Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

آلاف المكالمات تنتظر على خط الطوارئ في بريطانيا بسبب الضغط الهائل

حصري: إبقاء أكثر من 12 ألف مكالمة طوارئ في بريطانيا في الانتظار خلال شهر يونيو بسبب النقص في عدد الموظفين

شهر يونيو كان الأكثر ازدحاماً على الإطلاق بالنسبة إلى وحدات "الحوادث والطوارئ" في المستشفيات (غيتي)

دخل معظم المستشفيات البريطانية على امتداد البلاد في نفق أزمةٍ حقيقية، قبل أكثر من أسبوع من موعد وقف العمل بقيود الإغلاق، الذي يُخشى من أن يؤدي إلى تفاقم الزيادات في حالات الإصابة بعدوى "كوفيد". وأوضحت الهيئة المنظمة للرعاية الطبية يوم الخميس الفائت، أن أزمة الصيف فرضت تحدياتٍ "جدّية للغاية" على المرافق الصحية، في خضم الوطأة الشديدة التي تعرضت لها وحدات الطوارئ وأقسام المستشفيات.

وتكشف بياناتٌ تمكنت "اندبندنت" من الاطلاع عليها، عن أن آلاف المرضى تعيَّن عليهم الانتظار لمدة دقيقتين على الأقل، قبل أن يُرد على مكالماتهم الواردة على خط الطوارئ 999، فيما أظهرت الأرقام الجديدة تسجيل ارتفاعاتٍ قياسية في زيارات المرضى أقسام "الحوادث والطوارئ" A&E في المستشفيات خلال الشهر الماضي.

وفي الأيام الأخيرة، أصدرت أربع مؤسساتٍ تتولى خدمة الإسعاف، ما تُسمّى "تنبيهات سوداء" (وهي أعلى مستويات تصاعد الضغط الذي تواجهه العمليات في سلم قياس الإجهاد والطلب الذي تعتمده هيئة "خدمات الصحة الوطنية NHS" في المملكة المتحدة)، مع اصطفاف المرضى الذين تستدعي حالاتهم دخول المستشفى في طوابير طويلة، وتأخير فترات الانتظار لمدة تصل إلى 15 ساعة داخل المستشفيات.

لكن على الرغم من المخاوف التي يبديها القيّمون على مرافق "خدمات الصحة الوطنية"، فإن الحكومة ماضية في مخططها، مع تأكيد وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد، يوم الخميس، أن الجدول الزمني لإنهاء الإغلاق في البلاد لن يتغير.

وقال جاويد لـ"جمعية الحكومة المحلية" Local Government Association (هيئة عابرة للأحزاب تمثل المجالس المحلية أمام الحكومة الوطنية) "إننا مطمئنون إلى الخطط التي وضعناها، على الرغم من الارتفاع المتوقع الذي سنشهده في عدد الإصابات بالفيروس".

وأضاف وزير الصحة "أعتقد أن الإصابات بالعدوى ستكون أعلى بكثير بحلول التاسع عشر من يوليو (تموز) -موعد فتح البلاد- مما هي عليه اليوم، وأتوقع أن تكون في شهر أغسطس (آب) أعلى من ذلك بكثير". 

وكان قد وُضع خلال شهر يونيو (حزيران) الفائت ما مجموعه 12451 شخصاً لمدة دقيقتين على الأقل في وضع الانتظار، بعد اتصالهم برقم الطوارئ 999 في إنجلترا، بسبب الكم الهائل من المكالمات المتدفقة، ونتيجة عدم وجود عددٍ كافٍ من الموظفين للرد على المتصلين، في حين أنه بالمقارنة مع شهر أبريل (نيسان) هذه السنة، كانت مكالمات الطوارئ في حدود 1528 فقط. وبالنسبة إلى بعض المرضى الذين يعانون من خطر التعرض لسكتة قلبية، فإن كل دقيقةٍ يمكن أن تُحدث فارقاً لجهة بقائهم على قيد الحياة.

وكانت "خدمة الإسعاف في لندن" London Ambulance Service، و"خدمة الإسعاف الجنوبية الغربية" South Western Ambulance Service، و"خدمة الإسعاف في إيست ميدلاندز" East Midlands Ambulance Service، و"خدمة الإسعاف الشمالية الغربية" North West Ambulance Service، قد أصدرت جميعها تنبيهاتٍ خلال الأسبوع الماضي، ما يشير إلى مدى الضغط الشديد الذي تعرضت له المرافق الطبية.

وفيما اضطر بعض المستشفيات فعلاً إلى إلغاء عمليات طبية كانت مجدولَة، حذر كبار المسؤولين في هيئة "خدمات الصحة الوطنية" من أن سلامة المرضى ستكون في خطر، إذا وصل عدد الإصابات بفيروس كورونا إلى 100 ألف حالة في اليوم في غضون أسابيع قليلة.

في هذا الوقت، تمضي الحكومة البريطانية قدماً في تنفيذ خططها لإنهاء قيود التباعد الاجتماعي في الموعد الذي حدّدته وهو التاسع عشر من يوليو، وقد أعلنت يوم الخميس الفائت أن الأفراد الذين تلقوا جرعتي اللقاح، وكذلك الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، لن يكونوا مجبرين على عزل أنفسهم لدى عودتهم إلى المملكة المتحدة من 147 دولة من البلدان المدرجة ضمن "القائمة البرتقالية"، وذلك اعتباراً من التاسع عشر من هذا الشهر.

لكن الهيئة المنظمة للرعاية الطبية في إنجلترا أشارت يوم الخميس إلى أن أزمة الصيف التي تواجهها مستشفيات "خدمات الصحة الوطنية" كانت حقيقية وجدّية.

وأكد تيد بايكر، رئيس مفتشي المستشفيات لدى "لجنة مراقبة جودة الرعاية" Care Quality Commission (CQC)، أن الهيئة الرقابية ستتابع الوضع من قرب، وتتخذ الإجراءات اللازمة لحماية الناس إذا لزم الأمر. وقال لـ"اندبندنت" إن "التحديات الراهنة التي تواجهها خدمات المستشفيات التابعة لهيئة (خدمات الصحة الوطنية) هي جدية للغاية، خصوصاً لجهة الزيادة الكبيرة في الطلب، ونتيجة الضغط الذي يؤثّر في الموظفين والمرضى معاً."

"إننا نشهد مستوياتٍ قياسية لتوافد المرضى إلى وحدات الطوارئ، ومعدلات عالية في الأسرَّة المشغولة في المستشفيات، وكذلك في أوقات الانتظار الطويلة في أقسام الرعاية الصحية الاختيارية (غير العاجلة). أمام هذا الواقع، يتعيَّن على خدمات الصحة أن تحافظ على مستويات ثابتة في ثقافة السلامة التي تنتهجها، من أجل حماية المرضى ودعم العاملين في القطاع."

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال كبير مفتشي المستشفيات لدى "لجنة مراقبة جودة الرعاية": "إننا نراقب الخدمات من كثب، وسنتابع الأوضاع حيثما نرى أن هناك مخاطر، ونتخذ الإجراءات المناسبة لحماية الناس عند الضرورة. إننا ندرك تماماً أن في مختلف خدمات الرعاية العاجلة والطارئة يتعرض الموظفون لضغطٍ كبير، لذا نقف في حالٍ من التأهب الدائم للإصغاء إلى أي مخاوف، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجتها، سواء كانت صادرة عنهم أو عن المرضى."

وتبيّن آخر البيانات الصادرة عن هيئة "خدمات الصحة الوطنية"، التي نُشرت يوم الخميس، أن شهر يونيو كان الأكثر ازدحاماً على الإطلاق بالنسبة إلى وحدات "الحوادث والطوارئ" في المستشفيات. 

وسجّل "مستشفى ديريفورد" Derriford Hospital في مدينة بليموث جنوب غرب إنجلترا، معدلاتٍ قياسية في فترات انتظار المرضى الذي أقبلوا على قسم "الحوادث والطوارئ" لديه، وصل بعضها إلى 15 ساعة على الأقل، وقد حصل ذلك مرتين هذا الأسبوع. 

وأوضح متحدث باسم المستشفى أن 10976 مريضاً قد حضروا إلى قسم "الحوادث والطوارئ" ما بين مطلع شهر يونيو والسادس من يوليو. وكانت هذه المؤسسة الاستشفائية قد تلقت تحذيراً من "لجنة مراقبة جودة الرعاية" في مارس (آذار) الماضي، من طول فترات انتظار المرضى وحالات الازدحام لديها.

في غضون ذلك، أكدت "خدمة الإسعاف الجنوبية الغربية" أن فرقها ما زالت تعمل على أعلى مستوى وبأقصى طاقة يوم الخميس الفائت، وذلك بوتيرة متواصلة لأسابيع عدة.

وقد استجابت في الأسابيع التسعة الأخيرة لنحو 20 ألف حادثة في الأسبوع، مقارنةً بـ18500 في الأسبوع قبل الوباء. أما في الأسبوع المنتهي في الرابع من يوليو، فشهد المستشفى أكثر الأسابيع ازدحاماً، إذ سجل استجابة لما يقرب من 22041 حادثة.

وقال متحدث باسم المستشفى "تشهد خدماتنا في الوقت الراهن ضغوطاً مرتفعة للغاية، ما فرض علينا أن نتعامل وفق الأولويات مع المرضى الذين يعانون من حالاتٍ حرجة. إننا نطلب من الناس الاتصال برقم الطوارئ 999، فقط في حالات الطوارئ الطبية الجدية، عندما يكون شخصٌ ما إما مصاباً بجروح خطرة، أو عندما تكون حياته في خطر. أما في ما يتعلق بالمخاوف الطبية الأخرى، فنشجع المرضى على الاتصال برقم المساعدة لدى هيئة (خدمات الصحة الوطنية) NHS 111، للحصول على المشورة والدعم اللازمين".

الرئيس التنفيذي لـ"خدمة الإسعاف في ويست ميدلاندز" West Midlands Ambulance Service أنطوني مارش، خاطب موظفيه منبهاً إلى أن التأخير الطويل في إدخال المرضى إلى المستشفيات ينذر بـ"عواقب وخيمة" قد تهدد حياتهم. وأشار إلى أن بعض الموظفين اضطروا إلى العمل أربع ساعاتٍ إضافية فوق دوامهم اليومي البالغ 12 ساعة، في انتظار تسليم المرضى الذين ينقلونهم إلى المستشفيات.

ووجه مارش تنبيهاً إلى المستشفيات بالقول: "لقد أخبرتمونا عن مدى تأثير الإجراءات المتأخرة في وتيرة حياتكم وصحتكم الذهنية. لكنها في المقابل تلحق أضراراً خطيرة بصحة أولئك المرضى، قد تترتب عنها عواقب مأساوية في بعض الحالات."

"لا يجوز أن نقف عاجزين عن الوصول إلى بعض المرضى من الفئة الثانية (الذين لا يُحتمل أن تتدهور حالاتهم بسرعة)، فهؤلاء أشخاص يعانون أزماتٍ قلبية وسكتاتٍ دماغية، إذ يكون عامل الوقت حاسماً بالنسبة إليهم. ولا شك في أن هؤلاء المرضى سيتعرّضون للضرر."

بالنسبة إلى "خدمة الإسعاف في ويست ميدلاندز"، كانت ستة أيام من بين أكثر عشرة أيام هي الأكثر ازدحاماً على الإطلاق حتى الآن هذا الشهر، مع تلقيها 36336 اتصالاً على خط الطوارئ 999، ما بين مطلع يوليو والسابع منه، أي بزيادةٍ مقدارها 32 في المئة على الفترة نفسها من عام 2019.

"الكلية الملكية لطب الطوارئ" Royal College of Emergency Medicine دعت الحكومة إلى اتخاذ تدابير عاجلة، وإلا فإن مرافق "خدمات الصحة الوطنية" ستقبل على أسوأ أزمة مرت بها خلال أي موسم شتاءٍ سابق.

ونبه ماثيو تايلور رئيس "اتحاد خدمات الصحة الوطنية" NHS Confederation (رابطة تضم جميع السلطات الصحية والمستشفيات التي تقدم خدمات الصحة في إنجلترا وويلز)، إلى أن سلامة المرضى ستكون عرضةً للخطر، إذا استمرت الضغوط على "خدمات الصحة الوطنية" في الارتفاع، في حال صحت التوقعات ببلوغ عدد الإصابات بفيروس كورونا 100 ألف حالة في اليوم. 

© The Independent

المزيد من صحة