Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تسعى فرنسا إلى تعزيز الدور الأميركي "المتراجع" في ليبيا؟

قراءات متفاوتة لمقررات مؤتمر برلين 2 وغياب المغرب أثار تساؤلات كثيرة

لقاء يجمع بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة في ألمانيا (أ ف ب)

بعد مرور ثلاثة أيام على ختام مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا، ما زالت نتائجه تحت التحليل والتمحيص، وتلقى تفاعلاً واسعاً معها محلياً ودولياً، مع بقاء السؤال الذي سبق انعقاد المؤتمر في انتظار الإجابة الشافية، وهو: هل تدخل مقررات مؤتمر برلين "2" حيز التنفيذ أم تلقى مصير مقررات نظيرها الأول، الذي استضافته العاصمة الألمانية بداية العام الماضي؟

وكانت الأطراف المشاركة بمؤتمر برلين الثاني، قد خرجت بمسودة توصيات ختامية من 57 نقطة، جلها جاءت لدعم ما تم الاتفاق عليها في مؤتمر برلين الأول، والتشديد على تنفيذ المتعثر منها، في مقدمتها خروج القوات الأجنبية من البلاد.

وما يلفت الانتباه في مؤتمر "برلين 2"، أنه على الرغم من المشاركة الواسعة فيه، من كل الأطراف البارزة التي لعبت أدواراً مختلفة بتأثير متفاوت على الساحة الليبية، فإن طرفاً بارزاً أثار غيابه تساؤلات كثيرة، عن أسباب مقاطعته للمؤتمر، وهو المغرب، البلد الذي لعب دوراً كبيراً في دفع عجلة المفاوضات الليبية، واستضاف جانباً من مساراتها المتعددة، ونجح في الإشراف على توقيع تفاهمات مفصلية في مسار العملية السياسية في ليبيا.

مقررات مؤتمر برلين 2

خرج مؤتمر "برلين 2" حول ليبيا، الذي استضافته العاصمة الألمانية، للمرة الثانية خلال عام ونصف العام، ببيان ختامي مكون من 57 بنداً، حاولت معالجة الملفات الرئيسة كافة التي تشكل محور اهتمام المجتمع الدولي، ولعبت دوراً مباشراً في تفاقم الأزمة الليبية في السنوات الماضية، مثل التدخلات الخارجية والانتخابات العامة المنتظرة وتفعيل العدالة الانتقالية ومعالجة القضايا ذات الطابع الإنساني، مثل قضية الهجرة والإفراج عن سجناء الرأي.

وشدد البيان الختامي للمؤتمر الختامي على "ضرورة خروج المرتزقة الأجانب والقوات الأجنبية من أنحاء ليبيا من دون تأخير، فضلاً عن الالتزام بما تم التعهد به في مؤتمر "برلين 1" في يناير (كانون الثاني) عام 2020".

مشيراً إلى أن "كل هذه الالتزامات جاءت في خريطة الطريق المعتمدة من قبل ملتقى الحوار السياسي، وهو ما يحتم اعتماد الترتيبات الدستورية والتشريعية اللازمة، وإصلاح قطاع الأمن، ووضعه بقوة تحت إشراف وسلطة رقابة مدنية موحدة، وضمان التخصيص العادل والشفاف للموارد في أنحاء البلاد كافة".

مظلة دولية للاتفاقات المحلية

النتائج التي خرج بها المشاركون في المؤتمر، كانت في العموم مُرضيةً لأغلب الأطراف المحلية والدولية ذات العلاقة بملف الأزمة في البلاد. وغطى البيان الختامي معظم القضايا الخلافية، وحاول معالجتها باقتراح بعض الحلول التي تدعم المسار التفاوضي والعملية السياسية، للوصول إلى بر الأمان بإجراء الانتخابات الوطنية، نهاية العام الحالي.

وفي السياق، صرحت المبعوثة الخاصة السابقة للأمم المتحدة إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز، التي لعبت دوراً بارزاً في التوصل لكثير من الاتفاقات المهمة بين أطراف النزاع الليبي، في فترة ولايتها المؤقتة على رأس البعثة الأممية للدعم في ليبيا، أن "نتائج مؤتمر برلين 2" كانت جيدة، وأنه كان أمر إيجابي للغاية أن نرى جميع البلدان والمنظمات الإقليمية تتجمع لإعادة تأكيد التزامات المجتمع الدولي بما تم التوصل إليه في مؤتمر برلين الأول".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبرت ويليامز المؤتمر بـ"مثابة مظلة دولية تسهم في تحقيق وحدة لليبيين وتنفيذ كامل آلية المتابعة التي تم إطلاقها في يناير 2020".

وأكدت أنه "كان من المهم جداً أن يستمع الليبيون مرة أخرى إلى رسائل فردية من جميع المشاركين في المؤتمر حول الدعم المتواصل، وضرورة إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وأيضاً ضرورة مغادرة المرتزقة والقوات الأجنبية البلاد ووقف التدخلات الخارجية".

لماذا غاب المغرب؟

ومع الترحيب الكبير الذي قوبلت به النتائج التي خرج به المشاركون في مؤتمر "برلين 2"، إلا أن بعض علامات الاستفهام كانت حاضرة في فعاليته، وبينها السبب الذي دفع الرباط لمقاطعة المؤتمر، على الرغم من أنها واحدة من أهم العواصم التي ساهمت بشكل كبير في دفع عجلة الحوار السياسي الليبي، عبر الجولات التفاوضية التي استضافتها أكثر من مرة في ضاحية بوزنيقة.

سبب رفض المغرب المشاركة في المؤتمر الثاني الذي تستضيفه العاصمة الألمانية لمناقشة الملف الليبي، يرجع إلى عدم دعوتها إلى مؤتمر برلين الأول الذي عقد العام الماضي، ما أغضب السلطات المغربية، التي أصدرت بياناً وقتها تحتج فيه على هذا التجاهل الألماني لدورها في حل الأزمة الليبية.

واتهم البيان المغربي وقتها ألمانيا بـ"محاربة الدور الإقليمي الذي يلعبه المغرب، وتحديداً دوره في الملف الليبي".

واستمرت اللهجة الحادة للخارجية المغربية تجاه التحركات الدبلوماسية الألمانية في الملف الليبي، مع انعقاد المؤتمر الثاني في برلين، حيث تقلت صحيفة "هسبريس" المغربية عن مصادر مسؤولة في الوزارة، أن "سبب رفض الوزير ناصر بوريطة الدعوة الألمانية للمشاركة في مؤتمر برلين 2، يأتي لأن البلاد اختارت تركيز جهودها إلى جانب الأطراف الليبية، التي قدمت إلى بوزنيقة لإجراء محادثات (جادة وملموسة وعملية)، بدل المشاركة في النقاشات غير المفيدة"، بحسب الصحيفة.

تقارب المواقف بين باريس وواشنطن

النتائج المبشرة التي خرج بها المشاركون في مؤتمر برلين، لم تقتصر على الاتفاق على خطوات تدفع عملية السلام الليبية إلى الأمام فقط، بل شملت تقارب رؤى بعض الفاعلين الدوليين البارزين في الملف الليبي، بعد تباعدها في السنوات الماضية، أبرزها الموقف الفرنسي والأميركي.

الاتفاق في وجهات النظر بين الموقفين الرسميين لواشنطن وباريس، برز في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده وزيرا الخارجية للدولتين، أنتوني بلينكن وجان إيف لودريان، إذ ركزا في حديثهما على نقطتين لا ثالث لهما "إجراء الانتخابات في موعدها وخروج القوات الأجنبية من ليبيا".

وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أكد قبل أيام من مؤتمر برلين، أنه عرض على عدد من قادة الدول السبع، مقترحاً مصحوباً بجدول زمني لسحب القوات الأجنبية من ليبيا، يبدأ بسحب المرتزقة ثم سحب القوات العسكرية بشكل متزامن، في وقت يتفق عليه لاحقاً، مبيناً أن "المقترح لقي ترحيب ورضا هؤلاء القادة".

ويرى الباحث والأكاديمي الليبي، مرعي الهرام، أن "باريس تحاول عبر التقارب مع واشنطن، ومحاولة جرها للعب دور أكبر في الساحة الليبية، لإدراكها أهمية دورها في الضغط على الأفرقاء الدوليين، الذين لهم حضور عسكري في ليبيا للخروج من البلاد، وعلى رأسهم تركيا".

وأضاف، "لا أحد يشك أن الوجود التركي في ليبيا هو الهاجس الأبرز لفرنسا فيما يتعلق بملف الأزمة الليبية، وهي تدرك أنه لا أحد غير الإدارة الأميركية قادرة على دفع تركيا لإنهاء تدخلاتها في ليبيا، ولذا تحاول تعزيز الدور الأميركي المتراجع في ليبيا إلى الواجهة".

وتابع، "بالنسبة لواشنطن مقترح ماكرون جيد، لسبب واحد، أنه يضع جدولاً زمنياً لخروج القوات الأجنبية في ليبيا بالتزامن، ما يعني ضمان خروج القوات الروسية أيضاً، وهو أيضاً الشغل الشاغل للولايات المتحدة، فيما يخص الملف الليبي".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات