هل يتحمل المصريون مرارة ارتفاع تكاليف الشحن العالمي؟

تجرع المصريون معظم التداعيات الصحية السلبية لجائحة كورونا المستمرة على مدار ثلاث سنوات، ومع ذلك، فهم على موعد مع تداعيات سلبية أخرى، ولكن هذه المرة ذات أعراض اقتصادية بعد أن تضاعفت تكلفة شحن البضائع عالمياً بنسبة 900 في المئة منذ عام 2019 ما يهدد بارتفاع مرتقب في أسعار السلع الواردة من الخارج.

90 في المئة من البضائع والسلع تنقل بحرياً

ينقل الشحن البحري ما لا يقل عن 90 في المئة من السلع والبضائع على مستوى العالم، وظهرت الأزمة مع بداية عام الوباء العالمي مروراً بتداعياته السلبية في العام التالي 2020، وتفاقمت هذا العام ما أسهم في ارتفاع تكلفة الشحن البحري عالمياً بنسبة 900 في المئة خلال عامين تقريباً، وهو الارتفاع غير المسبوق الذي تسبب في ارتفاع أسعار السلع والبضائع للمستهلكين، إذ يتم تحميل تكلفة النقل على السعر النهائي وفقاً لصحيفة "ديلي تلغراف".

أزمة غير مسبوقة لكنها لن تستمر

وقال أستاذ النقل البحري في جامعة نيوكاسل بول ستوت، إن النقل البحري يتعرض لأزمات، لكن الأزمة الراهنة غير مسبوقة وفي غاية الأهمية، مضيفاً للصحيفة نفسها أن تلك الأزمة مؤقتة ولن تستمر، وقال، "حدثت فجأة بسبب الوباء وستنتهي فجأة أيضاً"، مشيراً إلى أزمة ارتفاع أسعار الشحن البحري في عام 2007 إضافة إلى أزمة مشابهة تزامنت مع أزمة النفط عام 1973.

ولفت أستاذ النقل البحري إلى أن الأزمات السابقة أخذت وقتاً لتصل إلى حدها الأقصى، ما دفع الأسعار للارتفاع بشكل تدريجي وتراكمي مستدركاً أن الارتفاع الهائل حدث هذه المرة دفعة واحدة، ومؤكداً أن الأمر لا يتعلق بإغلاق أرصفة شحن أو موانئ بسبب التدابير الاحترازية للجائحة فحسب، بل إن هناك مشكلة نقص في الناقلات والحاويات بسبب تراجع إنتاج تلك الصناعة.

ارتفاع تكاليف الشحن بنسبة 900 في المئة

ووفقاً لـ"ديلي تلغراف"، ارتفع الطلب على السفن الناقلة للحاويات بنسبة 12 في المئة وبلغت تكلفة شحن حاوية سعة 40 قدماً من أوروبا إلى أميركا إلى نحو 681 دولاراً، بنسبة ارتفاع بلغت 60.2 في المئة، بينما ارتفعت التكلفة من أميركا إلى أوروبا إلى نحو 6014 دولاراً بنسبة ارتفاع  247.2 في المئة، في حين وصلت تكلفة شحن الحاوية سعة 40 قدماً من الصين أو شرق آسيا إلى الساحل الغربي لأميركا الشمالية إلى 13666 دولاراً، مرتفعة بنسبة 926.7 في المئة، بينما شحنها من الصين وشرق آسيا إلى الساحل الشرقي لأميركا الشمالية ارتفعت تكلفته إلى 16008 دولارات بنسبة ارتفاع تخطت 500 في المئة تقريباً.

42 مليار دولار قيمة فاتورة واردات القاهرة في سبعة أشهر

على المستوى المحلي، تستورد القاهرة نحو 90 في المئة من السلع والبضائع من خارج البلاد، إذ بلغت فاتورة واردات مصر غير البترولية خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي نحو 42.3 مليار دولار بزيادة قدرها 4.3 مليار دولار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي 2020، لترتفع فاتورة الواردات المصرية من الخارج خلال العام الحالي بنسبة 11 في المئة مقارنة بالعام الماضي وفقاً لأحدث تقارير الهيئة العامة المصرية للرقابة على الصادرات والواردات.

خمس دول تستحوذ على 40 في المئة من واردات مصر

وأوضح التقرير أن خمس دول استحوذت على نحو 40 في المئة من واردات القاهرة على رأسها الصين، ثم الولايات المتحدة الأميركية، فالمملكة العربية السعودية وألمانيا، وأخيراً دولة الإمارات العربية المتحدة بقيمة إجمالية بلغت 7.5 مليار دولار، وسحبت القاهرة من بكين سلعاً وبضائع  خلال الشهر السبعة الأولى من العام الحالي بقيمة 3.1 مليار دولار بنسبة استحواذ بلغت 16 في المئة، ثم تلتها أميركا بقيمة 1.5 مليار دولار بنسبة استحواذ ثمانية في المئة، بينما استحوذت السعودية على 6.3 في المئة من إجمالي واردات مصر بقيمة 1.179 مليار دولار، في حين صدرت دولة  الإمارات سلعاً وبضائع إلى القاهرة  بنسبة 3.9 في المئة بقيمة 742.061 مليون دولار.

ارتفاع في أسعار السلع بنسبة 15 في المئة خلال شهرين

من جانبه، قال عضو شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، أحمد شيحة، إن أزمة تفاقم ارتفاع تكاليف الشحن العالمية بدأت تلقى بظلالها على السوق المحلية، مضيفاً أن ارتفاع تكلفة الشحن العالمية انعكست جزئياً في الفترة الحالية والماضية على بعض السلع، ومؤكداً أن أسعار سلع الأدوات المنزلية المستوردة من الخارج ارتفعت بنسبة لا تقل عن 20 في المئة خلال شهري يوليو (تموز) الماضي، وأغسطس (آب) الحالي، متوقعاً أن تشهد باقي السلع ارتفاعات مماثلة بنسبة لا تقل عن 50 في المئة بعد زيادة تكلفة الشحن عالمياً، لافتاً إلى أن تكلفة الشحن للحاوية الواحدة الواردة من الصين ارتفعت من 2500 دولار إلى ما يقارب 18 ألف دولار تقريباً منذ نهاية عام 2019 بينما تكلفة نظيرتها الواردة من الهند ارتفعت من أربعة آلاف دولار إلى 6.5 ألف دولار خلال العام الحالي.

توقعات بارتفاع أسعار السلع بنسبة 50 في المئة

وقال رئيس غرفة الإسكندرية التجارية أحمد الوكيل، إن مصر من الدول التي تعتمد على الاستيراد بنسبة كبيرة، وهو ما يعني أن أي ارتفاع في دورة العملية الاستيرادية سينعكس على السلع المستوردة، وبالتالي سيُحملها المستورد على السلع ليتحمل عبئها المستهلك النهائي، موضحاً أن ارتفاع تكلفة الشحن سترفع أسعار الشحنات الجديدة المتعاقد عليها بنسبة لن تقل عن 35 في المئة علاوة على ارتفاع أسعار الخامات العالمية لأسباب مختلفة منها التغيرات المناخية التي تضرب دولاً عديدة، خصوصاً الدول الأكبر تصديراً في العالم مثل البرازيل أو الهند أو الصين، لافتاً إلى أن أسعار الخامات ارتفعت بالفعل  بنسبة لا تقل عن 15 في المئة لتصل جملة الزيادات المتوقعة خلال الفترة المقبلة إلى نحو 50 في المئة على الأقل.