Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا وراء استحداث الرئيس الجزائري صندوق الأموال المنهوبة المصادرة؟

"تفشي الرشوة والفساد الإداري الموروث من العهد السابق والنفوذ الكبير لأصحاب الشركات المشبوهة يصعب التحكم فيها"

الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون (رويترز)

يواصل الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبون، الاهتمام بموضوع الأموال المنهوبة، وبالتزامن مع استمرار حملة محاربة الفساد وملاحقة الفاسدين ومحاكمتهم، أعلن مجلس الوزراء عن استحداث صندوق خاص بالأموال والأملاك المنهوبة المصادرة، والتي ستتم مصادرتها مستقبلاً.

وعلى الرغم من محاولات التشكيك في نوايا تبون من طرف جهات معارضة وأخرى من الحراك، خصوصاً في ما يتعلق بقدرته على استرجاع الأموال التي تم نهبها خلال فترة حكم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، لا سيما المهربة إلى الخارج في ظل القوانين المشددة والاتفاقيات المبرمة بين الدول، وأيضاً بسبب "استمرار صراع الأجنحة"، فإن تشديده خلال ترؤسه مجلس الوزراء، على ضرورة إدراج أحكام تتعلق باستحداث صندوق خاص بالأموال والأملاك المنهوبة المصادرة، والتي ستتم مصادرتها مستقبلاً، بناءً على أحكام قضائية نهائية في إطار قضايا محاربة الفساد، أبطل كل "التهم".

وتستمر محاكمة رجال أعمال ومسؤولين سياسيين بتهم الفساد وتبديد أموال عمومية، وأخرى تتعلق بالتزوير، والثراء غير المشروع وإبرام صفقات غير قانونية، وتهريب الأموال، بعد أن تم إيداع عدد كبير منهم السجن، بينما يبقى البعض الآخر تحت المراقبة القضائية في انتظار نتائج التحقيقات.

الاتجاه الصحيح

وفي حين أجمعت فئات واسعة من اقتصاديين وسياسيين، على أن الأموال المنهوبة تتعدى 200 مليار دولار، يقول أستاذ الاقتصاد كمال بوراوي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن استحداث هذا الصندوق خطوة في الاتجاه الصحيح، على اعتبار أن عملية مصادرة الأموال تتخللها إجراءات متشابكة، موضحاً أن تفشي الرشوة والفساد الإداري الموروث من العهد السابق والنفوذ الكبير لأصحاب الشركات المشبوهة يصعب التحكم في الأموال المصادرة، وكذلك ضبط وتقدير المبالغ التي تمت مصادرتها. وأوضح أن لجوء الدولة لإنشاء صندوق خاص بالأموال والأملاك المنهوبة يكشف عن الرغبة في التحكم أكثر في إجراء المصادرة التي وردت في الأحكام القضائية النهائية المتعلقة بقضايا الفساد الكبرى.

مصادرة 850 مليون دولار... وتعهد

وكانت وزارة العدل قد كشفت خلال الأسبوع الماضي، عن الحصيلة النهائية لعمليات المصادرة النهائية للأموال التي تمت منذ بدء عملية ملاحقة المتورطين في قضايا الفساد ونهب المال والمقدرات العامة. وأشارت إلى أنها بلغت ما يعادل 850 مليون دولار أميركي، إضافة إلى حجز 4766 مركبة وست سفن، و301 قطعة أرض، و119 شقة سكنية، و27 محلاً تجارياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعهد تبون، قبل وبعد وصوله إلى الحكم، باسترجاع جميع الأموال التي تم نهبها وتهريبها من طرف رموز الفساد في عهد الرئيس السابق، وشدد على أنه "مصمم على استرجاع الأموال المنهوبة، لأن محاربة الفساد واجب والتزام قدمه أمام الشعب"، موضحاً أن الثغرات التي شهدتها مؤسسات الدولة، وما نجم عنها من تبديد للأموال لن تتكرر مجدداً.

كما أشار إلى أن مجموعة من دول الاتحاد الأوروبي أبدت الاستعداد للتعاون مع الجزائر بخصوص الموضوع، مضيفاً أن "الأمر يتطلب صدور أحكام قضائية نهائية حتى تتمكن الحكومة الجزائرية من مباشرة جميع الإجراءات القانونية والدبلوماسية لاسترجاع الأموال المنهوبة". وأوضح أن "الملف فيه جوانب معقدة تتعلق بتورط بعض المؤسسات الأوروبية في تضخيم فواتير الاستيراد، وهي الطريقة التي كان يعتمد عليها بعض رجال الأعمال الجزائريين من أجل تهريب الأموال للخارج".

في السياق، يرى المحلل الاقتصادي محمد بخاري، أن القرار المتعلق باستحداث صندوق للأموال المنهوبة المصادرة يمنح المزيد من الشفافية ويسمح للبرلمانيين مستقبلاً بإمكانية المساءلة عن مصير الأموال ووجهتها، مضيفاً أن ذلك يدخل ضمن حرص الرئيس تبون على محاربة كل مظاهر الفساد، ووصف حجم الأموال المصادرة حتى الآن والمقدرة بـ850 مليون دولار، بالمبلغ المتواضع مقارنة بالموازنة العامة.

رفع اللبس

من جانبه، أوضح الحقوقي نجيب بيطام، أن الأصل المعمول به في ظل التشريعات السارية أن مصب الأموال المصادرة بموجب أحكام قضائية هو الخزينة العمومية عندما تصبح الأحكام نهائية، إلا أن التعقيد كان يحصل في ضبط الأموال ومقدارها وطبيعتها لأنها تختلط مع الذمة المالية للخزينة العمومية، مؤكداً أن إنشاء هذا الصندوق من شأنه أن يرفع اللبس عن هذه الإشكالية، ويصبح بالإمكان معرفة مقدار الأموال المحصلة من جرائم الفساد، وحتى من جرائم القانون العامة الأخرى، والتي لها علاقة بقضايا المال الفاسد، وتبييض الأموال الفائدة.

وأضاف أنه ينبغي التفكير في آلية المصالحة كحل لاسترجاع الأموال المهربة في الخارج، لأن قيمتها أكبر بكثير من تلك المحجوزة في الجزائر، مشيراً إلى أنه من "الأولى أن نجري مصالحة قضائية بين الدولة ورجال الأعمال المتورطين في قضايا الفساد لأن ما يريده الشعب هو تحصيل الأموال المنهوبة، ولا فائدة لحبس هؤلاء".

حملات تحريضية

من جهة أخرى، أكد رئيس أركان الجيش، الفريق سعيد شنقريحة، أن "مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي شكلت ملاذاً لشبكات إجرامية منظمة، معروفة بحقدها وكراهيتها للدولة الجزائرية المشهود لها بمبادئها الثابتة وقيمها الإنسانية النبيلة وثورتها التحريرية الفريدة من نوعها في التاريخ، لتشن حملات تحريضية تهدف من خلالها إلى ضرب الاستقرار وزرع الفتنة بين أفراد الشعب الواحد، وباتت اليوم واضحة غايات محاولات التلاعب وبث الرسائل الدعائية والتسويق للأفكار الهدامة من طرف تلك الشبكات، خدمة لأجندات خبيثة أضحت مكشوفة للجميع".

وأوضح شنقريحة، أن الجزائر عرفت العديد من الهجمات السيبرانية التي استهدفت مواقع حكومية وأخرى تابعة لمؤسسات اقتصادية وحيوية استراتيجية، وازدادت هذه الهجمات حدة وكثافة في الآونة الأخيرة. وأضاف أنه "بفضل وعي مواطنينا وتجند جميع الهيئات المختصة في الأمن السيبراني، تمكنا من مواجهة وإحباط كل هذه الهجمات وإفشال جميع المخططات والمؤامرات المنفذة عبر الفضاء السيبراني".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير