Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أربك مجلس الأمن حسابات القاهرة بشأن سد النهضة؟

مصدر: مصر لا ترغب في الحل العسكري لكن قد تضطر للجوء إليه وجولة مفاوضات مرتقبة برعاية الاتحاد الأفريقي

تقول القاهرة إن المساس بأمنها المائي "خط أحمر" ولا يمكن تجاوزه (أ ف ب)

على مدار الأيام التالية لجلسة مجلس الأمن الدولي بشأن سد النهضة يوم الخميس 8 يونيو (حزيران)، لم يعد يعلو صوت في مصر على صوت "القلق" مما يُخبئه المستقبل بشأن مياه النيل، الذي تعتمد عليه البلاد بنسبة 97 في المئة في تلبية احتياجاتها المائية، وذلك بعد أن بدأت إثيوبيا عملية الملء الثاني للسد الذي تبنيه على النيل الأزرق، "من دون التوصل إلى اتفاق ملزم مع دولتي المصب"، وأعقبها عدم حسم أعلى جهاز بالأمم المتحدة وأعضائه الـ15، موقفه من مشروع القرار التونسي حيال أزمة سد النهضة.

وبينما تتسع هوة الخلاف بين المقاربة المصرية، ومعها نظيرتها السودانية في اعتبار السد الإثيوبي "تهديداً وجودياً لأمنهما المائي"، مع استمرار تعنت أديس أبابا في "خطواتها الأحادية"، وتمسك الأخيرة بـ"ضرورة وحتمية السد لنهضتها وتنميتها مع تأكيد عدم إلحاق أضرار ذي شأن بدولتي المصب"، يمضي المسؤولون بالقاهرة في تصريحاتهم التي تحمل في ثناياها تهديداً بأن "كل الخيارات تبقى مفتوحة للحفاظ على مصالح القاهرة وأمنها المائي" وضغطاً عبر الاستعانة بالشركاء الإقليميين والدوليين لحلحلة الموقف الإثيوبي، إضافة إلى التحرك باتجاه شرح الموقف الرسمي من القضية، التي وصفها دبلوماسي مصري رفيع في نيويورك لـ"اندبندنت عربية"، بـ"معركة بقاء لم تضع أوزارها بعد، وتشمل أكثر من جولة".

في الأثناء، وفيما تتصاعد المطالب الشعبية وأصوات النخب، بالمضي قدماً في الخيار العسكري، كخيار "حتمي" لحل الأزمة، لا سيما بعد جلسة مجلس الأمن، التي اعتبرها كثيرون "مخيبة لآمال دولتي المصب (مصر والسودان)"، عاد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وأكد أمس، الخميس، في أول تعليق له منذ جلسة مجلس الأمن، أن بلاده تواصل السعي للتوصل إلى اتفاق ملزم، محذراً من المساس بحصة بلاده من المياه التي جدد وصفها بـ"الخط الأحمر"، وأن مصر لديها خيارات متعددة للحفاظ على أمنها القومي.

وكشفت جلسة مجلس الأمن عن تباعد في المواقف الدولية عن الرؤية المصرية - السودانية، خاصة من دول وحكومات لطالما امتازت علاقات القاهرة بها بالشراكة الاستراتيجية والحيوية، إلا أن كلماتهم، وبالأخص روسيا، جاءت "أكثر جنوحاً نحو الرواية الإثيوبية للأزمة"، وفق مراقبين، متسائلين عما إذا كان "مجلس الأمن" قد أربك الحسابات المصرية بقدر ما أوضحته من "تعقد وتشابك المصالح والمواءمات السياسية والتفاعل بين الأعضاء الدائمين وغير الدائمين"، وفق تعبير وزير الخارجية المصري سامح شكري.

الموقف المصري بين الارتباك والتريث

بعد أن حثت أغلب كلمات الدول الأعضاء على ضرورة العودة إلى طاولة التفاوض الأفريقية وتجنب التلويح بـ"الخيار العسكري" كحل لإنهائها، فضلاً عن الابتعاد عن الخطوات الأحادية، بدا أن التحرك المصري - السوداني عبر مشروع القرار الذي تقدمت به تونس، والداعي بالأساس لتوسيع دائرة الوساطة في الأزمة، وتحديد سقف زمني للتوصل إلى اتفاق، لم يحقق "أهدافه المرجوة"، على الرغم من جهود البلدين الدبلوماسية التي استبقت جلسة مجلس الأمن، وعلقت آمالاً واسعة عليها.

وقال مصدر دبلوماسي مصري رفيع في نيويورك لـ"اندبندنت عربية"، "لم تنتهِ بعد المعركة الدبلوماسية التي تخوضها القاهرة من أجل حماية والدفاع عن حقوقها المائية"، مضيفاً أن "بغض النظر عن النتائج التي لم تكتمل بعد فإن عقد مجلس الأمن جلسة تناقش أزمة سد النهضة هو في حد ذاته إنجاز للدبلوماسية المصرية الساعية لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، بما يمثله ذلك السد الضخم الذي تبنيه أديس أبابا من تهديد جاد للسلم والأمن في المنطقة، وهو ما أعلنته بوضوح كل من القاهرة والخرطوم خلال جلسة المجلس".

 

الدبلوماسي المصري ذكر أنه "في الوقت الذي كانت تتحرك فيه الدبلوماسية المصرية نحو دفع المجلس للقيام بدوره تجاه الأزمة المطروحة، لم تكن كلمات ممثلي بعض الدول الأعضاء على المستوى المأمول، وعلى الرغم ذلك من السابق لأوانه الحكم على مخرج الجلسة، حيث لا يزال القرار التونسي موضوع تشاور وتفاوض في الأروقة الأممية وبين البعثات الدبلوماسية، وفي بعض الأحيان لا ترتبط القرارات بموعد انعقاد الجلسة إنما بالمفاوضات ومدى التوافق اللاحق لها".

وبينما لم يعول الدبلوماسي المصري، على المخرج النهائي في شأن مشروع القرار التونسي، الذي لم يحظَ في بداية طرحه على تأييد تسعة أعضاء (الحد المطلوب لتمرير القرار)، على حد وصفه، إلا أنه ذكر في الوقت ذاته، أن "تركيز القاهرة في الوقت الراهن ينصبّ على دفع أديس أبابا نحو الانخراط في مفاوضات جادة مع توسيع دائرة الوسطاء والمراقبين تحت أي اسم وبتوقيتات محددة، لتجنب تكرار سوابق تفاوضية تكررت على مدار السنوات الماضية دون تحقيق اختراقات حقيقية".

واليوم، الجمعة، أكد وزير الري المصري محمد عبدالعاطي، حرص القاهرة على استكمال مفاوضات سد النهضة للتوصل إلى اتفاق قانوني عادل وملزم للجميع يلبي طموحات جميع الدول في التنمية. وشدد خلال زيارته الحالية للكونغو، على ثوابت مصر في حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعة للجميع في أي اتفاق حول سد النهضة، مشيراً إلى طلب مصر والسودان بمشاركة أطراف دولية تقودها جمهورية الكونغو تشارك فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لدعم منهجية التفاوض بين الدول الثلاث بشكل فاعل، وتعظيم فرص نجاحها، خاصة مع وصول المفاوضات إلى مرحلة من الجمود نتيجة للتعنت الإثيوبي. وأوضح كذلك، أن "القاهرة والخرطوم لن يقبلا بالقرار الأحادي لملء وتشغيل السد".

من جانبه، وبحسب حديث وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي إلينا، فإن "القاهرة خاضت معركة مجلس الأمن، وهي متوقعة مواقف الدول الأعضاء، والمحددات التي تحكم سياساتها ومصالحها"، مضيفاً، "على الرغم من ذلك كان من الأهمية أن نخوض جولة مجلس الأمن لتدويل قضية سد النهضة، ووضع حقائق الأزمة أمام أعلى جهاز خاص بالسلم والأمن الدوليين بكل وضوح وشفافية لموقفنا وقضيتنا العادلة".

وذكر العرابي أنه "في السنوات الأخيرة باتت علامات استفهام كثيرة تدور حول مصداقية مجلس الأمن وإمكانية أن يقوم بأدوار استباقية لحفظ السلم والأمن الدوليين، وهذا تكرر في عديد من القضايا، لكن على الرغم من ذلك يمكن القول إنه في حالة سد النهضة، تتحرك مصر وفق ترتيبات محددة واضحة، وتتعامل مع كل مرحلة بأدواتها".

في الأثناء، وبحسب تقييم دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى بالقاهرة، في حديثه إلينا، فإنه "من بين ما كشفت عنه جلسة مجلس الأمن هو رفض التلويح بالخيار العسكري كحل للأزمة ما يربك حسابات القاهرة في أي تعامل مستقبلي مع أزمة سد النهضة، ويدفع الأطراف نحو الحلول السياسية والدبلوماسية"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن لبحث حلول توافقية، يقدم فيها الأطراف الثلاثة "تنازلات"، يعكس "انتصاراً تكتيكياً" للموقف الإثيوبي على حساب موقفي مصر والسودان.

وكانت الخرطوم قد طرحت في فبراير (شباط) الماضي، مبادرة أيدتها مصر بتوسيع دائرة الوساطة، لتشمل بجانب الاتحاد الأفريقي نظيره الأوروبي، وواشنطن والأمم المتحدة، ليرفع دورهم من مراقبين لوسطاء، وهو ما ترفضه إثيوبيا، مكتفية بالمظلة الأفريقية.

وذكر الدبلوماسي الأوروبي، "تحاول أطراف دولية في الوقت الراهن، من بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الضغط نحو حلحلة الأزمة وتجنب خيارات قد لا تكون محسوبة التداعيات بعد أن كانت الخيارات تضيق باتجاه التحرك عسكرياً"، كاشفاً عن عزم الاتحاد الأفريقي ورئيسه الحالي، الكونغو الديمقراطية، إطلاق جولة جديدة من المفاوضات في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، "نأمل من خلالها أن تتمكن أطراف القضية من التوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل السد".

وبحسب تقيم الدبلوماسي الأوروبي لتطورات الأزمة وخيارات حلها بالنسبة إلى القاهرة، ذكر الأخير، "توحي مواقف القاهرة المتتالية أنها لا تفضل الانخراط في العمل العسكري كحل للأزمة، وتحاول تجنب تداعياته التي قد لا تكون محسوبة، إلا أن استمرار تجمد المسارات السياسية والدبلوماسية قد يجبر القاهرة نحو المضي في العمل العسكري".

 

في المقابل، كان المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان وجنوب السودان دونالد بوث، قد استبعد أوائل الأسبوع الجاري، اندلاع حرب في المنطقة، على خلفية النزاع في شأن سد النهضة. وقال في تصريحات متلفزة، حول توقعات إدارة الرئيس جو بايدن لمسار الأزمة: "بالطبع سنكون قلقين إن كان هناك صراع في المنطقة، لكن هل نعتقد أن أحدها سيندلع؟ لا". وتابع، "لا مصلحة لأي من الأطراف حل أي من قضايا المنطقة من خلال الصراع، الذي سيتسبب ببساطة بمشكلات أكبر للمنطقة". وشدد على أن موقف الولايات المتحدة يرى أن الطرفين بحاجة إلى الجلوس، وحل جميع الخلافات بسلام وموضوعية، لافتاً إلى مناقشة مجلس الأمن لأزمة سد النهضة، كان "ضغطاً من أجل حل متوازن ومعقول".

الإبقاء على خيارات الدبلوماسية

في غضون ذلك، وما عكس، وفق بعض المراقبين، ارتكان القاهرة في الوقت الراهن على تكثيف الخيارات الدبلوماسية للتعامل مع سد النهضة، تأكيد تصريحات مسؤوليها، وعلى رأسهم رئيس البلاد بأهمية العودة للمسارات الدبلوماسية والسياسية لتحقيق اتفاق قانوني وملزم، بين الدول الثلاث، فضلاً عن ضرورة تحرك المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياتهم والضغط على الجانب الإثيوبي لتغيير الأسلوب الذي تتعامل به في الأزمة.

وخلال احتفالية أقامتها الدولة بهدف إطلاق مشروعات تنموية باستاد القاهرة الدولي، وبحضور الآلاف، مساء أمس الخميس، قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إن بلاده تواصل السعي للتوصل إلى اتفاق ملزم حول سد النهضة الإثيوبي، محذراً من المساس بحصة بلاده من المياه.

وبينما أعاد السيسي تأكيد أن "المساس بأمن مصر القومي خط أحمر، ولا يمكن اجتيازه، وأن بلاده تمتلك من الأدوات السياسية والقدرات العسكرية ما يمكنها من حماية مقدراتها وحفظ أمنه القومي"، ناشد في الوقت ذاته كلاً من الخرطوم وأديس أبابا ضرورة العمل على التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم في شأن السد، "لكي نعيش جميعاً في خير وسلام"، على حد وصفه، مشيراً إلى أن مصر تدير علاقاتها الخارجية إقليمياً ودولياً استناداً إلى "الاحترام المتبادل والجنوح للسلام".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقبل تصريحات السيسي، بأيام، كان وزير خارجيته سامح شكري، قد تحدث الاثنين الماضي 12 يوليو (تموز)، من العاصمة البلجيكية بروكسل، بعد بحث الأزمة مع نظرائة الأوروبيين، بأن الاتحاد الأوروبي مستعد لتكثيف التعاون لتيسير الأمر وتجاوز ما وصفها بحالة "التصلب الحالي" في المفاوضات، مؤكداً التنسيق بين الجانبين المصري والسوداني "لاتخاذ القرار المناسب للعودة إلى المفاوضات".

كما ذكر شكري أن "هناك استعداداً، لأن يتحول دور الاتحاد الأوروبي من مراقب لدور أكبر، وهذا يتوقف على المسار الأفريقي والرئاسة الأفريقية"، مضيفاً: "ننتظر الأطروحات التي ستقدم من الاتحاد الأفريقي لحل الأزمة". وطالب المجتمع الدولي بأن "يقوم بمسؤولياته، وأن يرسل رسائل واضحة للجانب الإثيوبي بضرورة تغيير الأسلوب الذي تتعامل معه في ملف سد النهضة الإثيوبي"، على حد وصفه.

وجاءت تصريحات شكري الأخيرة، بعد يومين من تصريحات أخرى، قال فيها، إن طرح قضية سد النهضة على مجلس الأمن كان أمراً مهماً من أجل "تحميله مسؤوليته باعتباره الجهاز الرئيس في منظومة الأمم المتحدة المعني بالحفاظ على السلم والأمن"، موضحاً أن القاهرة ستثير في اتصالاتها مع دول أعضاء بمجلس الأمن "عدم الارتياح" لتجنب تلك الدول الإشارة إلى الإجراءات الأحادية من جانب إثيوبيا.

أين يقف الخيار العسكري؟

فيما تمضي القاهرة في تكثيف تحركاتها الدبلوماسية لحلحلة أزمة السد التي شهدت مفاوضات ماراثونية طوال سنوات عشر لم تسفر عن حل نهائي بعد، تتعالى الأصوات في الشارع المصري وبين مراقبين ونخب تحدثوا إلى "اندبندنت عربية" لتشجيع القاهرة على انتهاج الخيار العسكري للرد على "التعنت" الإثيوبي، الذي يبدو وفق البعض "لا يزال في طي التأجيل لدى صناع القرار في البلاد".

وبرأي السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، "تحاول القاهرة استنفاد كل الطرق الدبلوماسية أولاً عبر تكثيف تحركاتها للضغط على أديس أبابا للتوصل إلى اتفاق قانوني وملزم في شأن ملء وتشغيل السد، وتجنيب تعرض أمنها المائي لخطر جسيم"، مضيفاً: "تمثل السياسات الإثيوبية وتصرفاتها الأحادية نوعاً من أنواع العدوان على الحقوق المصرية، عبر محاولة فرض الأمر الواقع، وعلى العالم إدراك المسألة، من هذه الزاوية". وتابع: "طرح القضية أمام أعلى جهاز للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وعدم قيام المحتمع الدولي بمسؤولياته يدفع مصر للخيار الصفري فيما يتعلق بالعمل العسكري والدفاع عن حقوقها المائية، وهو ما لا تحبذه القاهرة".

 

من جانبه، ووفق وزير الري المصري الأسبق محمد نصر علام، فإن "استمرار الملء المنفرد يعني تصرفاً أحادياً في قضية دولية بين 3 دول واعتداءً مباشراً على القانون الدولي ومصالح دولتي المصب"، موضحاً، "في هذا السياق يستلزم أي ضرر جسيم أو تهديد مباشر لجوء دولتي المصب لاستخدام كل الوسائل المتاحة والخيارات للدفاع الشرعي عن حقوقها"، متفقاً مع السفير حليمة، بأن خطوة مجلس الأمن "قد تمثل إبراءً لذمة القاهرة في اللجوء إلى أية وسائل نحو الدفاع عن حقوقها مستقبلاً".

بدوره، يوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، "ما دار في جلسة مجلس الأمني يعكس أن رسالة القاهرة بعدالة قضيتها وخطورة التهديدات التي تحدق بأمنها المائي جراء سد النهضة لم تصل بعد، انطلاقاً من حجم التهديدات التي يمثلها السد للسلم والأمن الإقليميين"، مضيفاً "لا يزال العالم ينظر للقضية باعتبارها نزاعاً حول حصص المياه والتنمية".

وتابع نافعة، "من المؤكد أن هناك مأزقاً بالنسبة لتحرك القاهرة، وعليه يتطلب إعادة ترتيب الأوراق بشكل سريع، لا سيما أن رسالة مصر بأن كل الخيارات مفتوحة لم تصل بعد إلى مسامع الدول الكبرى، أو لم تأخذ بعد بمحمل الجد، ولو أن هذه الرسالة وصلت بقوة لربما تغيرت الأوضاع". وأضاف: "إذا استمرت إثيوبيا في تعنتها الحالي بخصوص الملء الأحادي والتشغيل يصبح الخيار العسكري محتماً"، وفق تقديره، مشدداً على أنه وعلى الرغم من رفض بعض الأطراف الدولية المعلن والخفي الإقدام على العمل العسكري، فإن على القاهرة التحرك وفق ما تقتضيه مصالحه في حالة ضمان أن انتهاج مثل تلك الخيارات ستأتي بالنتائج المطلوبة.

ووفق نافعة، "تخشي القاهرة أن يقود الملء الثاني لسد النهضة، إلى تحكم أديس أبابا مستقبلاً في مسار مياه النيل، وهو أمر تدركه القيادة السياسية في البلاد، ولن تسمح بالتعامل مع أو الانخراط به"، معتبراً أن ما قاد إلى التعنت الإثيوبي "هو توقيع القاهرة على اتفاقية إعلان المبادئ (أقرت فيه مصر والسودان بحق إثويبيا في بناء السد دون إلحاق الضرر بهما) في مارس (آذار) 2015 بحسن نية مفرط دون ضمان آلية قانونية ملزمة لإثيوبيا بتشارك تشغيل وملء السد".

وتخشى القاهرة والخرطوم أن يؤثر السد الإثيوبي في حصتيهما من مياه النيل البالغة (55 ونصف مليار متر مكعب سنوياً و18.5 مليار متر مكعب على التوالي)، وهو ما تنفيه أديس أبابا، وتقول إنها تسعى إلى توليد الطاقة لا حجز المياه، كذلك يتخوف السودان من معايير أمان السد الذي قد يتسبب انهياره، إذا ما حدث، في غرق مساحات شاسعة من البلاد وتضرر ملايين السكان.

وعلى الرغم من حض دولتي المصب، إثيوبيا على تأجيل خططها لملء خزان السد حتى التوصل إلى اتفاق شامل، أعلنت أديس أبابا في 21 يوليو 2020، أنها أنجزت المرحلة الأولى من ملء الخزان البالغة سعته 4.9 مليار متر مكعب، التي تسمح باختبار أول مضختين في السد. كما أعلنت الاثنين الماضي (5 يوليو/ تموز) بدء تنفيذ المرحلة الثانية من الملء من دون التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم مع دولتي المصب.

وفي مارس (آذار) الماضي، قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إن "مياه النيل خط أحمر، وأي مساس بها سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل". وشدد في تصريحات لاحقة في 5 مايو (أيار) الحالي، على أن قضية سد النهضة الإثيوبي وجودية بالنسبة إلى مصر، التي لن تقبل الإضرار بمصالحها المائية أو المساس بمقدرات شعبها، ودعا إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، وتجنيب المنطقة مزيداً من التوتر وعدم الاستقرار.

المزيد من تقارير