Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المجتمع المدني في تونس يتحرك لإخراج البلاد من أزمتها

أصوات من "حركة النهضة" ترفض الدعوة إلى الاستفتاء وتعتبرها إهداراً لجهود الناس

شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة التونسية مقفل تماماً بسبب جائحة كورونا (أ ف ب)

أطلق "ائتلاف صمود" أحد أهم مجموعات الضغط السياسي في تونس، يوم الأربعاء 30 يونيو (حزيران) الماضي، مبادرة جديدة لمحاولة طرح أفكار جديدة تسهم في إخراج البلاد من أزمتها السياسية.

بديل لفشل الحوار الوطني
ووصف حسام الحامي، منسق "ائتلاف صمود"، الدعوة إلى الاستفتاء بأنها "بديل لفشل الحوار الوطني". وقال إن "المبادرة أتت من جمعيات وشخصيات وطنية ومستقلين، للعمل باتجاه تغيير المنظومة السياسية والانتخابية، بعدما تبين أن المنظومة السياسية الحالية والنص الدستوري وبقية النصوص القانونية غير قادرة على إيجاد مخارج للإشكاليات التي يطرحها الواقع السياسي في تونس".
وأضاف، "لا يُطرح موضوع سياسي في تونس إلا ويكون سبباً في تراكم المشكلات بين رؤوس السلطات في الدولة، ما أوصلنا إلى التعطيل التام لعجلة السلطة. ولدينا حكومة صوّت عليها مجلس النواب منذ أشهر عدة، ورفض رئيس الجمهورية أن تؤدي اليمين أمامه، وأيضاً مشكلة المحكمة الدستورية التي تعطل تشكيلها".

أي نظام نريد؟

وقال الحامي، إن "الجميع متفق على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة. وتقدم الاتحاد العام التونسي للشغل بدعوة للحوار الوطني لمراجعة المنظومة السياسية ومنوال التنمية، وإيجاد الحلول الاقتصادية والاجتماعية للأزمات الخانقة التي تعيشها تونس، لكن للأسف بعد ثمانية أشهر من إطلاق المبادرة لم يُكتب لهذا الحوار أن يرى النور. وأمام غياب أي حل كان لا بد من حل استثنائي، بالرجوع إلى صاحب السيادة الأصلي، وهو الشعب التونسي، لاستفتائه على أي نظام سياسي يريد، وأي نظام انتخابي يريد حتى يمكننا الخروج من الأزمة الحالية".
مبادرة إيجابية

ولقي اقتراح الاستفتاء تأييداً من أطراف سياسية عدة، واعتبر محسن مرزوق، الأمين العام لحزب "مشروع تونس" أن "الحديث عن الاستفتاء ليس من باب الترف السياسي في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، والتي يعبر عنها بوضوح الفصل الثالث من الدستور القائل، إن الشعب يعبر عن سلطته بالانتخابات والاستفتاء".

ودعا مرزوق إلى "إعطاء الشعب التونسي حق تقرير مصيره بعد ما عاشه من نكبات في السنوات العشر الماضية، عبر اختيار نظام سياسي يراه مناسباً لإدارة شؤون الحكم. والدعوة صدرت عن المجتمع المدني وبدأت أحزاب تتحرك لتأييدها، وهذا يعكس أن هنالك حاجة ملحة للبحث عن مخارج من الأزمات التي تعيشها تونس عبر الدستور وعبر الآليات الديمقراطية، ومنها الاستفتاء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عقبات دستورية
في المقابل، تواجه عقبات كثيرة عملية إنجاز الاستفتاء بسبب الشروط التي وضعها الدستور. ورأى المحامي حازم القصوري أن "مقتضيات الفصل 143 من دستور 2014 تقر لرئيس الجمهورية حق المبادرة باقتراح تعديل الدستور. ولمبادرة رئيس الجمهورية أولوية النظر". وأضاف أن "مبادرة التعديل تفرض على المحكمة الدستورية إبداء الرأي في كونها لا تتعلق بما لا يجوز تعديله بحسب الدستور، لكن أمام عمق الأزمة، وفي غياب المحكمة الدستورية، يمكن للمجتمع المدني وضغط الشارع أن يتجاوز العقبات، وهنا تكمن أهمية جبهة الاستفتاء كمحرك دفع للخروج من الأزمة عبر استعمال الرئيس (قيس سعيد) لهذه الورقة تحت ضغط الشارع لتجاوز العقبات القانونية والمحافظة على الوحدة الوطنية". وأضاف القصوري، "ما سيسهم في تحقيق ذلك، هو أن تونس تعيش أزمة، إضافة إلى الخوف من صعود أحزاب متطرفة تسيطر على المشهد ككل. لذلك ندعم أي مبادرة سياسية تُخرج البلاد من حالة الاستقطاب والعنف السياسي الذي يشكل تهديداً مباشراً على المسار الديمقراطي. من هذه الرؤية تنطلق مبادرة جبهة الاستفتاء لإيقاف النزيف الذي تعيشه البلاد، ومطلوب اليوم العمل عليها وتوسيعها للانفتاح على منظمات وطنية والشخصيات التي تنحاز إلى دولة القانون والمؤسسات، للقطع مع هذه المرحلة التي تميزت بعدم الاستقرار الحكومي والفشل على كل الأصعدة، لتأسيس ديمقراطية صلبة يسودها مبدأ سيادة القانون وبناء المؤسسات".

تحرك ميداني لجمع مليون توقيع

ولن تقف المبادرة التي اقترحها "ائتلاف الصمود" بحسب منسقها العام حسام الحامي، على الدعوة إلى الاستفتاء "بل ستتبعها خطوات عملية، منها عريضة وطنية تدعو إلى طلب الاستفتاء أُطلقت بالفعل ليوقع عليها المواطنون. وسيمكننا هذا العمل الميداني من الاتصال المباشر بالناس ونريده أن يكون وسيلة ضغط إضافية على المنظومة السياسية الحالية لتقبل فكرة الإصلاح، ونسعى إلى الوصول لمليون توقيع لتكون للمبادرة قدرة تأثير حقيقية".

قلق وريبة

من جهة أخرى، التزمت أطراف سياسية عدة الصمت تجاه المبادرة، بينما عبر القيادي في "حركة النهضة" رفيق عبد السلام عن موقفه بالقول، إن "تشكيل جبهة الاستفتاء على تغيير الدستور لا معنى له وقضية خاسرة سلفاً. يجب أن يتوقف هذا العبث السياسي والقانوني الذي لا يعني شيئاً سوى إهدار جهود الناس". وأضاف عبد السلام "اطمئنوا لا أحد يستطيع إعادة التونسيين إلى دستور 59 ونظامه الرئاسوي الفردي، بناءً على رغبات سلطوية شخصية أسقطتها ثورة الحرية والكرامة".
أما الناشطة في المجتمع المدني فاتن السلامي فنوهت بأنه "سيكون لهذه المبادرة وقع كبير، لأن هذا الدستور المفخخ الذي اعتُمد في عام 2014 أسقط البلاد في أزمة عجز الجميع عن الخروج منها، والحل الممكن هو الاستفتاء وإعطاء الشعب الحق في اختيار نظام رئاسي أو برلماني وليتحمل مسؤوليته بعد ذلك. وللشعب الحق في تقرير مصيره فهو مصدر السلطات". وأضافت السلامي "تعيش تونس حالة انسداد وانحباس سياسي، ولولا فشل هذه المنظومة السياسية لما طرحت هذه المبادرة".

المزيد من العالم العربي