Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تولى الفايكنغ إدارة تجارة الرقيق في العالم في العصور الوسطى

اكتشاف جديد يسلط الضوء على الاتجار بالعبيد على يد هذه القبائل ويشرح كيف صار إحدى ركائز الاقتصاد في تلك المرحلة

لا تزال آثار قبائل الفايكنغ مدار اهتمام علماء الآثار في العالم (كهوركوليكشن.كوم)

ساهم اكتشاف جديد ومميز لأغنى الكنوز في بريطانيا التي تعود إلى حقبة "الفايكنغ" عثر عليه في غالواي جنوب غربي اسكتلندا، في تسليط ضوء جديد ومذهل على عصر من الصراعات والتغيير.

يشار إلى أن نحو 20 كنزاً من كنوز "الفايكنغ" حتى الآن استخرجت في بريطانيا، لكن من شبه المؤكد أن معظم تلك الكنوز كان قد دفنها "الفايكنغ" بأنفسهم.

لكن للمفارقة، يبدو أن هذا الكنز الذي تطلق عليها تسمية "غالواي هورد" Galloway Hoard (قطع وأوانٍ من ذهب وفضة) كان قد امتلكه رجال الكنيسة الأنغلو ساكسونيون، وقاموا بدفنه تحديداً لإبقائه في منأى عن "الفايكنغ" أنفسهم.

وقد ساهم هذا الكنز في إعطاء علماء الآثار والمؤرخين فكرةً ولمحةً نادرة عن مجتمع كان يرزح تحت وطأة التهديد، وعن الإجراءات التي اتخذها أفراده لحماية ممتلكاتهم القيمة. وتكمن أهميته أيضاً في أنه يوضح من الناحية الأثرية، وعلى مستوى جزئي، حال الذعر التي كانت تنتاب تلك المجتمعات من قبائل "الفايكنغ"، لكن من الناحية التاريخية، بتنا نعلم أن مخاوف تلك الشعوب كانت مبررة إلى حد بعيد.

وعلى الرغم من عدم مشاركة جميع "الفايكنغ" في شن هجمات على المجتمعات التي لم تكن تتمتع بحماية، فإن جزءاً كبيراً من اقتصادهم كان يعتمد بالتأكيد على تلك الغزوات. وعلى الرغم من أن نهب الذهب والفضة كان نشاطاً شائعاً بالنسبة إلى مقاتلي تلك القبائل، فإن الدعامة الأكبر لاقتصادها كانت تتمثل في الهجمات التي كانت تشن لاحتجاز أسرى الذين يمكن بيعهم رقيقاً. وفي الواقع، فإن تجارة الرقيق كانت العمود الفقري لاقتصاد "الفايكنغ".

وفي هذا الإطار، ألقى أصحاب الغزوات من "الفايكنغ" القبض على مئات الآلاف من الأشخاص من سواحل إنجلترا واسكتلندا وإيرلندا وفرنسا والبلدان المنخفضة (هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ) وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وبولندا وشمال ألمانيا، في الفترة الممتدة ما بين عام 800 وعام 1100، وجرى بيعهم لاحقاً كعبيد لأسياد في أوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط. أما في جنوب العراق فكان يرسلون إلى مزارع قصب السكر هناك. وفي أوروبا، كانوا يجبرونهم على العمل في المناطق الزراعية، في حين استخدموا في أنحاء عدة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عمالاً في الزراعة، أو جنوداً من الرقيق، أو محظيات وجوارٍ بالنسبة إلى النساء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشملت أسواق الرقيق ومراكز التوزيع الرئيسة لـ"الفايكنغ" مدينة دبلن (في إيرلندا)، ومنطقة هيديبي (في شمال ألمانيا) وبيركا (في السويد) وولين (في بولندا). واستفادت أحياناً مدن أخرى - لا تتبع إلى "الفايكنغ" - من تجارة الرقيق التي كانوا يقومون بها. والواقع أن مدينة بريستول في إنجلترا، برزت أساساً كميناء أنغلو ساكسوني يستورد الرق من سوق العبيد الكبير في "دبلن الفايكنغية"، ويعاود تصدير العبيد إلى مركز "الفايكنغ" لتجارة الرقيق في إيرلندا.

ويعود الفضل الكبير في تمكين مقاتلي "الفايكنغ" من شن هجمات الاستيلاء على الرقيق التي قاموا بها، إلى التقنيات البحرية الرائعة التي امتلكوها. فقد سيطروا على البحار في مرحلة مبكرة من العصور الوسطى، وتولوا تالياً إدارة نظام الإغارة لاغتنام عبيد وتوزيعهم في العالم القديم لتلك العصور. وكانوا إلى حد ما رواد قوة جيو سياسية نشأت لاحقاً - والمقصود هنا بريطانيا - التي "سيطرت على البحار"، وفرضت هيمنتها على الكثير من أنشطة تجارة الرقيق في المحيط الأطلسي خلال القرن الثامن عشر.

وكان لدى سكان غالواي (بمن فيهم أولئك الذين دفنوا "كنز غالواي") سبب وجيه للخوف من "الفايكنغ". وفي الواقع، في العقود التي سبقت دفن هذا الكنز، سيطر الغزاة من "الفايكنغ" على أعداد كبيرة للغاية من الناس العاديين في بريطانيا وقاموا ببيعهم في سوق الرقيق. وتشمل الأمثلة المعروفة ما يقدر بنحو 5 إلى 10 آلاف شخص قبض عليهم في سواحل شمال غربي بريطانيا في عام 870، في مقابل نحو ألف شخص أسروا في منطفة أرماغ في إيرلندا الشمالية في عام 869، ثم في القرن العاشر شنت أكبر الغزوات، وجرى خلالها خطف ألفي شخص من منطقة إنغيلسي في ويلز عام 987.

غارات السطو على الناس واستغلالهم رقيقاً عبر الاتجار بهم لم تحقق عائدات ضخمة لعالم "الفايكنغ" فحسب، بل أوجدت في المقابل فرصاً إضافيةً لكسب المال. فعلى سبيل المثل كانت إحدى الوسائل الجانبية المربحة لـ"الفايكنغ" تقوم على تلقي فدية عن الأسرى الأثرياء، الذين كان يمكن بيعهم مرةً أخرى إلى ذويهم وأقاربهم، بالتالي تحقيق دخل أكبر مما كان يمكن أن يحققه لهم هؤلاء الأفراد في سوق العبيد.

تبقى الإشارة أخيراً إلى أنه إضافة إلى ذلك، فقد حولت تلك الغارات "الفايكنغ" إلى محاربين متمرسين إلى درجة أن مجموعة تجاربهم مثلت ركناً تجارياً أساسياً في حد ذاته. وكانت الدول الإنجليزية والفرنسية والإيرلندية وغيرها من الدول التقليدية الأخرى تثمن تلك التجربة إلى حد كبير، حتى أنها قامت باستخدام "الفايكنغ" كمرتزقة. وفي الواقع، كان أول جيش رسمي ومحترف في عالم القرون الوسطى في أوروبا الغربية، عبارةً عن قوة من مرتزقة "الفايكنغ" الذين وظفهم ملوك إنجلترا في النصف الأول من القرن الحادي عشر.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات