Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تبادل "تقرير المصير" يدخل العلاقات الجزائرية المغربية نفقا مظلما

انتقال بيانات البلدين من التنديد إلى الوعيد ينذر بخوف من مناوشات عسكرية

 اشتعل فتيل التوتر بين البلدين خلال اجتماع حركة عدم الانحياز (أ ف ب)

دخلت العلاقات بين الجزائر والمغرب مرحلة الخطر الذي قد يضع منطقة شمال أفريقيا على "كف عفريت"، بعد أن انتقلت بيانات البلدين من التنديد إلى الوعيد، ما فتح أبواب المخاوف من تصعيد عسكري.

استدعاء السفير

في المقابل، استدعت الجزائر سفيرها في الرباط "للتشاور"، على خلفية مذكرة مغربية "تعترف" بحق تقرير مصير القبائل"، وأكد بيان للخارجية الجزائرية، أنه "لا يستبعد اتخاذ إجراءات أخرى، بحسب التطور الذي تشهده هذه القضية"، مشيراً إلى غياب أي صدى إيجابي من قبل الجانب المغربي، بعد إشارة البيان الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية في الخارج، يوم 16 يوليو (تموز) الجاري، إلى ضرورة توضيح المملكة المغربية موقفها النهائي من الوضع بالغ الخطورة الناجم من التصريحات المرفوضة لسفيرها في نيويورك.

فتيل التوتر اشتعل في اجتماع

 اشتعل فتيل التوتر بين البلدين خلال اجتماع حركة عدم الانحياز الذي عقد عن بعد يومي 13 و14 يوليو الجاري، إذ تحدث وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، عن قضية الصحراء الغربية، الإقليم المتنازع عليه بين المغرب وجبهة بوليساريو التي تطالب بالاستقلال، ليرد المغرب من خلال سفيره في الأمم المتحدة عمر هلال، عبر مذكرة وزعها على أعضاء منظمة عدم الانحياز، تستنكر إثارة قضية الصحراء الغربية في الاجتماع، ومن ثم أشار إلى "حق تقرير المصير لشعب القبائل"، معلناً لأول مرة دعم بلاده لـ"حركة استقلال منطقة القبائل" المصنفة في الجزائر كـ"منظمة إرهابية".

الجزائر تطلب توضيحات

تصرف المغرب اعتبرته الجزائر "ادعاء مزدوجاً يشكل اعترافاً بالذنب بخصوص الدعم المغربي متعدد الأوجه، الذي يقدم حالياً لجماعة إرهابية معروفة، كما كانت الحال مع دعم الجماعات الإرهابية، التي تسببت في إراقة دماء الجزائريين خلال العشرية السوداء".

وأكد بيان للخارجية الجزائرية، أن "هذا التصريح الدبلوماسي المغربي المجازف، يعد جزءاً من محاولة قصيرة النظر واختزالية وغير مجدية، تهدف إلى خلق خلط مشين بين مسألة تصفية استعمار معترف فيها على هذا النحو من قبل المجتمع الدولي، وبين ما هو مؤامرة تحاك ضد وحدة الأمة الجزائرية".

وأضاف أن ذلك "يتعارض بصفة مباشرة مع المبادئ والاتفاقيات التي تهيكل العلاقات الجزائرية - المغربية، فضلاً عن كونه يتعارض بصفة صارخة مع القانون الدولي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع أن الجزائر تدين بشدة هذا الانحراف الخطير، بما في ذلك على المملكة المغربية نفسها داخل حدودها المعترف فيها دولياً، وختم أنه في ظل هذه الوضعية الناشئة عن عمل دبلوماسي مريب صادر عن سفير، يحق للجزائر أن تنتظر توضيحاً للموقف الرسمي والنهائي للمملكة المغربية.

تهدئة الوضع

وفي السياق ذاته، يقول أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، رابح لونيسي، إن تصرف المغرب لم يكن مفاجئاً، "فقد كان يخطط لذلك منذ فترة بعمل مخابراتي، حيث كان وراء الهجمات التي تعرضت لها منطقة القبائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وساعده في ذلك جزائريون، وكان الهدف من ذلك تضخيم حركة استقلال القبائل المعروفة اختصاراً بـ"الماك"، ثم يربط مطالب "الماك" بنفس مطالب الصحراء الغربية، أي يقوم بدبلوماسية الربط"، مبرزاً أنه أمر مختلف لأن منطقة القبائل هي جزء لا يتجزأ من الجزائر عبر تاريخها، ويمكن تشبيهها بمنطقة الريف في المغرب، على عكس الصحراء الغربية التي هي قضية تصفية استعمار.

ويتابع لونيسي، أن ما قام به المغرب أمر خطير جداً، لأنه سيهز استقرار المنطقة ووحدة دولها، فهو سيشجع كل الانفصاليين على تفكيك الدول عبر حروب أهلية، معتقداً أن الكيان الصهيوني الذي بدأ يؤثر في المغرب بعد توقيع اتفاق سلام، هو المستفيد الأكبر من المناورة المغربية، إذ سيتحقق مشروعه "تفتيت الدول العربية" الذي خطط له منذ عقود.

وختم أن رصاصة تفكيك دول المنطقة قد أطلقت من المغرب، وأي رد جزائري غير كاف، إلا إذا أدركت الرباط خطورة فعلتها، لذا يجب تهدئة الوضع.

لا بيان من المغرب

في المقابل، يرى المغرب أن السبب الرئيس للتوتر بين البلدين، هو دعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تطالب باستفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية، إذ تناول الإعلام المغربي قبل اجتماع دول عدم الانحياز، وبنوع من الانتقاد والغضب، الاتفاقية التي أعلنتها الجزائر وجبهة البوليساريو لترسيم الحدود بينهما.

وعلى الرغم من ردود الفعل الجزائرية على المستويات الرسمية والسياسية والشعبية، إلا أنه لم يصدر حتى الآن أي توضيح رسمي من الخارجية المغربية، سواء على بيان الجزائر، أو قرار استدعاء سفيرها في الرباط.

المعاملة بالمثل

من جهة ثانية، يعتبر أستاذ العلوم السياسية المغربي رشيد لزرق، أن "المغرب اليوم سيتعامل بالمثل مع الجزائر، وليس من باب المناورة، بل من باب ولى زمن التسامح  وحان زمن المعاملة بالمثل"، مضيفاً في تصريحات إعلامية، "رسالة من الرباط للجزائر بأنها مستعدة للتعامل بالمثل في ما يتعلق بالنزعة الانفصالية التي تدعمها الجزائر، على اعتبار أن قضية القبائل تعبير عن نزعة عرقية انفصالية".

من جانبها، ترى المحللة السياسية المغربية، شريفة لومير، أن رد السفير المغربي على إعلان وزير الخارجية الجزائري دعم حق تقرير مصير الصحراء الغربية جاء "في محله"، موضحة أن "رفض الجزائر للمذكرة الرسمية التي قدمها المغرب خلال المناقشة الوزارية العامة في اجتماع حركة عدم الانحياز، تعبير واضح عن ازدواجية الخطاب التي تتعامل بها الجزائر، فهي داعمة لجبهة البوليساريو، لكنها ترفض إبداء المغرب لموقفه الداعم لاستقلال منطقة القبائل".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي