Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا سيفعل الرئيس الإيراني الجديد في تركة الاقتصاد الثقيلة؟

دائرة الفقر تتسع واحتياطي النقد يقترب من النفاد والديون تعادل أكثر من نصف الناتج الإجمالي

تسبب الغلاء في موجة من الاحتجاجات لا سيما بعد رفع الحكومة أسعار الوقود بشكل مفاجئ (رويترز)

في وقت يواجه أكثر من نصف الشعب الإيراني، الفقر المدقع، فإن الرئيس الإيراني الجديد سيكون على موعد مع الملف الأصعب وهو أزمات الاقتصاد، ويعد هذا الملف الأصعب بين ملفات كثيرة شائكة، وربما يضع المحافظ المتشدد الفائز في انتخابات الرئاسة الإيرانية، إبراهيم رئيسي، في مأزق صعب.

البيانات والأرقام المتاحة تشير إلى أن أزمات الاقتصاد الإيراني تمتد من انهيار سعر العملة الذي يصحبه تضخم مرتفع وقاس، مروراً بارتفاع حاد في نسب البطالة، مع تراجع قياسي في الإيرادات بعد انهيار عائدات صادرات بيع النفط، مع استمرار العقوبات الأميركية، ما تسبب في انهيار احتياطي البلاد من النقد الأجنبي. أيضاً، فقد أضافت التداعيات الخطيرة التي خلفها كورونا عديداً من الأزمات ليتحول النمو إلى انكماش صعب، إضافة إلى استمرار نزوح المستثمرين والشركات الأجنبية، وأخيراً اتساع دائرة الفقر المدقع ليطال أكثر من نصف الشعب الإيراني.

وبينما تشير تقارير المؤسسات الدولية إلى أن الاقتصاد الإيراني يقترب بالفعل من حافة الهاوية، لكن الجهات المسؤولة في إيران تواصل تقديم بيانات مغلوطة، ولا تفصح عن الأرقام الحقيقية، بخاصة ما يتعلق منها بالناتج المحلي الإجمالي أو مدخلات الموازنة العامة أو خسائر النفط، مع إصرار الإدارة الأميركية السابقة على "تصفير" صادرات النفط، وأخيراً احتياطي النقد الذي اقترب من النفاد.

دائرة الفقر تتوسع

في ما يتعلق باتساع دائرة الفقر، كان مركز الإحصاء في إيران، قد كشف عن ارتفاع حدة الفقر المدقع في البلاد، وقال إن أكثر من 50 في المئة من السكان يعيشون في فقر مطلق، وتسبب تهاوي الدخل في انخفاض نسبة استهلاك اللحوم بنحو 65 في المئة، كما تراجع استهلاك الأرز بنسبة 35 في المئة.

وتشير البيانات إلى أن نسب الفقر ارتفعت في إيران من مستوى 18 في المئة خلال عام 2011 إلى نحو 24 في المئة خلال عام 2018، ثم زادت النسبة إلى 35 في المئة خلال عام 2019، لتقفز في الوقت الحالي إلى أكثر من 50 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي بيان، أفاد المجلس الأعلى لممثلي العمال في إيران، بأن شريحة كبيرة من السكان، بخاصة العمال، تعرضوا خلال السنوات الماضية لضغوط اقتصادية شديدة، مثل زيادة التضخم، وتراجع الدخل، وتدني القوة الشرائية، وتزايد الفقر، وأضیفت إلى ذلك أخيراً، المشكلات والتداعيات الخطيرة التي خلفتها جائحة تفشي كورونا في إيران.

وتسبب الغلاء في موجة من الاحتجاجات التي اندلعت خلال عامي 2018 و2019، لا سيما بعد رفع الحكومة بشكل مفاجئ، أسعار الوقود، وحمّل المحتجون النظام الإيراني مسؤولية المشكلات الاجتماعية والاقتصادية داخل البلاد.

التضخم يسجل مستويات قياسية

في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، توقع صندوق النقد الدولي مزيداً من ارتفاع التضخم في إيران، ودعا إلى إصلاحات تدعم تعافي الاقتصاد من تداعيات أزمة كورونا، ورجح الصندوق أن يرتفع التضخم إلى 39 في المئة، وشدد على أن "من المهم الشروع في التعامل مع بعض أوجه الضعف القائمة في الاقتصاد، بغية معالجة مسألة التضخم، ومن المهم معالجة تعدد أنظمة سعر صرف العملة في إيران، وهذا لن يساعد في معالجة التضخم فقط بل في تحسين استقرار الاقتصاد الكلي عموماً"، كما رجح الصندوق ارتفاع البطالة إلى 11.2 في المئة مقابل نحو 10.8 في المئة خلال عام 2020.

وفي ما يتعلق بمعدلات البطالة، كشف مركز الإحصاء في إيران، أن عدد العمال الذين تبلغ أعمارهم 15 سنة فأكثر في البلاد انخفض من 24.273 مليون شخص إلى 23.263 مليون شخص خلال العام الماضي، ما يعني أن أكثر من مليون عامل فقدوا وظائفهم خلال عام واحد، وبحسب التقرير، فإن 25 في المئة ممن فقدوا وظائفهم كانوا يعملون في الزراعة، وحوالى 75 في المئة في الخدمات العامة.

وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، نشر مركز البحوث في البرلمان الإيراني تقريراً قال فيه إن معدل البطالة الذي أعلنته الحكومة عند 9.8 في المئة ليس حقيقياً، وإن معدل البطالة الحقيقي يتجاوز مستوى 24 في المئة.

احتياطي النقد يقترب من النفاد

وعلى صعيد احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، تشير البيانات إلى تعرضه لموجة قاسية من الخسائر، وهوى بنسبة 92.78 في المئة خلال ثلاث سنوات ليفقد نحو 113.2 مليار دولار بعدما نزل من مستوى 122 مليار دولار خلال عام 2018 إلى نحو 8.8 مليار دولار، وفق الأرقام والبيانات التي أعلنها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.

وكان صندوق النقد الدولي قد قال في تقرير سابق، إنه لكي يوازن النظام الإيراني ميزانية العام المقبل، يجب عليه بيع النفط بسعر 195 دولاراً للبرميل الواحد.

وبالنسبة إلى إجمالي الديون، أشار التقرير إلى ارتفاعها لتسجل نحو 260 مليار دولار، وهو ما يعادل نحو 44 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الذي أعلنته الحكومة الإيرانية، وخلال ثلاث سنوات، قفزت ديون إيران بنحو 142 مليار دولار، ما يعني زيادة بنسبة 120.33 في المئة، وذلك بعدما ارتفعت من مستوى 118 مليار دولار خلال عام 2018 إلى نحو 260 مليار دولار بنهاية العام الماضي.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال صندوق النقد الدولي، إن صافي ديون إيران تعادل ما يقرب من نصف اقتصادها، وأشار إلى أن صافي الديون المستحقة على البلاد خلال عام 2020 يعادل ما يقرب من نصف اقتصاد البلاد التي تعتمد على النفط كمصدر رئيس للعملة الصعبة، وكشف الصندوق أن إجمالي احتياطيات إيران من النقد الأجنبي والذهب انخفض من 121 مليار دولار في عام 2018 إلى أربعة مليارات دولار فقط خلال عام 2020، وهذا يعني انخفاضاً بنسبة 96.7 في المئة.

وخلال عام 2019، واجهت الحكومة الإيرانية عجزاً كبيراً في الميزانية التي توقعت فيها بيع 1.5 مليون برميل من النفط يومياً، لكنها لم تتمكن من تصدير حتى نصف هذه الكمية بسبب العقوبات الأميركية.

وعلى الرغم من تحذيرات المؤسسات الدولية من الأوضاع الصعبة التي يعيشها الاقتصاد الإيراني، لكن عبد الناصر همتي، محافظ البنك المركزي للنظام الإيراني، اعترف في أبريل (نيسان) الماضي، ضمنياً، بأن احتياطي النقد الأجنبي للبلاد قد نفد، وقامت الحكومة بتحويل موارد العملات الأجنبية المحجوبة في الخارج أو في صندوق احتياطي النقد الأجنبي إلى الريال من قبل، وقد أدت هذه الطباعة للنقود من دون دعم إلى نمو غير مسبوق في معدل التضخم والسيولة المحلية، وذكر أن الحكومة حولت حتى موارد العملات الأجنبية التي يتعذر الوصول إليها إلى الريال، من أجل القضاء على عجز ميزانيتها خلال السنوات الماضية.

اقرأ المزيد