Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بايدن فقد الثقة في حرب أفغانستان قبل أكثر من عشر سنوات

إثر رحلة إلى كابول عام 2009، لكنه فشل في إقناع أوباما حينها بعدم زيادة عديد القوات الأميركية في البلد الآسيوي

الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي مستقبلاً جو بايدن عام 2009 (أ ف ب)

تفجر شعور بالإحباط من حرب أفغانستان لدى الرئيس الأميركي جو بايدن قبل أكثر من عشر سنوات، ولم يهدأ قط.

ففي رحلة إلى كابول في يناير (كانون الثاني) 2009، قبل قليل من أداء اليمين الدستورية كنائب للرئيس حينها، وجه بايدن تحذيراً للرئيس الأفغاني آنذاك حامد كرزاي وهما جالسان إلى مأدبة عشاء. وقال إن كرازي قد يخسر دعم واشنطن، ما لم يشرع في تطبيق نظام للحكم لصالح جميع الأفغان، ملمحاً إلى مزاعم فساد تطال شقيق الرئيس الأفغاني.

ورد كرزاي حينها بتوجيه انتقاد للولايات المتحدة بأنها لا تبالي بمقتل المدنيين الأفغان.

ومع استمرار الخلاف، ألقى بايدن بمنشفة الطعام (المنديل) وانتهى العشاء فجأة، بحسب رواية كثيرين ممن حضروا المناسبة.

رسالة تحذير لأوباما

قبل هذه الرحلة، كان بايدن يسعى لبذل جهود عسكرية وإنسانية قوية لإعادة بناء أفغانستان، بعد أن أطاحت واشنطن بحكومة حركة "طالبان"، انتقاماً منها بسبب مساندتها لزعيم القاعدة أسامة بن لادن، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 على الولايات المتحدة.

لكن الصدام مع كرزاي وباقي أحداث الرحلة المزعجة، ولدت لدى بايدن إحساساً بأن الحرب التي تؤرق واشنطن، ربما يستحيل النصر فيها.

وعاد إلى عاصمة بلاده بتحذير شديد اللهجة للرئيس المنتخب حينها باراك أوباما، مضمونه أن هذه اللحظة ليست مناسبة لإرسال مزيد من القوات إلى أفغانستان.

وقال جوناه بلانك، مساعد بايدن السابق لفترة طويلة، الذي رافقه في رحلة 2009، "لم يكن الأمر مجرد نفاد صبر... أخذ التفاؤل يتبدد سنة بعد سنة".

أخيراً الانسحاب الكامل

خسر نائب الرئيس وقتها في هذا الخلاف السياسي. فقد أمر أوباما في النهاية بزيادة عدد القوات الجديدة في أفغانستان، ومدد أمد الحرب في حكمه الذي انتهى عام 2017.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن بايدن الذي أصبح سيد البيت الأبيض، يشرف الآن على انسحاب شبه كامل للقوات الأميركية من أفغانستان، على الرغم من اعتراض خبراء عسكريين وأعضاء ديمقراطيين وجمهوريين في الكونغرس، وبعض المسؤولين في مجال المساعدات الإنسانية.

وكان دونالد ترمب، سلف بايدن الجمهوري، أبرم اتفاقاً مع "طالبان"، تغادر بموجبه جميع القوات الأميركية أفغانستان بحلول مايو (أيار) من العام الجاري، وهي مهلة أعيد تمديدها. وتقول مصادر إن بايدن يشعر بالقلق من أن التراجع عن الاتفاق قد يفتح طريقاً لمزيد من الهجمات على القوات الأميركية ويطيل أمد الحرب.

واعترف الرئيس الأميركي الخميس، الثامن من يوليو (تموز)، باحتمال اندلاع حرب أهلية جديدة في أفغانستان، لكنه كرر التزامه سحب قوات بلاده. وفي الوقت الذي تواصل فيه واشنطن دعمها الدبلوماسي والإنساني للأفغان، يقول بايدن إن مصيرهم أصبح الآن في أيديهم.

تأييد شعبي

كان هذا أكبر جهد يبذله الرئيس الديمقراطي في العلن حتى الآن لطمأنة الأميركيين بشأن الاستراتيجية الخاصة بأفغانستان، فيما تنتزع "طالبان" السيطرة على قطاعات كبيرة من بلد على حافة الفوضى.

وقال بايدن، "لقد اتخذت القرار بناءً على فهم واضح للأوضاع. لن أرسل جيلاً آخر من الأميركيين للحرب في أفغانستان، من دون توقعات منطقية بتحقيق نتيجة مختلفة (عن الوضع الحالي)".

وقُتل حوالى 2400 من أفراد القوات الأميركية في أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة، وأصيب آلاف آخرون.

ويؤيد غالبية الأميركيين قرار بايدن سحب القوات من أفغانستان، حسبما أظهر استطلاع أجرته منظمة "إبسوس" في أبريل (نيسان)، لكن 28 في المئة فقط ممن شملهم الاستطلاع رأوا أن الولايات المتحدة حققت أهدافها في أفغانستان، بينما قال 43 في المئة، إن الانسحاب الأميركي الآن، يصب في مصلحة القاعدة.

لا ضمانات

 يحذر منتقدون بمن فيهم مسؤولون في الحكومة الأميركية، من أن الانسحاب يتم من دون ضمانات بمشاركة "طالبان" في عملية سلام، أو انتخابات ديمقراطية، أو حتى قطع العلاقات مع القاعدة.

وتقول وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إن انسحاب قواتها اكتمل بنسبة 90 في المئة، فيما تشن "طالبان" هجوماً على مناطق كان صعباً عليها الاقتراب منها من قبل.

واستولت الحركة الخميس على معبر حدودي رئيس مع إيران، وقال المسؤول فيها شهاب الدين ديلاوار، إنها تسيطر على 85 في المئة من أراضي أفغانستان.

وهذا الأسبوع، قال السناتور الجمهوري لينزي غراهام، الذي رافق بايدن في رحلة 2009، إن القاعدة قد تعاود الظهور في هذا البلد الآسيوي، وتمهد لهجوم آخر على الولايات المتحدة. وأضاف، "سيطرة طالبان على أفغانستان ليست في مصلحة الأمن القومي الأميركي".

السناتور الديمقراطية جين شاهين قالت بدورها، إنها تشعر "بقلق بالغ" إزاء الأوضاع في أفغانستان.

أما هيذر بار، المديرة المشاركة المؤقتة لقسم حقوق المرأة في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، التي أمضت سنوات في أفغانستان، فلها تقييم متشائم للغاية. وتقول، "يبدو الأمر كأنه كارثة مكتملة، كأن البلاد في طريقها للانهيار".

"مستنقع خطير"

لم يكن قرار المغادرة سهلاً، لكن مساعدين حاليين وسابقين قالوا، إن مخاوف بايدن من التعثر في أفغانستان ظهرت إلى الوجود في الرمق الأخير من عمر إدارة جورج دبليو بوش، وزادت بمرور السنين، لكن رحلة 2009 هي التي أقنعته بفشل هذه السياسة.

وكتب أوباما في مذكراته عام 2020 بعنوان "الأرض الموعودة"، إن ما شاهده وسمعه في الرحلة "أرسى لديه قناعة بأننا بحاجة لإعادة التفكير في نهجنا بالكامل"، وأن أفغانستان "مستنقع خطير".

وكان بايدن في بعض الأحيان المسؤول الكبير الوحيد في البيت الأبيض الذي يعارض زيادة القوات لدعم استراتيجية مكافحة التمرد.

ومع ذلك، فإن السنوات على تعاقبها لم تغير شيئاً سوى أنها زادت حدة هذه المخاوف لدى بايدن ومساعديه المقربين، بمن فيهم وزير الخارجية الحالي أنتوني بلينكن.

وكان مقتل بن لادن في عام 2011 في غارة أميركية في باكستان المجاورة، إنجازاً كبيراً لأوباما. لكنه أزال أيضاً سبباً آخر لاحتفاظ الولايات المتحدة بوجود قوي في المنطقة.

وقال روبرت غيتس، وزير الدفاع في عهد أوباما الذي اصطدم مع بايدن، في مذكراته في عام 2014، "كان بايدن يجادل طوال العملية، وسيظل يتذرع بأن الحرب لا يمكن استمرارها سياسياً في الداخل".

هل من عودة قريبة؟

وتأمل إدارة بايدن في الاحتفاظ ببعض وسائل الضغط على "طالبان" في محادثات السلام التي تدعمها واشنطن، مع تهديدات بحجب المساعدة المالية التي تحتاجها الدولة الفقيرة الحبيسة.

لكن الخروج السريع يثير مخاطر إفساح الطريق أمام الحركة وإطلاق العنان لها. وقال بلينكن لوكالة "رويترز" في حملة الانتخابات الرئاسية في عام 2020، إن ترمب أخطأ عندما وافق على الخروج من أفغانستان من دون انتزاع أي شيء في المقابل من "طالبان".

وأضاف، "من الأفضل لنا أن نقول إننا سننسحب، ولكن في مقابل خطوات نريدها من طالبان بدلاً من الانسحاب مقابل لا شيء".

وتتطابق مشاعر القلق لدى مجموعة من أعضاء الكونغرس وجماعات الإغاثة من الحزبين، من أن النهج الذي يسلكه بايدن الآن يشوبه خلل.

وقال النائب مايك روجرز، وهو أكبر عضو جمهوري في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، "في كل مرة أسأل فيها الإدارة عن خطتها إزاء أي من هذه القضايا يقولون لي إنها في الطريق... تساورني المخاوف من أن تؤدي هذه القرارات السيئة لعودتنا إلى أفغانستان في المستقبل القريب".

المزيد من تحلیل