Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الشركات والصناديق الأميركية تستهدف الأصول البريطانية

صفقات تثير مخاوف أمنية وقلقاً على مستقبل السوق في حال إلغاء إدراجات

الشركات البريطانية تبدو أرخص للأميركيين (رويترز)

بدأت أسهم شركة "ميغيت" البريطانية لصناعات مكونات الطائرات، المتعاقد الرئيس مع وزارة الدفاع البريطانية، تعاملات الأسبوع على ارتفاع بنسبة 56 في المئة، بعد إعلان رئيس الشركة أن مجلس الإدارة يدعم عرض شركة "باركر" الأميركية لشرائها، في صفقة بقيمة تقارب تسعة مليارات دولار (6.3 مليار جنيه استرليني).

ونصح رئيس شركة "ميغيت"، السير نايجل رد، المساهمين بقبول عرض الشركة الأميركية الذي يتضمن زيادة بنسبة 71 في المئة على سعر السهم لدى إغلاق السوق في لندن نهاية الأسبوع الماضي، الجمعة. وتعهدت شركة "باركر" بالحفاظ على العاملين في الشركة وعلى مقرها الرئيس في بريطانيا، وكذلك على ميزانية البحوث والتطوير في الشركة البريطانية العريقة. لكن توم ويليامز، رئيس شركة "باركر"، قال إن هذه التعهدات لمدة عام فحسب باستثناء البحوث والتطوير الذي يظل التزاماً دائماً.

ويخشى البعض من أن تقوم الشركة الأميركية، في حال إتمام صفقة الاستحواذ، بخفض الوظائف وتسريح عاملين. ويعمل في شركة "ميغيت" تسعة آلاف شخص، ينتشر قسم كبير منهم في 39 موقعاً في أرجاء بريطانيا. وتصنع الشركة أنظمة للطائرات المدنية والعسكرية مثل الكوابح وأنظمة الهبوط. إذ تصنع الشركة مكونات متعددة للطائرات مثل المجسات وغيرها لشركتي "بوينغ" و"إيرباص" ومكونات للطائرات المدنية والحربية. وهي من الموردين الرئيسيين لوزارة الدفاع البريطانية.

ويرجع تاريخ تأسيس شركة "ميغيت" إلى عام 1850، وبدأت تصنيع عدادات الارتفاع "ألتيميتر" للمناطيد الهوائية. والآن توجد مكونات تنتجها الشركة في أكثر من 70 ألف طائرة مدنية وعسكرية حول العالم.

أما شركة "باركر – هانيفين" المسجلة على مؤشرات سوق "وول ستريت" في نيويورك وتبلغ قيمتها السوقية 40 مليار دولار، فلديها 55 ألف عامل، يوجد أكثر من ألفين منهم في مصانعها في بريطانيا.

أمن قومي

وليست صفقة شراء "باركر" الأميركية شركة "ميغيت" البريطانية الأولى في مجال الصناعات الدفاعية، في الفترة الماضية. فقبل أسابيع أعلن عن استهداف شركة "كوبهام" الأميركية الاستحواذ على شركة "ألترا إلكترونيكس" البريطانية التي تنتج مكونات إلكترونية للصناعات الدفاعية الجوية وغيرها ومن المتعاقدين مع وزارة الدفاع البريطانية. وشركة "كوبهام" مملوكة لصندوق الاستثمار "أدفنت إنترناشيونال"، الذي عرض أكثر من 3.6 مليار دولار (2.6 مليار جنيه استرليني) لشراء "ألترا إلكترونيكس" البريطانية. وبعد شراء صندوق "أدفنت" الشركة الأميركية العام الماضي ألغى إدراجها في السوق الأميركية وحولها إلى شركة خاصة.

ومن شركات الصناعات الجوية أيضاً التي اشترتها صناديق أميركية شركة "سيغنيتشر افييشن" للطائرات الخاصة، التي يرأسها السير ناجل رد أيضاً، وبيعت لصندوق "غلوبال إنفراسكركتشر بارتنرز" الأميركي في صفقة بقيمة 4.6 مليار دولار.

بعد إعلان شركة "ميغيت" عن الصفقة المعروضة من الأميركيين، أعلن وزير الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية البريطاني، كواسي كوارتنغ، أنه "يراقب الوضع عن كثب". ونشرت الصحف البريطانية أن الحكومة تدرس صفقة "ميغيت" و"ألترا إلكترونيكس" من النواحي كلها، خصوصاً في ما يتعلق بمسائل الأمن القومي البريطاني باعتبارهما ينتجان مكونات دفاعية "حساسة" تورد لوزارة الدفاع البريطانية.

ذلك بالطبع إلى جانب إجراءات الهيئات واللجان الرسمية البريطانية بفحص تلك الصفقات من ناحية اتساقها مع قواعد السوق وحرية المنافسة والجوانب القانونية الأخرى.

إغراء بريطانيا

وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، بلغ عدد صفقات شراء الصناديق الأميركية شركات بريطانية في النصف الأول من العام الحالي، 13 صفقة بقيمة نحو 31 مليار دولار، معظمها صفقات ما يسمى "شركات عامة تتحول إلى خاصة". ويبلغ عدد تلك الصفقات وحجمها ضعف استحواذ الأميركيين على أصول بريطانية في العام الماضي كله، وأكبر صفقات شراء أميركية لأصول بريطانية في ستة أشهر منذ 2017.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالطبع، تعد محاولات صناديق الاستثمار الأميركية شراء سلسلة محال "موريسون" الأشهر بين تلك الصفقات، لكن الصفقات تتجاوز قطاع التجزئة إلى قطاع العقارات والخدمات الصحية والصناعات الدفاعية.

ربما لا تعد مخاوف مسألة الأمن القومي بالأهمية الكبيرة، في ظل التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة وبريطانيا. ومعروف أن الترسانة النووية البريطانية من صواريخ الغواصات تُصان في الولايات المتحدة. إنما هناك مخاوف من قبل مستثمرين بريطانيين بشأن تحويل الشركات من عامة (مدرجة في البورصة) إلى شركات خاصة بعدما تشتريها صناديق الاستثمار الأميركية. ويشكل ذلك تحدياً لسوق لندن، التي يمكن أن تفقد عدداً من الشركات المهمة التي يستثمر فيها البريطانيون.

أما سر إقبال الصناديق الأميركية على شراء الأصول البريطانية فيرجع إلى عوامل عدة، أهمها أن الشركات البريطانية تبدو أرخص للأميركيين وأعلى ربحية، خصوصاً أن صناديق الاستثمار غالباً ما تشتري الشركات لتبدأ في بيعها مرة أخرى، أو بيع أجزاء منها لتحقيق أرباح. فمع توافر سيولة كبيرة لتلك الصناديق نتيجة انخفاض أسعار الفائدة إلى قرب الصفر، يمكنها الاقتراض لشراء الأصول بكلفة قليلة جداً. لكنها في النهاية مضطرة إلى دفع مقدم. وهناك تجد الصناديق الأميركية السوق البريطانية أرخص كثيراً من السوق الأميركية.

فحسب تقديرات شركة السمسرة في البورصة "بيل هنت"، فإنه بمعيار السعر مقابل العائدات على مدى 12 شهراً فإن السوق البريطانية "أرخص من السوق الأميركية بنسبة 40 في المئة، ومن السوق الأوروبية بنسبة 25 في المئة... فالشركات المدرجة على مؤشر (أس أند بي) للشركات الكبرى تقيم بنحو 23 ضعف عائداتها، بينما الشركات في لندن تقيم بمعدل 14 ضعف العائدات".

وبالنسبة إلى مخاوف إلغاء الإدراجات، يقول المدافعون عن اقتناص الصناديق الأميركية الشركات البريطانية وتحويلها من عامة إلى خاصة، إنه مع إلغاء إدراج شركات تدرج شركات جديدة في السوق بما يقلل من تلك المخاوف. لكن سوق لندن ما زالت تعاني تبعات أحدث إدراج لشركة "دليفرو" لتوصيل الطلبات، التي هوت أسهمها بنحو الربع بعد طرح الأسهم الأولي في بورصة لندن قبل أسابيع قليلة.