Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أنقذ المغتربون الموسم السياحي التونسي؟

العائدات بلغت 409.6 مليون دولار حتى 10 أغسطس 2021

يسهم القطاع السياحي بنسبة 13.8 في المئة من الناتج الداخلي الخام لتونس (أ ف ب)

تأثر النشاط الاقتصادي في تونس من تداعيات جائحة كورونا التي عصفت بقطاعات حيوية واستراتيجية عدة تعوّل عليها البلاد للخروج من أزمتها المالية الخانقة عبر جذب النقد الأجنبي والتقليص من حلقة الديون، التي وصلت إليها تونس في الأعوام الثلاثة الأخيرة.

وعانى القطاع السياحي بشكل لافت ليس من الأزمة المالية والهيكلية التي يمر بها منذ أعوام فحسب، بل من تأثيرات الموجات المتتالية لـ"كوفيد-19" وآخرها المتحورة "دلتا".

وفي الوقت الذي استعد القطاع لاستقبال آلاف السياح، بخاصة الأوروبيين، ضربت الموجة الرابعة من الفيروس تونس التي سجّلت كمعدل 150 وفاة يومياً وعشرات آلاف الإصابات. 

ويسهم القطاع السياحي بنسبة 13.8 في المئة من الناتج الداخلي الخام للبلاد ويوفر العمل لنحو مليون شخص.

موسم استثنائي وصعب

يقرّ معز بن حسين، المدير العام للديوان الوطني التونسي للسياحة (حكومي)، أن الموسم السياحي لعام 2021 يُعدّ استثنائياً وصعباً جداً في الوقت ذاته، بسبب تداعيات كورونا.

ويقول لـ "اندبندنت عربية" إن "الموجة الرابعة بخاصة المتحورة دلتا، وارتفاع عدد الوفيات والإصابات بشكل متسارع، دفعا إلى اتخاذ إجراءات صارمة بشأن الوجهة السياحية التونسية".

ومن ضمن هذه التدابير، تصنيفها ضمن القائمة الحمراء ذات المخاطر الصحية المرتفعة ومنع السفر على الرعايا الأوروبيين، تحديداً من فرنسا، التي تُعتبر السوق الأولى لتونس.

ويوضح بن حسين أن بلاده لا تزال تحظى بثقة أسواق أوروبا الشرقية، بخاصة روسيا وتشيكيا وبولونيا، بحيث تتواصل الرحلات الجوية غير المنتظمة.

وبلغة الأرقام، كشف عن أن عدد الوافدين منذ بداية العام حتى 10 أغسطس (آب) الحالي، بلغ 1 مليون و426 ألف سائح، فيما وصلت العائدات إلى 409.6 مليون دولار. 

المغتربون أنقذوا ما يمكن إنقاذه

وعما إذا أسهمت عودة المغتربين التونسيين إلى وطنهم في تنشيط القطاع السياحي، يؤكد بن حسين أن عدد الذين لجأوا إلى المؤسسات السياحية ارتفع بنسبة 30 في المئة بالمقارنة مع العام الماضي، معتبراً ذلك أمراً مشجعاً وأعطى متنفساً حقيقياً للقطاع.

ويشير إلى أهمية السياحة الداخلية من خلال ارتياد 789 ألف تونسي مؤسسات الإيواء السياحي منذ بداية العام حتى يوليو (تموز) الماضي، وأمضوا 1 مليون 589 ألف ليلة مقارنة بـ1 مليون و284 ألف ليلة في الفترة ذاتها من العام الماضي.

الاستعداد لفترة ما بعد الذروة

ولئن عرف الموسم السياحي صعوبات جمة، بخاصة في مرحلة الذروة (يوليو وأغسطس)، فإن المشرفين على القطاع شرعوا في الاستعداد لمرحلة ما بعد الذروة التي ستنطلق في منتصف سبتمبر (أيلول) إلى نهاية العام.

ويكشف بن حسين عن أن التدابير اللازمة اتُّخذت من خلال تنظيم حملة اتصالية لدى متعهدي الرحلات العالمية، متسلحين بتسارع نسق التطعيم للشعب التونسي الذي سيصل في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل إلى المناعة الجماعية، وهو ما يجعل البلاد وجهة صحية وآمنة، علاوة على أن جلّ العاملين في القطاع السياحي أتموا عملية التحصين.

وأعرب عن أمله في أن تنقذ فترة ما بعد مرحلة الذروة الموسم السياحي والاستعداد للأعوام المقبلة.

يشار إلى أن وزير السياحة التونسي الحبيب عمار كان صرّح في السابق أن الانطلاقة الحقيقية للسياحة التونسية ستكون بداية من 2022 و2023.

موسم للنسيان 

يعتبر زبير الجبابلي، الصحافي المتخصص في الشؤون السياحية، أن الموسم السياحي لهذا العام دخل طي النسيان وشهد فشلاً ذريعاً، موضحاً أن ذروته تتزامن مع شهري يوليو وأغسطس وعادة ما يحقق خلالها نحو 60 في المئة من رقم معاملاته، غير أن الموسم الحالي لم يبلغ الأهداف المرسومة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعزو الجبابلي هذا الفشل إلى الموجة الرابعة من كورونا، التي ضربت البلاد منذ بداية مايو (أيار) الماضي، لتبلغ ذروتها مع شهري يونيو (حزيران) ويوليو، أي مع بدء وصول السياح إلى تونس.

وأمام هذا الوضع، خُيّر جلّ السياح بين عدم المغامرة والمجيء إلى تونس والبقاء في بلدهم على غرار السياح الفرنسيين أو اختيار وجهة سياحية أخرى، بخاصة مصر أو المغرب.

لم يعد بالإمكان الحديث عن موسم سياحي

من جانبه، يعتبر جابر بن عطيوش، رئيس جامعة وكالات الأسفار، أنه أمام الظرف الراهن لم يعُد بالإمكان الحديث عن موسم سياحي، ملقياً باللوم على مسؤولي وزارة السياحة الذين لم يستعدوا كما ينبغي لذروة الموسم السياحي، لا سيما أن الحجوزات تتم عادة قبل أشهر.

أما بالنسبة إلى الأسواق التقليدية التي تتعامل معها تونس، فهي ليست موجودة على الساحة، وشهدت عزوفاً، بخاصة الفرنسية والإيطالية والألمانية منها.

ويقول "كان من المفترض أن ينطلق المسؤولون عن قطاع السياحة في حملتهم الترويجية باكراً وأن يدرجوا تونس في خريطة كبرى لمتعهدي الرحلات الدولية عبر إعطاء المؤشرات الصحيحة ووضع مخطط لتطعيم كامل للقطاع السياحي، ولكن وللأسف تأخرنا مقارنة بمنافسينا".

ويضيف "كنا قادرين على إنقاذ ما بين 70 و80 في المئة من الموسم السياحي الحالي. اليوم صرنا نتحدث عن ضرورة إنقاذ ما بقي من الموسم السياحي، وهو ما بعد الموسم أي أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر (تشرين الثاني) مع إمكانية ضئيلة لإنقاذ آخر شهر أغسطس".

وعن أهمية السياحة الداخلية في إنقاذ جانب من الموسم، يقول إنها سوق قائمة بذاتها وليست مجرد بديل، لكن في ظرف معين تُستغل كبديل كما في الأزمات.

وتسهم السياحة الداخلية، بحسب بن عطيوش، بنسبة 27 في المئة من جملة الحجوزات، ما يعني أنها من الأسواق الأولى والرئيسة على مستوى عدد الليالي المقضاة والحجوزات، لافتاً إلى أن الأسعار المخصصة للسائح التونسي مرتفعة وذلك لأن دخله مقارنة بالسائح الأوروبي يُعتبر ضعيفاً.

وعن أهمية عودة المغتربين التونسيين إلى وطنهم، يقول بن عطيوش إنهم يستحقون امتيازات أكثر، نظراً إلى دورهم في جلب العملة الصعبة إلى البلاد وإنقاذ الدولة.

ولكن وفق اعتقاده، فإن "شركة الخطوط الجوية التونسية التي كانت تعدل أسعار الخدمات للمغتربين تعاني اليوم أزمة كبيرة قد تعصف بها، والمطلوب حالياً هو الحفاظ على هذه المؤسسة التي كانت تخلق التوازن، إذ كانت في السابق قادرة على توفير أسعار تفاضلية للتونسيين في الخارج"، مشيراً إلى أن "وزير النقل وعد بأن تُراجَع الأسعار، ولكن اليوم سعر التذكرة يصل إلى 800 و900 يورو (نحو 936 إلى 1053 دولاراً)".

ويقول إن المنظومة كاملة تقتضي المراجعة والعمل على تفعيل اتفاقية السماوات المفتوحة في أقرب الآجال ودعم شركات الطيران الداخلية التونسية.

ويوضح أن الحكومة المغربية دعمت نقل مواطنيها في الخارج، لأنهم عندما يعودون إلى بلادهم سيستثمرون وسيمضون عطلتهم وسيجلبون العملة الصعبة، فاستراتيجية الرباط تقوم على الاستثمار في مواطنيه على الرغم من الخسارة في سعر الطائرة. 

أما في تونس، وفق بن عطيوش، "فقراءة السلطات للوضع لم تكُن مثل المغرب. نحن في تونس نبحث عن كيفية إرجاع الخسائر من دون تفكير على المدى المتوسط. في بعض الأحيان، يمكن أن تخسر الخطوط الجوية لتربح البلاد".

اقرأ المزيد