Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القطيعة بين الجزائر والمغرب تنسف حلم الاتحاد المغاربي

النزاع العسكري بين البلدين مستبعد حالياً لكن آثاره السلبية حاضرة بقوة

واحتضنت تونس عام 1994، آخر لقاء جمع قادة الدول المغاربية، فيما لم تنجح أي محاولة بعد ذلك لعقد قمة أخرى (أ ف ب)

تصاعدت حدة الأزمة بين الجزائر والمغرب إثر إعلان وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة مساء الثلاثاء 24 أغسطس (آب) الحالي، قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، ما يهدد باندلاع حرب بينهما تنسف نهائياً الحلم بإقامة الاتحاد المغاربي، الذي أُجهض منذ أعوام طويلة، وكان يُفترض أن يضم الجارَين، إضافة إلى ليبيا وتونس وموريتانيا.

الحلم الموعود

في 17 فبراير (شباط) 1989، أُعلن في مراكش المغربية عن ولادة "اتحاد المغرب العربي" في خطوة اعتُبرت حينها تحقيقاً لحلم أجيال ناضلت ضد الاستعمار ونادت بالوحدة المغاربية في أول مؤتمر للأحزاب المغاربية عُقد في مدينة طنجة عام 1958، وضم ممثلين عن حزب الاستقلال المغربي والحزب الدستوري التونسي وجبهة التحرير الوطني الجزائرية.

الاتحاد الذي شهدت النوايا الطيبة لتأسيسه أزمات وعقبات كبيرة، تحوّل منذ ذلك التاريخ إلى هيكل أشبه ببيت مهجور، لا يتحدث عنه أحد.

قمة الوداع

واحتضنت تونس عام 1994، آخر لقاء جمع قادة الدول المغاربية، فيما لم تنجح أي محاولة بعد ذلك لعقد قمة أخرى، بسبب الخلاف المغربي - الجزائري حول قضية الصحراء الغربية أساساً.
ويرى الصحافي الباحث في الشؤون المغاربية إدريس أحميد أن "الخلاف بين البلدين عطّل عمل الاتحاد ولقاءات قادته، والأزمة الأخيرة امتداد لأزمات مستدامة بينهما، تُضاف إليها الأوضاع الداخلية في الدولتين، حيث اتهمت الجزائر المغرب رسمياً بالمسؤولية عن الحرائق الكبيرة التي شهدتها، إضافة إلى ما جاء على لسان الدبلوماسي عمر ربيع، عضو اللجنة الدائمة التي تمثل الرباط في الأمم المتحدة، الذي صرح بأن الشعب القبائلي يجب أن يُسمَع وأن تُحقَق مطالبه وعلى الأسرة الدولية أن تساعده في ذلك وتدعم مشروعه السياسي الذي يجب أن يفضي إلى الحكم الذاتي والاستقلال. واعتُبر هذا التصريح بمثابة اعتداء خطير على الجزائر".
موت سريري
وكان المغرب عبّر، بعد إعلان قطع العلاقات، على لسان رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، عن أسفه للقرار الجزائري، مؤكداً تجديد الدعوة إلى الحوار بين البلدين ومعتبراً أن "بناء الاتحاد المغاربي قدر محتوم تمليه المصالح المشتركة بين دول المنطقة".
ووصف الباحث السياسي نبيل بلفقيه الوضع الحالي للاتحاد المغاربي بأنه "أشبه بالموت السريري الذي ينتظر قرار إعلان نهايته. والتفاؤل الذي عاشته شعوب المنطقة بعد إعلان الاتحاد سرعان ما تبخّر بسبب أزمات وقضايا عجز قادة دول المنطقة عن حلها ومنها قضية لوكربي والحصار الذي فُرض على ليبيا مطلع تسعينيات القرن الماضي، والفشل في تقريب وجهات النظر بين الجزائر والمغرب لحل أزمة الصحراء الغربية على الرغم من الجهود الإقليمية والدولية التي بُذلت لتحقيق ذلك". وأضاف بلفقيه أن "أبناء دول الاتحاد لم يلمسوا حقيقة وجوده وتأثيره في حياتهم. وباستثناء حرية التنقل من دون الحاجة للحصول على تأشيرة مسبقة، ظلّت بقية القضايا التي تهمّ مصير ومستقبل شعوب المنطقة المغاربية في خبر كان. وقلة يعرفون بوجود الاتحاد وأن له مقراً وأميناً عاماً، لأن كل أنشطته مجمدة منذ عشرات السنين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الحاضر الغائب

في مدينة الرباط حيث مقر الأمانة العامة للاتحاد المغاربي الذي يرأسه وزير الخارجية التونسي الأسبق الطيب البكوش، يبدو جلياً وعبر الصفحة الرسمية للاتحاد حجم النشاط الذي يعكس واقع الحال والذي لا يتعدى مشاركات بروتوكولية بحكم الصفة الدبلوماسية للمقر ولأمينه العام في المغرب. كما أن عدم تحديث معطيات الموقع الرسمي على مستوى المعلومات عن المبادلات التجارية بين الدول الأعضاء المتوقفة عند عام 2016، يظهر واقع الحال الذي يصفه الصحافي عبد اللطيف الفراتي بالقول إن "الحلم بأن يكون حجم التبادل التجاري بين دول الاتحاد بحدود 1 في المئة من الناتج الداخلي الخام لها تبخّر بسبب إغلاق الحدود البرية بين المغرب والجزائر. وهذا الفشل أصاب الشعوب باليأس من احتمال تحقيق هذا الحلم الذي كان مبنيّاً أساساً على التكامل الاقتصادي بينها".
مخاطر تصاعد الأزمة

ودقّ قطع العلاقات الدبلوماسية والاتهامات الجزائرية، ناقوس الخطر إزاء احتمال تصاعد الصراع بين البلدين ووصوله إلى حالة الحرب، وهذا ما حذّر منه الباحث السياسي هشام الحاجي، قائلاً إن "عدم التدخل السريع من جانب أشقاء وأصدقاء البلدين لخفض حدة النزاع من المحتمل أن يفتح الباب أمام صدام عسكري لا يمكن معرفة نتائجه ويهدد الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل كامل ويسمح بدخول أطراف إقليمية، ما ربما يشكّل بوابة لصراع طويل الأمد لا يمكن توقّع نتائجه وآثاره البعيدة في دول المنطقة وشعوبها".

في المقابل، يعتبر الصحافي إدريس أحميد أن "تصاعد النزاع وبلوغه مرحلة الصراع العسكري، أمر مستبعد حالياً"، متوقعاً أن يجري "تحرك سياسي سريع لوسطاء سيسهمون في نزع فتيل التوتر في الفترة المقبلة".
اليأس من التغيير

بعد أعوام طويلة من الجمود والأزمات التي تعيشها دول الاتحاد، صار الحديث عن احتمال عودة الحلم بتحقيق الوحدة المغاربية مستحيلاً، كما يعتبره الصحافي عبد اللطيف الفراتي "لأن متغيرات الأوضاع السياسية التي ترافقت مع انتهاء حقبة الرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بن جديد الذي كان موافقاً على تجاوز أزمة الصحراء الغربية وتأثيرها في العلاقات بين البلدين، أعادت الأمور إلى نقطة الصفر".
وأضاف أن "الدعوات التي صدرت من المغرب والجزائر للمطالبة باستقلال مناطق القبائل عن الحكم المركزي في البلدين، أوصلت الأمور إلى منعطف خطير جعل حلم إقامة اتحاد المغرب العربي غير قابل للتطبيق وعرقلت أيضاً التعاون العربي بحكم انتماء الدولتين للجامعة العربية، وأثّرت سلباً في دور المجموعة العربية في الاتحاد الأفريقي، ما وسّع دائرة النزاع بين البلدين إلى المنظمات الإقليمية والدولية".

المزيد من العالم العربي