Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتخلى حلفاء الرئيس التونسي عنه؟

الاتحاد العام للشغل دان تصريحات قيس سعيد "المشككة" في شأن الحوار الوطني

الرئيس التونسي قيس سعيد (أ ف ب)

مع تزايد تأزم الوضع السياسي في تونس، وطرح إمكانية الوصول إلى الحوار الوطني، الذي قد يخلق بدوره أزمة أخرى، نظراً للاختلاف الشديد في ترتيب الأولويات بين الرئيس قيس سعيد وخصومه، وبينه وبين حلفائه، قد تشهد التحالفات بين الأطراف الفاعلة مداً وجزراً؛ فمؤسسة رئاسة الجمهورية من الأطراف التي قد تخسر شركاءها بسبب تمسكها بالمواقف وارتباكها، ما قد يؤدي إلى عزل سعيد سياسياً، خاصة إذا تخلت عنه الأحزاب المساندة، أو خسر دعم الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي لم يتردد في إرسال إشارات للرئيس قد تتسبب بقطيعة معه على خلفية تصريحاته الأخيرة. 

ودان الاتحاد، في بيان صدر مساء أمس الخميس، تصريح رئيس الجمهورية الأخير الذي شكك فيه بالحوار الوطني الذي قاده الاتحاد مع منظمات وطنية أخرى عام 2013.

كما أشار البيان إلى أن ما عبر عنه سعيد هو تشكيك متواصل في المؤسسات والمنظمات الوطنية والأحزاب السياسية، وتراجع منه عن التزامه بمبادرة الحوار الوطني.

في السياق نفسه، ولامتصاص غضب النقابيين، جدد سعيد تأكيده على انفتاحه على الحوار، ونفى ما تم تداوله من أخبار زائفة حول توصيف بعض الأطراف التونسية باللاوطنية، وذلك خلال اختتام زيارته إلى روما. 

يذكر أن سعيد كان قد دعا، لدى لقائه الثلاثاء الماضي برئيس الحكومة هشام المشيشي وعدداً من رؤساء الحكومات السابقين في قصر الرئاسة بقرطاج، إلى حوار يكون "مرحلة انتقال من هذه الحال إلى حال جديدة بعيداً عن صفقات لا في الداخل ولا مع الخارج، في انتظار نظام سياسي جديد"، مضيفاً "أما الحوار الذي يوصف بأنه وطني كما كان الشأن في السابق، فلا هو حوار، ولم يكن وطنياً على الإطلاق". 

خطاب غير موفق 

من جانبه، يعتقد النائب عن التيار الديمقراطي، القريب من رئيس الجمهورية، هشام العجبوني، أن خطاب سعيد "غير موفق"، مشيراً في تصريح خاص إلى أنها "ليست المرة الأولى". 

ويوضح، "عندما يقول إنه يوجد من يخطط لاغتياله يجب عليه التوجه إلى القضاء أولاً، أو عندما يتحدث عن الغرف المظلمة وغيرها من المسائل التي لا يتم توضيحها فيما بعد"، مستخلصاً أنه "بمثل هذا الخطاب يمكن أن يفقد الرئيس مصداقيته". 

ويرى العجبوني أن الرئيس يعتبر معزولاً نوعاً ما، خاصة "بعد رفضه الحوار الذي قدمه الشريك الاجتماعي الأول الاتحاد العام التونسي للشغل، وقبله التيار الديمقراطي، أحد الأحزاب القريبة منه على المستويين القيمي والأخلاقي"، مضيفاً أن "هذا الرفض فوت على البلاد فرصة إجراء الحوار منذ ثمانية أشهر". 

وعن مساندة حزبه لرئيس الجمهورية، يقول العجبوني، إنهم "حزب مستقل في قرارته مع وجود تقاطعات مع رئيس الجمهورية"، موضحاً "يمكن أن نتفق في بعض المواقف ونختلف في أخرى، فنحن لسنا في مساندة عمياء له". 

ويضيف العجبوني "خطاب رئيس الجمهورية تغير منذ إقالة حكومة إلياس الفخفاخ"، مفسراً ذلك بأنه في "ليلة 31 أغسطس (آب) 2020، كنت حاضراً في اجتماع مع رئيس الجمهورية وأطراف سياسية أخرى، وعبر سعيد صراحة عن ندمه على تعيين المشيشي، واقترح الجلوس لإيجاد مخرج قانوني ودستوري للمحافظة على استقرار البلاد، إلا أن (زعيم حركة النهضة)، راشد الغنوشي، رفض".

خطاب شعبوي وعزلة سياسية

البعض رأى في تصريحات رئيس الجمهورية تعنتاً في المواقف قد يودي به إلى عزلة سياسية. ويراه البعض الآخر، أخطاء تواصلية يجب تفاديها. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وجدير بالذكر أنه منذ استقالة المسؤولة الإعلامية، رشيدة النيفر، في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، بقي منصبها شاغراً، ما جعل التواصل مع مؤسسة الجمهورية أمراً صعباً، بل مستحيل بالنسبة إلى الإعلاميين. كما انعكس عدم الاهتمام بهذا الجانب على أداء سعيد، خاصة في التصريحات والخطابات.

في سياق متصل، يقول المتخصص في الخطاب السياسي، عربي السويسي، إن المحتوى الذي يقدمه رئيس الجمهورية "يتماشى مع طبيعة الجو العام". 

ويوضح، "في تونس، كما في العالم، غلب على الخطاب الرسمي الطابع الشعبوي الذي يرتكز على العاطفة الممثلة في التشكيك في كل شيء والشتم وغيرها من العواطف المبالغ فيها أحياناً"، قائلاً إنه خطاب "يتماشى خصوصاً مع ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي".

ويفيد السويسي، "شهدت بعض مناطق العالم أحداث عنف نتيجة الخطابات الشعبوية، ونتذكر جيداً حادثة الكابيتول في الولايات المتحدة"، مشيراً إلى أن تونس تعيش حالة مشابهة من خلال الخطابات الحماسية والعاطفية، التي من شأنها أن "تزعزع الثقة بين الأطراف السياسية".

أخطاء قاتلة 

من جانب آخر، يرى الصحافي في جريدة "الشعب"، التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، صبري الزغيدي، أنه "في بعض المواقف، عبرت الأحزاب القريبة من سعيد عن امتعاضها منه".

ويعتقد الزغيدي، أن "الرئيس في الفترة الأخيرة كان مرتبكاً جداً على المستوى الفعل السياسي، وقام بأخطاء قاتلة جعلت حتى أكثر المقربين منه من أحزاب ومنظمات يسأمون من تصرفاته".

ويواصل الزغيدي، "في ظل الوضع الاجتماعي المتأزم والقابل للانفجار في أي لحظة، ما على الرئيس إلا أن يعيد ترتيب أولوياته وأوراقه وبعث رسائل طمأنة جدية وميدانية لأصدقائه، وإلا فإن التحالف الحاكم الذي يستمر في تقوية نفسه وتدعيم أسسه سيتمكن من الرئيس، وسيجعله محبوساً في قمقم قرطاج من دون هامش للمناورة والمبادرة".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي