الأحوال، استبشر العلماء خيراً في نهاية شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي، وذلك بعدما لاحظوا ظهور بقع شمسية جديدة على سطح الشمس، ما أعاد الأمل والنظرة الإيجابية لها، وبدأ بإزالة الشكوك التي أحاطت بسباتها الطويل. لكن وعلى الرغم من تلك الصحوة التي عبرت عنها الشمس بظهور تلك البقع على سطحها، هل سيبقى مصيرها محتوماً يوماً ما، وهل هذا المصير كفيل بنهاية الحياة على كوكب الأرض؟

موت الشمس ونهاية البشر على الأرض

يكاد مصير نجم الشمس يشابه حياة الإنسان على الأرض، فمهما طال له عمر افتراضي، وهذا ما خلصت إليه مجلة "ناتشر أسترونومي"، في قراءة علمية مكثفة منذ أسابيع قليلة.
وتشير المجلة العلمية المتميزة إلى أن الشمس سيحين موعد غروبها النهائي عندما تحرق كل الهيدروجين الموجود على سطحها مرة واحدة.
فهل يمكن أن يأتي هذا اليوم في موعد أقرب مما هو متوقع؟ هذا ما يؤكده جيليان سكودر، عالم الفيزياء الفلكية في جامعة "ساسكس"، لا سيما أن الشمس تحرق 600 مليون طن من الهيدروجين كل ثانية. هذا الحرق يؤدي إلى زيادة واحد في المئة في إضاءة الشمس كل 100 مليون عام، وزيادة 30 في المئة على ما كانت عليه قبل 4.5 مليار عام.

بعد 3.5 مليار عام من الآن، ستكون الشمس أكثر لمعاناً من الآن بـ40 في المئة، وهذه الزيادة ستتسبب بغليان المحيطات وانصهار القمم الثلجية بشكل دائم وتبخّر كل المياه على كوكب الأرض إلى الغلاف الخارجي وفقدانها في الفضاء.
في ظل هذه الظروف، فإن الحياة كما نعرفها الآن ستكون غير ممكنة على سطح الأرض، وبإيجاز ستحول كوكب الأرض إلى كوكب الزهرة الساخن والجاف الثاني.
يقول العالِم جوليان سكودر إن "التنبؤات بما سيحدث بالضبط على الأرض مع زيادة إشراق الشمس على مدى مليارات السنين المقبلة، غير مؤكدة. ولكن النظرة العامة تتمثل في أن الحرارة المتزايدة الصادرة عن الشمس ستتسبب في تبخر المزيد من المياه على سطح الأرض".
في كل الأحوال، هناك إجماع على أن الشمس ستتوسع في نهاية زمانها لدرجة أنها ستبتلع المريخ والأرض أثناء تحولها إلى "عملاق أحمر". فهل يتوجب على البشر البحث عن كوكب آخر للسكنى هرباً من المصير المقدّر والمحتوم للأرض؟
ربما يكون هذا هو أحد المبررات التي تدفع البشرية في طريق السعي إلى استيطان الفضاء، حتى ولو كان الأجل المقدر للبشر على الأرض يصل إلى مليار عام بحسب قراءات علمية محدثة.
والخلاصة، كما ارتبط وجود البشر على الأرض بالشمس، ففي غالب الأمر ستكون النهاية من هناك أيضاً.

المزيد من علوم