Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رفع سعر الدولار أمام الدينار يزيد معاناة العراقيين

انخفاض القدرة الشرائية وسط ظروف معيشية صعبة

أصحاب الدخل المحدود والطبقات الفقيرة الأكثر تضررا من رفع سعر الدولار أمام الدينار العراقي (اندبندنت عربية)

فاقم ارتفاع سعر الدولار الأميركي أمام الدينار العراقي من معاناة أبناء بلاد الرافدين، ما دفع المواطنين إلى التقشف لتسيير أمورهم، وسط ظروف معيشية صعبة.

رفع سعر بيع الدولار

وقرر البنك المركزي العراقي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي رفع سعر بيع الدولار للبنوك وشركات الصرافة إلى 1460 ديناراً، من 1182 ديناراً للدولار الواحد، بهدف تعويض تراجع الإيرادات النفطية الناجم عن تدهور أسعار النفط، وعزا البنك المركزي السبب الرئيس وراء تخفيض قيمة الدينار سد فجوة التضخم في ميزانية 2021 بعد انهيار أسعار النفط العالمية، وهو مصدر رئيس للموارد المالية العراقية، وذكر أن "الأزمة المالية التي تعرض لها العراق بسبب جائحة كورونا أدت إلى حدوث عجز كبير في الموازنة العامة"، ولفت في بيانه إلى أن سعر شراء الدولار الواحد من وزارة المالية سيكون 1450 ديناراً، بينما سعر بيع الدولار للمصارف عبر نافذة بيع العملة الأجنبية يساوي 1460 ديناراً.

وكشفت اللجنة المالية النيابية في وقت سابق، عن بقاء سعر الصرف على وضعه الحالي خلال السنوات الخمس المقبلة.

انخفاض القدرة الشرائية

وتسبب رفع سعر الدولار وتخفيض قيمة الدينار العراقي في انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.

ويقول المواطن علي أحمد، وهو صاحب أحد المتاجر، إن "أسعار السلع الغذائية بدأت في الارتفاع تدريجاً منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وشهدت في الشهرين الماضيين ارتفاعاً كبيراً"، وأكد أن "المواطن بدأ يصرخ من الوضع العام الذي يعيشه بسبب الارتفاع الكبير للأسعار".

ويعتبر محمد محسن، وهو بائع فواكه وخضروات في إحدى أسواق بغداد المركزية أن القدرة الشرائية للعائلات العراقية انخفضت بسبب ارتفاع الدولار أمام الدينار العراقي، وأيضاً بسبب تداعيات كورونا، ويضيف، "معظم أصحاب المهن تضرر حتى أن بعضهم قام بإغلاق متاجره".

وكانت السلطات العراقية اتخذت سلسلة إجراءات للحد من غلاء الأسعار في الأسواق المحلية، إلا أن الأسعار واصلت ارتفاعها.

أهداف الحكومة

وقال الخبير الاقتصادي إيفان شاكر، "مر أكثر من تسعة أشهر على قرار تخفيض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار، بنسبة ما يقارب 23 إلى 25 في المئة، والأهداف الرئيسة للحكومة وراء تخفيض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار، تمثلت في دعم الصناعة المحلية، ووقف تهريب الدولار إلى خارج البلاد من خلال بيع مزاد العملة، وكذلك تغطية نفقات رواتب الموظفين"، ورأى شاكر أن "غالبية الأهداف التي حددتها الحكومة من خلال خفض قيمة الدينار العراقي خلال هذه الفترة لم تستطع تحقيقها، وفشلت في دعم وتطوير الصناعة المحلية، وأيضاً خلال هذه الفترة، قفزت معدلات التضخم بأرقام قياسية، ما أثر سلباً على المواطنين"، وأكد أن "الحكومة فشلت في وقف تهريب العملة الصعبة (الدولار)، وأن قرارها خفض قيمة الدينار، كان بطريقة عشوائية من دون مراعاة القدرة الشرائية للمواطنين، وحتى من دون مراعاة الاقتصاد العراقي الكلي، وهو قرار بعيد كل البعد عن الفكر الاقتصادي الحديث".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدد شاكر على أنه "كان من المفترض على الحكومة أن تخفض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار تدريجاً، وبطريقة سلسة، ولكن تم تنفيذ القرار بطريقة مفاجئة من دون أي إيعاز مسبق، ولم يحدث بشكل تدريجي، ما سبب صدمة كبيرة للاقتصاد العراقي، كما سبب ركوداً غير مسبوق في الأسواق العراقية، وخسائر جسيمة طالت معظم القطاعات".

ولفت إلى أنه كان "من المفترض على الحكومة أن تخفض قيمة الدينار العراقي تدريجاً ما بين خمسة وسبعة في المئة، ومع تنفيذ التخفيض، كان من المفترض على البنك المركزي ضخ سيولة كبيرة عن طريق إعطاء قروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وبعد فترة معينة، وفي حال تحقق الهدف المرجو من نسبة النمو المستهدف، تبدأ الخطوة الثانية من خلال تخفيض قيمة الدينار بالنسبة السابقة نفسها مع ضخ سيولة مرة أخرى بالنسبة نفسها، وفي حال لم يتحقق الهدف المرجو من النمو، كان من الممكن أن يتوقف التخفيض عند رقم معين، لأن الاقتصاد مرن، وعلى صاحب القرار أن يكون مرناً في إدارة الملف الاقتصادي"، وأسف شاكر لـ"الطريقة العشوائية في تخفيض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار ما أضر بالقطاعين العام والخاص معاً".

أحد الحلول

لكن الخبير في الاقتصاد الدولي، نوار السعدي، رأى في خفض قيمة العملة المحلية أمام الدولار أحد الحلول التي تلجأ إليها بعض الدول، والهدف منها دعم المنتج المحلي، للحد من ظاهرة هدر العملة في الاستيراد، أو في بعض الحالات، في الدول المصدرة التي تقوم بتخفيض عملتها المحلية، للاستفادة من فرق العملة بالنسبة للمستوردين من البلدان الأخرى، كما يحصل الآن في الصين.

توفير الأرضية المناسبة

أضاف السعدي، "ما حصل في العراق، عكس هذا المفهوم تماماً، إذ إن الحكومة، في بداية الأمر، عندما أعلنت خفض الدينار، كان الهدف سد العجز المالي في الموازنة، ودعم المنتوج المحلي، وتقليل ظاهرة الاستيراد من الخارج، لكن في الواقع، انخفضت قيمة الرواتب بشكل غير مباشر ومعلن، على سبيل المثال، الموظف الذي كان يتقاضى راتباً مقداره 600 ألف دينار عراقي، قيمة هذا الراتب في ذلك الوقت كانت تساوي 500 دولار أميركي، أما الآن، فقيمة الراتب نفسه تساوي 400 دولار، ومع زيادة الأسعار على السلع والخدمات بشكل عام، أدى ذلك إلى انكماش حاد في السوق العراقية، وشل حركة النشاط الاقتصادي بشكل عام، وزيادة في نسب التضخم بنسبة أربعة في المئة بحسب الجهاز المركزي للإحصاء في بغداد، وتضرر القطاع الصناعي وقطاع النقل بشكل كبير من هذا القرار، وحتى الآن، لم تتمكن الحكومة من إدارة هذا الملف، لذا كان ينبغي قبل الذهاب إلى هذه الخطوة توفير الأرضية المناسبة عن طريق دعم القطاعات الصناعية والزراعية في البلد".

قراءات الحاضر

وتابع السعدي، "دائماً نقول إنه من دون وجود مشاريع استراتيجية مثل صناعة الحديد والصلب، وصناعات البتروكيماويات، لن يكون لقرار الحكومة فائدة في دعم الصناعة العراقية، لأن الصناعة في العراق تحويلية وتقتصر على تغليب المنتجات المصنعة في الخارج، إضافة إلى أن المصنعين العراقيين يستوردون كل المواد الأولية، وحتماً سيتأثرون بارتفاع سعر الدولار"، وشدد على "ضرورة أن تعيد الحكومة قراءات الحاضر المالي بخاصة بعد الانفراج في المتغير النفطي، وارتفاع أسعار النفط مجدداً، ووضع المعالجات والحلول السريعة لتدارك الأوضاع في البلاد خشية تفجر معدلات البطالة والفقر وعدم السيطرة على آثار ذلك في المستقبل القريب".

وكانت وزارة التخطيط العراقية كشفت في أبريل (نيسان) الماضي عن ارتفاع نسبة الفقر في البلاد إلى ما بين 26 و27 في المئة، وسط ارتفاع معدلات البطالة، وقلة فرص التوظيف في القطاعين الحكومي والخاص.

اقرأ المزيد