Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صحافي أفغاني يفر بشق الأنفس من كابول ليدخل إلى عالم مجهول

قال رامين رحمن لـ"اندبندنت": لقد كانت الفوضى عارمة في المطار

عندما أخذت حركة "طالبان" تنتشر في أنحاء كابول، هرع رامين رحمن إلى المطار. انضم الصحافي الأفغاني، البالغ من العمر 27 عاماً، إلى آلاف الأشخاص الذين فعلوا الشيء ذاته، خوفاً من أن تستهدفهم الجماعة المتشددة. احتشدوا على مدرج المطار وراحوا ينتظرون مخرجاً من مأزقهم.

قال رحمن لـ"اندبندنت": "كانت الفوضى عارمة في المطار. كان الجميع يائسين بشدة، وخائفين للغاية... كان يمكنك رؤية نساء منتحبات في كل مكان، ورجال قلقين على عوائلهم. كثير من الناس كانوا بصحبة أطفالهم ولا يمتلكون طعاماً".

باتت "طالبان" على مقربة من المطار. سمع رحمن صوت إطلاق نار وصراخاً خلف الجدران المحيطة بالمطار. كان هناك احتمال باندلاع مناوشات عندما اعتقد أن الهاربين على وشك التحرك، وكان الانتظار مؤلماً. بعد قضاء أكثر من عشر ساعات على المدرج، وصل رحمن إلى طائرة تغص بمئات الفارين الآخرين.

قال: "عندما أغلقوا أبواب الطائرة لم يكن لدينا ماء. كنا نتنفس بصعوبة. كان ذلك مرعباً. كان الجميع على استعداد تام للمغادرة لكن الطائرة لم تتحرك ولم ينبس أحدهم ببنت شفة".

أقلعت الطائرة، أخيراً، وحلقت لأكثر من أربع ساعات باتجاه قطر، لكن محنة رحمن وعشرات الآلاف من الأفغان الذين تم نقلهم بعيداً عن كابول في رحلات طارئة كانت أقرب إلى البداية منها إلى النهاية.

وفقاً للبيت الأبيض، أشرفت الولايات المتحدة على إجلاء ما يقرب من 58700 شخص من كابول منذ 14 أغسطس (آب)، وسيتم النظر في وضع العديد منهم الآن في مرافق إيواء مؤقتة منتشرة حول العالم.

ينتظر رحمن، الذي يمتهن التصوير، منذ أكثر من أسبوع في قاعدة عسكرية أميركية في قطر. المعلومات المتوفرة شحيحة - قيل له إنه سيغادر على متن رحلة إلى ألمانيا، لكنها لم تصل بعد. شرع العديد من الأشخاص الآخرين في التقدم للحصول على تأشيرات، لكن هناك تأخيراً في المعاملات بالآلاف.

يخبرنا رحمن: "الحياة صعبة هنا. إنهم يبذلون قصارى جهدهم، لكن الناس يواجهون صعوبات- إذا كنت ترغب في الحصول على الطعام، فأنت بحاجة إلى الانتظار في طابور لمدة أربع ساعات، وأحياناً لا تحصل على الطعام أبداً لأن الناس يأخذون حصتين أو ثلاثاً... الجو في الخارج حار بالفعل وفي داخل الغرف بارد حقاً لأن التكييف يعمل من دون توقف. هذه الحياة ليست مثالية بالنسبة لأولئك الذين لا يرتبطون بالبلاد وصعدوا إلى الطائرة ببساطة لإنقاذ حياتهم، لكنهم سعداء. لكن بالنسبة لأمثالنا، ممن كانت لديهم حياة قائمة هناك فإن الأمر صعب حقاً. بالنسبة لي، الأمر صعب بالفعل. ليس من المفروض أن أكون هنا، ولم أتخيل أبداً أنني سأهبط هنا".

وأكد مسؤولون على الأرض ما رواه رحمن عن الظروف الصعبة في المخيم. وأفاد موقع "أكسيوس" أن مسؤولي السفارة الأميركية وصفوا قاعدة العديد في برقية دبلوماسية مسربة بـ"الجحيم الحقيقي".

وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي للصحافيين خلال تصريح صحافي، الثلاثاء، "نحن على دراية، وقلقون مثلنا مثل أي طرف آخر، بما كانت عليه بعض الظروف الصحية الرهيبة في قطر والتي فاقمتها الأعداد الهائلة والسرعة التي وصلت بها تلك الأفواج إلى هناك".

وأضاف أن الظروف تتحسن الآن، ولكن يجري البحث عن مواقع إضافية لإيواء اللاجئين بشكل مؤقت، إذ يتم إجلاء المزيد من كابول.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي حين أن الولايات المتحدة تشرف على عمليات الإجلاء من كابول، فلن يتوجه كل من تم إنقاذهم إلى القاعدة في قطر. إذ تخطط المملكة المتحدة لإنشاء مراكز لجوء خارجية في دول مثل باكستان وتركيا.

وتخوض الولايات المتحدة وحلفاؤها سباقاً مع الزمن لإجلاء مواطنيهم، إضافة إلى عشرات الآلاف من الأفغان الذين عملوا جنباً إلى جنب مع قوات الناتو، والذين يواجهون الآن خطر انتقام "طالبان". ومن بينهم مترجمون وصحافيون وجنود وحراس في السفارات. وتقدر جماعات مدافعة أن عدد المواطنين الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة قد يصل إلى 20 ألفاً، إلى جانب 53 ألفاً من أفراد عائلاتهم، ولدى جميعهم الحق في الحصول على تأشيرات خاصة للهجرة.

يذكر أن الرئيس الأميركي جو بايدن قد التزم، الثلاثاء، بالموعد النهائي المحدد في 31 أغسطس لاستكمال عملية الإجلاء، واستبعدت "طالبان" أي تمديدات. ويتردد أن المسؤولين الأميركيين قلقون بشأن تقلب الوضع الأمني في المطار بعد ذلك الموعد النهائي.

وقال البيت الأبيض، إن الرئيس الأميركي أخبر قادة مجموعة الدول السبع، الثلاثاء، أن هناك "خطراً إضافياً" متمثلاً في بقاء القوات الأميركية في أفغانستان لما بعد الموعد النهائي، مشيراً إلى تهديد من قوة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية.

يذكر أن إدارة بايدن تواجه انتقادات شديدة بسبب الطريقة التي تعاملت بها مع الانسحاب الأميركي. ورغم أن الجدول الزمني قد بدأ منذ عهد سلفه دونالد ترمب، فإن العديد من المحاربين القدامى ووكالات الإغاثة الأميركية طالبوا منذ أشهر واشنطن بالتعامل باستعجال أكبر مع تمرير تأشيرات الدخول الخاصة للأفغان. لكن مسؤولي بايدن ألقوا باللوم على إدارة ترمب في تأخير الطلبات خلال فترة ولايته.

ويحذر المسؤولون الآن من أنه لن يكون بمقدور كل الأفغان الذين يريدون المغادرة القيام بذلك. ما زالت عائلة رحمن في أفغانستان، ويقول "عائلتي كلها في أفغانستان باستثناء زوجتي. والداي، إخواني، أختي... أنا قلق على سلامتهم وحياتهم".

من ناحية أخرى، لا يزال عدد غير معروف من المترجمين الأفغان مختبئين، غير قادرين على المرور عبر نقاط تفتيش "طالبان" للوصول إلى المطار.

محمد ، وهو مترجم سابق عمل مع القوات الأميركية لثلاثة عشر عاماً، وقضى يومين في المطار مع زوجته وأطفاله الخمسة محاولين الفرار، وصف الوضع في مقابلة مع "اندبندنت" بأنه "مُخزٍ".

قال إنه أجرى "المئات والمئات من المهام" مع الجيش الأميركي، ليتركه الأخير عالقاً عند انسحابه من البلاد.

من جهته، أمضى رحمن الأسبوع الماضي في التفكير في مصير عائلته ومستقبله. ويقول: "أشعر بالحزن الشديد وخيبة الأمل. كنت أعلم أن هذا سيحدث إذا سحبت الولايات المتحدة جنودها من أفغانستان، لكنني لم أكن أتوقع أن يتم ذلك بهذه السرعة... ماذا يمكنني أن أقول؟ إنها بلدي، أنا حزين حقاً على شعبي، حزين على ما يحدث".

لم تتح لرحمن الفرصة لوضع الخطط بعد، لكنه يعرف أنه يريد الاستمرار في عمله. ويقول:

"السيناريو المثالي بالنسبة لي هو أن يأتي شخص ما ويأخذني إلى ألمانيا أو إلى مكان ما. كل ما أريده الآن هو إخراجي من هنا أولاً. الحياة التي كنت أتخيلها دائماً هي أن أصبح مصوراً محترفاً... بصراحة لا أعرف ما الذي سيحدث بعد ذلك، لأنني أنتظر في هذه القاعدة وهم لا يخبروننا بأي شيء. كل ما بوسعي فعله هو الانتظار".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات