Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نار الثأر تلهب التوتر بين العشائر العربية و"حزب الله" جنوبي بيروت

عرب خلدة يرفضون تسليم مطلقي النار قبل أن يسلم "الحزب" من جانبه المتسببين في الاشتباكات

جندي لبناني على متن مدرعته في منطقة خلدة جنوب بيروت يوم الأحد 1 أغسطس الحالي (أ ف ب)

جولة جديدة من جولات "الفتنة" المتنقلة، عاشها أهالي بلدة خلدة (جنوب بيروت)، إثر اندلاع معارك عنيفة بين مسلحين تابعين لـ"حزب الله" وآخرين من العشائر العربية، أثناء تشييع العنصر في الحزب علي شبلي، الذي قُتل في "عملية ثأرية" خلال حفل زفاف بمنطقة الجيّة، انتقاماً لقتله أحد شبان عرب الخلدة ويُدعى حسن غصن قبل نحو عام، إذ أقدم أحمد غصن (شقيق المغدور) على قتل شبلي، ما أدى إلى حالة من التوتر الأمني بين منطقتَي الضاحية الجنوبية وخلدة.
وتعود جذور الاقتتال في خلدة إلى توتر اندلع في 28 أغسطس (آب) 2020، إثر تعليق مناصرين لـ"حزب الله" رايات طائفية في المنطقة، الأمر الذي تطور إلى اشتباكات بينهم وبين أبناء عشائر عربية، أوقعت حينها قتيلَين، أحدهما حسن غصن.

ملخص المواجهات

وفي ظل غياب أي حصيلة رسمية، أشارت مصادر ميدانية إلى سقوط سبعة قتلى من بينهم أربعة عناصر من "حزب الله" إضافة إلى نحو 12 جريحاً حال بعضهم بليغة، خلال الاشتباكات التي استمرت لساعات عدة، قبل أن تتراجع حدتها بعد اتصالات سياسية جرت على أعلى المستويات، نتج عنها هدنة هشة برعاية الجيش اللبناني، الذي نفذ انتشاراً واسعاً في منطقة الاشتباك.
وتشير المعلومات إلى أنه في وقت كان مقرراً أن يغادر موكب تشييع شبلي مباشرة باتجاه الجنوب، قررت العائلة تحويل مسار الجنازة إلى منزله في خلدة، حيث مر الموكب بمرافقة عشرات سيارات الدفع الرباعي الممتلئة بالسلاح والمسلحين عند الساعة الثالثة والنصف من بعد ظهر الأحد، حيث أقدمت العناصر المسلحة على الترجل من الموكب وتمزيق صورة الفتى القتيل حسن غصن الذي ينتمي إلى العشائر العربية، الأمر الذي أشعل الاشتباكات ودفع بعناصر مسلحة من عرب خلدة إلى تطويق نقطة عسكرية كان "حزب الله" أنشأها منذ عام على طريق خلدة - عرمون (جنوب العاصمة اللبنانية).

ووفق المعلومات فإن عشائر عرب خلدة ترفض تسليم مطلقي النار قبل أن يسلم "الحزب" من جانبه المتسببين في الاشتباكات، وتوقيف مطلقي النار الذين فتحوا النار من نقطة "فيلا شبلي" باتجاه الأبنية السكنية، في حين تؤكد فعاليات العشائر التعاون المطلق مع الدولة والجيش اللبناني على قاعدة المساواة بين الجميع، وألا يكون أبناء البلدة كبش محرقة لسحب فتيل التوتر.

ليس كميناً

واعتبر مصدر مسؤول من أبناء العشائر العربية في خلدة أن "حادثة خلدة هي مكيدة مدبرة من قبل حزب الله، بهدف إقحام الجيش اللبناني بمواجهة مع العشائر"، موضحاً أن "العشائر كانت في موقع الدفاع عن النفس والممتلكات"، وأن "عناصر الحزب الذين تذرعوا بمواكبة جنازة علي شبلي جالوا في مناطق العشائر بشكل استفزازي وأطلقوا الرصاص باتجاه المنازل بهدف ترويع الأهالي"، نافياً الكلام عن كمين نصبه أبناء العشائر لموكب التشييع، مشيراً إلى أن "الاشتباك بدأ بعد إقدام عناصر الحزب المسلحين على نزع صورة الشاب من آل غصن، الذي سقط العام الماضي ضحية إشكال افتعله المسؤول في الحزب علي شبلي مع عرب خلدة، إثر الإصرار على تعليق لافتات عاشورائية في المنطقة".
واعتبر المصدر ذاته أن "حزب الله لطالما سعى إلى تهجير أبناء العشائر من منطقتهم ضمن مخططه الاستراتيجي المستمر لاقتلاع سكان المناطق المتاخمة للضاحية الجنوبية، إضافة إلى طموحه بالسيطرة الكاملة على مدخل بيروت الجنوبي والطريق السريع الساحلي الذي يربط بيروت بالجنوب"، مشدداً على أن "الحزب يعتبر العشائر العربية في خلدة حجر عثرة بوجه مشروعه الديموغرافي، ويسعى في أي فرصة إلى افتعال فتنة طائفية في المنطقة".

منع الصليب الأحمر

وعن السلاح الذي تبين أنه موجود بشكل كبير بين أبناء عشائر خلدة، لفت المصدر إلى أن "التهديدات المستمرة من قبل الحزب تدفع أبناء العشائر إلى الدفاع عن أنفسهم". وقال "لو كانت الدولة قادرة على حمايتنا وتحقيق العدالة لكنا سعينا بشكل حثيث لجمع أي سلاح وتسليمه للدولة اللبنانية"، مضيفاً أنه "لولا عدم قدرة الدولة على توقيف قاتل الشاب حسن غصن العام الماضي، لما كنا رأينا ثأراً في المقابل ولا التبعات التي حصلت بعدها"، منتقداً "إجراءات الدولة التي تتجنب دائماً إزعاج حزب الله".
وكشف عن أنه "بعد الحادثة رأينا مداهمات وتوقيفات للجيش اللبناني من أبناء العشائر حصراً، في حين أن مطلقي النار بشكل علني من الطرف الآخر، الذين ظهرت وجوههم على وسائل الإعلام، لم يُتصل بهم حتى"، مضيفاً أن لديه معلومات بأن "الحزب" منع إخلاء الجرحى الذين أسعفهم الجيش اللبناني عبر سيارات الصليب الأحمر، خوفاً من نقلهم إلى مستشفيات لا يسيطر (الحزب) عليها، وبالتالي إمكانية خضوعهم للتحقيقات من قبل أجهزة رسمية، فأرسل سيارات خاصة أقلّت معظمهم إلى مستشفى الرسول الأعظم في الضاحية.

لسنا دعاة حرب

وكان "اتحاد أبناء العشائر العربية" في لبنان طالب في بيان "قيادة الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية والقيادة الروحية والسياسية بالتدخل السريع لوقف الفتنة قبل فوات الأوان وخروج الأمور عن السيطرة"، مشيراً إلى أن "ما حصل في خلدة، سبق وحذرنا منه وبقينا خلال عام ونحن نناشد ولم نوفر جهداً لعدم دخولنا في معركة لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وكنا نرفض أن ندفع فاتورة معركة سلاح حزب الله". وأضاف البيان "هنا نتوجه إلى قيادة الحزب، ما زال لدينا الوقت لتفويت الفرصة ووأد الفتنة والاحتكام إلى لغة العقل والقانون. لن ندخل بالتفاصيل ولدينا الوقت لاحقاً، إنما يجب علينا جميعاً التحلي بالصبر وإيقاف الفتنة، في ظل الظروف الراهنة والفتنة الإعلامية لا نتمنى ولم نكن دعاة حرب، وليس بمقدورنا ضبط الشارع في باقي المناطق وعلى امتداد مساحة الوطن أمام الإعلام المضلل ومواقع التواصل الاجتماعي التي تتناقل الأخبار الكاذبة والمحرضة على الفتنة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الرد المناسب

في المقابل، نفى الإعلامي المقرب من حزب الله، فادي أبو ديَا، اتهامات العشائر الحزبَ بافتعال الفتنة، وقال "ما حصل مع الشهيد شبلي ليس أخذاً بالثأر، بل كان نتيجة مضايقات يومية يتعرض لها شبلي من جانب آل غصن على خلفية الإشكال الذي وقع العام الماضي"، مؤكداً أنه "حُضر وخُطط لهذا القتل بدم بارد"، لافتاً إلى أن "مخطط قتل شبلي كان منسَّقاً مع أكثر من جهة متصلة بعرب خلدة".
وأشار أبو ديَا إلى أنه "قبل التشييع، أبلغ حزب الله الجهات الأمنية كافة بضرورة التعاطي بمسؤولية مع الحادثة، خوفاً من انفلات الوضع، ففوجئ أثناء التشييع بغياب تام للجيش اللبناني ومخابراته، في وقت كان التشييع معلَناً عنه وكان مقتصراً على أهل شبلي فقط، أي بمعنى أن حزب الله لم يواكب هذا التشييع أمنياً".
وصرح أبو ديَا أن "الوضع كاد يصل إلى انفلات كامل في مختلف الأراضي اللبنانية، إذ رُصدت مجموعات من مختلف المناطق تتحضر لأي تطور يحدث في الشمال والبقاع الغربي والوسط"، مشدداً على أن "قرار حزب الله كان ولا يزال، ضبط النفس وتسليم الموضوع لأجهزة الدولة مع الإصرار على عدم تمييع الموضوع"، موضحاً أنه "في حال تقاعس الدولة عن واجباتها وعدم توصلها سريعاً إلى نتائج عادلة سيكون حينها للحزب قرارات أخرى يحددها في حينها".

وكان "حزب الله" اعتبر في بيان أن "علي شبلي قضى بفعل منطق التفلت والعصبية البعيدَين عن منطق الدين والدولة"، مؤكداً "رفض كل أنواع القتل والاستباحة للحرمات والكرامات". وطالب البيان الأجهزة الأمنية والقضائية، "بملاحقة المحرضين الذين أدمنوا النفخ في أبواق الفتنة واشتهروا بقطع الطرقات وإهانة المواطنين". وأضاف "نهيب بالأجهزة الأمنية والقضائية التصدي الحازم لمحاسبة الجناة والمشاركين معهم".

اجتثاث العشائر

في السياق، علق عضو كتلة "حزب الله" في البرلمان، النائب حسن فضل الله، على أحداث خلدة، معتبراً أن ما حصل هو "سلوك عصابات متمردة على الدولة، ونحن قادرون على اجتثاث هذه الفئة من الناس في خمس دقائق"، ما أثار استياءً كبيراً، إذ رأى أبناء العشائر العربية في الكلام الصادر عن نائب في البرلمان اللبناني "تهديداً مباشراً بالفتنة والقتل"، وأن "مثل هذا الكلام يؤكد أن دور سلاح الحزب هو قتل واستباحة اللبنانيين".
وردت عضو كتلة المستقبل، النائب رولا الطبش، على فضل الله، مؤكدةً أن "العشائر ليسوا عصابات بل هم من أهلنا"، مشيرةً إلى أن سيارات الإسعاف التي رافقت التشييع في خلدة كانت مدججة بالسلاح. وأضافت الطبش أنه "لو تحركت الدولة وقبضت على مَن قتل الطفل حسن غصن منذ 11 شهراً لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه".

المزيد من العالم العربي