Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف انحرفت إيران عن مسار التنمية في كل المجالات؟

لم تتأسس الجمهورية على القانون والحق في التصويت والحريات السياسية والاجتماعية والثقافية

تعدُّد مشكلات إيران اليوم وأسباب إفلاسها لا يتطلب كثيراً من الشرح، فبعد أربعين عاماً من انتصار الثورة، والنظر إلى مسيرة التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي بالنسبة إلى العالم، وعلى الرغم من ثروتها الكبيرة، فقدت إيران كثيراً من الفرص، بسبب السياسات المغلوطة والسلطوية للحكومة الثورية والحكم المطلق للفقيه.

نظرة سريعة على العوامل المؤثرة في فشل التنمية بإيران، حيث انحرفت حكومة البلاد في العقد الأول من وجودها عن مسار التنمية في جميع المجالات، بسبب التسوية السياسية الواسعة وانغلاق الفضاء الاجتماعي، ثم الحرب مع العراق وعواقبها المدمرة.

أسباب الإخفاق

مع نهاية الحرب، كان هاشمي رفسنجاني أول الأشخاص الذين سعوا إلى تقريب المرشد من الحكومة، وكذا المؤسسات الثورية والتكنوقراطية، وأعاد إيران إلى طريق التنمية بعد عقد من الزمان. لكن لم تكُن لدى رفسنجاني خطط للتنمية الاجتماعية والثقافية. كما أن في حكومة رفسنجاني، لم يكن هناك إيمان بالتنمية السياسية.

الاغتيالات الخارجية والقمع الشديد للمعارضة وإغلاق الفضاء الاجتماعي والثقافي في البلاد، الذي انعكس بعد بضعة أعوام على عمليات القتل المتعاقبة للمثقفين، وخنق وسائل الإعلام، كلها قضايا أدّت في النهاية إلى إغراق تكنوقراطية وروح البناء التي انتهجها رفسنجاني بسبب الفساد المستشري في الحكومة.

وبشكل محدد، فإن الجمهورية لم تتأسس على القانون والحق في التصويت والحريات السياسية والاجتماعية والثقافية في البلاد. وأصبح من الواضح عدم إمكانية إحداث تنمية اقتصادية.

لكن، في السبعينيات وبخلاف المشكلات الداخلية، اعتمد تخطيط إيران في الخارج على اغتيال المعارضين بدلاً من التفاعل معهم والتحدث إليهم حول قضايا العالم، بل وتهديد الجيران عسكرياً وأمنياً بدلاً من كسب ثقتهم، بخاصة بعد حرب الثماني سنوات التي جعلت الطرفين لا يثقان ببعضهما البعض (إيران - العراق). وأصبحت القضايا الإيرانية أكثر تعقيداً.

ثلاث ركائز تكشف عن النوايا

تعمل إيران على ثلاث ركائز: تأسيس جماعات مسلحة بالوكالة في منطقة الشرق الأوسط، ومحاولاتها الحصول على المعرفة والأسلحة النووية وتطوير برامجها العسكرية، وانتهاج هذه الاستراتيجية باعتبارها السبيل الوحيد للحفاظ على أمنها الخارجي، إضافة إلى إنفاقها مليارات الدولارات وإحداث حالة من الجدل مع جيرانها ودول العالم، حتى اتضح في الثمانينيات أبعاد برنامجها للعالم، ما أدّى إلى فرض عقوبات دولية غير مسبوقة ضد البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خلال تلك الفترة، بخاصة بعد انتخابات 1997 (التي فاز بها محمد خاتمي) والتصويت السلبي للشعب ضد الهياكل الحكومية المنغلقة والتصويت لأجل الإصلاحات، عادت شعارات الثورة وإحياء البرامج الأمنية والقمعية والاعتماد على ذلك في تلك الظروف، جعل الناس في موقف صعب، ما بدأ يُعرف باسم "الوضع الحساس الحالي".

في ظل هذه الظروف ومنذ بداية الثمانينيات وبالتوازي مع التوسع السياسي والعسكري خارج إيران للحفاظ على نفسها وتحقيق شعار "انتصار ثورة المهدي العالمية" داخل البلاد، أخذت موجات القمع الشكل الأمني.

أحداث 1999 (هجوم أمني على السكن الجامعي لجامعة طهران)، حيث جرى قتل واعتقال وحبس واغتيال النشطاء السياسيين من الإصلاحيين، وأحداث 2009 والقمع الشديد للمواطنين والموجة الكبيرة لهجرة النشطاء السياسيين والمدنيين من البلاد، ثم حوادث 2017 و2019، كل ذلك جزء من الإدارة الثورية للدولة بواسطة حكومة ومؤسسات مرتبطة بالمرشد التي أدت في النهاية في العقدين الثالث والرابع من الثورة إلى تخلّف إيران بشكل كبير في جميع المجالات وإلى الفقر العام وبؤس الناس في المجال الاقتصادي.

حكومة الظل ومصالح الميدان

في هذه الأثناء، كانت استراتيجية النظام الإسلامي هي إدارة البلاد من خلال حكومة في الظل وحكومة تحت حكم المرشد و"الميدان" من جهة، وإشراك الناس في اللعبة السياسية للحكومات، وعدم قبول مسؤولية أكبر فساد اقتصادي في تاريخ الحكومة.

لعبة لا يجري فيها الحفاظ على ولاية الفقيه محوراً للثورة فحسب، بل أن تصبح ضحية لتلك الظروف. لكن الولي الفقيه مع تحويل الانتخابات وحق التصويت وحرية الشعب إلى تعيينات، ترك البلاد في أيدي عصابات فساد كبيرة بخلاف رجال الأمن، وفي كل مرة يحاول الناس إحداث تطور مدني وسياسي والاستفادة من الحد الأدنى من الفرص، يقمعهم بقوة ويطيحهم.

بدا من الواضح أننا اليوم أصبحنا نعرف ما هو نصيب الحكومات في هذا الوضع المؤسف في إيران، ووضع الحكومة الإسلامية والمؤسسات التي تخضع لقيادة المرشد، فإنها تتمتع بثروة وقوى سياسية واقتصادية.

أين يقفون اليوم؟ يكفي القول على سبيل المثال إن علي خامنئي قال صراحة - في قضية الإفراج عن ملف محمد جواد ظريف الصوتي - إن سياسة إيران الخارجية يجب أن تتماشى مع مصالح "الميدان" وآرائه، وأن لدينا فهماً كاملاً لهذه القضية، ولا يمكن تحقيق أي قضية في البلاد من دون رأي وموافقة قمة هرم الاستبداد.

كذلك وبإلقاء نظرة على قائمة أصول الشركات الخاضعة لسلطة الولي الفقيه ومستوى النشاط الاقتصادي للمؤسسات والعتبات الخاضعة لإشرافه تظهر أنه خلال أربعين عاماً، إيران أفلست بالكامل وبدلاً من ذلك، جرى إثراء الحكومة والمؤسسات والعتبات والحوزات الدينية والاقتصاديات ذات الصلة بغسل الأموال ونهب الأصول العامة، بخلاف ثراء ومكانة الحرس الثوري الإيراني التي لا يصل إليها أحد وتنوع في وسائل القمع.

الأوضاع الحالية لتطوّر إيران، في ظل الإدارة الثورية الأربعين للبلاد تعود إلى نظرية مركزية السلطة المطلقة للولي الفقيه، من دون أن يكون لأحد الحق في طرح الأسئلة والإجابة عنها، لم يعُد التمديد لها ادعاء، بل حقيقة لا يمكن إنكارها.

كذلك القول إن الوضع الحالي في البلاد هو نتيجة تصويت الشعب، ليس خطأ، لكنه أيضاً جزء من سيناريو حكومة الولي الفقيه السلطوية التي تسببت في انحراف الرأي العام في تلك اللحظة التاريخية للانتخابات، هو جوهر الحدث.
اندبندنت فارسية

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير