Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حسابات مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي هدفها زعزعة استقرار السودان

تطلق إشاعات مغرضة لزعزعة السلام الاجتماعي في البلاد والنظام السابق في مرمى الاتهام

فعّلت السودان نيابة جرائم المعلوماتية، وكان هناك عمل جاد على معاقبة كل مَن تورط إلكترونياً (اندبندنت عربية – حسن حامد)

منذ قيام الثورة السودانية في ديسمبر (كانون الأول) حاول كثيرون التصدي لها بشتى الطرق، وكانت وسائل التواصل الاجتماعي أحد أساليب هذا التصدي، حيث فُصل الإنترنت بعد فض اعتصام القيادة العامة مباشرة، ومن ثم عاد الإنترنت للعمل وعادت معه حسابات مزيفة أسهمت في إطلاق الإشاعات ونشر الأخبار المضللة لتحقيق أجندة سياسية وأمنية محددة. وأصبحت مصدر تهديد أمني واجتماعي كبير.

يقول الصحافي المهتم بالإعلام الجديد، عامر الصيفي لـ"اندبندنت عربية"، إن "الحسابات المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي في السودان ليست وليدة اللحظة، ولا تعدُ أمراً جديداً فقد لجأ لها النظام السابق وخصص لها غرفاً تُدار بواسطة جهات أمنية عُرفت بـ(الدجاج الإلكتروني)، وهو اسم ساخر دلالة على كثرتها. ونشأت بشكل ملحوظ بعد هبة سبتمبر (أيلول) عام 2013، وهدفت للعمل بالتوازي مع الجهود الرسمية في ذلك الوقت لقمع الانتفاضة الشعبية القوية". وأضاف "لم تتوقف تلك الكتائب بعد قمع الانتفاضة، بل استمر عملها الملحوظ في تشويه وبث الإشاعات، حتى في أيام ثورة ديسمبر 2019، وحتى سقوط النظام وكشف أمرها".

وبالعودة إلى الكشف عن 3 آلاف حساب مزيف، تنشط في بث الأخبار المغرضة، قال الصيفي إنه "لا يستبعد تورط جهات مناوئة للحكومة الحالية لتنفيذ أجندتها، خصوصاً أن التحول الذي يشهده السودان في الوقت الحالي لا يعجب كثيراً من القوى الإقليمية التي تحاول بشتى السبل مقاومته أو إفشاله".

ولفت الصيفي إلى أن "إجراءً اتخذته إدارة فيسبوك العام الماضي بإغلاقها عشرات الحسابات في السودان، اتضح أنها تعمل على بث الإشاعات وتديرها جهات خارجية، ما يعني أن هذه الحسابات التي ضبطت أخيراً تصب في تلك الجهود المستمرة من الجهات التي تناوئ الحكومة الحالية"، معولاً على الوعي الكبير الذي بات يتمتع به نشطاء التواصل الاجتماعي في كشف مثل هذه الحسابات التي تعمل على بث الفرقة والشتات بين أبناء الوطن، وإثارة النعرات القبلية والعنصرية".

زعزعة الأمن

كانت الحكومة الماضية تحارب ما تريد محاربته عن طريق الإنترنت ببث الأخبار المضللة والمتضاربة حتى يدخل الناس في حيرة. لذلك وُجهت أصابع الاتهام للنظام السابق، لأنه ما زالت لديه رغبة قوية في العودة إلى الساحة السياسية بل إلى الحكم.

وقال الكاتب أيمن بيك، إن "طريقة انتزاع السلطة من الإسلاميين في السودان كانت قاسية جداً، لذلك لم يكن من المستغرب أن يشعروا بضرورة العودة للانتقام، في سبيل ذلك جندوا الآلاف بعد نجاح الثورة، ووصلتهم أموال من الخارج لعمل غرف خاصة بعضويتهم المنوط بها نشر الإشاعات وافتعال المشكلات وعمل زعزعة أمنية بهدف تهديد الفترة الانتقالية، تمهيداً لتنفيذ انقلاب شامل على الجميع".

ويرى بيك أن، "هذه الحسابات من السهولة التعرف عليها، بمجرد أن تدخل على الحساب ستجد إما أنه فارغ من المحتوى، أو أنه جديد لم يمر على إنشائه سوى أشهر أو أسابيع، لكن أشخاصاً كثيرين ينقادون أحياناً خلف ما تردده دون وعي، وهم ربما يمثلون خطراً على أنفسهم وصحتهم النفسية قبل الآخرين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف، "نذكّر منشئي هذه الحسابات بأن المعارضة التي أصبحت تحكم الآن حاربت نظام الإسلاميين لثلاثين عاماً بالإشاعات وفشلت، ولم تنجح في الوصول إلى الحكم إلا عندما نظمت صفوفها وخرجت إلى الشارع وشق هتافها عنان السماء. يجب على الحكومة أن تتخذ خطوة جادة في هذا الشأن، فالمواطن المطحون لا حمل له على الأخبار الكاذبة، التي يكون أثرها النفسي سيئاً بخاصة بعد أن يكتشف أنه وقع ضحية إشاعة أو خبر كاذب، يجب البدء فوراً في إكمال محاكمة رموز النظام السابق، وتفعيل القوانين الرادعة لكل من يقوم بنشر الإشاعة أو يروج لها".

اتهامات باطلة

في الوقت الذي يتهم البعض عناصر النظام السابق في الإسهام في نشر الإشاعات. إلا أنهم اعتبروها اتهامات مغلوطة لا أساس لها من الصحة ولا أدلة على ذلك. حيث قال عضو حزب المؤتمر الوطني عبد الرحمن السيد، إن "توجيه تهم لا أساس لها من الصحة أمر خاطئ. فحزب المؤتمر الوطني لن يحارب الحكومة الجديدة التي فشلت في تقديم نموذج جيد من الحكم وأدخلت السودانيين في متاهة كبرى بهذه الطريقة. وإنما المعارضة ستتم علناً بالأدلة والبراهين ولن نختبئ خلف حسابات مزيفة ووهمية. 3 آلاف حساب عدد كبير، والجهات المسؤولة إذا كانت تريد معرفة مصادرها لاستطاعت. ولكن تجاهلها طوال هذه الفترة للأمر، أكبر دليل على أن هذه الحسابات تدار بواسطة جهات لها صلة بالدولة. خصوصاً أننا نعلم أن هناك نزاعات داخلية بين الفصائل المختلفة".

جهات متورطة

يقول الناشط المتخصص في شبكات التواصل الاجتماعي وليد أحمد "العدد كبير، 3 آلاف حساب تصعب إدارتها من جهة واحدة وهو رقم مبالغ فيه. ولكن الفكرة في حد ذاتها صحيحة. قبل فترة قليلة قام فيسبوك بإغلاق 200 حساب مزيف، تابعة لرجل أعمال روسي متهم بالتدخل في الانتخابات الأميركية. شملت الحملة إغلاق حسابات من ضمنها سودانية، 20 حساباً مزيفاً و18 صفحة تنتحل صفة مؤسسات إخبارية. 2021 ظهر حساب جديد باسم (أخبار السودان) متخصص بنقل أخبار البلاد بصورة حيادية. وكان موثقاً بالشارة الزرقاء. واتضح في ما بعد أن الحساب يقوم بنقل أخبار مزيفة ومضللة تتم عن طريق حسابات فيها أعداد كبيرة، ولكن الحسابات الجديدة لا تؤثر كثيراً بسبب قلة متابعة الأشخاص لها".

وأضاف أن "نشر أخبار غير حقيقية ومضللة ينتج عنه حراك كبير. وتحرك المجموعات الثورية. كما حدث عندما خرج تصريح مزيف باسم لجنة التحقيق في أحداث فض اعتصام القيادة العامة. قامت لجان المقاومة فوراً بنشر بيانات انتقدت التصريح في حين أنه عار من الصحة. الأخبار على السوشيال ميديا تُصدّق بسرعة وهنا تكمن الكارثة. لأن الأخبار المضللة لها بعد سياسي وتعمل على تحريك الشارع. لذلك تمثل خطراً ويمكنها تحقيق أجندة سياسية معينة".

عقوبات متفاوتة

فعّلت السودان نيابة جرائم المعلوماتية، وكان هناك عمل جاد على معاقبة كل مَن تورط إلكترونياً. وقالت المحامية والمستشارة القانونية سماح مصطفى إن "نيابة الجرائم الإلكترونية تعمل جاهدة على تقديم كل المتورطين للعدالة. حيث شهدت السنوات الأخيرة محاسبة مئات الأشخاص الذين قاموا بمضايقة آخرين على مواقع التواصل الاجتماعي بمساعدة وزارة الاتصالات. يجب أن يقدم المتضررون من الحسابات المزيفة التي تنشط في نشر الإشاعات بلاغات للنيابة التي بدورها ستقوم بالتعرف على أصحابها. ولكن مجرد الإشارة لها دون العمل على تقديمها للقضاء، لن يفيد ذلك في شيء سوى زيادتها وانتشار مزيد منها، ما يعنى مزيداً من الإشاعات التي تؤثر سلباً في استقرار البلاد".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير