Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من يخسر في حرب ترمب مع عمالقة منصات التواصل الاجتماعي؟

يرجح قانونيون أميركيون الفشل لقضية الرئيس الأميركي السابق ضد "فيسبوك" و"تويتر" و"غوغل"

ترمب خلال إعلانه مقاضاة شركات التكنولوجيا (أ ب)

أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب نيته رفع دعاوى قضائية ضد ثلاث من شركات التكنولوجيا الكبرى، "فيسبوك" و"تويتر" و"غوغل"، بسبب فرضها الرقابة ضده بحظر حساباته على منصاتها للتواصل الاجتماعي، قائلاً إن "بيغ تك (شركات التكنولوجيا) باتت خارج السيطرة" وتعمل "كذراع رقابة للحكومة الأميركية بحكم الأمر الواقع".

وخلال مؤتمر صحافي أمام "نادى الغولف الوطني" الذي يملكه في بيدمينستر في ولاية نيوجيرسي، قال ترمب، مساء الأربعاء 7 يوليو (تموز)، إن شركات التواصل الاجتماعي على الرغم من أنها كيانات خاصة رسمياً، فإنها توقفت في السنوات الماضية عن أن تكون مختصة بالتشريع والاستخدام التاريخي للمادة 230 (في القانون الأميركي) التي تحميها من المسؤولية". وزعم أن هذه الشركات جرى "احتواؤها وتسليحها من قبل فاعلين في الحكومة، لتصبح جهات إنفاذ للرقابة غير القانونية وغير الدستورية".

توقعات بفشل الدعاوى

أثار إعلان ترمب جدلاً في الصحافة الأميركية بشأن ما الذي يمكن أن تسفر عنه هذه الدعوى القضائية ضد شركات التكنولوجيا التي باتت موضع اتهامات بالتحيز السياسي، وإذا ما كان يمكن إخضاع هذه الشركات الخاصة للنوع نفسه من التفسير الدستوري الذي يطبق على بعض الجهات الحكومية. لكن، بحسب العديد من الخبراء القانونيين الذين تحدثوا إلى وسائل إعلام أميركية، فإن الرئيس الأميركي السابق ليس من المرجح أن ينجح في الحصول على حكم لصالحه.

تم تعليق حسابات ترمب على منصات "تويتر" و"فيسبوك" و"يوتيوب" بعد أحداث الشغب التي شهدها مبنى الكابيتول، مقر الكونغرس الأميركي، في السادس من يناير (كانون الثاني) الماضي، وذلك بسبب مخاوف من تحريضه مؤيديه على العنف احتجاجاً على نتائج الانتخابات الأميركية الرئاسية التي فاز فيها منافسه الديمقراطي جو بايدن.

وقالت شركات التكنولوجيا المالكة هذه المنصات إن مزاعم ترمب الكاذبة في شأن تزوير الانتخابات الرئاسية تخاطر بالتحريض على مزيد من العنف في المستقبل. لكن مؤيدي الرئيس السابق يقولون إن هذه الشركات تفرض رقابة مدفوعة بالتوجهات السياسية. وقال ترمب إنه ليس وحده الذي تعرض للرقابة غير العادلة من قبل مواقع التواصل الاجتماعي، بل هناك مؤيدون له وأعضاء آخرون من التيار المحافظ في الحزب الجمهوري تعرضوا لذلك أيضاً.

جدل التعديل الأول

وفي حين يجادل ترمب بأن حظره على منصات التواصل الاجتماعي ينتهك التعديل الأول للدستور الأميركي، فإن خبراء يقولون إن التعديل الأول لا ينطبق على الشركات الخاصة. ونقلت شبكة "فوكس نيوز" عن أستاذ القانون لدى كلية الحقوق في فاندربيلت بولاية تينيسي، براين فيتزباتريك، قوله "لا أعتقد أن الدعوى القضائية لديها فرص نجاح كبيرة، لأنها أولاً وقبل أي شيء تتهم الشركات بانتهاك الدستور الأميركي، بينما الدستور يقيد الحكومة فحسب... إنه لا يملي على الجهات الخاصة ما يجب أن تفعله أو لا تفعله".

ويعتقد نائب مدير مركز ستيرن للأعمال وحقوق الإنسان في جامعة نيويورك، بول باريت، أن حجة ترمب في شأن التعديل الأول هي "خاطئة تماماً"، إذ إن التعديل الأول ينطبق على الرقابة الحكومية أو تنظيم الكلام، ولا يمنع شركات القطاع الخاص من تنظيم المحتوى على منصاتها. وأضاف في تعليقاته لوكالة "أسوشيتد برس"، "في الواقع، يتمتع فيسبوك وتويتر بحق حرية التعبير في التعديل الأول لتحديد الخطاب الذي تنشره منصاتهما... يشمل هذا الحق استبعاد المتحدثين الذين يحرضون على العنف، كما فعل ترمب في 6 يناير في الكابيتول".

ونقلت الوكالة عن أستاذ القانون في جامعة سانتا كلارا في كاليفورنيا، إريك غولدمان، الذي درس أكثر من 60 دعوى قضائية مماثلة فشلت في الحصول على حكم ضد شركات التكنولوجيا التي أغلقت أو علقت حسابات مستخدمين، قوله إن "دعاوى ترمب من المرجح أن تفشل" مثل غيرها. وقال "لقد جادل السابقون في كل شيء تحت الشمس، بما في ذلك التعديل الأول، ولم يصلوا إلى أي شيء... ربما لدى (ترمب) خدعة في جعبته من شأنها أن تمنحه القدرة على رفع العشرات من الدعاوى القضائية. أنا أشك فيها".

وأضاف غولدمان أنه يشتبه في أن الفريق القانوني لترمب يعرف أنه لن يفوز في المحكمة، وأشار إلى أن الرئيس السابق يهدف من الدعاوى القضائية جذب الانتباه.

المادة 230

وفيما أشار ترمب إلى أن تلك الشركات باتت عامة بسبب استفادتها من السياسات الحكومية مثل المادة 230 التي سعى سابقاً لإلغائها خلال رئاسته، قال فيتزباتريك "جميعنا يستفيد بشكل أو بآخر من بعض القوانين من دون أن يجعلنا ذلك جهة حكومية... هذه (الدعوى) ليس لديها أي فرصة للنجاح. أعتقد أن الأمر يتعلق بالدعاية بشكل أساسي وليس للحصول على مساعدة حقيقية من المحكمة".

ويُسمح لمنصات التواصل الاجتماعي، بموجب المادة 230 من قانون آداب الاتصالات لعام 1996، بتعديل خدماتها بحرية طالما أنها تتصرف "بحسن نية". كما يعفي القانون بشكل عام شركات الإنترنت من المسؤولية عن المواد التي ينشرها المستخدمون. غير أن ترمب ومحافظين آخرين جادلوا منذ فترة طويلة بأن "تويتر" و"فيسبوك" ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى أساءت استخدام هذه الحماية ويجب أن تفقد حصانتها، أو في الأقل يجب أن تحظى بها من خلال تلبية المتطلبات التي حددتها الحكومة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وطالما حذر الرئيس الأميركي السابق من السلطة الآخذة في التنامي لشركات التكنولوجيا، وقال خلال المؤتمر الصحافي "لا دليل أفضل على أن بيغ تك خارج السيطرة من حقيقة أنها حظرت رئيساً للولايات المتحدة في وقت سابق من العام الحالي... إذا كان بإمكانها فعل ذلك بي فيمكنها فعل ذلك ضد أي شخص آخر".

وتطالب الدعاوى القضائية الثلاث، التي أعلن عنها ترمب، من المحكمة، الحكم بتعويضات وإعلان عدم دستورية المادة 230 واستعادة حسابات ترمب، إلى جانب حسابات المدعين الآخرين الذين أزيلت منشوراتهم أو حساباتهم بسبب آرائهم السياسية.

وبحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، رفضت شركات "فيسبوك" و"غوغل" و"تويتر" التعليق على إعلان ترمب. لكن مات شرورز، رئيس رابطة صناعة الكمبيوتر والاتصالات، وهي مجموعة تجارية في صناعة التكنولوجيا تضم "فيسبوك" و"تويتر" و"غوغل"، قال إن لشركات الإنترنت الحق في فرض شروط الخدمة الخاصة بها. واعتبر في بيان أن "الدعاوى الجماعية العبثية لن تغير حقيقة أن المستخدمين -حتى رؤساء الولايات المتحدة- يجب أن يلتزموا القواعد التي وافقوا عليها".

تأتي خطوة ترمب بعد أسبوع من قرار قاضٍ فيدرالي حظر قانون فلوريدا الجديد الذي وقعه الحاكم الجمهوري رون ديسانتيس، والذي سعى إلى معاقبة الشركات المالكة منصات التواصل الاجتماعي الكبرى مثل "فيسبوك" و"تويتر" عن حذف محتوى أو حظر سياسيين. وكان القانون سيسمح للدولة بفرض غرامة قدرها 250 ألف دولار على الشركات في اليوم لحذف حسابات المرشحين السياسيين على مستوى الولاية، و25 ألف دولار في اليوم لحذف حسابات أولئك الذين يترشحون لمنصب محلي. لكن قاضي المحكمة الجزئية الأميركية روبرت هينكل أصدر في 30 يونيو (حزيران) أمراً قضائياً أولياً بوقف تطبيق القانون الجديد.

حرية التعبير والاحتكار

من جانب آخر، نشبت معركة أخرى تتعلق بمكافحة الاحتكار، إذ شهدت الدول الغربية خلال السنوات الماضية جدلاً في شأن كيفية معالجة السلطة الهائلة وتأثير شركات التكنولوجيا الكبرى على المستخدمين. لكن تقول "الغارديان" إن الأفكار في شأن كيفية معالجة المشكلة بالضبط تختلف اختلافاً كبيراً عن دعاوى ترمب، حيث يشير الخبراء إلى أنها لا تتناول العديد من قضايا مكافحة الاحتكار المطروحة.

ونقلت عن المدير التنفيذي لمعهد نايت للتعديل الأول في جامعة كولومبيا، في نيويورك، جميل جعفر، قوله "هناك نقاش مهم يجب إجراؤه حول أنواع الالتزامات التي قد يفرضها التعديل الأول على الجهات الفاعلة الخاصة التي تتمتع بتأثير كبير في الخطاب العام، وحول مدى الحرية التي يمنحها التعديل الأول لتنظيم أنشطة تلك الجهات الفاعلة الخاصة"... "لكن من غير المرجح أن تضيف هذه الدعاوى الكثير إلى هذا الجدل".

وقال إيفان جرير من منظمة الحقوق الرقمية "فايت فور ذا فيوتشر" إن ادعاءات ترمب تعمل على صرف الانتباه عن "المخاوف المشروعة" في شأن التأثير السلبي في المجتمعات المهمشة جراء ممارسات التعديل العشوائي على المحتوى أو الرقابة. وأضاف أنه "في حين من السخف التظاهر بأن قرارات التعديل التي تتخذها شركات التكنولوجيا الكبيرة ليس لها تأثير كبير في حرية التعبير، فإن التعديل الأول يُمكّن المنصات الخاصة من اتخاذ القرارات التي ترغب في اتخاذها ككيانات غير حكومية".

المزيد من تقارير