Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

4 أجراس قرعتها "طالبان" في كابول بعد الانسحاب الأميركي

إعادة بعث الجماعات المتطرفة واهتزاز الموثوقية بواشنطن كحليف من أبرز التأثيرات التي قد تضرب المنطقة بعد المتغيرات في أفغانستان

المتغير الكبير في أفغانستان لا يعني ذلك البلد بمفرده، إذ تضرب تلك الأحداث بتأثيراتها محيط الدولة المضطربة، القريب والبعيد على حد سواء، خاصة منطقة الشرق الأوسط الكبير، وفق تقديرات الباحثين.

وبعد أن سيطرت "طالبان" على كابول توقع مدير "مركز كارنيغي للشرق الأوسط"، بول سالم، حدوث 4 متغيرات ستضرب الشرق الأوسط، إذ جزّأ الانسحاب الفوضوي الذي نفذته أميركا من أفغانستان، وطرح أسئلة يمتد قوسها من إيران إلى العراق وسوريا ومنطقة الخليج العربي، تتمحور حول أثر تقدم الحركة الأفغانية على كل ركن من أركان الشرق الأوسط.

بعث الجماعات المسلحة من جديد

يعتبر سالم أن دخول "طالبان" إلى كابول أثار مشاعر الحماس لدى الجماعات المسلحة الإرهابية في المنطقة، التي رأت أن هذا الانتصار ووصول الحركة إلى الحكم بعد صبر 20 عاماً هو "انتصار للإسلام والمسلمين"، ما أعطاها شحنة معنوية. ويضيف أن "انتصار "طالبان" جاء بمثابة إثبات لمفهوم التجنيد الرئيس للحركات المتطرفة، فيما يتوقع زيادة التجنيد لدى هؤلاء، ما سيتسبب بزيادة المخاطر على مصالح الولايات المتحدة". ويشاركه الرأي وزير الدفاع الأميركي السابق ليون بانيتا الذي قال في مقابلة تلفزيونية، إن "طالبان"، "ستوفر ملاذاً آمناً لـ"القاعدة" و"داعش" والإرهاب بشكل عام. هم إرهابيون، وسيدعمون الإرهابيين".

وعلى الرغم من محاولة "طالبان" الظهور بمظهر الاعتدال، وحرصها على ألا تعود بصورتها القديمة، فإن العفو العام عن السجناء ما هو إلا عودة إلى الإرهاب في المنطقة، كما يرى آرون زيلين، الباحث في مجال الجماعات المتطرفة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط، أن "العفو العام الذي أصدره الزعيم في الحركة هبة الله أخوند زادة، بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين من كل سجون البلاد أدى إلى إطلاق سراح ناشطي "القاعدة" الذين يحتمل أن يكونوا أعضاء في مجموعات إرهابية أخرى".

ويبدو أن الإرهاب لن يختفي من أفغانستان، خاصة بعد قول الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة 20 أغسطس (آب) الماضي، في خطابه حول الوضع في أفغانستان، "إننا نراقب عن كثب أي تهديد إرهابي محتمل في المطار أو حوله بما في ذلك من عناصر "داعش" في أفغانستان الذين أطلق سراحهم من السجن عندما تم إفراغ السجون".

ونشرت الأمم المتحدة الشهر الماضي، تقييماً يستند إلى معلومات استخبارية وردت من الدول الأعضاء تفيد بأن تنظيم "القاعدة"، "موجود في 15 مقاطعة أفغانية على الأقل"، وأن "القاعدة في شبه القارة الهندية" التابعة للجماعة المذكورة، "تعمل تحت إشراف حماية "طالبان" من مقاطعات قندهار وهلمند نيمروز.

لكن الباحث بول سالم يقول، إن "اختفاء الجماعات الإرهابية يعتمد على ما ستفعله "طالبان" في أفغانستان، فهل ستكون قادرة على الحفاظ على البلاد وتحقيق الاستقرار فيها؟ أم ستغرق في جولة جديدة من الحرب الأهلية والإقطاعيات المتنافسة؟ وهل ستستقبل "طالبان" أو تسمح لـ"القاعدة" و"داعش" بالعودة إلى البلاد، كما تشير بالفعل بعض التقارير الاستخباراتية في المنطقة أم أنها ستكون راضية عن حكم البلاد مع إبعاد نفسها عن معركة الإرهاب الدولي وشبكات المتشددين؟".

المد الإيراني في المنطقة

من جهة أخرى، يرى سالم أنه "كما أعطى الانسحاب الفوضوي الأميركي دافعاً للجماعات المتشددة السنية في المنطقة، من المؤكد أن هذا الانسحاب عزز فصائل إيران الشيعية هناك أيضاً". وأضاف أن "الدرس الذي تعلمته إيران من انتصار "طالبان" هو أن الولايات المتحدة هي نمر من ورق، وأنه إذا زادت إيران مع حلفائها ووكلائها الضغط في العراق وسوريا وربما أيضاً في اليمن ولبنان، فإن النصر الإيراني الكامل والتراجع الأميركي ممكن. ومن المرجح أن يؤدي هذا التصور إلى تصعيد الطموحات الإيرانية وتفاقم عدم الاستقرار المحلي في تلك الساحات المتنازع عليها".

في السياق ذاته، رأى الكاتب السعودي مشاري الذايدي، أن "ما تعلمته إيران من تسليم أرض وقدرات أفغانستان إلى "طالبان" بالمفتاح، ولا أقول انتصار طالبان، خلاصته: تفاوض مع الأميركيين والدول والأخرى بوجه ناعم، وعلى الأرض نفذ كل برامجك الأيديولوجية من عمليات مسحلة وعدائية، ففي النهاية سيقبل بك الأميركيون والغرب، ولتذهب الرسالة الديمقراطية الغربية إلى سلة المهملات". وأضاف الذايدي، أن "النظام الإيراني يبعث إلى عواصم الغرب مثل فيينا، والطواقم الدبلوماسية المبتسمة أمثال محمد جواد ظريف وزير الخارجية السابق، ويتلاعب بعواطف وعقول ثلة من اليساريين في أميركا وأوروبا مرتدياً زي السياسي العالمي الثوري، لكن على الأرض في سوريا والعراق ولبنان واليمن يتجول الإرهابي الأكبر قاسم سليماني مستبيحاً حرمات الدول العربية زارعاً العصابات الطائفية مهجراً للأهالي من مدنهم في سوريا والعراق"، إلا أن طهران تنفي في أكثر من مناسبة تورطها في كثير من هذه الحروب بخاصة اليمن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورجح الصحافي السعودي أن "طالبان"، "ربما تفعل الأمر ذاته وتقتدي بلعبة الحليفة إيران، وهذا يجعلها أخطر من السابق قبل 20 سنة، يوم كانت جماعة بشتونية محلية متطرفة في جبال الهندوكوش، لا تخفي جلافتها وتطرفها. اليوم، تطورت الحركة، لكن في احتراف الخداع مثل أصدقائها من ربابنة النظام الخميني في طهران".

الانسحاب من العراق وسوريا

وبعد الانسحاب الفوضوي الأميركي من أفغانستان، تدور نقاشات حول مدى إمكانية تكرار السيناريو الأفغاني في العراق. فقد كان الرئيس الأميركي جو بايدن في 26 يوليو (تموز) الماضي، قد أعلن إنهاء المهمات القتالية للقوات الأميركية في العراق بحلول نهاية عام 2021. ويثير ذلك تساؤلاً حول ما إذا كان من الممكن أن يعزز هذا الإعلان، احتمال حدوث انسحاب شامل في وقت لاحق إلا أن بايدن ذكر أن قواته ستواصل التدريب وتقديم المشورة للجيش العراقي. وتطرق بول سالم إلى مدى احتمال تكرار المشهد الأفغاني على الساحة العراقية، فوضع الوجود الأميركي في العراق وسوريا موضع تساؤل، "فإذا كان بايدن على استعداد للانسحاب من أفغانستان على الرغم من كل العواقب الوخيمة على مصداقية الولايات المتحدة وعودة الإرهاب، فما مدى عمق التزامه بالبقاء في العراق وسوريا؟".

في هذا السياق، يقول الكاتب السعودي إن "الهدف الوحيد لرحيل أو بقاء أي شكل من القوات الأميركية في العراق وسوريا مركز أساساً على مواجهة الخطر الإرهابي من "داعش"، كما قال جون كيربي، المتحدث باسم البنتاغون، في يناير (كانون الثاني) الماضي". ويشير الذايدي إلى أن "السياسة الأميركية الانسحابية في المنطقة تعني تسليم الدولة والأرض لخلفاء سيئين، سواء إيران في العراق وشطر من سوريا أو "طالبان" وأعوانها من "القاعدة" والتشكيلات الإخوانية الدولية المدعومة من تركيا وقطر وغيرهما". ويذكر الذايدي أن "هذا الواقع لا يصب في صالح دعم سياسات الاستقرار والتنمية والاعتدال الديني، فأي اعتدال وراحة بال وملاقاة للطرح التنموي وبعد عن تهيجات وخرافات الطرح الإخواني ومشتقاته سيوجد مع تملك قادة "طالبان" أو قادة إيران للأرض التي غادرتها واشنطن؟".

حليف غير موثوق به

بعد أن أنهى بايدن ما بدأه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في الانسحاب من أفغانستان، إلا أنه لم يفِ بالانسحاب المنظم الذي وعد به، وأخذ حلفاء الولايات المتحدة يراقبون عملية صنع القرار الأميركي بالنسبة لأفغانستان، فالرئيس الأميركي الحالي الذي خاض الانتخابات على أساس تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، تجنب هذه القضايا في أفغانستان. وذكر الباحث بول سالم، أن "الانسحاب الأميركي يظهر لحلفائها في المنطقة أنها شريك غير موثوق به".

وهذا ما أكده النائب ستيف شابوت في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، بقوله إن "الانسحاب الفوضوي من أفغانستان يضر بقوة الولايات المتحدة في الخارج ويترك الحلفاء يشككون بالولايات المتحدة، ويطرح سؤالاً، وهو: هل سيظل حلفاؤنا يثقون بنا؟ وهل سيظل أعداؤنا يخشوننا؟".

هذا ما حدث مع حلفاء الولايات المتحدة الذين انتقدوا قرار الانسحاب علناً، وعقد الاتحاد الأوروبي جلسة طارئة لوزراء الخارجية في شأن أفغانستان، ووجه المسؤولون انتقادات نادرة لواشنطن لأنها تخاطر بتدفق اللاجئين إلى حدودهم وعودة الإرهاب إلى المنطقة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير