Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنقذ 6.4 مليار دولار عقارات مصر من الركود؟

فتح ملف مخالفات البناء تسبب في هرب عدد كبير من المطورين خوفاً من ملاحقات قضائية

تشهد السوق العقارية المصرية ركوداً عنيفاً منذ فتحت الحكومة ملف المخالفات والبناء العشوائي (أ ف ب)

في الوقت الذي تشهد فيه سوق العقارات المصرية حالاً من الركود العنيف، أطلق البنك المركزي المصري مبادرة للتمويل العقاري بتيسيرات تتضمن تخصيص نحو 100 مليار جنيه (6.4 مليار دولار) من خلال البنوك أو شركات التمويل العقاري، لتمويل شراء الوحدات السكنية لمحدودي ومتوسطي الدخل بسعر عائد متناقص 3 في المئة لمدة تصل إلى 30 عاماً.

وتأتي هذه المبادرة في وقت صعب على قطاع العقارات المصري، إذ يشهد السوق ركوداً عنيفاً منذ فتحت الحكومة المصرية ملف المخالفات والبناء العشوائي، وهو ما تسبب في هرب عدد كبير من المطورين من السوق خوفاً من ملاحقات قضائية.

وتسبب تعامل الحكومة بحسم في هذا الملف في تجميد عدد كبير من المقاولين أنشطتهم، خصوصاً أن الاشتراطات الجديدة التي وضعتها الحكومة المصرية للبناء لن تحقق للمطورين نصف المكاسب التي كانوا يحصلون عليها قبل ذلك.

ويضاف إلى ذلك قيام الحكومة بفرض ضريبة على العقارات، والتشديد في عملية تسجيل العقارات، إضافة إلى ما سببته جائحة كورونا من أزمات في معظم القطاعات ومنها قطاع التشييد والبناء، مما دفع شركات مواد البناء إلى رفع أسعارها بنسب ضخمة لتعويض الخسائر التي تكبدتها خلال العام الماضي، وهو ما تسبب في زيادة حجم المشكلات التي تواجه القطاع العقاري في مصر.

ركود عنيف

ويرى حسام أبو الخير، وهو مطور عقاري في القاهرة، أن السوق بحاجة إلى دعم حكومي في ظل حال الركود العنيفة التي تواجهها منذ عامين، مشيراً إلى أن تشدد الحكومة في ملف المخالفات وفرض غرامات كبيرة على المقاولين والمطورين من أجل التصالح، أسهم في تقليل حجم السيولة التي كانت تحرك السوق خلال الفترة الماضية.

وأوضح أبو الخير، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أن جميع الإجراءات التي قامت بها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية لإصلاح القطاع العقاري جيدة، لكن حتى الآن "لم يستوعب السوق أو المطورون هذه الإصلاحات التي يرونها تنال من مكاسبهم وأرباحهم"، مشيراً إلى أن العائد على الاستثمار في القطاع العقاري المصري كان يتجاوز خلال الفترة الماضية 200 في المئة لكن مع الاشتراطات الجديدة، وتشدد الحكومة في ملف المخالفات فإن العائد الاستثماري "لن يتجاوز 25 في المئة، وهو ما تعتبره شريحة كبيرة من المطورين العقاريين غير مناسب".

وقال إنه على الرغم من حال الركود فإن الأسعار "تتجه إلى الارتفاع"، متجاهلة المشاريع القومية للإسكان التي توفرها الحكومة لمحدودي ومتوسطي الدخل، وهو ما يرجع إلى انخفاض أعمال المطورين العقاريين والمقاولين خلال الأعوام الأربعة الماضية، لكن القرارات الجديدة "تسببت في تراجع أسعار الأراضي بنسب تقترب من 50 في المئة"، وفق ما ذكره "أبو الخير".

من هم المستفيدون من المبادرة؟

في بيانه، قال البنك المركزي المصري إن المبادرة الجديدة تنطبق على محدودي الدخل الذين يجري تحديد قيمة الدخل والوحدات الخاصة بهم من خلال صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، بحيث يبلغ الحد الأقصى لصافي الدخل الشهري حالياً 4.5 ألف جنيه (288 دولاراً) للفرد الأعزب، و6 آلاف جنيه (384 دولاراً) للأسرة، وتبلغ قيمة الوحدة حالياً 350 ألف جنيه (22.435 ألف دولار)، ويجري دفع 10 في المئة دفعة مقدمة.

أما بالنسبة إلى متوسطي الدخل المستفيدين من المبادرة، فيبلغ الحد الأقصى لصافي الدخل الشهري 10 آلاف جنيه (641 دولاراً) للفرد الأعزب، و14 ألف جنيه (897 دولاراً) للأسرة، ويجري دفع 15 في المئة دفعة مقدمة كحد أدنى من إجمالي قيمة الوحدة التي يصل سعرها حتى 1.1 مليون جنيه (70.512 ألف دولار) كحد أقصى، أما بالنسبة إلى الوحدات التي يزيد سعرها على 1.1 مليون جنيه حتى 1.4 مليون جنيه فيجري دفع 20 في المئة دفعة مقدمة كحد أدنى من إجمالي قيمة الوحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشترط المبادرة أن يكون المستفيد مصري الجنسية مع إمكان استفادة أصحاب المهن الحرة والحرف وذوي الاحتياجات الخاصة ممن لهم دخل وأصحاب المعاشات من المبادرة، وبحيث لا يتعدى عمر المستفيد 75 عاماً بنهاية مدة التمويل، على أن تكون الوحدات بغرض السكن الدائم فقط وليس الموسمي، وأن تكون الوحدات كاملة التشطيب وجاهزة للسكن مع السماح للبنوك بقبول ضمانات بديلة في حالة عدم إمكان تسجيل الوحدة، وبالتالي تعذر رهنها.

وذكر "المركزي المصري" أن هذه المبادرة تهدف إلى تحقيق العدالة المجتمعية، وإتاحة الفرصة أمام جميع المواطنين للاستفادة من مبادرات التمويل العقاري التي تطرحها الدولة، ولاستفادة أكبر عدد ممكن منها، وتشترط المبادرة الجديدة عدم استفادة العميل أو الأسرة من مبادرات التمويل العقاري السابقة، مع إتاحة التمويل لوحدة واحدة فقط في إطار المبادرة الجديدة.

وبالنسبة إلى الحد الأقصى لسعر الوحدة (غير شامل وديعة الصيانة)، لفت الكتاب إلى أن ذلك يحدده صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، على أن تبلغ الدفعة المقدمة المسددة من العميل كحد أدنى 10 في المئة من إجمالي قيمة الوحدة.

كما يشمل التمويل قيمة وديعة الصيانة وبحد أقصى 10 في المئة من سعر الوحدة، إضافة إلى تطبيق مصروفات إدارية بواقع 0.5 في المئة بالنسبة إلى محدودي الدخل وواحد في المئة بالنسبة إلى متوسطي الدخل، على أن يجري تقسيطها على فترة عمر القرض بسعر عائد المبادرة نفسه.

السوق في طريقها إلى التعافي

كانت شركة الاستشارات العقارية "سافيلز" توقعت في تقرير حديث أن سوق العقارات في مصر في طريقها للتعافي الكامل لما بعد الجائحة، وأشارت إلى أكبر خمس شركات عقارية مدرجة في البورصة المصرية سجلت تراجعاً في أرباحها المجمعة بنحو 31 في المئة خلال الربع الثاني من عام 2020، على خلفية التباطؤ الاقتصادي الناجم عن الجائحة، التي أدت إلى تباطؤ المبيعات الأولية للمطورين وتأخر التسليمات لديها مع انتشار الشعور بالخوف من الشراء بين العملاء.

وتوقع التقرير أن تنمو مبيعات التجزئة السنوية لتصل إلى 160 مليار دولار في 2023، مقارنة بنحو 149 مليار دولار في عام 2019. ويأتي هذا على خلفية الزيادة المتوقعة في الإنفاق الاستهلاكي، ومع ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي سيظل الطلب على مراكز البيع بالتجزئة التي تركز على المأكولات والمشروبات والترفيه العائلي قوياً.

بينما لم تظهر سوق العقارات في مصر أية مؤشرات على حدوث تباطؤ بحسب التقرير، وعلى الرغم من أن كثيراً من السياسات التي ذكرناها قد أسهمت في ذلك فإن سافيلز ترى أن الأساسات هي المحرك الرئيس لمثل هذا النمو، التي تتمثل تحديداً في أن نسبة كبيرة من السكان هم من الشباب، وأن العديد منهم لم يصل بعد لسنوات الكسب والشراء، فضلاً عن النمو الاقتصادي المطرد، وأضف إلى ذلك الإدراك الحقيقي أن العقارات هي أصل استثماري آمن ومفضل شهد ارتفاعات متواصلة منذ تعويم الجنيه المصري وتحرير سوق الصرف بشكل كامل في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.

وأشار التقرير إلى أن الفترة الماضية شهدت تخفيف إجراءات الإغلاق، وجرى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كما أُطلقت شركات التمويل العقاري والشركات ذات الغرض الخاص للتطوير العقاري، وأخيراً أعلن البنك المركزي المصري برنامجاً للتمويل العقاري لمحدودي ومتوسطي الدخل في مارس.

وفي الوقت الحالي، أبدت شركات دولية تطلعها إلى إنشاء فروع لها في القاهرة، بينما ظهرت فئات أصول جديدة للمباني السكنية، ومعدل إشغال مرتفع لمحال التجزئة، وتوقع التقرير أن يشهد قطاع العقارات في مصر بحلول 2025 مزيداً من المشاريع ذات الدخل المرتفع والمتعددة الاستخدامات التي تتضمن قطاعات التجزئة في شرق القاهرة، مشيراً إلى أن سوق الوحدات السكنية في القاهرة الكبرى قد تواجه على الأرجح فائضاً في المعروض على الرغم من زيادة الطلب.

اقرأ المزيد