دحض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الخميس 27 مايو (أيار) مزاعم كبير مستشاريه السابق بأن إخفاقاته تسببت في عشرات آلاف الوفيات بسبب "كوفيد-19"، قائلاً إن "بعض هذه التعليقات" لا تمت للحقيقة بصلة.
وشن دومينيك كامينغز، الذي ظل الذراع اليُمنى لجونسون حتى العام الماضي، هجوماً شديداً على رئيس الوزراء خلال شهادته التي استمرت سبع ساعات أمام لجنة برلمانية أمس الأربعاء، وصف خلالها جونسون بأنه غير كفوء وفوضوي ولا يصلح رئيساً للوزراء.
"عدم كفاءة الحكومة"
وسجلت بريطانيا خامس أعلى حصيلة وفيات في العالم بسبب الفيروس الذي أودى بحياة 128 ألفاً تقريباً هناك، وهو ما يزيد بكثير على تقديرات الحكومة المبدئية بوفاة 20 ألفاً في أسوأ الحالات. وقال كامينغز إن عدم كفاءة الحكومة وتقاعسها أدى لوفيات أكثر من اللازم.
ورداً على سؤال حول مدى صحة الاتهام قال جونسون "لا، لا أعتقد ذلك، لكن بالطبع كانت هناك مجموعة صعبة للغاية من القرارات، ولم نتخذ أياً منها باستخفاف"، مؤكداً أنه "في كل خطوة كنا نسترشد بالعزم على حماية الأرواح".
لا تمت للحقيقة بصلة
وأضاف جونسون أثناء زيارة إلى اسيكس صباح الخميس، "اتبعنا البيانات والإرشادات التي حصلنا عليها بأفضل ما يمكن".
وقال جونسون إن "ما حدث في دور رعاية المسنين كان مأسوياً لكننا فعلنا كل ما في وسعنا لحماية (خدمة الصحة العامة) ولتقليل انتقال العدوى، مستعينين بالمعارف المتوافرة" في حينه. وأضاف، "لم يكن معروفاً في بداية الوباء كيف يمكن أن ينتقل الفيروس من دون أعراض، وهذا أحد أسباب تعرضنا لمشاكل رأيناها في دور رعاية المسنين".
وتابع للصحافيين، "بعض التعليقات التي سمعتها لا تمت للحقيقة بصلة"، مضيفاً أن الشعب كان يريد من الحكومة التركيز على إخراج البلاد من حال الإغلاق.
رد هانكوك
وزير الصحة البريطاني، مات هانكوك، رد بدوره على كامينغز الذي كان اتهمه بـ"الكذب في مناسبات عدة، في اجتماع تلو آخر ولكن أيضاً علناً"، معتبراً أنه كان يجب "طرده" من الوزارة.
ورد هانكوك على أسئلة المعارضة في مجلس العموم الخميس، رافضاً الاتهامات "الكاذبة" والتي "لا أساس لها". وقال، "لطالما كنت صريحاً مع الناس في الأماكن العامة والخاصة"، مضيفاً أن الحكومة اتبعت "نهجاً منفتحاً وشفافاً".
بعضهم كان يتزلج
وكان كبير مستشاري رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون سابقاً، دومينيك كامينغز، وجّه انتقاداً لاذعاً إلى الحكومة، قائلاً إنها فشلت في أزمة تفشي فيروس كورونا، وهبطت بشكل "كارثي" تحت مستوى المعايير التي كان للجمهور البريطاني الحق في أن يتوقعها خلال الوباء العالمي الأكثر تدميراً منذ عقود.
وقال دومينيك كامينغز، وهو الاستراتيجي الذي يقف خلف حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) عام 2016، وفوز جونسون الساحق في انتخابات عام 2019، أمام مشرعين بريطانيين، إن الحكومة ومكتب جونسون في "10 داونينغ ستريت" (مقر رئاسة الحكومة البريطانية) كانا بطيئين جداً في رصد الأزمة. واعتبر أنهم "فشلوا في رؤية غليان الأزمة، وكان مكتب جونسون في فبراير 2020 لا يزال يعمل على أساس ألا حرب، مع العديد من كبار الوزراء، بما في ذلك رئيس الحكومة ذاته الذي كان في عطلة، وبعضهم كان يتزلج".
وتابع كامينغز أمام المشرعين، "الحقيقة هي أن وزراء ومسؤولين مهمين، إضافة إلى كبار المستشارين مثلي، نزلوا بشكل كارثي تحت المعايير التي يحق للجمهور أن يتوقعها من حكومته في أزمة مثل هذه".
وقال، "عندما كان الناس في أمسّ الحاجة إلينا، فشلت الحكومة، وأود أن أعبر لجميع عائلات أولئك الذين ماتوا، بلا داع، كم أنا آسف للأخطاء التي ارتُكبت، وعلى أخطائي الشخصية".
وصوّر كامينغز، الذي يجسد شخصيته، الممثل بنديكت كومبرباتش في فيلم "بريكستط، ذو انسيفيل وور "Brexit: The Uncivil War" الدولة البريطانية على أنها "نظام قديم يديره هواة غير أكفاء، يقاومون أي ابتكار من شأنه أن يجعلهم أقرب إلى العالم الحديث".
واعتبر المستشار السابق لجونسون أن المسؤولين البريطانيين فشلوا في تعلم دروس كورونا المبكرة التي ظهرت في آسيا، وكانوا يقاومون الأفكار الجديدة التي تقدم بها العلماء الشباب، ومغرقون في السرية، وبيروقراطيون بشكل مفرط، ويفتقرون إلى أي تدقيق حقيقي من وسائل الإعلام المحلية المتوافقة. وأكد كامينجز أنه سمع جونسون يقول "لتتراكم الجثث"، مضيفاً أمام لجنة برلمانية "نعم، سمعت هذا في مكتب رئيس الوزراء". ونفى جونسون تقارير عن تفضيله "ترك الجثث تتراكم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رد الحكومة
في المقابل، وقبل صدور تصريحات كامينغز، قال وزير النقل البريطاني غرانت شابس إن الناس لن يهتموا بـ "الثرثرة" في قلب مركز السلطة البريطانية في وستمنستر. وصرح شابس لـ "بي بي سي"، "سأترك الآخرين ليحكموا على مدى موثوقية شاهد صادف أن يكون مستشاراً سابقاً" لدى الحكومة.
ولدى سؤاله عن الانتقادات التي توجه بها كامينغز، قال المتحدث باسم رئيس الحكومة البريطانية "كنا نسير كل الوقت، بحسب المعلومات وآخر الدلائل التي كانت متوافرة لنا".
وكانت وكالة "رويترز" أشارت في سلسلة تحقيقات إلى كيفية ارتكاب الحكومة البريطانية أخطاء عدة في معالجة أزمة الوباء، إذ كانت بطيئة في تحديد وصول العدوى إلى أراضيها، وتأخرت في فرض الإغلاق، واستمرت بإخراج المصابين بالفيروس من المستشفى إلى دور الرعاية.
وكان كبير مستشاري الحكومة البريطانية في مجال العلوم، باتريك فالانس قال في مارس (آذار) 2020، إن تسجيل 20 ألف وفاة جراء فيروس كورونا سيُعد "نتيجة جيدة".
وبعد فترة وجيزة، توقع مستشارون علميون حكوميون، في تقديرهم للسيناريو الأسوأ للأزمة، أن يكون عدد القتلى المحتملين عند 50 ألفاً، بينما يقترب عدد القتلى الآن من 128 ألفاً.