رفض مجلس صيانة الدستور الإيراني قبول عدد من المرشحين للانتخابات الرئاسية المقررة في 18 يونيو (حزيران) المقبل، بحسب ما نشرت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية.
وقالت الوكالة، إن من بين المرشحين المرفوضين الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، وعلي لاريجاني، والنائب الأول للرئيس الإيراني، إسحاق جهانغيري. ونقلت عن مصادر وصفتها بالمطلعة، ولم تسمها، أن هذه مؤهلات لاريجاني وأحمد نجاد وجهانغيري لم يتم التأكد منها.
وأضافت أن الأسماء التي تمت الموافقة على ترشيحها هي: إبراهيم رئيسي، ومحسن رضائي، ومحسن مهر علي زادة، وسعيد جليلي، وعلي رضا زاكاني، وعبد الناصر حماتي، وأمير حسين غازي زادة هاشمي.
ولم يصدر أي تعليق من الهيئة الانتخابية المعروفة باسم مجلس صيانة الدستور على ما أوردته وكالة أنباء "فارس".
وقبل مصادقة مجلس صيانة الدستور وإعلان اللائحة النهائية لأسماء المرشحين المتنافسين في الانتخابات، رجحت وسائل الإعلام الإيرانية أن يكون السباق الرئاسي ثنائياً بين المحافظ "التقليدي" علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى بين عامي 2008 و2020، والمحافظ المتشدد ابراهيم رئيسي الذي يشغل منصب رئيس السلطة القضائية منذ 2019، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
"الحركة الخضراء"
وبدأ التباعد بين أطياف التيار المحافظ على هامش احتجاجات "الحركة الخضراء" التي رافقت إعادة انتخاب أحمدي نجاد عام 2009، ووقع الافتراق بعد الاتفاق حول البرنامج النووي بين طهران والقوى الكبرى عام 2015.
وبدأ تصنيف "المحافظين" بالظهور في الإعلام الإيراني اعتباراً من 1997، العام الذي شهد انتخاب الإصلاحي محمد خاتمي رئيساً. وشهد عام 1997 نقطة تحول بفوز "اليساري" خاتمي بالرئاسة، ليطلق سياسة إصلاحية ارتكزت بشكل كبير على الانفتاح على الغرب.
يقول المؤرخ جعفر شير علي نيا لوكالة الصحافة الفرنسية، "اليمين الذي تعرض حينها لخسارة مريرة في الانتخابات، بدأ تدريجياً إعادة بناء نفسه". ويضيف شير علي نيا الذي كتب مؤلفات عدة عن إيران الحديثة، أن التيار أعاد بناء نفسه بشخصيات شابة حملت تسمية مواجِهة للإصلاحيين، هي "الأصوليون".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلال انتخابات 2005، شكل الفوز المفاجئ لمحمود أحمدي نجاد، المرشح الذي رفع شعار مكافحة الفساد وطبع سريعاً البلاد بلمسته الشعبوية، دافعاً لتقارب معارضين له بين شخصيات من المحافظين التقليديين والإصلاحيين.
انتخابات 2009
لكن أزمة انتخابات 2009 وسط إعادة انتخاب أحمدي نجاد المثيرة للجدل مهدت الطريق لولادة ما بات يعرف بالمحافظين المتشددين. ومع الوقت، بات هؤلاء يعرفون أنفسهم بصفة أساسية هي "ثوريون"، بوحي قول للمرشد الأعلى علي خامنئي عام 2013، "أنا لست دبلوماسياً، أنا ثوري، وأقول كلمتي بصراحة وصدق".
وعارض المتشددون المحافظين التقليديين، معتبرين أنهم - وفق ما كتبت صحيفة "جوان" - "حرس الستاتيكو"، وانتقدوا فيهم، بما يشمل لاريجاني، "الصمت" عن احتجاجات 2009 التي اعتبرها خامنئي في ذاك الوقت "فتنة".
ولم يوفر المتشددون أحمدي نجاد من انتقاداتهم، ولم يغفروا له معارضته علناً للمرشد الأعلى خلال بعض مراحل ولايته الرئاسية الثانية التي استمرت حتى 2013.
في ذاك العام، لم يتمكن المحافظون، بشقيهم المعتدل والمتشدد، من الحيلولة دون فوز المعتدل حسن روحاني بالانتخابات الرئاسية. ومنذ توليه مهامه، عارض "الأصوليون" سياسة روحاني التي اتسمت بانفتاح على الغرب، متهمين إياه بتهديد المصالح العليا لإيران.
الاتفاق النووي
لكن إبرام الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، والذي حظي بمباركة نهائية من خامنئي، بدّل المعطيات، فساند المحافظون الوسطيون الاتفاق (وروحاني ضمناً)، ومنهم لاريجاني الذي صادق مجلس الشورى خلال رئاسته له، على الاتفاق.
لكن "الثوريين" بقوا على موقفهم، وهو ما انعكس في الأيام الماضية مع التمهيد للانتخابات الرئاسية المقبلة، إذ تداول مؤيدون للمحافظين المتشددين صورة مركبة تظهر وجهي الرئيس الحالي والمرشح لاريجاني، مع تعليق "لاريجاني ليس سوى روحاني آخر".
وشكل انسحاب الولايات المتحدة الأحادي من الاتفاق النووي عام 2018 وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران، قوة دفع للمحافظين المتشددين الذين كثفوا انتقاداتهم لحكومة روحاني، في ظل الأزمة الاقتصادية التي بدأت تعانيها البلاد في ظل العقوبات المتجددة.
ومع اقتراب الانتخابات، وفي ظل مباحثات في فيينا لإحياء الاتفاق النووي، يبدو أن المتشددين - ومنهم رئيسي الذي نال 38 في المئة من الأصوات لدى خوضه الانتخابات الرئاسية لعام 2017 - يميلون الى العنوان العريض بتأكيد أولوية رفع العقوبات الأميركية، وضمنياً عدم فك الارتباط بشكل كامل مع اتفاق عام 2015 المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة.