Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قانون الأمن القومي يهدد الحقوق واستقلالية القضاء في هونغ كونغ

غير بشكل جذري المشهد السياسي والقانوني في مدينة وعدت الصين بالحفاظ على حريات أساسية فيها بعد تسلمها من بريطانيا في عام 1997

صور النشطاء الـ47 المدافعين عن الديمقراطية في هونغ كونغ الذين وجهت إليهم اتهامات بموجب قانون الأمن القومي الصيني (أ ف ب)

هز قانون الأمن القومي الذي فرضته الصين في هونغ كونغ، الأسس القانونية في المدينة خلال عام من تطبيقه، وفق محامين، وأجَّجت قرارات قضائية وصلاحيات جديدة واسعة للقيام بملاحقات المخاوفَ بشأن الحقوق وسيادة القانون.

وبعكس المحاكم التي يسيطر عليها الحزب الشيوعي في الصين القارية، تتمتع هونغ كونغ بنظام قضائي يحظى باحترام عالمي، ويمثل دعامة المركز المالي العالمي الذي تشتهر به.

وفي التفاف على المجلس التشريعي لهونغ كونغ، وُضع قانون الأمن القومي في بكين وبقي نصه سراً حتى تطبيقه في 30 يونيو (حزيران) العام الماضي، في وقت شددت السلطات القيود بعد تظاهرات عارمة مؤيدة للديمقراطية في عام 2019، تخللتها أحياناً أعمال عنف.

"غزو فضائي"

وفي العام الذي أعقب بدء العمل بالقانون، أعلن قضاة في هونغ كونغ أن المحاكمات أمام هيئة محلفين ليست حقاً دستورياً، وافتراض الإفراج بكفالة ليس مضموناً في قضايا تتعلق بالأمن القومي.

وقال محامي دفاع، "وكأن كائنات فضائية تغزو أرضنا، أو عاصفة رملية لا يمكن وقفها تجتاحنا من الشمال".

وهو أحد أربعة محامي دفاع يضطلعون بقضايا متعلقة بالأمن القومي تحدثوا إلى وكالة الصحافة الفرنسية شرط عدم الكشف عن هويتهم.

وقالوا إن محاكم هونغ كونغ الآن "تراوغ" فقط في مسائل الحقوق عندما تتعارض قواعد الأمن القومي مع تدابير الحماية القائمة منذ مدة طويلة في النظام القانوني للمدينة.

النظام القضائي مهدد

واعتقلت السلطات حتى الآن 114 شخصاً بموجب قانون الأمن القومي، ووجهت اتهامات بحق 64 منهم.

والأسبوع الماضي كان كمحطة فاصلة، عندما بدأت محاكمة أول شخص يُتهم بموجب قانون الأمن، في غياب هيئة محلفين وبحضور ثلاثة قضاة اختيروا بشكل خاص.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وطالما شكلت المحاكمات أمام هيئة محلفين دعامة النظام القضائي لهونغ كونغ طيلة 176 عاماً.

وحذر خبراء القانون الدستوري من تهديدات تطال النظام القضائي للمدينة، فيما تحاول محاكم تجنب إغضاب السلطات الصينية التي تمسك بالكلمة الفصل في قضايا الأمن القومي.

و"عندما تتخلى (المحكمة) عن حق أساسي من دون أي تدقيق صارم، فإنها توفر أيضاً تبريراً فكرياً لنظام متشدد"، حسبما كتب أستاذ القانون العام لجامعة هونغ كونغ، جوهانس تشان، في مقالة في مايو (أيار). وقال، "إذا لم يكن القضاء نشطاً ويقظاً في حماية حقوق الإنسان الأساسية، فلن تكون هناك أي سيادة للقانون".

التغييرات

ورفضت السلطة القضائية في هونغ كونغ "التعليق على مسائل قانونية أو أخرى موضوعية تتعلق بقضايا فردية"، مشيرةً إلى مبدأ استقلالية القضاء.

وتقول سلطات هونغ كونغ والسلطات الصينية إن قانون الأمن القومي تمكن من استعادة الاستقرار بعد تظاهرات 2019، لكن المنتقدين يقولون إنه أحدث شرخاً في الحماية القانونية بين هونغ كونغ والصين.

فالقانون غير بشكل جذري المشهد السياسي والقانوني في مدينة وعدت الصين بالحفاظ على حريات أساسية فيها بعد تسلمها من بريطانيا في عام 1997.

وتتمتع الصين الآن بالاختصاص القانوني في بعض القضايا، وسمح القانون لعناصرها الأمنيين بالعمل بشكل علني في هونغ كونغ للمرة الأولى. وألغى القانون افتراض الإفراج بكفالة في جرائم غير عنيفة، وبات على المتهمين أن يثبتوا للقضاة أنهم لن يمثلوا أي تهديد كان على الأمن القومي.

وقال أحد المحامين إن الدفاع عن المتهمين "مهمة مستحيلة"، مضيفاً "إنه افتراض الذنب".

استقلالية القضاء

وفي قضية استثنائية، مثل 47 من النشطاء المدافعين عن الديمقراطية الذين وجهت إليهم اتهامات بموجب قانون الأمن القومي، أمام جلسة كفالة ماراثونية استمرت أربعة أيام في مارس (آذار). وأغمي على أحدهم من جراء الإعياء، ونقل العديد إلى المستشفى.

وقال محامي الدفاع الأول، "استقلاليتنا القضائية وسيادة القانون يشبهان الآن لوح زجاج متشقق". وأضاف، "سيكبر الشق ليكسر الزجاج في النهاية".

وهناك مخاوف من أن تؤثر البيئة الجديدة في تعيينات قضائية. فقد ذكرت "فايننشال تايمز" الأسبوع الماضي، نقلاً عن مصدرين مطلعين، أن مشرعين موالين لبكين في هونغ كونغ، تدخلوا لمنع تعيين قاضٍ لدى المحكمة العليا في المدينة.

ولدى السلطات بموجب قانون الأمن مزيداً من الأسلحة التي لم تستخدمها بعد، من بينها تسليم مطلوبين إلى السلطة القضائية في الصين القارية، التي يسيطر عليها الحزب الشيوعي، حيث تجري المحاكمات خلف أبواب مغلقة ويمنع حضور المواطنين والصحافيين.

رضى "العملاق"

وأعلنت القاضية البريطانية البارزة، بربندا هيل، في وقت سابق من شهر يونيو الجاري، أنها ستغادر أكبر محاكم هونغ كونغ عند انتهاء فترتها، مؤكدةً أن هناك "مختلف علامات الاستفهام" بشأن قانون الأمن القومي الجديد، حسبما ذكرت صحيفة.

ويقول البعض إنه بالنظر إلى الصلاحيات التي تتمتع بها السلطات الصينية الآن على تلك القضايا، لم يعد لدى محاكم هونغ كونغ مجالاً يذكر للمناورة.

وقال أستاذ القانون في جامعة هونغ كونغ، سايمون يونغ، إن النهج الذي اتبعته المحاكم حتى الآن "قرار استراتيجي حكيم" للحفاظ على استقلالية القضاء، إذ تتجنب احتمال بروز تحديات قد تفضي إلى إزالة بكين مزيداً من صلاحيات المدينة.

وكتب في تحليل في مارس، "المحاكم تحافظ على (سيادة القانون تحت طيف عملاق)". وأضاف، "العملاق يبدو راضياً حتى الآن".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير